«رياضة النواب» تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 نادي شعبي في الإسكندرية.. والوزارة: «خاطبنا اللجنة الأولمبية»    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    «المشاط»: منصة «حَافِز» تعمل عى تعزيز القدرة التنافسية للشركات    جنوب أفريقيا ترحب بمطالبة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحرب غزة    بولونيا ضد يوفنتوس.. مونتيرو يعلن أول تشكيل مع اليوفى بالدورى الإيطالى    حارس آرسنال يحدد موقفه من البقاء    التحقيق مع الفنان عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين بالشيخ زايد    فيلم "السرب" يواصل تصدر شباك التذاكر    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    سيد جبيل: قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو وجالانت صدمة كبيرة لإسرائيل    وزارة الصحة تطلق 8 قوافل طبية مجانية بالمحافظات    الكشف على 929 مواطنا بحلايب وشلاتين ضمن قافلة جامعة المنصورة الطبية.. صور    لطلاب الامتحانات.. احذوا تناول مشروبات الطاقة لهذه الأسباب (فيديو)    رئيس مجلس الشيوخ: «مستقبل وطن» يسير على خطى القيادة السياسية في دعم وتمكين الشباب    مصرع شاب وإصابة 2 في حادث تصادم أعلى محور دار السلام بسوهاج    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات مركز الإختبارات الالكترونية    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    «تقدر في 10 أيام».. «حياة كريمة» تقدم نصائح لطلاب الثانوية العامة    السرب المصري الظافر    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    أزمة بين إسبانيا والأرجنتين بعد تصريحات لميلي ضد سانشيز    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    «سوميتومو» تستهدف صادرات سنوية بقيمة 500 مليون يورو من مصر    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    د. معتز القيعي يقدم نصائح حول الأنظمة الغذائية المنتشره بين الشباب    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    لاعبو المشروع القومي لرفع الأثقال يشاركون في بطولة العالم تحت 17 سنة    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    برنامج "لوريال - اليونسكو" يفتح باب التقدم للمرأة المصرية في مجال العلوم لعام 2024    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحلية مياه البحر.. نيل جديد يروي عطش الصحراء
نشر في الأخبار يوم 14 - 01 - 2018

فرضت أزمة المياه نفسها كحدث رئيسي علي الساحة طوال السنوات الماضية.. ومع الزيادة السكانية الكبيرة التي أصبحت تهدد بخفض متوسط نصيب الفرد من المياه، ظهرت الحاجة للتفكير في بدائل لنهر النيل لسد الفجوة الكبيرة بين المتوفر والمستهلك من الماء، وزادت الحاجة لبدائل أخري لفيض النهر منذ 7 سنوات، وتحديداً عندما أعلنت أثيوبيا عن عزمها بناء سد النهضة، من هنا بدأ الاهتمام بشكل أكبر بمحطات تحلية مياه البحر كواحدة من البدائل الدائمة الطبيعية، التي لم تستغل جيداً حتي الآن، لتتمكن مصر من إنشاء وتفعيل 39 محطة تحلية بعدد من المحافظات، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت نقلة كبيرة متعددة الجوانب لعملية التحلية، حتي وصل مجموع ما يتم تحليته إلي مليون متر مكعب وفقاً لأحدث الإحصائيات، والتي من المتوقع أن تزداد خلال فترة قصيرة خاصة بعد البدء في تنفيذ سلسلة من المحطات علي مستوي الجمهورية بإجمالي 17 محطة، تضم أكبر محطة تحلية علي مستوي العالم مزمع انشاؤها بالعين السخنة، وبهذا تحولت مشاريع تحلية مياه البحر إلي التحدي الأكبر الذي علي مصر مواجهته في المستقبل لتحقيق الإكتفاء الذاتي من المياه خاصة مع التكلفة الضخمة اللازمة لها، وهو الأمر الذي دفع العديد من الجهات البحثية المصرية للتفكير في أفضل الوسائل للتقليل من هذه التكلفة، حتي نجحت بالفعل في التوصل لحلول فعَّالة لتدخل بلدنا مرحلة جديدة تمكنها من تحقيق قفزات هائلة في هذا المجال.
