بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    بشير التابعي: حسام حسن لن يغامر أمام غينيا بيساو    جمال عبدالحميد يكشف أسباب تراجع أداء منتخب مصر أمام بوركينا    خلاف بين كولر ولجنة التخطيط بسبب نجم الأهلي    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بصحراوي المنيا    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    الأرصاد تكشف عن حالة الطقس المتوقعة اليوم الاثنين    تحرير 36 محضرا وضبط 272.5 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بمدينة دهب    الفنانة التونسية لطيفة في حوار خاص مع "البوابة": والدتي كانت مصدر قوتي إلهامي.. أختار أغنياتي بناءً على شعوري الشخصي    سقوط 150 شهيدا.. برلمانيون ينددون بمجزرة النصيرات    زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان: مستعدون لتولى السلطة    صافرات الإنذار تدوى فى عكا وبلدات عدة شمالى إسرائيل    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    في وداعية القائد جيرو.. فرنسا تتعادل سلبيا مع كندا    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحى ما زال يخضع للتحقيق حتى الآن    عمر جابر: أنصح رمضان صبحي بالانتقال ل الزمالك.. وجوميز جيد ويكفي أنه تعلم من فيريرا    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    مجدي عبد الغني: الفوز على غينيا لا يُقرب الفراعنة من التأهل لكأس العالم    الآن يرتفع في 8 بنوك.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 10 يونيو 2024    الحج السياحي | 1298 شركة تتنافس لتقديم خدمات مميزة للحجاج    نقيب الصحفيين: لابد من إصدار قانون حرية المعلومات والمستشار محمود فوزى: محل توافق    أمر ملكى سعودى باستضافة 1000 حاج من ذوى شهداء ومصابى غزة استثنائياً    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    خبير تربوى يقدم نصائح لطلاب الثانوية: نم مبكرا وابتعد عمن يبثون طاقات سلبية    قوات الجيش الإسرائيلي تعتقل 4 أطفال فلسطينيين من الخليل والقدس    عمرو الفقي: المؤسسات العالمية نقلت عن القاهرة الإخبارية تغطيتها لأحداث غزة    لميس الحديدي تعلن إصابتها بمرض السرطان منذ 10 سنوات.. التفاصيل    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    حلو الكلام.. إنَّني أرقص دائمًا    «بنضم للمنتخب عشان صاحب صلاح؟».. عمر جابر يخرج عن صمته بتعليق ناري    رسالة غامضة من الممثل التركي كرم بورسين لجمهوره.. وهذا ما كشفه    دعاء تيسير الامتحان.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    بعد وفاة 40 مواطن لارتفاع الحرارة.. نائبة تطالب بوقف تخفيف الأحمال في أسوان    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    انتحار مديرة مدرسة بحبة حفظ الغلال بالمنوفية    قنصلية فرنسا تطلق مشروع الاقتصاد الدائري بدعم الاتحاد الأوروبي    50 مليون جنيه سنويًا.. حوار بين خالد البلشي وضياء رشوان حول زيادة بدل الصحفيين    كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي ضد حملة "بالونات القمامة" لكوريا الشمالية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    "ابدأ": 70% من المشكلات التي تواجه المصنعين تدور حول التراخيص وتقنين الأوضاع    مصرع طفل في حريق سوبر ماركت بالفيوم    دعاء وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة    الأول على الإعدادية الأزهرية بالإسماعيلية: مثلي الأعلى عمي وأتمنى أن أصبح طبيبا للقلب (فيديو)    العاهل الأردني: صمدنا في مواجهة التحديات بالعزيمة والصبر    الكشف على 1346 مواطنا بقافلة طبية مجانية بقراقص في دمنهور    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم التاسع من ذي الحجة "الوقوف بعرفة"    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثالث ذكرى .. لعدم شرعية الجدار العازل
نشر في أخبار مصر يوم 12 - 07 - 2007

يثير الجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية جدلا شديدا منذ اتخاذ الحكومة الاسرائيلية قرار تشييده في عام 2002. ورغم ماتزعمه اسرائيل من أن الجدار سيمنع "الهجمات الارهابية " إلا أن الفلسطينيين يقولون انه سيعزل مئات الالاف عن اماكن عملهم، وترى الامم المتحدة الاّن أنه غير شرعي.

ووسط موجة العنف المتصاعدة بالاراضى المحتلة ، تطل بعد غد " الاثنين " الموافق 9 يوليو الذكرى الثالثة لفتوى محكمة العدل الدولية التى أكدت فى مثل هذا اليوم من عام 2004 عدم مشروعية الجدار العازل الذى تقيمه إسرائيل فى أراضى الضفة الغربية، فى وقت يتسابق فيه الاحتلال الإسرائيلى لتقسيم ما تبقى من الأراضى الفلسطينية ضارباً عرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولى .


خطورة القضية :

وتكمن خطورة قضية الجدارهذا العام تحديداً فى تراجع الاهتمام بها إلى حد كبير حيث بدأت تتوارى وتتراجع فى سلم الأولويات، مع الانشغال بأحداث العنف المشتعلة والتى بلغت ذروتها مؤخراً، حيث بات الرفقاء منقسمين مما يمهد الطريق لإسرائيل فى استمرار بناء الجدار وتحقيق هدفها لجعله خط الحدود النهائية لإسرائيل فى أية ترتيبات مستقبلية بعد اقتطاع أجزاء كثيرة من الضفة الغربية .

