رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب الكبير أنيس منصور يتحدث ل »الأخبار« :
ما حدث في مصر زلزال ضخم
نشر في الأخبار يوم 03 - 03 - 2011

الأنظمة العربية آيلة للسقوط لانها مثل نشارة الخشب التي يأگلها السوس
لم يفاجأ الكاتب الكبير أنيس منصور بالثورة المصرية الشبابية التي توهجت في 52 يناير 1102، بقدر ما اذهله انبهار النظام الحاكم القديم الذي وصفه بأنه كان »هشا« وسقط بنفخة واحدة من الشباب الرابض في ميدان التحرير والذي ذهب إليه الشيخ الكبير ابن السابعة والثمانين ربيعا فانبهر بفكرهم ورؤيتهم حتي انه دعا نخبة منهم إلي بيته بالجيزة ليتحاور معهم.
في ضياء هذا التحول أو الزلزال تحدث أنيس منصور وهو الذي حصل علي لقب كاتب الشباب الأول في عشرات الاستفتاءات خلال العقود الماضية حول كتاباته ومؤلفاته التي كانت تعزز »مقدرة« الشباب ب»معرفة« الشيوخ. قال انه لم يكن يتصور كل هذا الفساد المرعب، نتيجة تغييب القانون وطغيان العلاقات الشخصية عليه. وان المشكلة الأكبر ايضا كانت في البطانة التي اخفت الحقائق عن الرئيس السابق حيث خدعته وحاصرته وزينت له سوء عمله. وتطرق في حديثه إلي اليقين بأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة جاد في تسليم السلطة، مشيرا الي ان العلماء لايصلحون للرئاسة، وقال في قراءته الكاشفة للراهن في مصر والمنطقة ان الانظمة العربية آيلة للسقوط ووصفها بانها مثل نشارة الخشب التي اكلها السوس، كما تحدث عن رؤيته للاداء الاعلامي مكتوبا ومرئيا في علاقته بالحدث الذي عصف بكل شيء فاسد ومضلل، واكد ان الغد أفضل ومصر ستستعيد عافيتها شريطة الاستمرار والانتاج، والتخلي عن تحقيق المطالبات علي طريقة »هنا.. والآن«..
محاور كثيرة.. وآراء جريئة.. ورؤي جديدة بالطرح في منعطف غير مسبوق في حياتنا وتاريخنا المعاصر ازاء تجربة لم نمارس الاحساس بها من قبل بهذا الشكل.
يقترن اسم أنيس منصور بلقب كاتب الشباب الأول في العديد من استفتاءات الرأي حول مايكتبه في مقالاته ومؤلفات ومنها شباب شباب، ومذكرات شاب غاضب ،ومذكرات شابة غاضبة وغيرها ، فما سر هذه الاستقطاب المتبادل؟
علاقتي بالشباب علاقة قوية في كل مراحل حياتي، لاأقول أني مازلت شابا ولكن عندي هموم الشباب، أنا صاحب »رؤية« والشباب صاحبة »رؤيا« وليس شابا من لا يعرف الغضب، ولا يملك الشباب إلا أن يكون حيا وحيويا، وإلا أن يكون طموحا، وإلا أن يكون الغاضب الساخط المتمرد الثائر،
المشكلة تكمن في المسافة الكبيرة بين الذي يحلم به ، وبين الذي يريد ، بين قدرته وبين إرادته وفي هذه المسافة تتوالد كل مشاكل الفرد والمجتمع وكل مشاكل الدولة والحضارة الإنسانية ويكون الغضب وتكون الثورة التي هي الغضب النبيل.
والمشكلة أن كل الناس كانوا يتكلمون عن الشباب إلا الشباب أنفسهم، وقد أسرفنا كثيرا في الكتابة عن الشباب، حتي وقع ما كنت أتخوف منه أن نمل الحديث عنه أو أن نضيق به، لكن شباب اليوم هو الذي ضاق بنا ، وكلمة شاب تملأ أفواه الناس ولكن لا أحد يعرف حدودها، حتي عرفناه الآن، وهو إحدي حالات العقل أو نشوة العقل وانتفاضة الإرادة وشطحات الخيال ، ولم يتحقق شئ في التاريخ لم يكن صاحبه شابا،
وشباب الثورة اليوم هو نتاج الاغتراب السياسي والاجتماعي والفكري ، ونتيجة الأوجاع التي عانينا منها طويلا وهي أوجاع لا تحتمل، ولم يعد لدينا كشعب القدرة علي احتمالها،ومن ثم كانت هذه الحركة متفردة وغير مسبوقة بهذا الشكل، شيئ يحدث لأول مرة مثل الانفجار الكوني العظيم، إنها بلغة علم الفلك، ظاهرة اجتماعية باهرة.