ومن خلال هذا الملف ترصد »الأخبار»‬ رحلة طويلة حققت مصر من خلالها تطورات ملحوظة في هذا المجال انتهت بتصنيع أول مكون مصري100% لهذه التقنية الفعّالة.
التحلية.. البديل الأفضل
39 محطة بالمحافظات.. وإنتاج 1٫7 مليون متر مكعب يومياً عام 2037
إنشاء أكبر محطة بالعالم بالعين السخنة و»‬اليسر» الأضخم في أفريقيا
أدركت مصر منذ سنوات أن تحلية مياه البحر أصبحت خياراً استراتيجياً، خاصة وأنه يوفر تكاليف عملية نقل المياه من نهرالنيل مباشرة للمحافظات الساحلية، ويقصر استخدامات مياه النيل علي الزراعة والري، وكانت محافظات مطروح وسيناء والبحر والأحمر أولي من شهدت إنشاء مثل هذه المحطات بطاقة إجمالية بلغت 235.6 ألف متر مكعب في اليوم.
39 محطة
بلغ عدد المحطات المقامة في هذه المحافظات 39 محطة، موزعة بواقع 5 محطات في شمال سيناء، و6 في جنوب سيناء، و19 محطة في البحر الأحمر، و9 محطات في مطروح، وكانت أولي محطات التحلية التي تم إنشاؤها هي محطة شرم الشيخ وبالتحديد عام 1990 بطاقة انتاجية 4 آلاف متر مكعب، وبعد 14عامًا تمت توسعتها لتنتج 10 آلاف متر مكعب في اليوم، ومع الألفية الجديدة تم إنشاء أول محطة لتحلية مياه البحر بمدينة نويبع بإنتاجية 5 آلاف متر مكعب يوميًا، ثم أجري توسعتها لتصل إلي 10 آلاف متر مكعب يوميًا، بينما شهدت مدينة طابا أول محطة عام 2001، واليوم تصل الطاقة الإجمالية لمحطات شمال سيناء إلي 10.6 ألف متر مكعب في اليوم، بينما تصل الطاقة الإجمالية لمحطات جنوب سيناء إلي 45 الف متر مكعب في اليوم. أما محافظة مطروح فتشمل 9 محطات بطاقة 78 الف متر مكعب في اليوم، من ضمنهم محطتا »‬الرميلة» الأولي والثانية بتنفيذ من الهيئة الهندسية، وبلغت تكلفة المحطة الأولي 200 مليون جنيه، ونفذت علي مساحة 25 ألف فدان، فيما بلغت تكلفة إنشاء الثانية 240 مليون جنيه وتصل كمية المياه المنتجة من المحطتين 48 ألف متر مكعب، ونفذت القوات المسلحة محطة »‬السلوم» في الأول من يوليو عام 2014 وخصص لها 9.5 مليون جنيه، بجانب محطة »‬سيدي براني» التي تستخدم أحدث التقنيات العالمية في معالجة المياه المالحة، وتصل طاقتها الإنتاجية إلي 4500 متر مكعب يومياً.
وانتجت المحطات ال9 بمحافظة البحر الأحمر طاقة اجمالية بلغت 102 ألف متر معكب في اليوم، منها 7500 متر من محطة تحلية »‬القصير»، و6 الآف أخري من محطة تحلية »‬سفاجا» والتي تكلفت 46 مليون جنيه.