وقضية الجدار لا تقل خطورة عما يحدث الآن فى قطاع غزة من عدوان إسرائيلى شامل وتطبيق سياسة العقاب الجماعى ضد الفلسطينيين، الأمر الذى يتطلب اتخاذ موقف واضح للتحرك على المستوى الدولى خاصة الأمم المتحدة لإلزام إسرائيل بتنفيذ فتوى المحكمة ووقف بناء الجدار العازل حتى لا يتوارى الاهتمام به وتتبدد الآمال فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة .

وقد صدرت هذه الفتوى القانونية الدولية من أعلى جهة اختصاص فى العالم وبناء على قرارمن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتحويل قضية بناء إسرائيل للجدار الفاصل إلى تلك المحكمة الدولية لتصدر فيها حُكماً استشارياً بموجب ميثاق الأمم المتحدة .

وكان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى حول هذا النزع إلى ساحة القضاء الدولى، قد صدر بإجماع الدول أعضاء تلك الهيئة الدولية، بعد عجز مجلس الأمن الدولى عن اتخاذ قرار مُلزم بشأنه نظراً لاستخدام الولايات المتحدة حق الفيتو ضده، فكان قرار الجمعية العامة بمثابة تحرك من المجتمع الدولى فى حدود المتاح والمسموح له بالعمل فيه حيال كل ما يعكر السلم والأمن الدوليين .

ويشير المحللون السياسيون إلى أن حُكم المحكمة الدولية الذى صدر فى التاسع من يوليه عام 2004 كان شاملاً وكاملاً، ليس فى الموضوع المُحال إليها فقط، لكنه تجاوز ذلك كثيراً وكأنه صدر فى النزاع الفلسطينى الإسرائيلى برمته وإقراراً منه بحقيقة أن الأرض الفلسطينية المحتلة خارج ما يُسمى بالخط الأخضر هى بالفعل أرض فلسطينية محتلة غير مُعترف باحتلال إسرائيل لها دولياً وتأخذ حُكم الأراضى المحتلة احتلالاً مؤقتاً مصيره لابد إلى الزوال .

ومع حلول هذه الذكرى، يطالب المحللون السياسيون بتنفيذ الحكم الذى أصدرته محكمة العدل العليا بإسرائيل فى عام 2005 ،والذى يقضى بعدم شرعية بناء هذا الجدار الفاصل ويشطب أحد مقاطع الجدار، وعلى الرغم من ذلك استمرت الحكومة الإسرائيلية فى مخططها حيث صادقت على المسار المُعدل للجدار الفاصل بأكمله .

وبعد مرور ثلاثة أعوام على صدور فتوى محكمة العدل الدولية، فلا تزال الفتوى تراوح مكانها رغم أنها ذات حجة على إسرائيل وعلى المجتمع الدولى ككل، فإسرائيل مُلزمة بالوقف الفورى لأعمال تشييد الجدارالعنصرى وتقديم التعويض المناسب عن جميع الأضرار الناتجةعن تشييده.

ويعزز من أهمية الفتوى قرار صدرعن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 20 يوليه عام 2004 يؤكد أن الجدار يُشكل خرقاً للقانون الدولى وأن هذا الأمر يتطلب تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبصفة خاصة القرارين 242 لسنة 1967 و 338 لسنة 1973 .. فقد صدرت فتوى محكمة العدل الدولية لتحقق الربط الكامل بين مختلف القرارات الدولية ولتجعل منها منظومة أمام المحافل الدولية لا تستطيع إسرائيل الفرارمن الامتثال لها .
ولن يتحقق هذا – فى رأى المحللين السياسيين - إلا بالترويج لها ومناقشة التحديات التى تحول دون وضعها موضع التنفيذ أسوة بالفتوى التى اصدرتها محكمة العدل الدولية بشأن استقلال نامبيا عن دولة جنوب أفريقيا العنصرية – أنذاك – وتحقق هذا بالفعل عام 1992 .

ويُشكل بناء الجدار العازل -فى رأى المحللين السياسيين- اعتداءً على حقوق الفلسطينيين وأراضيهم مما يشكل اعتداء على القانون الإنسانى الدولى الذى يهدف لحماية الممتلكات التى ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية ويخالف اتفاقية جنيف الرابعة التى تمنع المحتل من تغيير معالم الأرض التى يحتلها .


وبدأت قصة الجدار الفاصل الذى شرع الإسرائيليون ببنائه فى 16 يونيو عام 2002 بعد فشلهم فى عملية السورالواقى التى كانت قد شنتها إسرائيل على الأراضى الفلسطينية بحجة ضرب البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية . وحسب مخطط الحكومة الإسرائيلية، فإن المرحلة الأولى من الجدار تضم 110 كيلو مترات تمتد من قرية سالم قرب مدينة جنين فى الشمال من الضفة الغربية وحتى قرية كفر قاسم فى المثلث الجنوبى ،وتشمل هذه المرحلة أيضاً إقامة سياج حول مدينة القدس ويمتد فى المرحلة الثانية بطول 260 كيلو متراً .

واخطر ما فى هذه الخطة هى المنطقة العازلة وسياج القدس والتى ستؤدى إلى اقتطاع نحو20% من مساحة الأراضى الفلسطينية، لتنضم إلى إسرائيل واعتبار أكثر من ربع مليون من السكان الفلسطينيين غرباء ،ومنعهم من التنقل بين قراهم ومدنهم التى تقدر بالعشرات داخل هذه المنطقة ،ولا يسمح لهم بالحركة إلا بعد الحصول على تصاريح مسبقة لذلك .

