بعد فشل قيادات مجلس إدارة اتحاد نقابات عمل مصر في التصدي لترشيح وزير القوى العاملة والهجرة بحكومة الدكتور حازم الببلاوي، كمال أبو عيطة، توالت اليوم على اللجنة الإدارية برئاسة الجبالي المراغي المدعومة من الوزير السابق خالد الأزهري، انتقادات حادة وواسعة في صفوف العمال جاءت كلها ضد المجلس غير المنتخب، وغير المعبر عن الطبقة العاملة، بحسب القيادات العمالية. وقال القيادي العمالي بشركة كفر الدوار رجب الشيمي، إن القائمون على إدارة اتحاد عمال مصر لا يمثلون الطبقة العاملة من الأساس، أولا لاعتبارات رئيسية وهي تأجيل انتخابات الدورة النقابية للمرة الثالثة لضمان استقرار مصالحهم التي تم التوافق عليها مع وزير العمل الإخواني السابق، مؤكدًا أن تلك المحاولات التي يقودها هذا الكيان وإدارته والتي ليس لها أدنى تأثير سوى المحيط المكاني للاتحاد العام بشارع الجلاء، بالإضافة إلى ردود الأفعال من القيادات العمالية حول موقف اتحاد العمال الرافض لترشيح "أبو عيطة" ستواجه كلها بالرفض المطلق، خاصو وأن البعض منهم أعلن عن تنظيم حملة لجمع توقيعات لسحب الثقة من اللجنة المشكلة بالاتحاد والتي لم تكن يوماً تمثل العمال، على حد تعبيره. كمال الفيومي عضو النقابة العامة للغزل والنسيج وأحد القيادات العمالية بشركة غزل المحلة، قال في تصريح خاص ل«الشروق»، إن كمال أبو عيطة يحظى بشعبية واسعة داخل القواعد العمالية، فضلاً عن أنه خير تمثيل لخط الثورة وإعادة تصحيح مسارها الذي أهدر في ظل حكومة الإخوان، مؤكدًا أن ثورة يناير صاحبة شعار العدالة والتي حملت شعار "العيش، الحرية، العدالة الاجتماعية" والتي كثيرًا ما نادى بها "أبو عيطة" في ظل نظام بائد وأمام تجاهل الاتحاد العام لمطالب العمال وتحالفها مع السلطة على حساب مصالحهم لضمان بقائهم في مناصبهم. وأضاف الفيومي، أن التشكيل الحالي للاتحاد هو امتداد لظاهرة تأجير البلطجية من قبل أصحاب الأعمال للاعتداء على العمال المضربين بالرصاص الحي، بدليل أنه لم يخرج أحد من هؤلاء الرافضين ببيان يدافع عن حقوق العمال الذين واصلوا نضالهم عبر احتجاجاتهم، والتي وصلت في بعض التقديرات إلى 1450 احتجاج، فضلاً عن إهدار حقوق العمال المفصولين ال12 ألف المنتشرين في ربوع الجمهورية، حسب قوله. فيما وصف وائل حبيب عضو اللجنة المشكلة لتسيير أعمال الاتحاد العام، والذي أطاح به الجبالي المراغي رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أثناء توليه رئاسة اللجنة لمواقفه المؤيدة للإضرابات العمالية، أن الحبالى المراغي ما هو إلا بلطجي –حد قوله- وأن الاتحاد ما زال يتلون باللون الأصفر المناهض لمطالب العمال؛ حيث إن الرئيس السابق محمد مرسي قام بإصدار إعلانه الدستوري في 22 نوفمبر عام 2012، وذلك في غفلة من الجميع، القرار بقانون رقم 97 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وهو القرار الذي لم يتم الإعلان عنه حتى فوجئنا بنشره في العدد 47 مكرر من الجريدة الرسمية الصادر في 24 نوفمبر 2012، وتمت الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء المصري في جلسته المنعقدة يوم الأربعاء الموافق 17 أكتوبر 2012، موضحًا أن هذه التعديلات تم تفصيلها على المقاس، فيما يتضمنه من خروج جميع من بلغوا سن التقاعد من مجالس إدارات الاتحاد والنقابات التابعة له على أن يحل محلهم من يليهم في الأصوات في الانتخابات السابقة، فإذا لم يكن ذلك متاحاً تولى المستوى الأعلى تعيين هؤلاء الأعضاء الجدد، على أن يصدر بذلك قرار من الوزير المختص. وتابع: "لما كانت غالبية مجالس النقابات العامة، بل والكثير جداً من مجالس اللجان النقابية، قد تم إعلان فوزها بالتزكية لا انتخابات ولا أصوات، فإن أعضاء مجالس النقابات سيتم اختيارهم من قبل مجلس إدارة الاتحاد الحالي الذي استطاع الإخوان تطويعه، مستخدمين في ذلك سياسة القضم والهضم خلال العام الماضي بالاتفاق مع وزير القوى العاملة والهجرة السابق - عضو الجماعة والحزب الحاكم- لتدوم بذلك