اعتبر يوم امس السبت 24 نوفمبر 2007 يوما تاريخيا فى استراليا حيث قال الشعب الاسترالى كلمته واختار أكبر وأقدم حزب سياسى فى استراليا وهو حزب العمال . كيفن رود زعيم الحزب سيصبح رئيس الوزراء ال26 فى البلاد، ويذكر ان هذه هى المرة الثالثة التي يفوز فيها حزب العمال من موقع المعارضة منذ الحرب العالمية الثانية. وكان نحو 13.5 مليون ناخب قد أدلوا بأصواتهم في 7723 مركز اقتراع ممتدة عبر شبه القارة الأسترالية لانتخاب 150 نائبا من بين 1421 مرشحا في بلد يبلغ تعداد سكانه 21 مليون نسمة. بهذه النتيجة ينتهى حكم المحافظين في استراليا بعد 11 عاما من قيادتهم للبلاد، ويتسلم السلطة مكانهم حزب العمال برئاسة كيفين رود الذي يرى المراقبون أنه عرف كيف يستغلّ نقاط ضعف خصمه رئيس الورزاء الخاسر جون هاورد حول السياسة الخارجية بينما استفاد من نقاط قوة هاورد المتعلقة بالسياسة الاقتصادية التي وعد بعدم تغييرها. وإثر إعلان فوز حزب العمال بالانتخابات، اعلن هاورد انسحابه من العمل السياسي وتخليه عن رئاسة «الحزب الليبرالي»، وقال أمام بعض زملائه في الحزب معلقا على هزيمته: «على الحزب الليبرالي أن ينتخب رئيسا جديدا.. ودعوني أقول في نهاية مشواري السياسي إنني مدين للحزب الليبرالي بأكثر مما هو مدين لي». ويذكر أنه سبق وان فاز هاوارد باربعة انتخابات متتالية وكانت فترة رئاسته للوزراء هي ثاني اطول فترة في تاريخ البلاد منذ عهد رئيس الوزراء الاسبق السير روبرت مينزيس مؤسس الحزب الليبرالي. وكانت لجنة الانتخابات قد أعلنت أن حزب العمال تفوق على الحزب الليبرالي في معظم أنحاء استراليا وحصوله على 53% من الأصوات بعد فرز أكثر من ثلاثة أرباع الأصوات، في حين حصل الائتلاف الحاكم الحالي على 46% من أصوات الناخبين الاستراليين وسط مؤشرات عن حصول حزب العمال على غالبية برلمانية واضحة. من ناحيته تعهد رود البالغ من العمر 50 عاما ببدء العمل فورا لتطبيق وعود الحزب الانتخابية المتعلقة بالتعليم وتغير المناخ وقوانين العمل والمستشفيات. وكانت استطلاع للرأي قد أظهرت أن غالبية الاستراليين يرون أن مدة 11 عاما التي قضاها هوارد في منصب رئاسة الوزراء تعد اطول مما ينبغي. ولكن الناخبين الاستراليين لم يعبروا خلال الاستطلاع عن عدم رضاهم عن أسلوب هوارد البالغ من العمر 68 عاما في الحكم، فيما نجح منافسه كيفين رود البالغ من العمر 50 عاما فى استراتيجيته بعدم التركيز على انتقاد سياسة خصمه أثناء المعركة الانتخابية مكتفيا بالمطالبة بتجديد طاقات الحكومة الاسترالية. وجدير بالذكر أن الاقتصاد الاسترالي قد شهد نموا متسارعا في ظل قيادة هوارد وتضاعف دخل الاستراليين كما تراجعت نسبة البطالة بشكل قياسي. وكان من المفترض ان تكون هذه مؤشرات كافية لنجاح هوارد في الانتخابات، وهذا ما أدركه رود جيدا مما جعله يعد بمواصلة سياسة سلفه الاقتصادية دون تعديل ويؤكد مرارا: «أنا محافظ في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية». يرى المراقبون أن فوز حزب العمال الاسترالى وهزيمة "جون هوارد" المحافظ المتشدد المعروف بتحالفه وولائه المطلق وصداقتة القوية بالرئيس الامريكى جورج بوش سوف يكون لة انعكاساته ليس فقط داخل استراليا وانما ايضا على علاقات استراليا الخارجية بدول كثيرة فى العالم مثل اندونسيا والصين والولايات المتحدةالامريكية. لذلك يرى المراقبون