ولم تكتف إسرائيل بذلك بل شملت خططها تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام .. المنطقة الأمنية الشرقية بمساحة 1237 كيلو متراً مربعاً بما يعادل 21.9% من مساحة الأراضى الفلسطينية وتضم هذه المساحة 40 مستعمرة إسرائيلية .. منطقة أمنية غربية بمساحة 1328 كيلو متراً مربعاً أى ما يعادل 23.4% من مساحة الأراضى الفلسطينية، وهذا يعنى أن المنطقتين ستضمان 45.3% من مساحة الأراضى الفلسطينية .. والمنطقة الثالثة تبلغ 54.7% من الأراضى الفلسطينية وتضم المُدن الفلسطينية الكبرى ، وهى مخططات تقوم على أساس المصادرة للأراضى الفلسطينية وتمت بالفعل مصادرة عشرات الآلاف من الدونمات منها 69 ألف دونم غرب مدينة جنين تمت مصادرتها وضمها إلى إسرائيل وتضم 12 قرية فلسطينية ،و8 آلاف دونم من أراضى محافظة طولكرم ،و807 دونمات من أراضى قرية فرعون،و 5000 من أراضى قرية الرأس ، بالإضافة إلى تضرر مساحة 1027 دونماً من الجدار الفاصل ،و2000 دونم من أراضى محافظة قليقلية .

وتتمثل خطورة هذا الجدار فى أنه أخطر المخططات الاستيطانية فى الأراضى الفلسطينية منذ عام 1967 بالإضافة إلى ما يمثله من مشاكل اقتصادية، ومنها حرمان أكثر من 400 عامل من سكان القرى من الوصول الى داخل الخط الأخضر للعمل مما أدى الى ازدياد البطالة بشكل كبير واقتلاع أكثر من 350 شجرة زيتون وعزل أكثر من 2000 شجرة داخل الجدار مما ألحق خسائر مادية فادحة بمزارعى القرى.

وتعمل إسرائيل من خلال إقامة الجدارعلى إحكام السيطرة على الموارد المائية الفلسطينية لأن الجدار يؤثر على الحوض الغربى الذى يعد أهم الأحواض المائية الجوفية بالضفة الغربية وتُقدر طاقته المائية المتجددة بمعدل 400 مليون متر مكعب .

ومصطلح جدار الفصل هو تعبير عن منظومة التحصينات التى تقيمها إسرائيل الآن على الأرضى الفلسطينية المحتلة بدعوى الأمن، وكان التبرير التسويفى الإٍسرائيلى لبناء الجدار العازل فى إطار نظرية الأمن الذى يحقق السلام وليس السلام الذى يحقق الأمن .
بينما يؤكد المحللون أن استمرار البناء فى الجدار الفاصل لم يؤد لتوقف العمليات الفدائية، حيث لم يمنع الفلسطينيين من انتقاء أهداف فى داخل العُمق الإسرائيلى ذاته .

الجدار العازل أطروحة اليسار الإسرائيلي:

والجدير بالذكرأن فكرة الجدار العازل مترسخة في الوجدان الصهيوني.. ففي الأربعينيات، اقترح فلاديمير جابوتنسكي أحد الزعماء الصهاينة إقامة ما سماه بالحائط الحديدي. وكان جابوتنسكي ينطلق من رؤية مفادها أن أية تجربة استيطانية استعمارية لا بد أن تواجه بمقاومة السكان الأصليين، فلا يوجد شعب تنازل طواعية عن أرضه لشعب آخر، وأن حل هذه الإشكالية هو أن يقيم المستوطنون الصهاينة حائطا حديديا حول أنفسهم ويستمرون في البطش بالسكان الأصليين إلى أن يسلموا بأنه لا مفر من التنازل واقتسام الأرض مع الكتلة البشرية الوافدة. وهذه هي الفكرة نفسها التي عبر عنها رئيس الوزراء الاسرائيلى السابق شارون بعد ذلك بعدة عقود، عندما قال "إن ما لا يؤخذ بالقوة يؤخذ بمزيد من القوة".

وبعد حرب عام 1967، وقيام "إسرائيل" بضم غزة والضفة الغربية، وهي مناطق مكتظة بالسكان، ظهر ما يسمى بالمشكلة السكانية (الديموجرافية)، حيث يرى بعض الصهاينة أنه بحلول عام 2010 سيزيد عدد السكان العرب الذين يعيشون في كل الاراضى الفلسطينية المحتلة عن السكان اليهود. ومن ثم ظهر ما يسمى "الصهيونية الديموجرافية" Demographic Zionism (ومعظم دعاتها ينتمون إلى حزب العمل وما يسمى "اليسار الإسرائيلي"). ويدعو أصحاب هذا الاتجاه الصهيوني إلى الانسحاب من الضفة الغربية وغزة، مع الاحتفاظ بمواقع عسكرية إسرائيلية تضمن عزل الفلسطينيين عن بقية العالم العربي.


