أزمة كبيرة تشهدها الرقعة الزراعية بمحافظات مصر عامة، والصعيد على وجه الخصوص، بعد انتشار ظاهرة الملاعب الخاصة في السنوات السبع الأخيرة، مستغلين حالة الانفلات النسبي التي شهدتها البلاد في العديد من القطاعات، وبدلًا من مخالفة القانون كما اعتدنا وتجريف التربة لبناء المنازل، لجأ المتلاعبون تلك المرة لعمل ملاعب للشباب؛ بحجة مساعدتهم في قضاء أوقاتهم. لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان، برئاسة النائب محمد فرج عامر، أكدت تفاقم الأزمة عدة مرات، وطالبت وزارة الشباب بموافاتها بخطتها حول الملاعب المنشأة غير المرخصة، وآلية التصدي لظاهرة انتشار الملاعب الصناعية، وناشدت اللجنة منذ عدة أشهر الحكومة إعداد تشريع يتيح لوزارة الزراعة إزالة جميع المباني المخالفة على مستوى الجمهورية؛ وذلك للحفاظ على الرقعة الزراعية، بعد قيام عدد من المزارعين بتبويرها لعمل ملاعب "نجيل صناعي" بالمخالفة للقانون؛ من أجل تحقيق دخل أعلى، وأكدوا حينها أن بعض القرى الصغيرة يوجد بها نحو 7 ملاعب. فيما كشف ممثل وزارة الزراعة للبرلمان عن وجود 2178 ملعبًا غير مرخص على مستوى الجمهورية، ولابد من الفصل في هذه المسألة من خلال تشريع، إلا أنه لم يظهر حتى الآن. يقول محمد العمدة، أحد أبناء مركز مطاي بالمنيا، إن الملاعب الخاصة ظهرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ولا أحد ينكر دورها في حل أزمة كبيرة للشباب والصغار للعب بشكل آدمي ودون مشكلات مثلما كان يحدث في الشوارع، إلا أن عدم وجود التراخيص اللازمة لغالبية تلك الملاعب، وكذلك المغالاة الكبيرة من أصحابها في المبالغ المطلوبة لكل ساعة، أثارا التساؤلات حولها، خاصة أن الغالبية من شباب القرى من محدودي الدخل، ولا يتحملون دفع مبالغ تصل إلى 250 جنيهًا للعب ساعتين فقط. وأضاف العمدة ل "البديل" أن المسافة الكائنة بين مدينة المنيا وبني مزار في الطريق الزراعي وحدها يوجد بها ما يزيد على 5 ملاعب، ورغم أنها على مسامع وأعين المسؤولين؛ كونها بالطريق العمومي، إلا أنه لا يوجد أي إجراءات قوية اتخذت حيال المخالفين، سوى تحرير محاضر مخالفة لهم. وأوضح محمود مهني، بمركز البداري في أسيوط، أن أصحاب الملاعب الخاصة بتلاعبون على مسؤولي الشباب والرياضة بحجة أن الملعب الواحد يتكلف ما يزيد على 220 ألف جنية "تنجيل صناعي"، وأنهم لا يضعون أي مبانٍ خرسانية بالأرض، وكذلك لا يبنون أسوارًا، بل يكتفون بإحاطة الملعب بأسلاك عازلة؛ منعًا لتسلل أي أحد إليها ليلاً، الأمر الذي يجعل كافة المسؤولين في حيرة من عدم وجود مادة قانونية تتيح إزالة الملعب؛ كونها غير مخالفة بالبناء، وكذلك عدم وجود مواد محجرية بالتربة، مشيرًا إلى أن المكاسب التي يجنيها أصحاب تلك الملاعب كبيرة، وتصل لأكثر من 1500 جنيه في اليوم الواحد، وتزيد في فترات الإجازة الصيفية دون دفع أية ضرائب أو مقابل للحكومة، وكذلك عدم مراعاة الشباب. فيما قال "صالح ب."، أحد المشاركين في عمل ملعب خاص بإحدى قرى مركز مغاغة، إن غالبية تلك الملاعب جاءت فكرتها عقب قيام الأهالي بالتعدي بالبناء على الأراضي الزراعية، وقيام المحليات بإزالة البناء فيما بعد وتحريرها محاضر ضد أصحابها، الأمر الذي جعلنا نلجأ لاستغلالها في شىء آخر، خاصة بعد عدم صلاحية الكثير من تلك الأراضي للزراعة مرة أخرى، أو احتياجها لمبالغ كبيرة لعودتها الى طبيعتها الخصبة، ما دفع البعض للتشارك وإنشاء الملاعب، مضيفًا أن الفكرة رغم مخالفتها للقانون، إلا أنها نالت استحسان آلاف الشباب بالقرى. النائب مجدي ملك عضو لجنة الزراعة بالبرلمان قال إن إنشاء الملاعب واجتياحها للأراضي الزراعية يعد قطارًا جديدًا لتدمير الرقعة الزراعية وبوار آلاف الأفدنة، في ظل معاناتنا الكبيرة من تلك الأزمة، متسائلاً: كيف تقوم الدولة بالنحت في الصخر وتعمير الصحراء ولا يزال الكثيرون يدمرون الأراضي الخضراء بحجة إنشاء الملاعب والمنازل وتحقيق مكاسب طائلة منها؟! وطالب ملك بتطبيق أقصى عقوبة على المخالفين قبل ازدياد الظاهرة التي غزت جميع المحافظات والقرى، مع إجبار المعتدين على العمل لتحسين التربة مرة أخرى وعودتها للإنتاج مثلما دفع آلاف الجنيهات لتنجيل وإنشاء تلك الملاعب.