اسم المسجد مشتق من السجود الذي هو أهم وأعظم أركان الصلاة. كما جاء في الحديث: »أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد« وقد نصح الرسول »صلي الله عليه وسلم« ربيعة بن كعب لما سأله مرافقته في الجنة، وقال: فأعني علي نفسك بكثرة السجود«. والصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، لقول الرسول »صلي الله عليه وسلم«: »أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فان صلحت صلح سائر عمله وان فسدت فسد سائر عمله« رواه الطبراني. وكانت وصية رسول الله »صلي الله عليه وسلم« بها من أواخر الوصايا قبل ان بفارق الحياة حيث قال: »الصلاة وما ملكت إيمانكم« وهي أيضا آخر ما يفقد من الدين حيث قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »لتنقضن عري الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة« رواه ابن حبان. وبالصبر والصلاة يستعين المرء علي كل شيء في الحياة »واستعينوا بالصبر والصلاة« سورة البقرة (54). وبالصلاة يتم حقن دم الانسان، عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي »صلي الله عليه وسلم« قال: »أمرت ان أقاتل الناس حتي يشهدوا ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم علي الله عز وجل« رواه البخاري ومسلم. وعن ابي سعيد رضي الله عنه قال: بعث علي وهو باليمن إلي النبي »صلي الله عليه وسلم« بذهيبة فقسمها بين أربعة، فقال رجل يا رسول الله اتق الله، فقال: و»يلك ومن أحق أهل الأرض ان يتقي الله؟« ثم ولي الرجل فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال: »لا لعله ان يكون يصلي« فقال خالد: وكم من رجل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال النبي »صلي الله عليه وسلم«: »إني لم أومر ان انقب علي قلوب الناس ولا أشق بطونهم« رواه البخاري ومسلم. ولأهمية الصلاة التي هي عماد الدين، كان المسجد الذي تقام الصلاة فيه بيتا لله تعالي، وكان لمن بناه الثواب العظيم قال »صلي الله عليه وسلم«: »من بني لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بني الله له بيتا في الجنة« رواه أحمد وابن حبان. وان عمارة المساجد بالصلاة فيها والعبادة دليل علي الايمان، عن أبي سعيد رضي الله عنه ان النبي »صلي الله عليه وسلم« قال: »إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان«. قال الله عز وجل: »إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر« رواه أحمد وابن ماجة والترمذي. وفي المساجد يرتفع الأذان الذي يطرد الشيطان.. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله »صلي الله عليه وسلم« يقول: »ما من ثلاثة لا يؤذنون ولا تقام بينهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان« رواه أحمد. ولفضل المساجد كان لمن يخدمها وينظفها فضل عظيم، عن أبي هريرة رضي الله عنه ان امرأة سوداء كانت تقم المسجد، تفقدها رسول الله »صلي الله عليه وسلم«، فسأل عنها بعد أيام فقيل له: إنها ماتت فقال: فهلا آذنتموني؟ فأتي قبرها فصلي عليها« رواه البخاري وابن ماجه. ولمكانة المسجد كان منصب امامة المسجد اسمي المناصب في الدين إذ لم يقم بالامامة والخطبة في العهد النبي الا الرسول »صلي الله عليه وسلم« ولم يتول أحد الامامة في عهده سواه إلا من أنابه عنه لعذر كما حدث مع سيدنا أبي بكر رضي الله عنه كما يتجلي في موقف أبي بكر عندما أشار عليه النبي »صلي الله عليه وسلم« ان يثبت اماما فأصر علي الصلاة خلفه ففضل الأدب علي الامتثال كما يدل علي محبة الصحابة لرسول الله »صلي الله عليه وسلم«: وكان المسجد مقرا للدفاع عن الاسلام وكان حسان ينشد الشعر فيه وكان الرسول »صلي الله عليه وسلم« يدعو له قائلا: »أجب عني اللهم أيده بروح القدس«. ومن فوق المآذن تنطلق كلمة التوحيد والدعوة إلي الصلاة والشهادة لله بالألوهية، وبالوحدانية وللرسول »صلي الله عليه وسلم« بالرسالة. وأظلم الناس من حاول تصعيد التحديات نحو الشرائع والمساجد والمآذن. وأظلم الناس من منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها. قال الله تعالي: »ومن أظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها أولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم« وليس حظر بناء المآذن في سويسرا المحاولة الأولي للتحدي ضد الإسلام وشعائره فقد سبق ذلك ما نشر من كتب تحمل الحقد والعدوان، وما سبق من تدنيس للمصحف وما نشر من رسوم مسيئة وصور بذيئة لأطهر من مشي علي الأرض وهو سيد الخلق »صلي الله عليه وسلم« وحظر الحجاب إلي غير ذلك من التحديات. ولا يفوتنا ونحن نتناول منزلة المسجد ان ننوه بفضل المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، وهي المسجد الحرام، والمسجد النبوي والمسجد الأقصي، عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي »صلي الله عليه وسلم« قال: »لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصي« رواه مسلم. وهكذا نري منزلة المسجد في الإسلام، وان المسجد هو بيت الله تعالي، فيه تقام الصلاة، ويتلي القرآن، ويدرس العلم، وفيه عبادة الصلاة وعبادة الاعتكاف. وان من تعلق قلبه بها كان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.