أن تغير الحكومة الاسترالية سوف يؤدى أساساً إلى تغيير فقط فى السياسة الخارجية في ظل تأكيد كيفين رود المستمر على أن «المشاركة الاسترالية في حرب العراق كانت أكبر خطأ في السياسة الأمنية لأستراليا منذ حرب فيتنام»، واعلانه عزمه سحب ما تبقى من القوات الاسترالية في العراق والذين يبلغ عددهم 580 جنديا إذا فاز في الانتخابات. وكان بوش وهاورد قد ارتبطا بعلاقات صداقة حميمة وصلت إلى حد انضمام هاورد لبوش في رفض بروتوكول كيوتو الخاص بمناهضة العوامل التى تزيد من ظاهرة الإحتباس الحرارى حيث برر كل منهما قراره بخوفه على اقتصاد بلاده. ولكن محور رفض بروتوكول كيوتو قد تهاوى الآن بعد أن أعلن رود عزمه المبادرة بتوقيع هذه المعاهدة التي تهدف إلى الحد من انبعاثات الغاز فور فوزه في الانتخابات. وبهذا ستحتل أستراليا مكانا ضمن الدول الصناعية المؤيدة لبروتوكول كيوتو خلال المفاوضات التي ستجرى في بالي في إندونيسيا بعد أسبوعين للتوصل إلى معاهدة تحل محل بروتوكول كيوتو بعد انتهائه. غير أن رود أعلن هو الآخر أنه لن يقبل معاهدة جديدة إلا إذا تغيرت نسبة الانبعاثات التي تلزم بها الدول النامية. ويأمل دبلوماسيون أوروبيون في كانبيرا أن يؤدي فوز رود إلى تقارب بين استراليا والاتحاد الأوروبي بعد أن كان وقت هاورد لا يتسع كثيرا لمقابلة ممثلي الاتحاد الأوروبي منذ أن رفضت المفوضية الأوروبية منذ سنوات مطالبته بتوفير امتيازات خاصة لبلاده وذلك عندما كان لا يزال المفوض التجاري لاستراليا. و يذكر أنه رغم هزيمة هاورد، قال السيناتور بارنابي جويس، زميله في الحزب:"رغم كل ما يمكن أن يقال اليوم عن هاورد إلا أنه سيظل أحد رؤساء الوزراء العظام في استراليا حتى الآن». من هورئيس وزراء أستراليا الجديد؟ *نشأ كيفن رود في ولاية كوينزلاند وعاش طفولة صعبة وقد اضطر في الحادية عشرة من العمر الى العيش لفترة في سيارة بعد وفاة والده المفاجئة في حادث سير. ويقول انه استخلص من تلك الحقبة الأليمة من حياته جميع قناعاته المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والتي حملته على خوض المعترك السياسي.و يصنف رود نفسه بأنه من «النوع الشديد التصميم». *بدأ نشاطه في المجال السياسي بانتخابه في البرلمان عام 1998 بعد محاولة أولى فاشلة. وكان عين قبل ذلك في منصب رفيع المستوى في حكومة كوينزلاند العمالية وتولى مناصب دبلوماسية ولاسيما في ستوكهولم وبكين. وهو كاثوليكي متزوج من امرأة ثرية ولامعة، يرى المحللون انها لعبت دورا اساسيا في توسيع شعبيته في صفوف الاستراليات، ولهما ثلاثة اولاد. ويعتبر جون وارهورست استاذ العلوم السياسية في الجامعة الوطنية الاسترالية، ان رود يجسد التجدد السياسي في البلاد. ويقول عنه «انه شخص يبعث الطمأنينة ويعتبر الناس ان الاقتصاد سيكون بين ايد امينة معه». * كيفين رود هو رئيس حزب العمال الاسترالي وبالرغم من اعتقاد البعض بأنه سوف يصبح رئيس الوزراء الأقل خبرة لاستراليا منذ الحرب العالمية الثانية إلا أنه أثبت مهارة سياسية كبيرة بنجاحه في إعادة حزبه الى الصدارة وإنقاذه من انقساماته التي كادت ان تؤدي الى انهياره. و يذكر أن حزب العمال كان منهارا ومنقسما وفي وضع لا يسمح له بالتغلب على شعبية جون هاورد حين تولى رود قيادة الحزب في ديسمبر (كانون الاول) 2006. * ويعتبر الكثير رود من المثقفين ، كما أنه يتقن