وقد ذهبت الي ميدان التحرير، ورأيت وانبهرت وأعجبني جدا ما رأيته وشاهدته، والتقيت بنماذج من هؤلاء الشباب ودعوتهم الي بيتي وتناقشنا طويلا، لديهم فكر، ورؤية واضحة محددة، ليست لهم ألوان سياسية هم يريدون التغيير، ولديهم استعداد أن يسلموا ما أنجزوه بثورتهم البيضاء الي أيدي الخبراء والمتخصصين(تكنوقراط)حتي تظهر الانتخابات، إنهم لا يرفضون مصر وإنما إدارة مصر وهم لا ينكرون مصر ولكنهم يستنكرون حالها الأخلاقي والسياسي والاجتماعي.
الفتنة من عتاولة السياسة
كل ظاهرة جديدة يقف الناس منها ثلاثة مواقف: بعض الناس ضدها، والبعض معها، ثم موقف المتسللين اليها أو المنافقين، أليس كذلك أستاذ أنيس؟
أنا أخشي علي هؤلاء الشباب من الفتنة، فهم ليسوا أصحاب تجارب، وأخشي أن يفسدهم »العتاولة« في الميدان السياسي، لكن رغم أي تحفظ فإن ما فعلوه رائع ويكفي أنهم حركوا الركود المسيطر علي الحياة في مصر منذ سنوات بعيدة.والمجتمع الثائر هو الذي سيحمي هؤلاء الشباب ، ولن يسمح لهؤلاء »الحرامية الكبار« أن يفسدوا المجتمع مرة أخري.. هذا مستحيل.
قراءة المشهد الراهن لا تتوافر للكثيرين الآن ، بسبب ضيق الأفق أحيانا أو العاطفة الغالية ، أو الإدعاء بما ليس موجودا، لكنها منك قراءة كاشفة .. فما هي مرئياتك؟
أعظم ما في هذه الثورة الشبابية المصرية أنها مغايرة لكل الثورات في التاريخ الإنساني ، خذ مثلا الثورة الفرنسية التي هي أم الثورات (9871) تميزت بالقتل والشنق والدم، ويزعمون انها كانت من أجل الحرية والمساواة والإخاء، وأذكر كلمة لمارجريت تاتشر حين تعجبت »بأي شيئ يحتفل الفرنسيون؟
والثورة البلشفية في روسيا (7191) كانت كلها إبادة، أما ثورتنا فمختلفة تماما، نحن مختلفون جدا، وانظر الي ردود الأفعال في العالم التي وصلت الي حد الإبهار، وكلنا يعلم أن الرئيس الأمريكي والكونجرس قد وبخوا و»بهدلوا« المخابرات الأمريكية عن عجزها في التنبؤ بالثورة المصرية الشابةو وكل ما توصلوا إلية أنهم قالوا »شوية دوشة في مصر«!!
إن ما حدث في مصر هو زلزال ضخم عصف بكل شئ ، وأعظم ما أسفر عنه هو انهيار النظام، لم نكن نعلم أن النظام هش إلي هذه الدرجة، بنفخة واحدة سقط وانمحي في لحظة، وما حدث سيتحول الي ثورة كبري تمتد أكثر.
وما حدث في يوليو 2591 لم يكن ثورة، كان مجموعة من الضباط المصريين غاضبين علي انتخابات نادي الضباط، هذا الغضب أدي الي سخط علي النظام، والرئيس الراحل جمال عبد الناصر قال إنه يفعل مثل مؤلف مسرحية»6 شخصيات تبحث عن مؤلف« للكاتب»براندللو« ليصنع ثورة وكانت انقلابا، أما ما يحدث الآن فهو شئ غريب لم يكن يتوقعه أحد ، ونحن لم نعرف كيف حدث بالضبط، فهم مجموعة من الشباب استطاعوا أن يسخروا أحدث التكنولوجيا لخدمة أهدافهم، مع أن امريكا تقول انهم استفادوا من اختراعنا لكن الشباب كانوا أكثر دهاء وذكاء، حيث اجتمعوا في سرية وصمت وناقشوا مشاكل الدولة والمجتمع وتوصلوا الي حل واجتمعوا بشكل مخيف للدولة فسقط النظام.وكان اجتماعهم علي هدف واحد محدد، وساعدهم أن الناس تريد أن تفعل شيئا وهي لا تعرف »الفيس بوك« فكان ما نراه، وحدث بسرعة فائقة، وكان علي مبارك أن يتنحي بسرعة لكن رد الفعل لديه دائما بطئ والي حد كبير.