وتجدر الإشارة إلى أن فكرة الجدار العازل بين الضفة الغربية وأراضي فلسطين المحتلة عام 1948 كانت في الأصل فكرة عمالية صهيونية ،وكان أول من طرحها بنحاس سابير عقب حرب 1967، حيث اقترح إنشاء حدود قابلة للدفاع عنها من طرف واحد والخروج من بقية المناطق. واقترح بن جوريون، الذي كان آنذاك زعيما عماليا متقاعدا، إعادة كل المناطق باستثناء القدس. ثم وضع موشيه شاحل خطة للفصل حين كان يشغل منصب وزير الشرطة عام 1994. ثم تتابعت المشاريع العمالية الأخرى، ولكنها لاقت في بداية الأمر معارضة قوية من اليمين الصهيوني باعتبار أنها ستعطي شرعية للدولة الفلسطينية.

وقد تبدت فكرة الفصل العنصري في الطرق الالتفافية، وهي طرق تشقها الدولة الصهيونية لربط المستوطنات الاستعمارية الصهيونية بعيدا عن المناطق السكنية العربية، كما تبدت في حواجز التفتيش التي يقيمها الإسرائيليون لمراقبة حركة الفلسطينيين وقمعهم وإذلالهم.

وبعد تصاعد انتفاضة الأقصى فى عام 2000 وفشل شارون في قمعها في مائة يوم كما كان يزعم، بدأ اليمين يتراجع عن معارضته لفكرة الجدار الفاصل ويتصالح معها بعد تعديلها، وبدأ الرأي العام الإسرائيلي، الذي يعيش في ذعر من الهجمات الفدائية، يطالب بإقامة الجدار.

ومما ساعد على قبول الفكرة- فى رأى المحللين - أن الصهاينة يبذلون قصارى جهدهم للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية، ولكن أصبح من الصعب عليهم التصريح بذلك بسبب الموازين الدولية وبعض متطلبات السياسة الخارجية الأمريكية في الوقت الحاضر؛ ولهذا، فهم يقبلون بمبدأ قيام دولة فلسطينية بشرط أن تكون دولة بلا أرض، بحيث يتحول الفلسطينيون إلى شعب بلا أرض يعزل في معازل (كانتونات) صغيرة مفصولة تتحكم فيها الدولة الصهيونية ، وقد عبر شاؤول موفاز وزير الدفاع الاسرائيلى الأسبق عن ذلك بقوله: إن الحكومة الإسرائيلية تتبنى فكرة إقامة دولة فلسطينية مقسمة من جانب الجيش الإسرائيلي، ومعزولة عن باقي أراضي الضفة الغربية، والجدار العازل يشكل حجر الأساس في هذه المحاولة.

وعن نشأة الجدار الفاصل ،يقول حسن أيوب الخبير في شؤون المستوطنات في مكتب "الدفاع عن الأراضي ومقاومة الاستيطان" بمدينة نابلس: إن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن عن قرارها إقامة جدار أمني فاصل على طول الخط الأخضر إلا في منتصف عام 2002، وإن الحقائق على الأرض تؤكد أن التحضير لإقامة هذا الجدار بدأ منذ العام الأول لتسلم شارون رئاسة الحكومة أو حتى منذ وجوده في وزارة الإسكان، حين صادق على عدة قرارات بمصادرة مئات الدونمات من أراضي المواطنين الفلسطينيين، وخاصة تلك القريبة من المستوطنات والمحاذية للخط الأخضر.
وقد بدأت إسرائيل العمل في جدار يمتد 50 كلم يفصل القدس عن الضفة الغربية، ردا على هجمات فدائية فلسطينية بالمدينة منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في سبتمبر/ أيلول 2000.

بناء الحاجز .. هل هو جدار أم سياج؟

ينظر الى جزء من هذا البناء على انه جدار والجزء الاخر سياج. ويتكون هذا السور البالغ طوله نحو 370كيلومترا من قاعدة خرسانية وهيكل من الاسلاك ارتفاعه خمسة امتار. ويوجد على جانبيه اسلاك شائكة وحفرة يبلغ عمقها اربعة امتار. وبالاضافة الى ذلك فان الجدار مزود باجهزة استشعار الكترونية وبمحاذاته طريق مكسو بالرمل الناعم بحيث يترك من يسير عليه آثار اقدام.

ويتكون نحو 8.5 كيلومترا من السور من حائط خرساني قوي بارتفاع ثمانية امتار موضوع عليه ابراج للمراقبة. ويحيط هذا الجزء ببلدة قلقيلية الفلسطينية وينظر اليه على انه "حائط للقناصة" لمنع الهجمات التي يشنها مسلحون على قائدي السيارات الاسرائيليين على طريق سريع مجاور في اسرائيل. وبدأ المقاولون العمل في المشروع في يونيو حزيران 2002 في المنطقة الواقعة بين قلقيلية وجنين.

لماذا تبني اسرائيل هذا السور؟

بعد حالة من التردد تبنت الحكومة الاسرائيلية الخطة وقالت انها ضرورية لمنع "الانتحاريين الفلسطينيين " على حد وصفها من دخول اسرائيل ومهاجمة المدنيين الاسرائيليين كما حدث عدة مرات خلال الانتفاضة الفلسطينية.

وتمثل هذا التردد المبدئي في معارضة بعض الوزراء ومؤيديهم المتشددين لبناء اي حائط يمكن ان يفسر في المستقبل على انه يمثل الحدود الفلسطينية الاسرائيلية ويترك المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية.

وهدأت حدة اعتراضات مؤيدي المستوطنات لان السور لن يتم بناؤه على حدود اسرائيل قبل عام 1967 لكنه سيتوغل عدة كيلومترات في الضفة الغربية ليربط المستوطنات باسرائيل.

