يومان من الزمن وتحل ذكرى مولد السيدة زينب، حيث يحتشد مئات الآلاف من المريدين والعاشقين، يأتون من كل حدب وصوب، قاصدين مقام حفيدة رسول الله، صاحبة المكانة الخاصة عند المصريين، حيث تمارس الطقوس المتنوعة، بين المدح والابتهالات وحلقات الذكر والإنشاد الديني، والتي تبرز في الليلة الافتتاحية والختامية، وسط أجواء يملؤها الحب والألفة، ويستشعرها الجميع. أجواء الألفة والحب في حضرة «رئيسة الديوان».. رسائل تبثها الحشود الضخمة من محبي آل البيت، لمواجهة أصحاب الفكر المتطرف، أهمها ضآلة تأثير المتشددين، فرغم الدعوات المتكررة كل عام من قبلهم لمنع الذهاب إلى المقام، إلا أن الحشود تتضاخم من عام إلى آخر، كما أن تجلى مظاهر عدم التفريق بين الناس على أساس مذهبي أو سياسي رسالة أخرى للإخاء، ودعوة للتسامح. رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية النائب البرلماني، عبد الهادى القصبى، يقول إن أبناء الطرق الصوفية بدءوا في التوافد من كافة الأرجاء؛ استعدادًا لمشاركة الأجواء الاحتفالية والروحانية في الليلة الكبيرة، وأضاف أن الجماعات المتطرفة والمتشددة لا يعلمون صحيح الدين، ويهدفون فقط لنشر التشدد فى المجتمع، وهدم كل الرموز الدينية والتراث الذي تركه لنا الأولياء وأصحاب رسول الله، ولكن سنقيم الاحتفالات رغم تهديداتهم. الشيخ طارق الجارحي إمام مسجد سيدي أحمد الفولي بالمنيا قال ل«البديل» إن احتفالات المولد الزينبي فرصة يمكن استغلالها لنشر ثقافة التسامح ودحر الفكر المتشدد والمتطرف، عن طريق الخطاب الواعي المستنير خلال فترة الاحتفالات، على أن يخصص درس يومي تتناقله وسائل الإعلام، إضافة إلى نقل صور تعبيرية وتسجيلات مرئية تدع أثرًا في نفس المواطن العادي وذوي التعصب، موضحًا أن داخل تلك الأجواء مئات القصص والمشاهد الحية التي تعتبر نموذجًا متحضرًا للإنسانية والتعايش والتسامح، والتأكيد على تعاليم الدين الوسطي. وأضاف «الجارحي» أن للسيدة زينب دورًا بارزًا في التفسير القرآني وداخل مجالس الحكم، ومن خلال علمها المبحر ورأيها السديد، كما أن مجالستها الفقراء والمحتاجين وقضاء حوائجهم أمر إذا ما طبقناه واقعًا، فقد يقضي على كثير من المشكلات والجرائم التي تنشب جراء التطرف، وجراء ضعف النفس وميلها نحو الكراهية والأنانية والخوف من الفقر الدنيوي. وقال شيخ الطريقة العزمية علاء أبو العزائم ل«البديل» إن موالد آل البيت جميعها محصنة ضد الأحداث الجارية والأخطاء والمشكلات، حيث تتزين مقاماتهم بهالات نورانية، لا تتداخل في أحاديث المريدين شئون السياسة والمصالح الدنيوية الضيقة، وتجد الغني يجاور بل ويخدم الفقير كما في حلقات الذكر والاحتفالات وغيرها. وترسيخًا للتكاتف المجتمعي، اقترح بهاء أبو خيشة أحد أعمدة الطريقة الشاذلية بالمنيا عمل قوافل شبابية تطرق أبواب الفقراء، لتوزيع الطعام والشراب وما يفيض به أهل الجود من حضور مقامات آل البيت خاصة في الموالد، وأضاف ل«البديل» أنه من الممكن إنشاء صندوق للطعام داخل مساجد آل البيت، ليفي بحملات طرق الأبواب، إضافة إلى عمل دار ضيافة قرب الأضرحة، تعمل طوال العام حسبما تتلقاه من تبرعات. السيدة زينب حفيدة رسول الله، ابنة سيدنا علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء، وأخت الحسن والحسين، ولدت في السنة الخامسة للهجرة، اسمها يعني أصل الشجرة الطيبة، يعد ضريحها ومسجدها أشهر البازارات السياحية الدينية، يقصده الناس من الداخل والخارج.