المتشككون والمشككون الذين صدعوا رءوسنا باتهامات التباطؤ والتواطؤ، آن لهم الان ذ بل حق عليهم ذ ان يبتلعوا ألسنتهم، ويعملوا بفضيلة الصمت بدلا من استثمار آلام اهالي الشهداء والمصابين لتحقيق مصالح خاصة، وتهييج المشاعر بالباطل ضد من تم منحهم الوكالة بالشرعية الثورية لادارة شئون البلاد في المرحلة الانتقالية . ها هو الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجلاه ووزير داخليته وستة من معاونيه يراهم العالم داخل قفص الاتهام في محاكمة مدنية، غير استثنائية، تتسم بالشفافية والعلانية برئاسة المستشار احمد رفعت الذي ادار اولي جلسات محاكمة القرن بحنكة واقتدار، مشهد حضاري يفرض علي القاصي والداني ان يجل قضاء مصر العادل الشامخ الزاخر بقضاة وهبوا حياتهم وضمائرهم من اجل تحقيق العدالة، لهذا فمن حقنا ان نقف ضد معاول التخريب والهدم التي تريد الانقضاض علي مؤسسة القضاء المصري، ونقول لهؤلاء " ارفعوا ايديكم عن القضاء لأنه الملاذ الذي لا يجب لأحد ان يشكك فيه "، من غير المقبول ان يلجأ احد المحامين الذين لم يستطع دخول قاعة المحكمة لعدم حصوله علي تصريح بذلك ان يرفع عقيرته عبر الفضائيات المهيجة بأن المحكمة متآمرة لاستبعاده عن الجلسة، ووصل به التطاول إلي اتهام رئيس المحكمة بارتكاب جريمة الاستبعاد، هذا الاسلوب من الطرح غير المنضبط الذي يعاقب عليه القانون هو اسلوب مرفوض جملة وتفصيلا ولا يتفق مع اخلاق الثورة وما تعنيه من التزام بالموضوعية . مرفوض من جنرالات الفضائيات، سواء كانوا من المحامين الذين ينتمون لاحزاب سياسية ذات مرجعية دينية، او محامين ينتمون لتيارات تسمي بالاسلامية، أو غيرهم ممن استباحوا التحدث بلسان فقهاء القانون، ان يظهروا علي الناس قبل واثناء سير جلسات المحاكمة للفتوي وتقديم اشارات وتلميحات تكشف عن توقعاتهم لما سيصدر عن المحكمة من احكام، هم لا يتكلمون في القانون او بالقانون انما يتكلمون برؤي سياسية نابعة من انتماءاتهم الحزبية وايديولوجياتهم الدينية، وفي هذا خطر كبير لانه يعطي تهيئة خاصة لجموع المشاهدين بتوقع احكام معينة ومحددة لو جاءت المحكمة بما يخالفها لهبت النار وارتفع الصراخ لاتهام القضاء بما ليس فيه،هذه الممارسات الخاطئة التي يرتكبها جنرالات الفضائيات الجدد ومحاوروهم ومستضيفوهم افعال مؤثمة يعاقب عليها القانون لانها تعد تأثيرا وتدخلا في سير المحاكمة . البلاد يا سادة في خطر، وما جري في العريش خلال الاسبوع الماضي يؤشر في وجوهنا جميعا بما يهدد أمن مصر القومي بشكل لا يحتمل الهزار، لذا، علينا ان ننبه الناس إلي ان القاضي لا يحكم بما يعلم انما يحكم بما هو مثبت بالادلة من خلال الاوراق، وقد تأتي الاحكام بما هو غير متوقع، وعلي الناس ان تفهم ان القاضي لا يحكم بالضغط استجابة لصراخ الرأي العام . اذا كنا نريد احكاما عادلة وناجزة، فلنترك القضاء يعمل في هدوء ودون تأثير، ونذهب إلي استحقاقات اخري لاقامة نظام ديموقراطي حقيقي لان ما جري في الجمعة التي سميت "لم الشمل" ينبئ عن تيارات تريد ان تعود بمصر للقرن الاول الهجري، وتيارات اخري تريد لمصر ان تكون في مصاف الدول المتقدمة التي تدخل عالم الغد بما يحترم آدمية الانسان، ونحن الان علينا ان نختار بين هذا وذاك.