نقلة نوعية
تعمل وزارة الإسكان في الفترة الحالية علي تنفيذ 17 محطة لتحلية المياه بقدرة انتاجية تبلغ نحو 470 ألف متر مكعب يومياً، تضم 3 محطات ضخمة بطاقة انتاجية تصل إلي 150 ألف متر مكعب يومياً مما سيحدث نقلة نوعية في مجال التحلية، بجانب محطة »‬»اليسر» بالغردقة والتي تعد أكبر محطة تحلية علي مستوي افريقيا، وتنفذ هذه المحطات ب5 محافظات وهي مطروح وشمال وجنوب سيناء، والبحر الأحمر وبورسعيد. فبمحافظة مطروح يتم تنفيذ 4 محطات وهي توسعات »‬سيدي براني»، ومحطة تحلية »‬الرملية 3» التي ستنتج 12 ألف متر مكعب يوميًا، بجانب محطة »‬الضبعة الجديدة» بطاقة إجمالية 34 ألف متر مكعب في اليوم،إضافة إلي تنفيذ محطة في مدينة »‬العلمين» بطاقة 150 ألف متر مكعب في اليوم.
وتنفذ أيضاً 4 محطات بمحافظة شمال سيناء وهي »‬العريش 1و2و» 3 و»الشيخ زويد» بطاقة 30 ألف متر مكعب في اليوم، فضلًا عن تنفيذ محطتين في محافظة جنوب سيناء هما »‬نبق» و»الطور» بطاقة 42 ألف متر مكعب في اليوم، وكانت تعتمد مدينة طور سيناء 27 بئرًا جوفية فوق خزان »‬سهل القاع» بطاقة إنتاجية تصل إلي 35 ألف متر مكعب يوميًا، إلا أنه يتم الآن إنشاء محطة تحلية مياه البحر بطاقة 30 ألف متر مكعب يوميًا، بإجمالي 554 مليون جنيه، وسيتم تسليمها وتشغيلها في احتفالات جنوب سيناء في عيدها القومي 19 مارس المقبل
أما في بورسعيد، فيتم تنفيذ محطة تحلية المياه بغرب المحافظة بطاقة استيعابية من 20 إلي 40 ألف متر مكعب في اليوم لتغذية قري الغرب، بجانب إنشاء محطة شرق بورسعيد» لتغذية مدينة شرق المحافظة والمنطقة الصناعية شرق التفريعة بطاقه 150 ألف متر مكعب يومياً. وتنفذ بمحافظة البحر الأحمر توسعات ب4 محطات وهي حلايب بإجمالي طاقة 1500 متر، وشلاتين، وأبورماد بقدرة 600 متر معكب بجانب محطة »‬اليسر» بالغردقة والتي تعد أكبر محطة تحلية علي مستوي أفريقيا، فتم إنشاؤها بعد أن وصلت نسبة العجز في مياه الشرب إلي 50% بالرغم من أن مدينة الغردقة كانت تحصل علي مياه الشرب من كل من خط من محافظة قنا وخط الكريمات.
وبغلت تكلفة »‬اليسر» 825 مليون جنيه، تم اعتمادها من قبل وزارة المالية جميعا بجانب200 مليون مصاريف تشغيل، لتضخ 80 ألف متر مكعب وذلك بعد زيادة القدرة الاستيعابية للمحطة لضخ المياه وتوفيرها خلال 24 ساعة يوميا بعدما كان يتم ضخ المياه للمناطق يومين في الاسبوع فقط، وتعد ثاني محطة علي مستوي الجمهورية تعمل بنظام المعالجة النهائية (فلاتر الكالسيت)، وبنظام حقن ثاني أكسيد الكربون لمعالجة المياه طبقا للمواصفات القياسية لوزارة الصحة، للحفاظ علي جودة المياه ومطابقتها لمنظمة الصحة العالمية.
بينما تأتي محطة »‬الجلالة لتحلية البحار» ضمن الثلاث محطات التي تنتج 150 ألف متر مكعب يوميا وذلك بعد أن وافقت وزارة البيئة علي دراسة لإنشاء المحطة بمنطقة جبل الجلالة علي خليج السويس باسم الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
الأكبر عالمياً
خلال الأسابيع القليلة الماضية انضمت محطة جديدة لسلسلة المحطات التي تنفذها مصر خلال الفترة القادمة، حيث أعلن اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أن مصر بدأت إنشاء أكبر محطات تحلية مياه البحر في العالم في منطقة »‬العين السخنة» شرق القاهرة، وتعمل المحطة الجديدة علي تنقية 164 ألف متر مكعب من المياه يومياً لتغذية المنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس.
