نعم .. بل نحن المسيئون إلي رسول الله .. نحن أمة الإسلام ذاتها هي تلك التي فرطت في حق من نصح وأفني عمره وأبلي جهده واستمات وأخلص ووعظ وأنذر كي يأخذ بيدها هاديا ومنيرا إلي آفاق التحضر والتدين والخُلق الرفيع، والفعل الملتزم، والإيمان المطلق، والتعمير الدنيوي غير المسبوق، والعبادة الدينية الراسخة غير المتشككة. وهو الذي أخذ بيد عباد الرحمن إلي حيث مكامن القوة من العلم والعمل والتأمل والتخطيط ورؤي المستقبل، ونور بصيرتهم بكيفية احترام السلام الإنساني ، والتصدي للعقوق البشري والأممي، وترك لهم من بعده وصية يلتزمون بها، نعم نحن من فرطنا، وأهدرنا، وتخبطنا، وأسأنا إلي أنفسنا، وإلي تعاليم نبينا، فأساء الآخرون لنا ولنبينا! نعم من حقنا أن نغضب ونثورعندما يحاول أعدائنا أن ينالوا من رسولنا الكريم ، وحبيبنا الشفيع، وناصر أمتنا، والذي بلغنا أكرم رسالة، وأدي لنا الأمانة ، وأن ننتصر له، ولكن يظل السؤال: كيف نرد علي الفتنة، والتي يشعلها اليوم الفيلم المسئ لرسولنا والذي أنتجه إسرائيلي أمريكي- والذي سيُلقي به وبفيلمه في محارق قمامة التاريخي الإنساني. لقد أمرنا الرسول ان نعتصم بالقوة، وأن نتسلح "بالكلمة الأولي "عن العلم " اقرأ"، وأن نباري أمم الأرض بالخُلق الرفيع ، وبالمُثل العليا، لا أن يأخُذنا مثل هذا الفيلم المسئ إلي أفعال الهمجية والقتل والترويع وسفك الدماء. فهذه الأساليب لم تكن تكنيكا للرسول [ في مواجهة الأذي، بل كانت رؤيته تعلمنا تدارس الموقف بروية، واتخاذ قرار المواجهة بالشوري بين المسلمين، وبالتخطيط قبل الدخول إلي ساحة المعركة، والاحتكام إلي أهل العلم والتعلم من أسباب الانتصار، وبالتسلح بالقوة، وبحكمة وببلاغة وقوة رسالة الله في دعوته لنا " بالكلمة الثانية " المعبرة والحاسمة ،وهي "أعدوا" لهم ما استطعتم من قوة، وهي هنا وبشواهد العصر لاتعني فقط قوة الأشخاص ، أو مجرد قدراتهم القتالية، بل تعني كل أسلحة العصر الحديث من اللجوء لقوة المسلم وهي قوة العلم والتربية وحسن الدين والخُلق، وقوة السلاح والتسليح ، وقوة الكلمة التي تشمل الفكر والإبداع والإعلام والتي تملك القدرة علي التفنيد للحجج، وعلي مقارعة الحجة بالحجة، والكلمة بالكلمة وحتي الفيلم المسئ، بالفيلم القيم الذي يحمل حقيقة وتعاليم دين الإسلام! ولكن للأسف .. فقد سُأل المسلمون السابقون رسولنا عن حالنا كلاحقين فقال: :" يوشك الأمم أن تداعي عليكم كما تداعي الأكلة إلي قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".. وهنا كان الرسول يشبه الأمة الإسلامية بقصعة من الطعام ينقض عليها الأعداء من الأكلة الجياع الذين يسيل لعابهم عليها، فعلي الرغم من كثرة عددنا كمسلمين إلا أن تأثيرنا ووجودنا سيكون لا طائل منه، بل كالغثاء الذي يطفو علي سطح المياه بلا قيمة ولا وزن تتقاذفه الرياح والأمواج، وتتلاعب به التيارات دون أن يكون له اتجاه محدد، أو مسار ذو قيمة، بعد أن قذف بالوهن في قلوبنا لأننا احببنا الحياة حتي نسينا مرضاة الله ورسوله، وكرهنا الموت حتي أغفلنا موعظته.. وهذه كانت اشارة التحذير لنا! مسك الكلام: تلخيص حالنا اليوم كمسلمين.. "هو أننا ضعفاء منقسمون شيعا وأتباعا، متوفرين عددا لا عدة وعتادا، حاملين لواء جهلنا بالدين، لاشرف تكليفنا بكلمة اقرأ، عبئا علي رسولنا، لا فخرا لديننا وإلهنا".. أعيدوا بحق هيبة الإسلام المهابة لنا في صدور أعدائنا!