ويقول الفلسطينيون ان بناء السور حول الضفة الغربية قد يشير الى جدية الحكومة الاسرائيلية بشأن انهاء الاحتلال الذي يمثل الحد الادنى من متطلبات التوصل لحل عادل للصراع مع الفلسطينيين.
الا أنهم يرون انه في ظل الخطة الحالية المثيرة للشكوك فان السور سيطوقهم في نحو 42 في المائة من اراضي الضفة الغربية فقط وهذا شيء كان يسعى رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون لتنفيذه.

لكن اسرائيل ترى ان هذا الجدار هو حاجز امني فقط وليس جزءا من حدود مستقبلية. ويقول مسؤولون اسرائيليون انه لا يوجد شيء يمكن ان يحول دون ازالة الجدار الذي تبلغ تكلفته نحو مليوني دولار للكيلومتر الواحد بعد التوصل لتسوية عن طريق المفاوضات.

الاعتراضات الرئيسية :

يرى منتقدو اسرائيل ان الخطة تمثل كل الاشياء الخاطئة في ظل الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والاسلوب الذي تتبعه اسرائيل للتوصل الى السلام مع جيرانها العرب. وقد صادرت اسرائيل اراضي فلسطينية من اجل بناء السياج أو الجدار وحرمت مئات المزارعين والتجار الفلسطينيين من الوصول الى وسائل معيشتهم الاقتصادية.
ويمكن الشعور بتأثير هذه الخطة بشكل اكبر في قلقيلية نفسها التي كانت تعرف بسلة فواكه الضفة الغربية التي تقع بالقرب من الجدار الذي عزلها من ثلاث جهات عن المزارع التي تمد اسواقها بالاحتياجات وثاني اكبر مصادر للمياه في الاقليم. وسيصبح الدخول للبلدة التي يقطنها 40 ألف شخص عن طريق نقطة تفتيش اسرائيلية واحدة.

ردود الأفعال على الصعيد الدولى :

موقف الامم المتحدة :

أصدرت الامم المتحدة في نهاية سبتمبر 2003 تقريراً أدان بناء السور ووصفه بانه غير شرعي ويرقى الى "عمل غير قانوني للاستيلاء على الاراضي."

وحذر البروفسور الجنوب افريقي جون دوجارد استاذ القانون في تقريره للجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة من ان نحو 210 الاف فلسطيني يعيشون في المنطقة الواقعة بين السور واسرائيل ،سيكونون في معزل عن الخدمات الاجتماعية والمدارس واماكن العمل. ومن جانبها ،انتقدت اسرائيل تقرير الامم المتحدة ووصفته بكونه "متحيزا".

موقف منظمة العفو الدولية:

أعلنت منظمة العفو الدولية في تقرير صدر أوائل يوليو2007 أن الجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية تسبب في وفيات ومعاناة عدد كبير من الفلسطينيين ويتعين ازالته..

ولم يضف التقرير الذي صدر عشية ذكرى مرور 40 عاما على حرب عام 1967 جديدا سوى أنه حذر من أن مواصلة العمل في مشروع الجدار يهدد باطالة أمد الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.


وذكر التقريرأن الجدار أوجد أرضية لسخط الفلسطينيين ضد اسرائيل كما أنه سيفرض عند الانتهاء منه طوقا على 12 قرية و31400 فلسطيني في الضفة الغربية حيث يعيش أكثر من نصف مليون فلسطيني على بعد كيلومتر واحد من الجدار.
ودعت منظمة العفو الدولية اسرائيل الى انهاء سياسة الاغلاق والقيود على التنقل ووقف بناء الجدار وهدم الاجزاء التي تم تشييدها على الاراضي الفلسطينية ووقف بناء المستوطنات والتوقف عن تدمير البيوت الفلسطينية لضمان العدالة للجميع.

وقالت كيت الان مديرة منظمة العفو الدولية في بريطانيا "مخاوف اسرائيل... الامنية المشروعة ليست مبررا للانتهاكات الصارخة للقانون الدولي أو لاساءة معاملة الاف الفلسطينيين من خلال برنامج ضخم للعقاب الجماعي."

وقدم التقريرقوائم بمرضى أو مصابين قال إنهم توفوا نتيجة للتأخير في عبور 550 حاجز تفتيش على الجدار أو حواجز التفتيش المتنقلة أو سقطوا برصاص قوات الأمن الإسرائيلية التي تحرس أبراج المراقبة في الجدار العازل.

وأضاف التقرير أن منازل الفلسطينيين تهدم بالجرافات في حين توافرت الحماية لمستوطنات اسرائيلية على الاراضي الفلسطينية ،اعتبرها مجلس الامن التابع للامم المتحدة غير مشروعة حيث جرى تحويل مسار الجدار لتجنبها.غير أن إسرائيل تقول إن الجدار يمنع وصول الانتحاريين إلى مدنها وإنه قد يزال في ظل اتفاق للسلام يتم التوصل إليه مستقبلا. والجدار في معظمه سياج تعلوها أسلاك شائكة إضافة إلى أقسام من حواجز خرسانية، ومن المقرر أن يغطي مسافة 720 كيلومترا عند اكتماله.
بل وصفت وزارة العدل الاسرائيلية التقرير بانه "أحادي الجانب وغير أخلاقي.. ومليء بالاخطاء القانونية والاخطاء في الوقائع بما في ذلك ندرة الاشارة الى الارهاب الفلسطيني".