بالجيش.. لن تموت الدولة
القوات المسلحة تبذل جهدا كبيرا لتمسك المجتمع الآيل للسقط، حتي لا يقع، بعد أن سقط النظام ، فتسقط الدولة؟
انهيار الدولة معناه الموت المبكر لهذه الدولة، والجيش يحول دون ذلك. لدينا أجمعين احترام متوارث للجيش . منذ قديم الزمان، حتي أننا في عام 7691 كنا نقول ان الجيش المصري لم يهزم إنما الذين هزموا هم قادة الجيش وليس الجيش، وفي عام 3791 زاد احترامنا للجيش أكثر وأكثر، ولا نزال نحترمه ونقدره، وننتظر منه الخير الكثير، خاصة أنه لا يتدخل الا ليحمينا، فهو في هذه الحالةمثل الدواء يقوي المناعة في الشعب، وهو الأمل في أن يستقر النظام لحماية الدولة.
ولذلك أنا علي يقين تام، بأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيسلم السلطة وإن لم يفعل ذلك يتحول ما حدث الي »انقلاب عسكري« وهذا لن يحدث إن شاء الله، وفي هذه الحالة علينا أن نساند الجيش بالموارد والإنتاج، فالذي يجري الآن صعب جدا ، نحن نحتاج أن نقيم الدولة، ولا ينبغي أن نحول »الحماس« إلي »خرافة« بمعني أن لا نحول المطالب خاصة الفئوية إلي » هنا..الآن« وكما قلت وأقول مجددا لقد جربنا كل أنواع المظاهرات والاضراب والاعتصام في كل الشوارع والميادين وتعالت أصواتنا بحياة الديمقراطية والحرية، ولعن كل فاسد لحياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسرق أحلام الشعب وآمال الدارسين والعاملين.. ونهبوا الأرض وقتلوا الزرع وسمموا الثمار.
ثم ذهبنا الي أبعد من الواقع وتسللنا الي عالم الخرافة عندما طلبنا من الحكومة اصلاح كل شيء( هنا والآن)! ومطلوب عصا سحرية لإقامة العدل ورفع الظلم وملء الجيوب بالفلوس( اليوم والآن).. كم مليونا من العمال يريدون تعديل أجورهم وكم مليونا من الموظفين والمظلومين؟ كل هؤلاء يريدون( هنا والآن). طبيعي أن يكون هذا سلوكنا، فقد افتقدنا العدل والطعام والنظام ونريد حل كل شيء ( هنا والآن)!.وهذا هو المستحيل.. فلكي يتحقق العدل يحتاج الي وقت وأن نرفع الظلم يحتاج الي وقت وتعديل الأجور يحتاج الي فلوس.. والفلوس عدوها الإضراب والوقوف في الشوارع والميادين مليارات الجنيهات ضاعت علينا بسبب وقوفنا وقعودنا.. لقد خافت الشعوب من المجيء الي مصر وسحبت رعاياها وأوقفت التعامل معنا فأغلقنا البنوك والمحلات التي أحرقت ونهبت ومع وجود هذه القوة الجهنمية التي شوهت صورة مصر الجميلة التي رسمتها الثورة الشابة التي فتن بها العالم كله.
يجب أن نعود الي البيت الي المدرسة الي المعمل الي المصنع الي المستشفي فقد أعلنا كل شيء.. فعرفنا كل شيء ويجب أن نساعد الدولة علي أن تحقق لنا أحلامنا وأن تحمينا وأن تحمي مصر، فقد ظهرت رؤوس الفساد الوافد الينا من الخارج علي حدودنا كفاية فالقوات المسلحة عظيمة الاحترام يجب أن تتفرغ لرسالتها النبيلة.. وأن يتجه كل منا الي عمله.. وأن نغسل أيدينا ثم إننا لا نستطيع أن نصعد السلم وأيدينا في جيوبنا و(هنا والآن) تعبير لاتيني hicetnunc عودوا إلي أماكنكم وادخلوها بسلام آمنين.
