الوفد :6/1/2009 ارتبطت غزة بمصر منذ آلاف السنين فهي البوابة الشرقية التي يأتي عبرها العدوان والدمار لمصر من الفرس والهكسوس والاشوريين والبابليين وحتي العثمانيين.. وأخيرًا إسرائيل. وكانت مصر تخرج إلي غزة لتحصينها.. أو لترقب وصول الاعداء إليها مقدمة لغزو مصر.. ولهذا ليس غريبًا أن يدخل الجيش المصري غزة يوم 15 مايو 1948 ضمن قرار عربي من 7 دول لحماية الفلسطينيين من اليهود الإسرائيليين. وان كانت قوات الفدائيين المصريين بقيادة البكباشي البطل أحمد عبدالعزيز وساعده الأيمن الصاغ كمال الدين حسين، قد دخلت فلسطين وتقدمت إلي غزة ومنها في اتجاه القدس قبل دخول الجيش المصري. ومن هنا تولت مصر إدارة قطاع غزة وكان ترسل له كل المساعدات الغذائية والدوائية بحكم ان القطاع وديع عند مصر، كما كان يفترض أن تظل الضفة الغربية وديعة عند »إمارة شرق الأردن«. وأدت مصر دورها تجاه غزة وأهل غزة بكل وفاء.. فأقامت المدارس والمعاهد الدينية الأزهرية والمستشفيات وعبدت الطرق وانشأت المساكن.. بل وفتحت حدودها أمام أبناء القطاع ليدخلوا مصر آمنين للدراسة والعمل والحياة والتجارة.. وعوملوا كما يعامل المصري تمامًا.. ووقع العدوان الثلاثي في أكتوبر 1956 وكانت إسرائيل هي مخلب القط ولما انتهت هذه الحرب وتم إرغام إسرائيل علي الانسحاب من سيناء يوم 7 مارس 1957.. أصرت مصر علي انسحاب إسرائيل من غزة.. وعادت مصر لتدير القطاع وتواصل مهمتها الانسانية تجاه أهله.. وأعادت مصر خدمات السكك الحديدية من القنطرة إلي سيناء.. لتصل إلي غزة كما كانت. ولم تطلب مصر معونة من أي دولة عربية.. وكان هذا قدرها وكان يمكن لمصر الثورة أن تكتفي بتحرير سيناء.. ولكنها واصلت دورها.. إلي أن وقعت حرب يونيه 1967 واقتحمت إسرائيل غزة كلها.. ومعها شبه جزيرة سيناء وظلت تحت الاحتلال. وكان لابد من فك الارتباط بين مصر وغزة فقد قامت سلطة فلسطينية تمثلت في منظمة التحرير أولاً ثم في الدولة الفلسطينية، وظلت غزة تحت الادارة أو تحت الاحتلال الإسرائيلي إلي أن تم التوصل إلي اقامة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة معًا لتتولي السلطة المحلية فيهما معًا. الآن المخطط يرمي إلي إحياء مقولة: شعب بلا أرض.. وأرض بلا شعب.. يقصدون أن في غزة شعبًا لا يجد أرضًا كافية ليعيش فهو يكاد ينفجر بتضخم عدد سكانه.. بينما هناك سيناء وهي ضعف مساحة دلتا مصر تكاد تكون خالية من السكان فلماذا لا نسمح بتقدم الغزاوية إلي سيناء يقيمون فيها لسنوات.. لتصبح حقًا لهم. وبالتالي يبعدون أهل غزة عن إسرائيل.. أي ببساطة يهدفون إلي ترحيل مشكلة غزة وأهل غزة إلي مصر وكأن مصر ليس فيها ما يكفيها من مشاكل وقضايا. وإذا كانت مصر قد وقعت في خطأ استراتيجي بعدم الدفع بعدة ملايين من سكان مصر (80 مليون نسمة) للحياة في سيناء فاننا نرفض اقتطاع شبر واحد من سيناء ومنحه.. حتي لأبناء غزة.. لأن سيناءوفلسطين والدفاع عن القضية جعلنا نقدم 120 ألف شهيد منذ عام 1948 ونقدم مئات المليارات من الجنيهات مما كان يجب أن يذهب لشعب مصر.. فأنفقناها علي القضية الفلسطينية. تلك هي الحكاية ببساطة ليعرف القاصي والداني مدي ارتباط قضية غزة بالأمن القومي المصري.