وقد انتقدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى فبراير 2004 بقوة جدار الفصل واعتبرته مخالفاً للقوانين الإنسانية الدولية لأنه يقسم جزءاً من الأراضى المحتلة فى الضفة الغربية، مشيرة الى أنه مخالف لهذه القوانين لأن مساره ينحرف عن الخط الأخضر ليتوغل داخل أراض محتلة .

الموقف الامريكي من الجدار:

ترى واشنطن التي ما زالت تحرص على احياء خطة خارطة الطريق للسلام ان الجدار الامني الاسرائيلي العازل يمثل مشكلة لانه يعكر الاجواء بين الجانبين.

ومارست الولايات المتحدة قليلا من الضغط على اسرائيل.. ففي سبتمبر 2003 أبدت الولايات المتحدة اعتراضات على التوسع المقترح في بناء السور. وفكرت واشنطن في حجب ضمانات قروض عن اسرائيل تماثل قيمة تكلفة أي جزء في السور تعتقد الولايات المتحدة انه غير ضروري.


الأسباب الحقيقية لحرص إسرائيل على الاستيلاء على أراضى الضفة الغربية :

على الرغم من ادعاءات إسرائيل بأن الدواعي الأمنية و محاولة الحد من عمليات العنف داخل إسرائيل هو ما يدعوها لبناء الجدار العازل وبناء المستوطنات التي تعزل القرى الفلسطينية بالاستيلاء على أرض الضفة، الا أن المحللين يشيرون لاسباب أخرى منها:

-أن الضفة الغربية تحتوي على أوفر مخزون مياه جوفية حيث أن أرضها صخرية لا تسمح بتسرب المياه كما أن بعده النسبي عن البحر ساعد على إرتفاع درجة نقاء المياه التي لا تتأثر بملوحة البحر .

- تأمين الحدود سواء كانت الحدود الشرقية لمنع التواصل عبر الحدود المشتركة بين الفلسطينيين والأردنيين أو حماية حدود الخط الأخضر الذي تقع داخلة المدن الإسرائيلية ذات الكثافة السكانية العالية

- تحقيق متطلبات المساومة السياسية بمعنى مقايضة المستوطنات بقضايا اللاجئين أو الحدود في مفاوضات الوضع النهائي .


تأثيرات بناء الجدار :

1- على خريطة الضفة الغربية وشكل الدولة الفلسطينية المرتقبة :

صرح شاؤل موفاز وزيرالدفاع الإسرائيلي الأسبق بصحيفة "الجارديان" البريطانية في مارس 2003 بأن الحكومة الإسرائيلية تبلور رؤية لدولة فلسطينية مقسمه إلي سبعة كانتونات في المدن الفلسطينية الرئيسية كلها مغلقة من قبل الجيش الإسرائيلي ومعزولة عن باقي أراض الضفة الغربية التي ستصبح تابعة لإسرائيل وبالفعل فإن مشروع الجدار العازل سيقسم الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة عن بعضهما البعض وعن باقي أراضي الضفة كما سيؤدي بناء الجدار إلى مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية وضمها لإسرائيل حيث يتركز مشروع الجدار العازل على إقامة حزامين عازلين طوليين حزام في شرق الضفة بطول غور الأردن وحزام أخر غرب الضفة على طول الخط الأخضر بعمقيتراوح من 5-10كم وكذلك إقامة أحزام عرضية بين الحزامين الطوليين وتكون بمثابة ممر بين منطقة جنوب "طولكرم" ومنطقة "نابلس" حتى غور الأردن مما يؤدي إلى تقسيم المناطق الفلسطينية إلى 4 كتل رئيسية ،تهدف إلى ايجاد فاصل مادي بين كتل المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية وبين المناطق الفلسطينية مع بقاء المستوطنات على حالها . كما يطوق الجدار العازل مدن طولكرم وقلقيلية والقدس بالكامل ويعزلها عن محيطها الطبيعي في الضفة الغربية وبذلك تنجح إسرائيل في عزل مناطق تركز السكان الفلسطينيين عن بعضها البعض وتقيد حرية التنقل وحركة للفلسطينيين ناهيك عن نزوح سكان المناطق المتاخمة .

فضلا عن ذلك ستفرض إسرائيل سيطرتها على عدة قري فلسطينية وراء الجدار العازل باعتبارها منطقة عسكرية، فالمنطقة العازلة المقترحة سوف تضم 20 قرية فلسطينية منهم 14 قرية تصنف في المنطقة (ب) والتي تخضع لسيطرة فلسطينية –إسرائيلية مشتركة ويبلغ عدد سكان هذه المنطقة نحو 40.000 فلسطيني يعملون بشكل أساسي في الزراعة وسوف يجد هؤلاء أنفسهم محاصرين،و يلزمهم الحصول على تصاريح إسرائيلية للذهاب لحقولهم وسيكونوا مربوطين كلياً بالأمن الإسرائيلي من أجل إدارة حياتهم .وانطلاقا من المخططات الإسرائيلية المعلنة من الثابت أن المساحة التي سيقتطعها إنشاء الجدارين العازلين في غرب وشرق الضفة سوف يؤديا إلى تقليل مساحة الضفة الغربية إلي مابين 45%-50%وهي المساحة التي كان شارون قد أعلن أنة سيسمح بإعطائها للفلسطينيين.