الصينية ويتوقع أن ينتهج رود، الدبلوماسي الذي خدم في سفارة بلاده في الصين ويتحدث لغة الماندرين بطلاقة، سياسة حزب العمال المطالبة بالتركيز على علاقات أستراليا بجيرانها الآسيويين. ولا ينتمي الى نموذج القادة السياسيين الذين يؤيدهم الناخبون الاستراليون بصورة عامة. ويلاحظ المراقبون أن رود تجنب الدخول في سجالات مع المحافظين مفضلا اعتماد برنامج انتخابي لا يختلف عن برنامجهم الا في نقاط محددة سعيا منه لاجتذاب بعض من ناخبيهم الكثر، وقد اتبع هذا الخط بشأن مواضيع شتى، منها انسحاب القوات الاسترالية من العراق والغاء اصلاح موضع جدل في قانون العمل. كما ان بعضا من محاور حملته الانتخابية مثل الاحتباس الحراري والوصول الى شبكة الانترنت، اضفت الى صورته طابعا اكثر حداثة من هاورد، الذي بدا برنامجه غير محدد في بعض هذه القضايا. اهم الأوراق التى استخدمت فى الحملة الانتخابية انطلقت الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية الأسترالية بين زعيم حزب الأحرار رئيس الوزراء جون هوارد ومنافسه زعيم المعارضة العمالية كيفن رود عبر حملة شديدة من الإنتقادات بين كل من الإئتلاف الحكومى والمعارضة ، وراح كل من الزعيمين المرشحين يندّد بسياسة الفريق الآخر ونهجه، ويدعي أن إزدهار الأمة سيكون على يدي فريقه فحسب. -ورقة الاقتصاد بينما دخل الائتلاف الحاكم المكون من الحزبين الليبرالي والقومي للانتخابات ومعه ورقة رابحة تمثلت في الاقتصاد الذي شهد في نظره تقدما ملموسا خلال العشرسنوات الأخيرة بدت ملامحه في زيادة معدلات الناتج المحلي الإجمالي، وتحسن مؤشرات النمو، وانعكاس ذلك على الأوضاع المعيشية. وركزت الحملة الانتخابية للائتلاف الحاكم المكون من حزب الأحرار والحزب الوطني على إنجازات الحكومات التي ترأسها هوارد على صعيد تحقيق فائض في الميزانية العامة ولأكثر من مرة، فضلا عن إلغاء أكثر من 100 مليار دولار أسترالي من مدفوعات الضرائب، وارتفاع مؤشر الأسهم الأسترالية بنسبة 19% في العام الجاري. بيد أن هذه الإنجازات حسب استطلاعات الرأي الأخيرة لم تكف لمحو الآثار السلبية المترتبة على ارتفاع معدل الفائدة إلى نسبة 6.5% ما أسفر عن امتعاض كبير في صفوف سكان الضواحي والمناطق الريفية التي تعتبر معقلا من معاقل اليمين الأسترالي المحافظ والمؤيد لحزبي الأحرار والوطني. كذلك عول الائتلاف على موقفه إزاء قضايا الهجرة غير القانونية التي استطاع عبرها أن يكسب القاعدة الجماهيرية لحزب العمال المتمثلة في فئة العمال وشرائح واسعة من الطبقة الوسطى. فالائتلاف يرفض بشدة السماح للمهاجرين بطريقة غير قانونية بالدخول إلى أستراليا ابتداء، ويفرض رقابة صارمة على سوق العمل حتى لا يتسلل إليه عمالة غير قانونية، ويقول إن من شأن ذلك المحافظة على مستوى أجور العمالة الأسترالية الماهرة. لكن في المقابل لم يثق العمال تماما في الائتلاف وينظرون بحذر إلى "تساهله" مع أرباب العمل فيما يتعلق بإمكانية التخلص من العمالة "الزائدة"، وانتقدون رفعه بعض القيود القانونية المتعلقة بهذا الشأن، وحملوه مسؤولية الشعور بقلة الأمان الوظيفي لدى شريحة من العمال. ولذلك يرجح المراقبون ان يكون السبب الرئيسى الذى جعل الشعب الاسترالى يصوت ضد رئيس الوزراء "جون هوارد " وحزبة هو تغيرقوانين العمل الاسترالية وترجيح كفة رجال الاعمال واصحاب المصالح الكبيرة على