وجاء قرار إنشاء هذه المحطة خلال العام قبل الماضي عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إنشاء اكبر محطة لتحلية المياة ضمن مشروع »‬تنمية محور قناة السويس»، في إطار الاستفادة من التجربة السنغافورية في مجال تكنولوجيا تحلية المياه.
وبحسب المخطط العام لوزارة الإسكان للمحافظات الساحلية، فإن الاحتياجات المستقبلية لتحلية المياه الخاصة بالقطاع الحكومي ستصل إلي 1.7 مليون متر مكعب في اليوم، القائم منها حاليًا 150 ألف متر مكعب في اليوم، والجاري إنشاؤها 193 ألف متر مكعب في اليوم والمقترح إنشاؤها 1.3 مليون متر مكعب في اليوم حتي عام 2037.
إنجازات ضخمة في إنشاء المحطات والمكون »‬المحلي» يغير المعادلة
الخبراء: التوسع خطوة طال انتظارها
عبدالمنعم : حصة المواطن أقل من المعدل العالمي.. والقوصي: الطاقة البديلة توفر النفقات
أكد خبراء شؤون المياه أن الوقت الحالي يتطلب منا الإسراع في عملية انشاء المزيد من محطات التحلية، خاصة بعد أن دخلنا مرحلة الفقر المائي والذي بلغت فيه حصة المواطن المصري نحو 600 متر مكعب مقارنة ب1000 متر مكعب كمتوسط للفرد عالمياً، وأشار الدكتور نور عبد المنعم نور خبير شؤون المياه في الشرق الأوسط، أن خطوة التوسع في تحلية مياه البحار جاءت متأخرة نسبياً، فقد تم وضعها كأحد الحلول المطلوب تنفيذها في »‬استراتيجية مصر لتنمية إيراداتها المائية» عام 2010، إلا أنها لم تنفذ بالشكل المطلوب، لذا فإن ما يتم خلال هذه الآونة هو بالفعل خطوة علي الطريق الصحيح بالرغم من التكلفة المالية الكبيرة التي تتطلبها.
وأضاف أن القضية في مصر لم تعد قضية نقص موارد مائية بل هي قضية سكانية في المرتبة الأولي، فحصتنا من مياه النيل اليوم تبلغ 55 مليار متر معكب سنوياً ولن تكفينا هذه الكمية بعد الآن مع الزيادة الكبيرة المتنامية في عدد السكان، خاصة وأنه خلال عام 2050 من المتوقع أن تبلغ نسبة السكان 150 مليون نسمة أي نحتاج إلي 150 مليار متر مكعب من المياه، وهذا أمر بالغ الصعوبة، والحل يكمن في اللجوء للوسائل المختلفة لتعويض النقص مثل مشروعات المياه الجوفية وحصاد الأمطار إلا أن الحل الأفضل الآن هو التوسع بمحطات تحلية مياه البحار.
وأوضح أن مياه تحلية البحار ستحل أزمات كبيرة نظراً لاستخدامها الواسع في كافة مناحي الحياة بعيداً عن الشرب، فيتم استخدامها لري الحدائق وملاعب الجولف وفي كافة الاستخدامات المنزلية وهي الأمور التي كانت تهدر ملايين الأمتار من مياه النيل، وأكد أن هذا هو ما يحدث الآن بكافة دول الخليج والتي تمتلك ثلثي محطات تحلية مياه البحر في العالم، فتستخدم المياه المحلاة في كافة جوانب الحياة، وتقتصر مياه الشرب علي المياه الجوفية، ولعل السبب هو عدم وجود تقنيات حديثة فيما سبق تسمح لشرب المياه المحلاة أما الآن فعلينا استغلال التكنولوجيا لتقليل نسبة الأملاح لتصلح للاستخدام البشري.