2– على قضايا الوضع النهائي:

من شأن هذه التغيرات التى يرسمها بناء الجدار العازل على خريطة الضفة الغربية بلورة واقعً جديد على الأراضي سيؤثر بشكل مباشر على قضايا الوضع النهائي المتمثلة في الحدود و القدس والمياه والمستوطنات .

* بالنسبة للقدس سيوجد الجدار العازل واقعاً جديداً للمدينة إذ قامت حكومة شارون منذ فترة بتنفيذ مشاريع في القدس بهدف تهويدها وعزلها وتحويل أحيائها إلي مناطق سكنية بين مستوطنات كبيرة وبؤر استيطانية فضلا عن مخطط الجدار العازل الذي يطوق القدس ويحيط بها وسيؤدي في حالة إتمامه إلي أن تصبح القدس محاطة بالمستوطنات والمناطق اليهودية من كل جوانبها بحيث يصعب تصورها كعاصمة للدولة الفلسطينية كما سيؤدي إلى ضم أحياء "معالية أدوميم" و "جبعات زئيف" وجميع المستوطنات الواقعة خارج بلدية القدس اضافة إلى إخراج قرى ومناطق فلسطينية من حدود بلدية القدس وبهذه الطريقة تتخلص إسرائيل من السكان الفلسطينيين في المدينة.

* بالنسبة لقضية المياه سيكون للجدار العازل تأثير بالغ على حرمان الفلسطينيين من مصادر المياه حيث أن الأراضي التي تم مصادرتها من أجل تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الجدار العازل تضم ما يزيد على 50 بئراً من المياه جوفية وتوفر هذه الآبار 7 ملايين متر مكعب من المياه ولكن بعد إنشاء الجدار العازل سيتم حرمان الفلسطينيين منها أو على الأقل سيكون حصولهم عليها صعبا كما يفصل الجدار العازل ما بين مصادر المياه وشبكات الري من ناحية وبين الأراضي الزراعية من ناحية أخري وقد قامت الآلات الإسرائيلية في إطار إعداد الأرض لإقامة المشروع بتدمير 35.000 متر من أنابيب المياه التي تستخدم للري والزراعة والاستخدامات المنزلية .

* ويرى بعض المراقبين أن مشروع الجدار العازل يعمل على حدود فعلية، فعلى الرغم من نفى المسئولين الإسرائيليين أن الجدار العازل سيشكل حدودا فعلية لإسرائيل ألا أن التكلفة الهائلة للمشروع وحجمه الضخم يتنافى مع فكرة أنه إجراء مؤقت وسيتم إزالته بعد التوصل إلى تسوية بشأن الحدود في مفاوضات الوضع النهائي كما أن شكل الجدار وما سوف يضمه من مستوطنات داخل إسرائيل وما به من أبراج مراقبة وأجهزة إنذار إلكترونية ودوريات للشرطة والأمن ونقاط تفتيش ومعابر ووحدات عسكرية على طول الجدار يمنحه بالفعل صفة ومظهر الحدود الفعلية .

* يعد بناء الجدار العازل حلا مرضيا لعدد كبير من المستوطنين إذ سيؤدي إلى ضم حو57 مستوطنة من مستوطنات الضفة الغربية و 303 ألف مستوطن إلى إسرائيل . وتعد هذه المستوطنات من المستوطنات الكبيرة التي من المزمع التوصل إلى تسوية بشأنها في مفاوضات الوضع النهائي .

3- على الحياة اليومية للفلسطينيين:

يمر الجدار العازل بأراض الضفة الغربية مما يعني أنه سيؤثر على الحياة 210,000 فلسطيني يسكنون 67 قرية ومدينة بالضفة الغربية حيث أن :

- 13 تجمعا سكانيا يسكنه 11,700 فلسطيني سيجدون أنفسهم سجناء في المنطقة ما بين الخط الأخضر و الجدار العازل .

- وجود جدار مزدوج أي جدار أخر يشكل عمقا للجدار العازل الفاصل سيوجد منطقة حزام أمني الأمر الذي سيجعل من 19 تجمعا سكانيا يسكنه 128,500 فلسطيني محاصرين في مناطق وبؤر معزولة .

- سيؤدي إقامة هذا الجدار العازل إلى إعاقة حرية حركة الفلسطينيين وقدرتهم الوصول إلى حقولهم أو الانتقال إلى القرى والمدن الفلسطينية الأخرى لتسويق بضائعهم ومنتجاتهم.

- سيؤدي بناء الجدار العازل إلى الفصل بين 36 تجمعا سكانياً شرق الجدار يسكنه 72,200 فلسطيني وبين حقولهم وأرضهم الزراعية التي تقع غرب الجدار العازل .

- إنشاء الجدار العازل سيعيق وصول سكان المناطق الفلسطينية الريفية إلى المستشفيات في مدن طولكرم وقلقيلية والقدس الشرفية لأن هذه المدن ستصبح معزولة عن باقي الضفة كما أن نظام التعليم الفلسطيني سيتأثر أيضا من جراء هذا الجدار العازل الذي سيمنع المدرسين والتلاميذ من الوصول إلى مدارسهم خاصة وأن المعلمين يصلون من خارج هذه القرى .

البعد الاقتصادى :

أما عن تأثير تشييد الجدار على الأوضاع الاقتصادية بالاراضى المحتلة ،يرى محللون اقتصاديون إن الجدار الأمني العازل الذي تقيمه إسرائيل حول الضفة الغربية قد يكون القشة الأخيرة التي تقصم ظهر الاقتصاد الفلسطيني المتدهور أصلا في حين لن يكون له أثر يذكر على إسرائيل.

