بين الخدمة المدنية وقانون العمل، ينتظر قرابة مليون موظف؛ يمثلون حجم مشكلة العمالة المؤقتة في مصر، قرارات الحكومة بتثبيتهم، تفعيلًا للقوانين المنظمة، التي يعوق تنفيذها تخمة الجهاز الإداري للدولة، وبين الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية المتلاحقة، والوعود الزائفة، والتصريحات والقرارات المتضاربة بين الجهات، تتفاقم المشكلة بمرور الوقت. وبينما لم يقدم الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة حصرًا بأعداد العاملين بعقود مؤقتة داخل الهيئات والوزارات والمؤسسات والقطاعات الحكومية، التي تخضع لقانون الخدمة المدنية، في ظل مطالب التثبيت لمئات الآلاف قبل استصدار القانون في عام 2016، صرح مستشار القوى العاملة سابقًا، نيازي مصطفى، بأن قرابة 770 ألف موظف ينتظرون التثبيت، طبقًا لقانون الخدمة الإدارية المعمول به حاليًا. خبير التشريعات العمالية، الدكتور علي مراد، قال ل«البديل»، إن قرابة 750 ألف موظف حكومي و250 ألف عامل داخل شركات القطاع العام وقطاعي الأعمال، بعضهم أمضى على فترة عمله ما يزيد على 5 سنوات، وبالتالي وجب تعيينه قانونًا، رغم تعدد القوانين المنظمة، فقانون الخدمة يشمل العاملين بالجهاز الإداري فقط، دون شركات القطاعين العام والأعمال، إلا أن لجميعهم الحق في التثبيت، لكن هناك عقبات تواجه تثبيتهم، رغم صدور القرارات؛ أهمها عدم توافر الاعتمادات المالية لدى وزارة المالية، إضافة إلى اتجاه الحكومة من خلال القانون 81 خدمة مدنية لتقليص العاملين بالدولة، من خلال التشجيع على الخروج المبكر وتقديم حوافز لذلك. وأضاف مراد أن العقود ذات المدد المحددة والتي تعتمدها شركات القطاع العام والخاص وقطاع الأعمال، يتم تجديدها سنويًا، وتحدد كل شركة بحسب العقد السنوات اللازمة لإتمام عملية التثبيت، كما أن قانون العمل الحالي حدد 6 سنوات يتم بعدها تثبيت العامل على أن يتحول من عقد مؤقت ومحدد المدة إلى عقد دائم، لكن ما يواجه القانون، رغبة الشركات في التملص والتحايل، واللجوء إلى فصل تعسفي قبل إتمام العامل مدته اللازمة للتثبيت، كي لا تتحمل مزايا أكبر، كما أن هناك عمالة يتم تجديد عقودها السنوية لأكثر من 10 مرات، ولم يتم تثبيتها حتى الآن. ويرى الخبير العمالي، أن ضمان حقوق العاملين يمكن تفعيله من خلال النقابات العمالية واتفاقيات العمل الجماعية التي تقارب بين العقود المؤقتة والدائمة من حيث المزايا والأجور والتدرج الوظيفي، فهناك فارق ضخم في الأجور والمزايا تثير العاملين وتدفعهم للاحتجاج وتوقيف العمل من أجل التثبيت. في الوقت نفسه، تتكرر وعود المسؤولين بالتثبيت دون جدوى؛ ففي أكتوبر من العام قبل الماضي، قال رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، المستشار محمد جميل، إن الفترة المقبلة ستشهد طفرة تنموية فى كل المحافظات من خلال إنشاء بنية معلوماتية وثيقة لحالة كل موظف من موظفى الدولة، وأنه سيتم تثبيت جميع العمالة المؤقتة قريبًا بكل المحافظات، موضحًا أن الجهاز أرسل لجنة متخصصة لحصر العاملة المؤقتة والمتعاقدين في المصالح الحكومية كافة، وتم الاطلاع على أوراقهم على أرض الواقع والتأكد من استمرارية عملهم بتلك الوظائف؛ تمهيدا لاتخاذ إجراءات تعيينهم، وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام لا يزال الأمر معلقًا. وقال مجدي البدوي، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن وضع العمالة المؤقتة في القطاع الخاص أكثر معاناة من القطاع الحكومي، مشيرا إلى إمكانية التواصل لاتفاق مع الحكومة لتقنين أوضاع العمالة المؤقتة بالقطاع الخاص؛ من خلال تعيين كل من مضى على عقده 3 سنوات، بخلاف أن تلك العمالة لا يتوفر لها تأمين صحي، وأوضح أن العمالة المؤقتة بوجه عام تشكل خطورة كبيرة في مجملها، كما أنها في ازدياد مستمر.