أما عن مياه الري للزراعات المختلفة فأوضح أن مصر بالفعل تعيد تدوير نحو 12 إلي 15 مليار متر مكعب سنوياً من مياه الزراعة، خاصة وأنه يتم استهلاك 60 مليار متر مكعب سنوياً للري مقابل 10 مليارات فقط لمياه الشرب، لذا فإن هناك حاجة أيضاً في التوسع في مشروعات حصاد الأمطار عن طريق المصبات، خاصة أن الإجراءات من عمليات التوعية المائية وسن القوانين وترشيد الاستخدام لم تعد تجدي نفعاً مع الزيادة الكبيرة للسكان في مصر.
خطوات ثابتة
أكد الخبير ضياء الدين القوصي مستشار وزارة الري والموارد المائية الأسبق، أن تحلية مياه البحر في المدن الساحلية بمصر مطلب منذ العديد من السنوات حتي أصبح واقعا ملموسا يسير بخطوات ثابتة منذ البدء فيه وحتي الآن ، فقد اشتدت الحاجة لاستخدام مياه البحار المحلاة بعد ارتفاع الزيادة السكانية ومن ثم زيادة استخدام مياه نهر النيل المعروف انها مهددة بالإنتهاء حيث إنها غير متجددة ، ليس هذا فقط بل أن نقل مياه النهر إلي المدن الساحلية كانت هي الوسيلة الوحيدة لتوصيل المياه لها وهي عملية ذات تكلفة عالية جدا ولذلك كان لابد من وضع خطة استراتيجية محكمة تضمن توفير المياه في هذه المدن وبتكلفة أقل من تكلفة النقل التي كانت تتم من قبل فلم يكن هناك طريقة أنسب من »‬تحلية مياه البحار لحل هذه الأزمة» وخاصة ان هذه الطريقة هي الأكثر استخداما في العالم بأكمله ، وتعتمد عليها دول الخليج اعتمادا كليا في توفير المياه منذ زمن بعيد وليس لها اي بدائل. وأضاف أنه بالرغم من أن تجربة تحلية مياه البحار هي تجربة جديدة علي مصر ، ولكنها أثبتت جدارتها بشكل كبير منذ البدء في العمل بها وحتي يومنا هذا ، وتم إنشاء العديد من المحطات الضخمة للتحلية علي مستوي فائق، ولم تثبت كل الدراسات التي أجريت عليه أي مشاكل به سواء من الناحية الفنية أو الصحية. وأوضح أنه علي الرغم من نجاح تجربة تحلية مياه البحار إلا أنه يجب أيضاً اللجوء للمياه الجوفية حيث إنها الأقل تكلفة في عملية التحلية ، بالإضافة لوجود كميات وفيرة منها لدينا في جميع المناطق المتشاطئة ، فإن كانت نسبة الملوحة في مياه البحار تقدر ب 50 ألف جزء في المليون ، فتقدر نسبتها في المياه الجوفية من 10 إلي 15 جزءاً في المليون وبالطبع هناك فارق كبير في نسبة الملوحة يعود في المجمل علي الوضع العام لتكلفة التحلية. وأشار إلي ضرورة الإتجاه إلي الطاقة البديلة في عمل المحطات بدلاً من الطاقة الصناعية حيث إنها ستوفر العديد في النفقات ، فضلا عن كونها طاقة نظيفة ومتجددة
أشار الدكتور أحمد فوزي خبير الشئون المائية، إلي أنه لا يمكن التوجه للاستخدام الكامل للمياه الجوفية بالنسبة للأغراض المختلفة للمياه حتي لا يتم إهدارها، بمعني أن توفير كميات المياه الجوفية المعالجة للشرب فقط ، وتستغل مياه البحار المحلاه لبقية الأغراض المطلوبة. وأضاف أن تحلية مياه البحار المستخدمة للشرب تكون هي الأعلي في التكلفة حيث يشترط أن تعالج المياه معالجة كاملة حتي تصل لمرحلة النقاء الذي يثبت صلاحيتها للشرب ، بينما الأغراض الأخري لاستخدام المياه مثل الزراعة والصناعة والاستخدامات المنزلية فهي لا تحتاج لمعالجة كاملة وبالتالي هي الأقل في التكلفة من المياه التي يتم معالجتها معالجة كاملة ، ولذلك فيفضل إدخار المياه الجوفية للشرب فقط ومعالجة مايتم إحتياجه للأغراض الأخري من مياه البحار وخاصة انها مياه متجددة لا تنضب ، بعكس كميات المياه الجوفية التي تختلف في خصائصها عن مياه البحار.