صحيح أن الناس لديها خوف علي الشباب أن يضيع أو أن يفتر، والجيش يعامل الناس برفق، وهو لايريد أن يعاملهم بشدة، فالشعور بعدم الأمان موجود، وأضرب لك مثلا بالحراس عندي كان يجلسون في الخارج، أما الآن فهم يجلسون بالداخل ، وقس علي ذلك.
ما تقول في نظرة الأستاذ محمد حسنين هيكل من أن شرم الشيخ بؤرة خطرة نظرا لتواجد حسني مبارك فيها ؟
هذا رأيه ، وله أن يقول ما يشاء، لكن ماذا عن واحد جردوه من كل شئ، ماذا يفعل؟ لا شئ.
الحكام الأربعة
في هذا السياق وأنت عشت راصدا وكاتبا ومحللا للتحولات الكبري في تاريخنا القريب..كيف تري حكام مصر بعدستك الطبيعية التي لا هي محدبة ولا مقعرة؟
الرئيس جمال عبد الناصر أدي دورا مهما حيث ألغي النظام الملكي والملكية، وغيره إلي الجمهورية، نجح أحيانا ولم ينجح في أحيانا أخري، والرئيس أنور السادات نجح عسكريا في عام 3791 ونجح سياسيا حين استرد الأرض بالتفاوض، من منطلق »كل شئ قابل للتفاوض الذي لابد أن يؤدي الي حل«أما الرئيس مبارك فهو مختلف فقد جاء الي الحكم وكل مشاكل مصر الكبري محلولة، والمنجزات ماثلة في أبنية الدولة، والسلطة انتقلت اليه في هدوء، فقط وضع جسورا مع الدول العربية، ويتسم دائما برد الفعل البطيء جدا، الي أن استمرأ كل شئ، وهو صاحب أطول فترة رئاسية
وقد ابتعدت عنه في الخمسة عشر عاما الأخيرة، فلم يكن لديّ ما أقوله وليس لديه شئ يستحق القول، وكانت مشكلته أيضا في البطانة حوله التي أخفت عنه الحقائق، وزينت له سوء عمله، وخدعته، لقد خدع مبارك، حتي حوصر حصارا كبيرا وهناك جملة رائعة للمؤرخ البريطاني »دراكتون« إذ يقول»كل قوة مفسدة، وكل قوة مطلقة مفسدة إطلاقا«، وقد أفسد حسني مبارك إطلاقا في كل شئ، وكلنا يذكر الانتخابات الأخيرة التي لم تحدث في التاريخ بكل هذا التزوير الفاضح، فالعادلي أكثر الذين خدعوه فقد أوهمه أن »شوية عيال« تحت السيطرة في الميدان، ولم أكن أتصور وكلنا جميعا أن يكون الفساد قد اسشري بهذا الشكل المخيف والمرعب،
الكاتب والحاكم
وفي هذا السياق كيف تري العلاقة بين الكاتب والحاكم ؟
أن الاقتراب من الحاكم مهمة صعبة جدا لكنها ممتعة، كانت علاقتي بالرئيس الراحل أنور السادات تشبه علاقتنا بالهاتف، فنحن حين نقربه من أفواهنا لا يعني أننا نحبه ولكن رغبة منا في أن يصبح صوتنا أوضح، هكذا كان يفعل معي الرئيس السادات الذي كنت أساهم دائما في وضوح صوته لدي الشعب، ولذلك فلا أرغب في تخطي حدودي، لذلك لم أنس أنه الرئيس رغم اقترابي منه. كانت مهمة شاقة.. لماذا؟ لأن المهام المنوط بها كانت كثيرة بالإضافة إلي عملي الصحفي وكتاباتي الشخصية، فقد كان مطلوبا مني كتابة مذكرات الرئيس وخطبه، بالإضافة إلي استدعائي للوقوف بين يديه في أي وقت وأي مكان، للقيام بمهام عاجلة وكثيرة وسرية، وقد كُلفت من قبل الرئيس أنور السادات أن أتولي وزارة الثقافة عام 6791 لكنني اعتذرت عن قبول منصب الوزير لأنني أدرك جيدا أن عالم السياسة شئ خطير، فكلمة واحدة تستطيع أن تطيح بوزارة بأكملها، كنت حريصا جدا في كلامي وأنا مع الرئيس حتي لا أتسبب في إيذاء أحد، وطوال فترة علاقتي به لم أطعن في أحد عنده، كنت أمثل لدي الرئيس في ذلك الوقت احدي القنوات غير الرسمية، فقد كان البعض يطلق عليّ أنني وزير خارجية مصر لقيامي بالتنسيق مع القيادات الإسرائيلية، وإيصال رسائل كثيرة إليهم من قبل الرئيس ولم يكن وزير الخارجية أو رئيس الوزراء يعلم عن تلك الزيارات شيئا، وكان التعامل مع اليهود أمرا شاقا نظرا لمراوغتهم الدائمة وشكوكهم الكثيرة في كل ما يحيط بهم.