مصلحة العامل والموظف البسيط الذى اصبح مهددا بالطرد فى اى لحظة وصار لا يعرف مالذى يحملة لة يوم الغد.. وبعض الاسباب الاخرى من ضمنها عدم الاهتمام بالبيئة وارتفاع تكلفة المعيشة وبقاء الحكومة الحالية لاكثر من 11 عاما فى الحكم مما حعل الناس يصوتون لقيادة جديدة تعهدت بتحقيق مطالبهم وتطلعاتهم التى فشلت الحكومة السابقة فى تحقيقها. وبدأ زعيم المعارضة العمالية كيفن رود حملته الانتخابية بتجديد التزامه بدفع عجلة النمو الاقتصادي مع التركيز على خفض معدلات البطالة إلى ما دون ال 4% وتحسين الخدمات في قطاعي الصحة والتعليم. وأكد عزمه على تنمية العلاقات الأسترالية الصينية التي شهدت مراحل فتور كبيرة خلال عهد هوارد إضافة إلى وعده بالمصادقة على اتفاقية كيوتو للتغير المناخي التي كان هوارد رفض القبول بها، تضامنا مع موقف الرئيس الأميركي جورج بوش -العراق وأفغانستان اشتد التنافس والخلاف بين الحزبين الكبيرين حول قضية الجنود الأستراليين في أفغانستان والعراق والذى يبلغ عددهم تقريباً 2600 جندي. فهوارد رفض صراحة سحب هؤلاء الجنود بينما وعد رود ناخبيه عقب فوزه بالعمل على سحبهم، لكنه في الوقت نفسه أكد على "الاستمرار في التحالف الأميركي لمكافحة الإرهاب بطرق وأساليب مختلفة" وأبدى كذلك احترامه للخط الإستراتيجي العام للسياسة الأمنية الأسترالية المتمثلة في محاربة الإرهاب في إندونيسيا وماليزيا والفلبين. ويجدر الاشارة ان زعيم حزب العمال "كيفن رد" والذى اصبح رئيس الوزراء الجديد لاستراليا بعد فوزة امس فى الانتخابات قد وعد الشعب بسحب القوات الاسترالية المشاركة فى حرب العراق رغم المحاولات الامريكية لاقناعة بالابقاء عليها. وخلال الشهور القليلة القادمة من المتوقع ان تشهد العراق خروج القوات الاسترالية وعودتها الى وطنها وهو امر لن يجد ترحيبا من الحكومة العراقية او الامريكية لانة سوف يترك لديهم فراغا هائلا يصعب شغلة الا اذا تطوعت دولة اخرى من دول العالم وقامت بارسال قواتها بدلا من استراليا. و كان هوارد قد بدأ حملته الانتخابية التي استمرت حسب نصوص الدستور لمدة ستة أسابيع بداية من منتصف شهر اكتوبر الماضى بدعوة مواطنيه لاستذكار الإنجازات التي حققتها الحكومات السابقة على مدى ال11 عاما الأخيرة، معترفا بصعوبة المعركة الانتخابية لهذا العام. وكان رئيس الوزراء جون هوارد قد أعلن قبيل بدء حملته أن ال24 من نوفمبرموعدا للانتخابات الفدرالية التي يطمح فيها لتسجيل رقم قياسي في عدد مرات الفوز برئاسة الحكومة على حساب حزب العمال الذي خسر جميع الانتخابات التي جرت منذ العام 1996. وجدير بالذكر أنه الى جانب إخفاق هاوارد فى الإحتفاظ بمنصبه وهو الأمر الذى عكس الهبوط في شعبيته ، فإنه يغامر أيضا بالتعرض لفقدان مقعده في البرلمان فى دائرة بينيلونج التى يمثلها والذي بقي فيه 33 عاما ليصبح بذلك أول رئيس وزراء يفقد مقعده البرلماني في انتخابات منذ 78 عاما. وكانت استطلاعات الرأي أظهرت تراجع هاوارد طيلة حملته الانتخابية التي دامت ستة أسابيع، وتوقع البعض فوزا كاسحا لرود، الذي تولى زعامة حزب العمال منذ 11 شهر. وفى النهاية هل يستطيع كيفن رود رئيس الوزراء الجديد و زعيم حزب العمال الاسترالي والدبلوماسي السابق والذى أنهى 11 عاما من حكم المحافظين،تحقيق آمال الأستراليين التى وضعوها فيه ؟ 25/11/2007 المزيد من التقارير والملفات