وأكد أن تكلفة تحلية مياه البحار أقل من تكلفة النقل التي كانت تعتمد عليها المحافظات الساحلية في توفير المياه، بالإضافة إلي أن استهلاك المياه أصبح متزايداً في ظل الزيادة السكانية التي لا تتوقف ومن ثم فخطورة الفقر المائي أصبحت تتزايد مع تزايد الاستهلاك.
»‬الأخبار» داخل أول مركز لتصنيع مكونات محطات التحلية محلياً
تحالف قومي يجمع 11 جهة لإنتاج مضخات وفلاتر مصرية 100%
ظلت مصر سنوات طويلة تعتمد علي دول بعينها في استيراد مكونات محطات التحلية المنتشرة بربوعها، وبالرغم من عدم ضخامة عمل هذه المحطات إلا أن ذلك لم يوقف الجهات البحثية المصرية المختلفة عن العمل المتواصل لمحاولة تحقيق»الاكتفاء الذاتي» في هذا المجال، ومع الإتجاه الأخير للدولة في التوسع من انشاء هذه المحطات وعزمها عن إطلاق أكبر محطات تحلية مياه في العالم، تضاعفت وتيرة العمل حتي تمكنت إحدي الجهات من تحقيق أول منتج مصري 100% لهذه التقنية التي كانت حكراً علي دول بعينها لسنوات طويلة، لنبدأ أول خطوة في مرحلة جديدة من شأنها توفير نحو 60% من تكلفة المحطة الواحدة... »‬الأخبار» انتقلت لهذه الجهة وتحديداً ل »‬مركز تميز المصري لأبحاث تحلية المياه» الذي يعد جزءاً من »‬مركز بحوث الصحراء»، حيث تمكن فريق بحثي مصري من تصنيع أهم مكونات محطات التحلية بخامات مصرية 100%.
ثمرة سنوات
لم يكن التوجه لتصنيع مكونات محطات التحلية محلياً أمراً وليد اللحظة، بل كان ثمرة عمل سنوات طويلة في هذا المجال للوصول إلي »‬تملك المعرفة» حول طريقة عمل هذه المحطات، فمصر تستورد 80% من مكوناتها كما أن سعر المتر المكعب الواحد وصل إلي 15 جنيهاً وهي تكلفة مرتفعة للغاية لذا فكان علينا العمل بشكل جاد من اللحظة الأولي لمحاول تصنيع قلب محطات التحلية »‬.. بهذه الكلمات بدأ معنا الدكتور حسام شوقي مدير مركز التميز المصري لأبحاث التحلية حديثه، فأكد أن العمل في هذا المجال كان يتم بشكل معملي في بادئ الأمر،حتي حصل »‬مركز بحوث الصحراء» في منتصف عام 2013 علي منحة من صندوق العلوم والتنمية والتكنولوجية لتأسيس »‬مركز التميز»، ليكون الجهه الأولي من نوعها في مصر التي تضم كافة الخبرات المادية والمعنوية الخاصة بتحلية المياه، وعمل المركز بناء علي تحقيق هدف محدد وهو »‬توسيع دائرة الخبرات المعملية لتكون بؤرة العمل في مجال التحلية بمصر بالكامل »‬.
