من حين إلي آخر تربت الحياة علي جروحنا، ويحاول الواقع ان يرسل إلينا إشارة تؤكد لنا أن الدنيا بخير، وأنه إذا سطع الإخلاص، ولمع الجد في أفقنا، فإن القادم لاشك سيكون هو الأفضل، وأكثر ما يبعث في نفوسنا الأمل هو وجه واعد باسم، يظهر في هجير أيامنا ليقول بأعلي صوته: انتظروا الخير العميم، وارتقبوا فيض الخيرات، ما دام هناك صاعدون واعدون يتشبثون بالإخلاص والصدق والجد والتفاني، وكلها حقائق وليست شعارات كما يحاول البعض إيهامنا، و«شادن» هذه الفتاة التي تصافح خطواتها الواثقة صفحة الحياة، زهرة تعود بجذورها إلي أقصي الجنوب الخصيب، تعد بالكثير، وتحمل إلينا أملاً بساماً وبشري بالغد المنفرج الأسارير، فرغم كونها لا تزال طالبة في الثانوية العامة، لفتت روايتها «إنرشيا» الأنظار علي حداثة سنها، لهذا حاورتها «الأخبار» كي تستكشف عالم هذه الفتاة التي تقطع المسافات الهائلة بسرعة مذهلة. وكان طبيعياً أن نسألها في البداية عن معني عنوان روايتها المدهشة.؛ ما معني كلمة «إنرشيا» وما فكرتها؟ - هي حالة في الفيزياء، وتعني أن أي شيء متحرك في الحياة يسير بسرعة معينة، تتغير إذا ما كانت حالة «الانرشيا» أعلي من الشيء، وهنا إما أن يقف الشيء المتحرك، أو يسير في اتجاه حدوث الصدمة، وتدور الرواية حول طبيب نفسي يعالج ثلاثة مرضي، الأول هشام، والثاني وائل، أما الثالثة فعلياء وهؤلاء جميعاً لديهم أمراض نفسية بحتة، تؤدي إلي انتحار «وائل» وهو محور الرواية، وتقع بعد ذلك سلسلة من جرائم القتل، تتضح أسبابها في النهاية.؛ ولماذا هذا الاختيار المعقد، من هم في مثل سنك (18 عاماً) يكتبون عن الحب والرومانسية، لماذا هذا الموضوع بالذات؟ هذه الرواية هي ثالث رواية أكتبها وتنشر بالعربية، أما قبل ذلك فلي روايتان بالإنجليزية لم ينشرا بعد، الفكرة واتتني علي مراحل عندما كنت أسمع الأغنية باللغة الانجليزية ومعناها (علاج)، وهي أغنية شهيرة لمطربة من التسعينات اسمها (ماري بليدج)، حيث إنني أعشق موسيقي الستينات، ثم كان تأثير روايات «أجاثا كريستي»، ولدي والدتي عدد كبير منها وقد قرأتها جميعاً فتولد بداخلي هذا الحب منذ كان عمري 10 سنوات.؛ وكيف تشكلت فكرة الرواية؟ في ذهنك؟ في دروس الفيزياء ندرس حالة (الانرشيا) وقبل أن أعرف معناها كنت قد بدأت في كتابة الرواية، وعندما بدأ المدرس في شرح معناها وجدتني أنتبه بدقة وأبحث، حتي وصلت إلي كتابة الاسم وتشخيص حالة بطل الرواية التي صدرت في شهر فبراير من هذا العام.؛ ألم تخافي وأنت في بداية الكتابة ان ينشر لك عمل بعنوان صعب أو غير مفهوم؟ هذا الخاطر طرأ علي ذهني، ولكني مدركة ان الكتابة عن الأمراض النفسية بشكل علمي غير موجودة الا في بعض أعمال (أحمد مراد)، ولكن بشكل غير مركز، ولكن الذي دفعني إلي كتابة هذا النوع، وقد أثارت إعجابي وانتباهي، وأعتبرها إلهامي رواية (ثقوب في الثوب الأسود) للروائي العظيم إحسان عبد القدوس.؛ وما رد فعل القراء علي الرواية؟ نعم هناك من شجعني من أصحابي الذين كتبوا من قبل ومنهم محسن عثمان الذي رسم غلاف الكتاب وميار صديقتي، وكان من اسباب سعادتي إقامة حفل توقيع للرواية في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام. ابن الوز السيدة (شيرين) والدة (شادن) خريجة كلية الإعلام وهي وزوجها من «توشكي» بالنوبة، وهو يعمل بهيئة إنقاذ الطفولة بالأمم المتحدة تقول عن ابنتها: «شادن» تحب القراءة جداً وهي تشبهني في ذلك إلي حد كبير، وأنا أقرأ بعناية كل ما تكتبه وأخبرها برأيي وقد بذلت شادن جهداً كبيراً قبل كتابة هذا العمل حتي إنها ذهبت الي لقاء طبيب نفسي، وتحدثت معه لكي تفهم أنها تسير في الطريق الصحيح، وأنا سعيدة وفخورة بها وباهتمامها بالعلم لأنه شيء مختلف عمن هم في سنها وأسأل شادن :؛ ماذا كان رد فعل الطبيب النفسي الذي ذهبت إلي لقائه أنت وزميلك؟ تقول ضاحكة: في البداية أعتقد أننا ذهبنا للعلاج فأخبرته: سوف نعالج لكن بعد صدور الرواية!! وقد قرأت عشرات الكتب في لغة الجسد حتي أستطيع أن أمنح أبطالي الحيوية بشكل علمي.؛ وكم استغرقت في كتابة الرواية؟ حوالي ثلاثة أشهر وكنت أكتب في أي وقت وأي مكان؟ وأسأل والدة شيرين: يا تري شادن شاطرة في المدرسة؟ تقول: ابنتي فعلاً شاطرة لأنها تدرس مواد تحبها لذا هي لا تخاف من الثانوية العامة، وتريد أن تدخل مجال الهندسة الوراثية.؛