أما عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فقد كنت اختلف معه كثيرا، ومن أصعب لحظات الألم التي مررت بها في حياتي الهادئة الخالية من المطبات ، كانت حين فصلت من عملي الصحفي لمدة عامين بقرار من الرئيس عبد الناصر نظرا لما كتبته عن مسرحية توفيق الحكيم »السلطان الحائر« التي صدرت بعد تأميم الصحافة في عقد الستينيات، وتحكي عن أن الفقيه » العز بن عبد السلام قاضي قضاة مصر« وجد نصا في الفقه يقول بعدم جواز أن يحكم العبيد الأحرار، ويقصد المماليك، ولذلك يجب أن يباعوا ويتم تحريرهم حتي يستطيعوا الحكم، وحينها كتبت أن الشيخ العز بن عبد السلام خرج مغاضبا، ووقف بحمار علي حدود مصر: الشيخ نيابة عن الفقهاء، والحمار نيابة عن الشعب المصري، منعت من العمل الصحفي بعضا من الوقت..
السرقة أقدم مهنة في التاريخ
تقول حيث لا يوجد قانون فالعلاقات الشخصية هي القانون، الي أي مدي ينطبق هذا علي مصر في السنوات الأخيرة؟ وكيف شاهدت كبار الحرامية وراء قاع القضبان بعدأن كانوا في القمة؟
شاهدت عمالقة ومراكز القوة التي تحكم مصر في 51مايو 1791 وقد جمعهم السادات في سلة واحدة وألقاهم وراء القضبان، أما هؤلاء فهم عمالقة المال والثروة كلهم »حرامية« وأنا مندهش جدا كلما رأيت أحدهم في الزنزانة أتسائل في تعجب: هل هذا حرامي ؟ هذا غني جدا وثري جدا فلماذا تسرق؟ كل من له علاقة بحسني مبارك هو فاسد.
لذا نلاحظ أن الشباب كان هدفهم هو قطع رأس الأفعي، ثم قطع كل من له علاقة بالفساد، لقد مارسوا السرقة والفساد والإفساد الي أقصي الحدود، ونهبوا أموال الشعب واحتقروه، وهذا يؤكد أن أقدم مهنة في التاريخ خاصة الفرعوني هي السرقة، فكل المقابر وحتي الأهرام، لها أبواب خفية، واحتياطات للحرامية، وأشهد أن عبد الناصر والسادات لم يسرقا مليما واحدا.. وأنا لم آتصور أن يكون لدي مبارك كل هذه الأموال.. وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص، ، لقد كان السادات ، يقول» أنا أشيل فلوس ليه اللي أنا عايزه بيتحقق، ومتقدرشي تسرق الكرسي بالفلوس«
الروساء والسلطة
من هو الرئيس القادم ؟ ما مواصفاته؟ ماذا تريد منه كمواطن، وكسياسي وكاتب؟
لا يمكن للعلماء أن يرأسوا السلطة ويديرون شئون الحكم، خذ مثلا العالم اينشتين« وو عبقرية القرن العشرين عندما عرضوا رئاسة الدولة، رفضو وقال أنا لا أستطيع أن أفهم ال »بني أدمين« فكيف أدير دولة، والمفكر لطفي السيد رفض رئاسة مصر وقال أنا آفهم فقط في الأخلاق، والشاعر »دانونسي« رفض رئاسة ايطاليا وقال أنا أعيش في الخيال فكيف أحكم الشعب بالوهم ود. أحمد زويل لا يستطيع أن يحكم لأنه عالم في العلوم فقط، ولا د. البرادعي يصلح للحكم.