أول خط إنتاج
خلال أعوام بسيطة من العمل تمكن فريق»مركز التميز» عام 2016 من إطلاق أول خط إنتاج لأغشية قطر 1.8 بوصة والمعروفة بفلاتر المياه المنزلية ذات الخمس والسبع شمعات، وأكد شوقي أن الوصول إلي تملك معرفة طريقة صناعة هذه الفلاتر بكافة مراحلها بخامات مصرية كانت قفزة نوعية، فلأول مرة تدخل مصر مجال التحلية وتطلق أول خط انتاج خاص بها، وأضاف أن ذلك تماشي مع بدء مشروع آخر ممول من أكاديمية البحث العلمي تمكنوا من خلاله من إنتاج مضخات مياه مصرية بقوة 11 متر معكب في اليوم.
وأوضح أن النجاح في تنفيذ كل من »‬الأغشية والمضخات» بهذه الأحجام البسيطة فتح مجالاً كبيراً أمام البدء الفعلي في توفيرها بأحجام مناسبة لمحطات المياه، وخاصة أن 35% من مكوناتها هي مضخات الضغط العالي و19% منها لفلاتر إزالة الأملاح وبتنفيذ هذين الجزءين فقد وفرنا 52% تقريبا من مكونات المحطة والتي يتم استيرادها من الخارج، كما أننا وفرنا عملية الصيانة ف20% من تكاليف صيانة محطات التحلية تكون لتغيير الفلاتر كل عام، وأشار إلي أن طريقة تنفيذ الأغشية والمضخات لمحطات التحلية هي نفسها طريقة تنفيذ النماذج الأولي لكن بأحجام أكبر، فالمحطات تتطلب أغشية ذات قطر 4 و8 بوصات، ومضخات ذات قدرة 200 متر معكب في الساعة.
تحالفات قومية
عقب تحقيق هذا الإنجاز الأول بمركز التميز اتخذت أكاديمية البحث العلمي خطوة هامة لبدء مرحلة جديدة من العمل الجاد، فأطلقت »‬التحالفات القومية للمعرفة والتكنولوجيا» ليضم كافة التخصصات علي مستوي الجمهورية المعنية بأمور تحلية المياه بدءًا من العمل البحثي إلي التنفيذ والتصنيع، وحدد له هدفين أساسيين وهما تصنيع أغشية لإزالة الأملاح بقطر 4 و8 بوصات ومضخة ضغط عالي بقدرة من 150 إلي 200 متر مكعب بالساعة. وأكد لنا د.شوقي، والذي كلف بقيادة هذا الفريق البحثي، أن التحالف يضم فريقا من جامعة أسيوط، وفريقا من الجامعة البريطانية، وفريقين من جامعة الإسكندرية، بجانب فريق من مصنع صقر للصناعات المتطورة، وآخر من مصنع 270 للإنتاج الحربي،وفريق من مركز تميز الإنتاج الحربي، وآخر من الشركة العربية للطاقة المتجددة، كما يضم التحالف الشركة القابصة لمياه الشرب والصرف الصحي، هو المحكم والمقيم للمخرجات، وأخيراًمؤسسة مصر الخير كممثل لمنظمات المجتمع المدني، بينما توفر أكاديمية البحث العلمي التمويل اللازم للفريق.
وحقق التحالف بالفعل أول هدف له وهو تصنيغ أغشية ملفوفة بقطر 4 و8 بوصات بخامات مصرية 100% والتي كان لل»الأخبار» الإنفراد في رؤية أول نماذج له، وأضاف شوقي أن بهذه الخطوة تم توفير نحو 30% من تكلفة الغشاء المستورد وأنه خلال 6 أشهر سيتم تنفيذ آخر مرحلتين لتصنيع الغشاء المصري مما يوفر في النهاية 60%من تكلفته، كما أنه وفي نفس المدة سيتم الإنتهاء من تصنيع المضخة، وذكر أن هناك دعماً كبيراً للتحالف من قبل الدولة سواء علي المستوي الصناعي أو العلمي وليس البحثي فقط، .. وبالرغم من أن جميعنا نعلم أننا لن نستطيع منافسة المستورد من الوهلة الأولي إلا أننا تخطينا الخطوة الأولي بنجاح وسيكمل من يأتي وراءنا للوصول إلي الهدف الرئيسي لنا بالجودة المطلوبة».
