أصبح في حكم المؤكد، قيام السودان الشقيق بتطبيع علاقاته مع إسرائيل، قبل الثالث من نوفمبر القادم موعد الانتخابات الأمريكية، فقد تواترت التصريحات وتناقلت من عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة إلى مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي وعبدالله حمدوك، رئيس حكومة السودان، وجميع ما تناقلته وسائل الإعلام في هذا الشأن من هؤلاء المسئولين، يؤكد أن هناك حقيقة يتفق عليه السودانيون مع الإسرائيليين، وهو تشوق الطرفين لتطبيع العلاقات وتبادل السفراء بين الخرطوم وتل أبيب، وربما القدس. والسودان في ظل حكومة الحرية والتغيير، كشف عن المستور في علاقته ورؤيته لإسرائيل، التي هي ليست عدوًا في نظر الطبقة الحاكمة، وليست عدوًا عند طبقة المثقفين، كما أنها لا تكتسب هذا العداء العربي الحقيقي عند شعب السودان، لأن إسرائيل ليست دولة مواجهة ولم يدخلوا معها في حرب كما يقولون، على الرغم من أنها شاركت مع الأمريكان في تدمير أول محاولة علمية لهم، عندما دمر الأمريكان مصنع الشفاء لتصنيع المضادات الحيوية ودمرت إسرائيل بمفردها مصانع اليرموك لتصنيع السلاح وضربت في شرق السودان عشرات الحافلات، كما أن إسرائيل تقف وراء فرض الأمريكان حصارًا، هو الأسوأ، تفرضه أمريكا وأنصارها على الشعب الذي يعيش أكثر من نصفه تحت خط الفقر، السودان إذا لم يدخل هو في مواجهة عسكرية على الإطلاق مع إسرائيل ولكنها ذهبت إليه تدمره وتحاصره واليوم تخيره بين الركوع وتقديم ولاء الطاعة، أو استمرار الحصار والفقر والبحث عن الخبز والماء والكهرباء. إنها معادلة ومقايضة شديدة القسوة على شعب السودان الأبي؛ لأن التطبيع تحت ضغط الحصار وقائمة الدول الإرهابية سوف يؤسس لقانون غاب بشع يضع السودان تحت الوصاية، على الرغم من أنه لا يكره إسرائيل. المكون العسكري برئاسة عبدالفتاح البرهان ونائبه حمدتي، يعتبر أن أمامه فرصة تاريخية لرفع اسم السودان عن القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب، ويبالغون في آمالهم ويتحدثون عن شطب 60 مليار دولار هي إجمالي ديون السودان الخارجية وهذا المكون أكثر صراحة في رؤيته، أما المكون المدني برئاسة عبدالله حمدوك، وقوى اليسار، فهو يتحرك بذكاء ومكر في ملف التطبيع، ويسعى بكل قوة للتطبيع مع إسرائيل على أن يأتي ذلك من قبل المكون العسكري، فإن الوزر التاريخي للتطبيع يديد حمدوك وأمثاله تحميله من المكون العسكري لا بد أن يتحمله هؤلاء أما ثمار التطبيع من رفع للعقوبات وتدفق للاستثمارات لا بد أن تحصدها حكومة حمدوك، حكومة الثورة كما يطلقون عليها. ويرى المراقبون أن السودان قد يفوز برفع اسمه من قائمة الإرهاب، ولكن لن يجني ثمار ذلك أبدًا لأن إسرائيل كدولة يهودية لا تعرف المنافع المشتركة أو المتبادلة وهو ترفع منذ تأسيسها شعار إسرائيل الأقوى والأعظم وإسرائيل الكبرى وإسرائيل فقط ولا يمكن الرهان على أوهام في أدمغة صناع القرار في السودان وجميع الدول العربية بأن التطبيع سوف يفتح الباب على مصراعيه للتنمية والتقدم والأمن والأمان لمن يطبع ولو كان هذا الأمر صحيحًا لحدث مع مصر كما بشرنا السادات ولحدث مع الأردنوالفلسطينيين. والتطبيع في السودان سيكون هو الأسوأ لأنه سوف يضع كل ثروات الشعب السوداني تحت أيدي أخطر لصوص العصر الذين لم يكتفوا كما هو الاستعمار بسرقة ثروات الشعوب ولكنهم يسرقون الآن أمة عظيمة بتاريخها وأرضها وشعبها وقدسها، اسمها فلسطين.