تعد اليابان من الناحية الاقتصادية واحدة من أكثر الدول تقدماً في العالم ويحتل الناتج القومي الإجمالي (قيمة السلع والخدمات المنتجة في اليابان خلال عام واحد) المرتبة الثانية على مستوى العالم، و مجال شهرتها هو كونها " قوة تصديرية " هائلة خاصة فى مجال الصناعة الثقيلة القائمة على تحويل المواد الأولية المستوردة فهي أول منتج للحديد والصلب في العالم وثالث قوة في تكرير البترول وأول منتج للسيارات وتساهم ب40بالمئة من الإنتاج العالمي للسفن . و لقد عانت اليابان كسائر الدول المتقدمة من تبعات أزمة الرهن العقاري حيث انخفض انفاق المستهلكين لديها وارتفع الين الياباني الأمر الذي أدى إلى تراجع صادرتها وانهارت اسواقها وتراجع طلب السيارات وازدات نسبة العاطلين عن العمل الأمر الذي أدى الحكومة اليابانية إلى الإعلان عن انتهاء أطول فترة ازدهار اقتصادي للبلاد في سبتمبر 2008 ومع اشتداد الازمة وتراجع الاقتصاد بكل قطاعاته اعلنت الحكومة اليابانية رسميا دخول الاقتصاد مرحلة الركود للمرة الأولى منذ سبع سنوات. و لكن العام الماضي شهد الاقتصاد اليابانى عجز فى الميزان التجارى وصف بانه "غير مسبوق "، مما يؤكد التحول الهيكلي الموجع للاقتصاد ذو الشهرة الطويلة كقوة تصدير فاعلة فى الاقتصاد العالمى . . فقد نمت الفجوة بين قيمة الصادرات اليابانية و وارداتها بأكثر من الثلثين في الاثنى عشر شهرا الماضية ، مسجلا عجزا قدره 134 بليون دولار ، وذلك وفقا لبيانات حكومية نشرت يوم الاثنين ، و العجز التجارى مازال مستمرا للسنة المالية الثالثة على التوالي و هو الاكبر من نوعه منذ السبعينيات . و اشارت البيانات ان الصادرات الإجمالية اليابانية زادت بنسبة 0.6 في المائة من حيث الحجم العام المالي الماضي، مما أدى إلى ارتفاع بلغ 10.8 في المائة من حيث القيمة في ضوء ضعف الين. و ايضا ارتفعت الواردات بنسبة 2.4 في المائة من حيث الحجم وفى ضوء ضعف الين ايضا بلغت الارتفاع فى الواردات من حيث القيمة الى 17.3 في المائة . و الملاحظ ان العملاقين تويوتا وهيتاشي وغيرهما من الشركات اليابانية الكبيرة حققوا ارتفاعا فى الأرباح ليس نتيجة تحسن حجم الصادرات للخارج و انما نتيجة اسعار الصرف وضعف الين، الذي انخفض بمقدار الخمس مقابل العملات الرئيسية الأخرى منذ نوفمبر 2012. ان حجم قيمة الصادرات اليابانية إلى الأسواق الخارجية ارتفع بالكاد خلال الفترة الماضية ، ولكن قابل هذه الزيادة الطفيفة ارتفاعا ملحوظا فى قيمة الواردات، فالصادرات انخفضت قليلا في الواقع من حيث الحجم في الفترة من يناير إلى مارس مقارنة مع الربع السابق بنسبة 0.2 في المائة ، وفقا لحسابات بنك كريدي سويس، بينما نمت الواردات بنسبة 4.5 في المائة. ويرى الخبراء ان ارتفاع فاتورة استيراد الطاقة في اليابان وراء هذا الخلل فى الميزان التجارى ، حيث زاد استيراد الطاقة بشكل حاد في أعقاب حادث فوكوشيما النووي عام 2011 ، حيث جُمدت جميع المفاعلات النووية القابلة للتشغيل في البلاد بانتظار المراجعة الامنية ، مما افقد اليابان مصدر رئيسى للطاقة كانت توفر نحو 30 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء قبل وقوع الكارثة. وقد اضطرت المرافق لشراء المزيد من النفط والغاز الأجنبي لتعويض النقص الذى وقع فى مصادر الطاقة ، وادى ضعف الين الى زيادة سعر كل برميل نفط يتم توريده من الخارج ، فقفزت قيمة واردات الوقود بنسبة 18 في المائة خلال العام الماضي. ووفقا لبيانات التجارة و الاقتصاد اليابانية فان الاقتصاد الياباني ينمو باطراد منذ أكثر من عام، ولكن ضعف التصدير و الاعتماد على الإنفاق الاستهلاكي المحلي جعل الاقتصاد عرضة لاى هزة، و خاصة في ضوء زيادة ضريبة المبيعات الوطنية التي دخلت حيز التنفيذ في 1 ابريل . ويتوقع الخبراء زيادة الناتج المحلي الإجمالي في الربع الحالي، و ذلك في جزء منه لأن العديد من المستهلكين قاموا بعمليات شراء مقدمة استباقا لزيادة ضرائب المبيعات ، ولكن ماذا سيحدث فى الربع التالى من العام و السؤال هو مدى سرعة الاقتصاد وفى التخلص من آثار زيادة الضرائب. . البعض يعتقد ان زيادة هذه الضريبة ستكون وراء تحجيم الطلب و بالتالى خفض فاتورة الواردات التى زادت بنحو غير عادي، مما قد يؤدى إلى تباطؤ فى نمو العجز التجاري بداية من هذا الشهر. كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية "يوشيهايد سوجا" صرح بانه يتوقع ان "توقعات زيادة الصادرات ستتحسن تدريجيا نظرا لاستمرار الانتعاش في الاقتصادات الأجنبية ".. فى الوقت الذى يقود فيه رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي" جهود دعم إعادة تشغيل بعض المحطات النووية المعطله فى البلاد ، و من المتوقع ان يعطى الضوء الاول لتشغيل اول محطة طاقة الشهر المقبل حيث مازالت عمليات تنفيذ ترقيات السلامة والامن بالمحطات النووية تسير بوتيرة ابطأ مما كان متوقع بسب الحكومات المحلية .. والمحللون يعتقدون أنه سيتم إعادة تشغيل في نهاية المطاف مابين 12-15 مفاعل صالحة للاستعمال في البلاد من اجمالى 50 مفاعلا كان مستعملا فى البلاد قبل كارثة فوكوشيما .. و هو الامر الذى سيسمح لاقتصاد البلاد من التعافى من ارتفاع وزيادة فاتورة الطاقة الباهظة فى في المستقبل القريب .