السيطرة لجماعة الإخوان على مقاليد الأمور داخل اتحاد عمال مصر، على حد قوله. بينما رحب محمد سعفان الرئيس السابق للنقابة العامة للبترول، بترشيح كمال أبو عيطة لتولي حقيبة وزارة القوى العاملة، كاشفاً عن تحالف الإخوان مع الجبالي المراغي، لضمان بقاء الإخوان المسلمين، وهو ما دعاه للانسحاب من النقابة العامة للبترول بعد محاولات أخونة النقابة، مؤكدًا أن أبو عيطة يملك كل مقومات الوزارة لتمسكه بالدفاع عن قضايا العمال في الوقت الذي تجاهل الاتحاد مطالبهم. وأكد سعفان، أن "أبو عيطة" وقف مدافعا شرسا وقام بتنظيم أول نقابة مستقلة للضرائب العقارية ولم تخيفه حكومة مبارك، بل ناضل ودافع عن العمال ورفض أكثر من مرة تولي وزارة القوى العاملة؛ حيث تم العرض عليه من قبل يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء بحكومة أحمد شفيق، لتسيير الأعمال منصب الوزارة، إلا أنه قد قبلها في حكومة الدكتور حازم الببلاوي بعد 30 يونيو، على الرغم من رفضه لتقلد المناصب الرسمية، إلا أنه يرى أن الضرورة ومصلحة البلاد تحتم عليه تولي المنصب. وعلق العديد من القيادات العمالية على احتكار الإخوان المسلمين تمثيل العمال في هذه اللجنة، وجاءت مواد الدستور لتعكس معاداتهم ورئيسها وحلفاءها ليس فقط للحريات النقابية ولكن أيضاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث جاء الدستور ليعبر عن عداء هذا الفصيل الحاكم للحريات، فعصفت بحرية العمال في إنشاء النقابات، وعصفت بحرية الصحافة واعتدت على المحكمة الدستورية، وهدمت دولة القانون لتؤسس بالمادة 219 لدولة الفقيه، وتطيح بالمادة 33 بمبدأ المساواة بين المواطنين، فقد تم حذف النص على عدم التمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وهو ما كان مستقراً عليه منذ دستور 1923، وجاءت مسودة الدستور بكلام إنشائي لا يثمن ولا يغني من جوع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في حين أهدرت أهم أركان العدالة الاجتماعية بنص المادة (14) التي أوجبت ربط الأجر بالإنتاج، وهو ما يفتح الباب أمام رجال الأعمال ورؤساء مجالس إدارات الشركات بالعصف بحقوق العمال في أجر عادل يتناسب مع زيادة الأسعار ومتطلبات المعيشة، وظل الاتحاد العام يقف موقف المتفرج ليس إلا. من جانبه، قال محمد زكريا الجمَال المنسق الإعلامي لاتحاد العمال الإقليمي، إن أبو عيطة يستحق تولي هذا المنصب لأنه ناضل من أجل العمال كثيرًا وتم اعتقاله 21 مرة، وهذا يعتبر أقل تقدير له وإنه بتوليه للوزارة بدأنا نشعر بأن مطالب الثورة تتحقق؛ لأنه أكثر علماً بمطالب العمال وأكثر حرصاً على تنفيذها، وأن العمال يطالبوه بالعمل على إصدار قانون الحريات النقابية بقرار جمهوري، وأن تأخذ القوانين المنظمة للعمل وقتها حتى يتم إصدارها. كما رحب محمد الصفطاوي رئيس الاتحاد النوعي لنقابات البريد المصري، بترشيح كمال أبوعيطة وزيرًا القوى العاملة والهجرة، قائلاً: "هو خير من يمثل العمال في مصر". وأعلن أحمد السيد الدبيكي رئيس النقابة العامة للعلوم الصحية، تأييد التقابة الكامل لتولي كمال ابو عيطة حقيبة القوى العاملة، وذلك لما تراه في ذلك الرجل من نضال على طوال تاريخه؛ حيث إنه مؤذن الثورة المصرية ومؤسس أول تنظيم نقابي مستقل بمصر الذي سارت على دربه العلوم الصحية وكونت نقابتها على أساس ديمقراطي سليم، مما يعد اختياره انتصارا للثورة المصرية ثورة يناير المجيدة والتي لم تنته ولن تنتهي إلا بتحقيق أهدافها، ولن يكون أخلص منه في السعي إلى تحقيق تلك المطالب. جدير بالذكر، أن أبو عيطة هو "هتيف الثورة العمالية" والملقب بمؤذن الثورة وضمير العمال؛ وولد بحي بولاق الدكرور في أول مارس عام 1953 وتخرج من كلية الآداب قسم الفلسفة وعلم نفس جامعة القاهرة عام 1976، ثم التحق بكلية الحقوق عام 2005، وسطر تاريخه بنضاله مع جميع إضرابات العمال، ابتداء من الضرائب العقارية ومرورًا بشركات النسيج والبترول وحاويات الإسكندرية والسكة الحديد والبريد والنقل العام. الشروق