وأشار ممثلون للدول المانحة والأمم المتحدة إلى أن الجدار الذي يهدف لمنع دخول الفدائيين الفلسطينيين لإسرائيل سيمنع كذلك آلاف الفلسطينيين من العمل في إسرائيل والحصول على الأموال التي يحتاجونها بشدة.

وقال رئيس الوحدة الاقتصادية للأمم المتحدة في رام الله شون فرغيسون إن الجدار سيؤدي لارتفاع حاد في معدلات البطالة في الضفة الغربية التي تقدرها بعض المصادرالمختصة بأكثر من 60%. وأضاف أن هناك علاقة قوية بين الإغلاق الإسرائيلي وزيادة الفقر في الأراضي الفلسطينية حيث كان 39 ألف فلسطيني يعملون في إسرائيل في الربع الأخير من عام 2001.. فإذا كان كل منهم يعول ستة أفراد يمكن أن نتخيل الأثر الذي سيحدثه هذا الجدار.

بينما تنفي اسرائيل أن الجدار سيمنع العاملين بشكل قانوني مؤكدة أن تركيزها ينصب على إنهاء السهولة غير المقبولة التي يدخل بها المهاجمون الفلسطينيون إسرائيل مشيرة الى أنه ستكون هناك نقاط عبور محكومة يدخل منها العاملون بشكل رسمي إلى إسرائيل.

تطويق التراث الحضارى :

وفوق ماسبق ،حذرت دراسة حديثة من الانعكاسات الخطيرة على الآثار‏ الفلسطينية والتراث الحضاري نتيجة توسيع الاستيطان الإسرائيلي لا سيما إقامة‏ الجدار العازل الذي تصر إسرائيل على مواصلة بنائه في الأراضي الفلسطينية المحتلة .‏

وأوضحت الدراسة التي طرحتها المنظمة العربية للمحامين الشباب أمام مؤتمر حول (الحماية القانونية للآثار العربية) نظمته المنظمة الإسلامية للثقافة والتربية والعلوم (ايسيسكو) والاتحاد العام للأثريين العرب أن الضفة الغربية تشكل جزءا‏ مهما للآثار التاريخية منذ بداية العصر الحجري القديم وحتى الآن .‏ وأشارت، حسب وكالة الأنباء الكويتية، إلى أن الضفة الغربية تعتبر من اكثر المناطق في العالم التي تتكدس ‏فيها المواقع والمعالم الأثرية من مختلف الفترات الحضارية مبينة أن اغلب المواقع الأثرية الأساسية في الاراضى الفلسطينية لها تاريخ مشترك مع الحضارات المجاورة مثل الحضارة المصرية القديمة أو حضارة ما بين النهرين أو الحضارة اليونانية والرومانية‏ والبيزنطية والحضارة العربية الاسلامية،‏ ونبهت الدراسة إلى أن "الجدار العازل سيتسبب في خلخلة الترابط الحضاري بين‏ المواقع الأثرية في الضفة الغربية والمناطق الحضارية المجاورة وان القدس ستعيش‏ حالة من العزل الحضاري لأول مرة في تاريخها".‏
وأوضحت ان هذه الحالة بالنسبة للقدس ستمنع البشر من التواصل معها "مما يعنى فقدها سمتها الأساسية المتمثلة في التعددية الحضارية والثقافية التي شكلت نسيجها الحضاري" مشيرة إلى انه بقيام الجدار فان اكثر من 618 موقعا أساسيا سوف تنقطع عن محيطها التاريخي الحضاري القائم في فلسطين التاريخية.‏ وذكرت الدراسة انه عندما تم التخطيط للجدار العازل فان مساراته الأساسية والفرعية من الجهات الأربع وضعت بهدف الاحتواء والسيطرة على أعلى ثقل ممكن من المواقع الأساسية خلف الجدار لتجريد الفلسطينيين من حق إدارة هذه المواقع الأثرية ، وإبقائها تحت السيطرة الإسرائيلية .‏ وأكدت خاتمة الدراسة أنه "بعد الانتهاء من بناء الجدار العازل ستنبثق عمليات جديدة لها انعكاساتها الخطيرة على الآثار الفلسطينية وعلى التراث الحضاري الفلسطيني ككل.

ويرى المحللون السياسيون أن الدولة الفلسطينية المرتقبة لا يمكن أن تكون مع الاستيطان وجدار الفصل قابلة للحياة، بل إن المعابر بينها تجعل الفلسطينيين " شعباً فى قفص " ، وبالتالى لابد من ايقاف هذا الجدارلاقامة الدولة المنشودة. وحتى ينتهى النزاع العربى الاسرائيلى ، سيظل ما أصدرته المحكمة الدولية فى التاسع من يوليه عام 2004 حُكماً كاشفاً ومؤكداً على من يقف الحق بجانبه من أطراف النزاع ،ومن منها يجافيه، فهو حُكم يُعد سلاحاً دولياً حاسماً فى المعركة الدائرة على كل الاتجاهات وفى جميع المحافل لكسب المعركة الإعلامية والسياسية الداعمة للحق فى النهاية .

ختاما ..يبقى تساؤل ..الى متى تحل هذه الذكرى ..الواحدة تلو الأخرى ، ولايزال البناء فى الجدار مستمرا دون مبالاة بالفتوى الدولية بعدم شرعيته ،وكأنها حبرعلى ورق ؟!
7/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.