الطاقة الشمسية
تعتمد غالبية محطات تحلية المياه المتواجدة بمصر حالياً علي الطاقة الكهربائية للعمل، إلا أن مركز بحوث الصحراء تمكن منذ سنوات في توفير محطات صغيرة متنقلة تعمل بالطاقة الشمسية، ليفتح مجالاً جديداً لاستغلال هذه الطاقة النظيفة في عمل المحطات، وأوضح د.شوقي هذا الأمر قائلاً :»خلايا الطاقة الشمسية تحتاج إلي مساحات شاسعة للعمل، وعند انشاء محطة ضخمة مثل محطة الجلالة علي سبيل المثال بسعة 150 ألف متر معكب، فإن كل متر معكب يحتاج إلي مساحة 3 كيلو للعمل مما يعني توفير مساحة تصل لحجم مدينة القاهرة بالكامل، لذا فإن العمل بالطاقة الكهربائية هو الأنسب حالياً لحين توفير تقنيات نتمكن من خلالها من تقليل مساحة الخلايا الشمسية».
وأكد شوقي أن استخدام الطاقة الشمسية نجح بالفعل في أول نموذج له بمدينة مطروح لمحطة تنتج 11 متراً مكعباً باليوم، كما تم توفيرها لمدينة »‬شلاتين» لتنتج 22 متراً مكعباً يوميا ناتج من تحلية مياه البحر، وعقب هذه المحطة تم التعاقد مع الهيئة القومية للانتاج الحربي للتفيذ الكمي لهذه المحطات بالطاقة الشمسية.
محطة متكاملة
عقب انهاء حديثنا مع رئيس مركز التميز، توجهنا في جولة بالمركز للتعرف علي أرض الواقع علي ما تم إنجازه من أغشية وفلاتر داخل المركز، فرصدنا خطوط إنتاج الأغشية بمراحلها الثلاثة، وأكد الدكتور محمد السيد باحث بمركز بحوث الصحراء، أن الإنتاج الحربي أخذ عينات من الأغشية ذات قطر 1.8 لإجراءات الفحص الأخير ليتم البدء في عملية التسويق الفعلي لها.
وخلال جولتنا رصدنا أول نموذج لمحطة تحلية مصغرة بقدرة 11 متراً مكعباً في اليوم بصناعة مصرية 100%، وهذا النموذج يعد الخطوة الأولي التي يتم استخدام فيها مكونات مصرية تتمكن من تحلية مياه البحر بنسبة احتجاز 95%، بمضخة مصنعة من استالس مقاوم للصدأ، وألواح طاقة شمسية وبطاريات تخزين للعمل ليلاً. وعن نسبة سلامة مياه الشرب المحلاة عن طريق الفلاتر المصرية أكد رئيس المركز أنه لا يتم طرح أي منتج إلا عقب مطالعة وزارة الصحة عليه، ووجود الشركة القابضة في التحالف جعل الخطوات تتم بشكل ميسر، كما أنه تم أخذ عينات فعلية من المياه المحلاة وتم تحليلها من الوزارة ووافقت عليه، وأضاف أن المركز به جهاز يحدد أولاً بأول صلاحية المياه للشرب وفقاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية، فالمياه تصلح للشرب حتي 500 ملي جرام في اللتر، وبالفعل هذا ما يتم تحقيقه كما أن المحطات مصممة لتتوقف عن العمل في حالة تعدي هذه النسبة، وأنهي د.شوقي حديثه قائلاً : »‬ علي المصريين تغيير فلسفة »‬الشرب من النيل» فكل محافظة عليها استغلال الطبيعة التي منحها الله لها، والآن أصبحت عملية انشاء محطة تحلية أرخص بكثير من تكلفة نقل مياه النيل لهذه المحافظات وعلينا استغلال ذلك أمثل استغلال».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.