أعرف أنك صرت مؤخرا تبني بعض مواقفك بعيدا عن العقل، تؤثر في مواقفك كراهية ما موجودة بداخلك، لو كنت أحظي ببعض الثقة عندك، فاسمح لي أن أخبرك بفكرة أن المبالغة في الكراهية تقود البعض إلي الوقوف في الجهة المقابلة دون أن يفكر في النظر إلي أسفل قدميه ليري أين يقف. حاول أن تتخلص من كراهية الأشخاص، فقط حتي تستطيع أن تشاهد وتستطعم الفكرة من وجودهم، هناك نماذج بشرية تدفعك للأفضل بأن تتعلم منها ومن تجربتها وتقلدها، وهناك نماذج بشرية تدفعك للأفضل بأن تتعلم منها ألا تصبح مثلها أبدًا. أعرف أن وجهات نظرك تتأثر كثيرا بما يقال في البرامج التليفزيونية، ألم تشعر بالملل يا صديقي العزيز؟، ألم تلاحظ المأساة التي نعيشها، معدو البرامج في مصر يمتلكون أجندة تليفونات واحدة، يحفظون أرقام من فيها ويتصلون بهم لا إراديًّا بالطريقة نفسها التي نتصل بها بأي رقم ثابت لمطعم ما لعمل أوردر، لن تجد مطعمًا يعتذر لك عن تلبية الأوردر بخلاف أنك لا تمتلك خيالًا في الطهي، والنتيجة أننا نأكل الطعام نفسه كل يوم، حتي أصبحت حياتنا بلا طعم. أنت أيضا يا صديقي أصبحت تقول كلاما بلا طعم مثلهم لأنك تردد ما يقال فقط. أعرفك منذ طفولتك مغامرا، تتحرك بضراوة وتقول للكسالي من أفراد الشلة إن اللعبة التي تليق بهم هي (الأوله)، الأوله لعبة البنات المفضلة تلخص قصة حياتهن في بلد شرقي، لا بُدَّ من الخفة والدلال مع تشغيل المخ والحرص، فالحركة من مربع إلي مربع محسوبة، ودخول مربع خطأ غلطة لا تغتفر قد تهدم اللعبة كلها. امنح المسافات حقها يا صديقي، لكن توقف كل قليل، وستكتشف ما يبهجك، فمع كل خطوة في عمق الحياة يعيد الإنسان اكتشاف نفسه، أكرر دائما كلما كان هناك فرصة أن أهم اللحظات في حياة الواحد مرتبطة باكتشاف كم تغيرت علاقته بالأشياء الثابتة من حوله، مع كل محطة جديدة تعرف عن نفسك ما لم تكن تعرفه من قبل وبمرور الوقت تكتمل الصورة. امنح الأفكار الثابتة التي تعتقد أنها خلاصة الحكمة فرصة أخري، ستظل الأفكار في مكانها (ماتخافش مش هتطير)، لكن أنت اليوم غير قبل عام، ما لم تراجع أفكارك فهذا يعني للأسف أنك لم تتعلم شيئا، أما إذا كنت قد تعلمت واكتشف الكثير وتخشي الاقتراب منها، فانت هنا قد حولتها إلي أصنام، وموضوع عبادة الأصنام ده خلصنا منه من زمان علي ما أعتقد يعني. قليل من الجرأة سيسعدك، وإنصاف الأفكار والاشخاص ستجده ممتعا، ومشاعرك هي الوقود الذي تحرقه ماكينة روحك، فكن حريصا علي أن تكون من أصدقاء البيئة.