سيدني العاصمة الاسترالية قسمتها المصاعب الاقتصادية إلي شطرين، سيدني المزدهرة ذات الشواطئ الخلابة التي ترصعها المقاهي والمطاعم الراقية والمنازل والشقق التي تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، وأخرى لاوجود لها. وتمتد الأخرى غربا ويقطنها القسم الأكبر من سكان المدينة البالغ عددهم 6 ملايين نسمة، يعانون من تداعيات أزمة الائتمان العالمي وارتفاع الفائدة لأعلى مستوى في 12 عاما عند 7.25% ومن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود بينما تتراجع أسعار بيوتهم. ومثلما هو الحال في باقي أنحاء استراليا التي نعمت بنمو اقتصادي مستمر طوال 17 عاما متصلا وطفرة في المساكن، تشهد سدني اقتصادا يمضي بسرعتين متفاوتتين ويبدو أن الهوة بين الفائزين والخاسرين في هذا الاقتصاد آخذة في الاتساع. وأظهر مسح أجرته مؤسسة فوجيتسو كونسلتنج مع ويزارد لقروض المساكن، أنه بنهاية عام 2008 سيعاني عدد يقدربنحو مليون أسرة استرالية من مشاكل تتعلق بالرهن العقاري وأنه سيتعين عليها دفع 30% أو أكثر من دخلها لسداد أقساط الرهن العقاري حتى لايفقدون منازلهم. ويعاني مئات الألوف من أصحاب المساكن من مشاكل حادة تتعلق بالرهن العقاري ولا يستطيعون الوفاء بالأقساط في الموعد المحدد. وتقول دراسة أجرتها جامعة نيو ساوث ويلزعن سيدني أكبر مدن أستراليا، إن متوسط القسط الشهري للرهن العقاري في المدينة زاد أكثر من 40% خلال السنوات الخمس المنتهية في 2008. وذكرت الدراسة أن أصحاب المساكن في الضواحي الغربية مثل كانتربري وبانكستاون واوبرن يدفعون أكثرمن 40% من دخلهم لسداد أقساط الرهن العقاري، وفي الوقت نفسه زاد دخل قاطني الأحياء الشرقية والشمالية الأكثر ثراء بما يضمن سداد الأقساط الأعلى للرهونات. وقالت دراسة أخرى أعدها مركز أبحاث سيتي فيوتشرز في الجامعة بعنوان "مدينتنا المتغيرة"، إن سيدني ازدادت ثراء في أول 5 سنوات من القرن الحادي والعشرين لكن الثروة الجديدة لم تتوزع بشكل عادل على الإطلاق. وتزداد حالات سحب المساكن من أصحابها لعدم قدرتهم على سداد الأقساط وحالات إفلاس الأفراد في غرب سيدني وفي حين يعرض بعض الملاك بيوتهم للبيع فإن تراجع أسعار المساكن يتركهم مثقلين بديون هائلة للبنوك. وفي الوقت الذي قد يعاني سكان الأحياء الموسرة بشرق وشمال سيدني والمناطق الغربية الداخلية منها من مستويات عالية للرهن العقاري قد تصل إلى عدة ملايين من الدولارات فإن مساكنهم تحتفظ بقيمتها على النقيض من بعض الأحياء الغربية التي هبطت فيها أسعار المساكن ما بين 20% و50%. وتقول مؤسسة أستراليا بروبرتي مونيتورز إن أسعارالمساكن في سيدني انخفضت 2.1% في الربع الثاني من عام 2008 في أكبر انخفاض منذ عام 2004 وستشهد انخفاضا سنويا بنسبة 8.4%. وفي يونيو/ حزيران 2008، كان متوسط سعر المنزل في سيدني يبلغ رسميا 542 ألف دولار أسترالي (471 ألف دولار أمريكي) ولكن هذا الرقم لا يمكن أن يشتري أي منزل قرب حي بونجي الراقي في شرق العاصمة حيث يزيد السعر المبدئي للمنزل عن مليون دولار استرالي. ولم يكن ارتفاع أسعارالفائدة إلى 12% منذ عام 2002 العامل الوحيد الذي قسم سيدني، فساهم في ذلك أيضا ارتفاع نفقات المعيشة حيث يتوقع البنك المركزي أن يصل التضخم الى 5%. وأدت الطفرة الاقتصادية في استراليا إلى ارتفاع ديون البطاقات الائتمانية إلى نحو 44 مليار دولار استرالي. وتعرض مؤسسة فوجيتسو مقابلة في أحوال سكان المدينة فيقول إنه في الوقت الذي يعاني فيه 5% فقط من الاستراليين من مشاكل في الرهن العقاري ويتخلفون عن سداد الاقساط، فان كثيرين غيرهم سيتفادون الحجز على منازلهم عن طريق بيعها واللجوء الى استئجار مساكن اخرى. لكن سيدني تعاني بالفعل من أزمة ايجارات مع نقص المعروض وارتفاع عدد السكان مما أدى الى ارتفاع الايجارات بنسبة 15% خلال 2007، وتتردد في السوق قصص عن أصحاب مساكن ضاعفوا الايجارات إلى مثليها خلال الشهور ال6 المنتهية في أغسطس 2008. (الدولار الأمريكي يساوي 1.15 دولار أسترالي)