نحن نريد رئيسا مقبولا وصاحب خبرة وحنكة، فالسياسة هي فن تحريك الجبال، وفي هذا السياق أنا أختار السيد »عمرو موسي«لأنه أيضا وجه مقبول، وذو خبرة عالمية واقليمية واسعة، وإذا رشح نفسه سأنتخبه.
المرحلة الحالية ستري فيها العجب فيما يتعلق بمن يحكم، الاحزاب لا بد أن تلعب دورا ، ولابد من تعدد الرؤي والآراء، ومصر لازم يحكمها أهلها والكل في الساحة، »وانت وشطارتك« انت الذي ستختار من يحكمك» وذنبك علي جنبك«
المشهد العربي
تتابع تداعيات نار المشهد العربي في ضور تجليات النور المصري الثوري؟
المشهد العربي تشتعل فيه ثورات علي كل الحكام الطغاة من بن علي ثم مبارك ثم القذافي وصالح، والبقية تأتي، فالتغيير حاصل لا محالة، ويمتد الآن في كل مكان، حتي الدول التي ليس لها صوت في الماضي بدأت شعوبها تثور وتطالب بالتغيير.
لكن .. رغم كلما يحدث فإن الشرف والنبل لمصر والمصريين في ثورتهم البيضاء التي هي أول ثورة عامة بيضاء في التاريخ ، وتتجاور مع الثورة الثقافية التاريخية التي قامت في اليابان أواخر القرن التاسع عشر، وبالتحديد عام 0481.
هل تلغي نظرة أو نظرية المؤامرة أم هي .. إلا قليلا؟
هي أسهل شئ تتخيله، وهي أصدق شئ في نفس الوقت، مثل الشعر: أعذبه أكذبه، لا أحد ينكر المؤامرة علي المنطقة، خصوصا في ظل الأنظمة المتهرئة، فكل الأنظمة مؤهلة للسقوط، انها مثل نشارة الخشب التي يأكلها السوس.
أخلاقيات المهنة
كصحفي كبير ورائد عريق.. بأي منظور الآن تري وسائل الإعلام في علاقتها بالحدث رؤية وأخلاقا وتغطية وتحليلا ومواكبة؟
لست راضيا عن وسائل الإعلام خاصة معظم الصحف القومية، الانقلاب السريع خطأ، فالجرائد التي تزمر وتطبل لمبارك ونظامه، تتحول في طرفة عين الي السباب والشتائم، بعيدا عن الحقائق، فالمسألة ليست ضد أو مع، الصحف القومية سقطت في عيون الناس، فإذا كنت تؤيد النظام الحالي فلا تشتم السابق، اتركه وشأنه بلا سباب، كيف كنت تغني بالأمس له »يا حلاوتك يا جمالك« ثم تلعنه اليوم ، الا أن تكون بين يديك حقائق ووثائق، وهنا أستثني مانشيت لجريدة الأخبار قبل أيام لم أصدق هذه الجرأة والموضوعية الشعب يسأل: حاميها حراميها« فالسرقة حقيقة فعلا، وهذه هي أخلاقيات المهنة
لو كنت رئيس تحرير فأنا أكتب عن اليوم فقط، أما وقد أراد الرئيس مبارك أن يفضح نفسه فأنا بالفعل أفضحه لأنه هو السبب في أن يفضح حاله وحال عائلته. ويكفيه هذا عقابا.
وقد لاحظت أن جريدة»الاخبار« انتعشت كثيرا وبشكل ملحوظ، بعد أن كانت جثة، ليس تحيزا مني بحكم انتسابي للأخبار ولدار أخبار اليوم - وليس للاهرام - فقد كنت رئسيا لتحرير الأخبار واخر ساعة والجيل واستغرقت رحلتي فيها 52 عاما متواصلة،
وأشهد أن ياسر رزق قدم جهدا كبيرا برؤية شاملة وجديدة، في وقت وجيز ، منذ أختير رئيسا للتحرير، تزامنا مع ثورة 52 يناير وأتوقع صعودا أعلي وأسرع ل»الأخبار« علي ضوء هذ القفزة في الشكل والمضمون. وهذه هذه مدرسة أخبار اليوم.
