لم أجد تعليقا مناسبا علي الزيارة التي يقوم بها أمين عام الجامعة العربية عمرو موسي الي قطاع غزة الانفصالي سوي التمني بترديد العبارة الشهيرة »لعل وعسي«. نعم.. لعل وعسي ان يهدي الله الانقلابيين في غزة للعودة الي العقل والمنطق والي الحرص علي مصالح الوطن الفلسطيني والقبول بكل محاولات لم الشمل وانهاء حالة الانفصال التي فتحت الباب علي مصراعيه امام اسرائيل لتقطيع اوصال مشروع قيام الدولة الفلسطينية. ان حصار غزة ليس هدفا في حد ذاته بالنسبة لهذا الكيان العدواني العنصري القائم علي التوسع والاستيطان ومحو الهوية الفلسطينية وإنما الهدف الحقيقي الذي تعمل له تل أبيب وتحارب وترتكب الحماقات من أجله هو منع قيام الدولة المستقلة حتي لو كان ذلك علي جزء من الارض التي استولت عليها من الوطن الفلسطيني. ولابد هنا من ان نتذكر أنه كان لاسرائيل دور في قيام حركة حماس سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بهدف ضرب النضال الفلسطيني الذي كان يقوده الزعيم الراحل ياسر عرفات. وليس غريبا أن ينشب العداء حاليا بين اسرائيل وحماس باعتباره امرا طبيعيا وفقا لدورة الحياة التي يمكن ان تحول اصدقاء الامس الي اعداء واعداء الامس الي اصدقاء. المهم في هذه القضية إن الضحية الوحيدة لكل ما يجري من تطورات هو الشعب الفلسطيني صاحب القضية الحقيقي والذي يتحمل وحده المعاناة والانتهاكات والقتل والدمار. إنني ابحث عن شخص واحد عاقل يقول لي ان الانفصال والخصام الفلسطيني الذي أدي الي تفتيت فكرة الدولة الفلسطينية هو لصالح هذه القضية. صحيح أن أحدا لا ينكر وقوع اخطاء وتجاوزات وخلافات بين أخوة الوطن الواحد ولكن لا يمكن ان يكون هذا مبررا للقطيعة. وتبني قيام كيان فلسطيني مستقل في قطاع غزة علي شكل امارة يداعب خيال المغامرين قيامهم بحكمها بدعم ومساندة ملالي ايران والمنقلبين علي المصالح العربية العليا الذين فشلوا حتي الآن في تحرير أراضيهم. فمن المؤكد أن اصحاب السلطة في غزة من حركة حماس يدركون ويعلمون جيدا ان حلفاءهم الاقليميين يتخذون من مصائب غزة مطية للمساومة علي مصالحهم الخاصة. انهم وفي حالة انهاء مشاكلهم مع أمريكا والمجتمع الدولي سوف يلقون بالقفازات في وجوههم وهذا هو حال الدنيا دائما. مرة أخري أعود الي رحلة عمرو موسي وأقول »لعل وعسي« يستطيع ان ينجح في اقناع قادة حماس في غزة- التي يسيطر علي امورها سكان فنادق دمشق وطهران- بالعودة الي الوحدة الفلسطينية باعتبار أنها الطريق الوحيد لتحرير الارض وقيام الدولة المستقلة وإنهاء سيل المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون. لابد ان يدرك الجميع ان رفع الظلم عن المليون ونصف المليون فلسطيني الذي يعيشون علي أرض قطاع غزة لا يرتبط بفك الحصار الوحشي فحسب ولكنه مرهون اساسا بانهاء الانفصال واستعادة التلاحم الفلسطيني من جديد علي اساس حل المشاكل والخلافات التي تضمنتها ورقة المصالحة التي أقرتها كل الحركات الفلسطينية واعترض عليها اصحاب المصالح في الداخل والخارج. أرجو ان يتمكن عمرو موسي من اقناع الانقلابيين في غزة ان الوسيلة الوحيدة للنيل من الاحتلال الاسرائيلي والمتآمرين علي الدولة الفلسطينية.. هي وحدة الاراضي الفلسطينية وقيام جبهة وطنية واحدة مدعومة عربيا ودوليا من أجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي. إن نجاح عمرو موسي في هذه المهمة سوف يحسب له كإنجاز- بعيد المنال- علي المستوي العربي والدولي وان كنت والأسي يتملكني أشك في أن يتجاوب أمراء الجماعة في غزة مع أي مسعي علي هذا الطريق لانهم ومن وراءهم اعداء الأمة العربية يريدون السلطة والحكم والتشتت العربي حتي لو كان ذلك علي جثة القضية الفلسطينية.