القنوات المغرضة
ما رؤيتك للدعوة الرامية إلي تغيير القيادات الصحفية الآن ؟
لا أوافق الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء في طرحه لتعيين رؤساء التحرير من خارج المؤسسات الصحفية، لأن الصحفيين سيثورون فهم »اللي بيطلعوا الجرايد« كهيئات تحريرية.
أما عن التليفزيون فقد صدمت فأرقام الأجور التي تذاع مثيرة للدهشة، وهي تحتاج إعادة نظر، صار التليفزيون سلاحا خطيرا في التوجيه العام، انه سلاح جميل ناعم ملون »يدحلب الناس ويدخل في نغاشيشهم، ويقول اللي عاوزه«
التليفزيون المصري كان مقصرا في التعامل مع الحدث»المعالجة وحشة« تنقصة الامكانيات الفنية ليس لديه كاميرات، بل لديه تعليمات، وزير الإعلام لا علاقة له بالإعلام، ليس له فكر سياسي، وعبد اللطيف المناوي أثناء الأحداث كان يتلقي تعليمات في الوقت الذي كانت فيه الأحداث تتوالي بسرعة وتنفجر أسرع، كل لحظة، فماذا يفعل.
الفضائيات الأخري مثل الجزيرة والعربية لديها الامكانيات المادية والتقنية، و لذلك اجتهدت وكانت »شاطرة« لكنها كانت »مغرضة« ولا تزال تعمل لحساب الأمريكان في المنطقة.
استمروا بلا اغتراب
بماذا توصي في هذه الآونة؟
نحن المصريين ليس لدينا صبر ، اننا لا نصبر علي حال واحدة، وإذا صبرنا علي حال واحدة بعض الوقت فسوف نشعر بالملل وندعو اي التغيير، ويجئ التغيير ولكننا لا نرضي عنه ونتطلع إلي تغيير آخر، وإذا اتخذنا شيئا جديدا فنحن لا نصبر عليه فكم من ألوف المشروعات بدأناها ولم نكملها، إذن فمشكلتنا ليس أن نبدأ ، إنما مشكلتنا أن نستمر، أن نثابر ، أن نمضي، ألا نتوقف، نريد أن نتخلص من مرض الأمراض المصرية النفسية والاخلاقية والاجتماعية ومن هنا يبدأ القضاء علي جرثومة اللامبالاة وميكروب الاغتراب ووباء الفرجة علي مصر دون أن نمد لها يدا أو نطلق لها خيالا، أو نحقق لها إبداعا، ولذلك فالاغتراب هو المفتاح الصغير لأكبر خزائن الأوجاع المصرية، ولابد أن ننهي هذا الاغتراب.
الشعور بالغربة والاغتراب هو نتيجة اللامبالاة، هناك اغتراب روحي يتمثل في اللجوء الي البيت الفكري اي يهرب الفرد من الواقع الي مخيمات فلسفية أو سياسية و دينية، نتيجة عدم رضاه، وعجزه عن تغييره، وهناك الاغتراب الاجتماعي، وهو الحيرة بين طبقات المجتمع، فالشباب يقفز من الطبقة الدنيا ويحلم بالطبقة الوسطي الأكثر عددا وملال فهو بالواقع عاجز وهو بأحلامه شقي، وهناك الاغتراب السياسي ومعناه انهم لا هم مواطنون ولا هم رعايا، لا هم محكومون ولاهم حكام، لأنهم لا يمارسون أي نوع من إدارة العلاقات الشعبية، وهناك الاغتراب الديني عندما يشعر الشبان بأن المجتمع فاسد ، أخلاقياته وسياساته، وأن الاسلام قد انحرف به الكبار، وأنه لم يعد إسلاما، انما هو استسلام للطاغوت أي للشيطان والظلم.والحل هو أن يبالي الناس بأنفسهم ومجتمعهم وبلادهم حاضرهم ومستقبلهم.
إن مصر غنية جدا بأهلها وهم أعظم الثروات فهي برغم السرقات البشعة لا يزال الشعب »عايش« وهي تنهب منذ قديم الزمان ومع ذلك فهي غنية، وستظل غنية ولن يسمح الشعب مرة أخري بسرقتها ونهبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.