في تجربة هي الاولى لحليف للولايات المتحدة ،استطاعت اليابان أن تعترض بنجاح صاروخ باليستي وذلك في أول تجربة لسلاحها البحري في استخدام نظام جديد للصواريخ الاعتراضية الأمريكية، حيث أشارت التقارير الى إن مدمرة بحرية يابانية أجرت تجربة الاعتراض الناجحة من سواحل جزيرة تابعة لولاية هاواي الأمريكية. الاميرال كاتسوتوشي كاوانو من قوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية واللفتنانت جنرال هنري اوبرنج رئيس وكالة الدفاع الصاروخي التابعة لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) أكدا ان التجربة التي تكلفت 55 مليون دولار هي "علامة رئيسية" على طريق التعاون المتنامي بين الولاياتالمتحدةواليابان. ويذكر أن مدمرة كونغو هي الأولى بين أربع مدمرات يابانية من المقرر تجهيزها لاعتراض الصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوسا حربية كيماوية أو بيولوجية أو نووية، حيث من المقرر تزويد اربع مدمرات يابانية بهذه الدرع المضادة للصواريخ بحلول اذار/مارس 2011. وكانت اليابان أنهت تثبيت صاروخ بي إي سي3 في مارس/ آذار الماضي في قاعدتها الجوية إيروما شمالي طوكيو،كأول نظام دفاعي لها ضد الصواريخ في الخدمة وذلك في محيط العاصمة اليابانية، وذلك قبل عام كامل من الجدول الذي كان مقررا لذلك. وكانت الولاياتالمتحدة قد وضعت درعا صاروخيا لأول مرة في اليابان في العام الماضي على جزيرة أوكيناوا. وزارة الدفاع اليابانية كانت قد أكدت أن اليابان هي أول دولة بعد الولاياتالمتحدة تختبر نظام الصواريخ الاعتراضية SM-3، حيث من المقرر أن تزود مدمرات سلاح البحرية اليابانية بهذا النظام . ويرى الخبراء أن هذه التجربة الناجحة للصاروخ (إس إم3) تمهد الطريق لوضع ستار مزدوج مضاد للصواريخ على الجانب الياباني بحيث يمكن اعتراض أي صاروخ أفلت من منظومة (إس إم3) من خلال صاروخ من نوع (بي إي. سي 3) الأميركي الصنع أيضا،حيث شملت التجربة نظاما محمولا على سفن للرصد والتتبع يعرف باسم (إيجيس) من صنع شركة لوكهيد مارتن والصاروخ الاعتراضي ستاندرد3 وهو من صنع شركة رايثيون. وتكلفت عملية الإطلاق واختبار الصاروخ حوالي 55 مليون دولار. وسرعان ما اثارت التجربة انتقادات منظمة "لا للصواريخ والدفاع المضاد للصواريخ" معتبرة انها تسيء الى الدستور المسالم لليابان. وقال العضو في المنظمة كوجي سوجيهارا لوكالة فرانس برس ان "الدروع المضادة للصواريخ قدمت على انها مخصصة للدفاع عن اليابان لكنها يمكن ان تسهل الضربات الوقائية الاميركية ضد الصين وكوريا الشمالية". وجدير بالذكر أن العلاقات الأميركية اليابانية في مجال الدفاع الصاروخي تعززت منذ إطلاق كوريا الشمالية صاروخا على ثلاث مراحل من نوع تايبودونغ1 حلق فوق اليابان في 31 أغسطس/ آب 1998 قبل سقوطه في المحيط الهادئ. وقد صدم هذا الحدث جزءا من الرأي العام الياباني الذي اعرب عن اسفه لضعف اليابان حيال كوريا الشمالية. وكانت كوريا الشمالية تعتبر قوة نووية عسكرية قبل ان توافق على التخلي عن انشطتها النووية في مقابل مساعدة على صعيد الطاقة، وستتخلص من كافة منشآتها النووية قبل نهاية 2007 لتتمكن من تطبيع علاقاتها مع الولاياتالمتحدة والمجموعة الدولية. الصين من ناحيتها تعرب عن قلقها باستمرار من هذا التعاون،خاصة إمكانية دفاع الولاياتالمتحدة عن تايوان المنادية بالانفصال في حال استخدمت بكين القوة لإعادتها تحت سيادتها. دور اليابان فى الإستراتيجية الأمريكية فى آسيا تعد اليابان الركيزة الأساسية في الإستراتيجية الأمريكية في آسيا، وترجع اهمية اليابان فى هذا النحو الى عدة عوامل منها: * بروز اليابان كإحدى القوى الإقليمية الرئيسية في المنطقة. *انتقال مركز الثقل الاقتصادي الإستراتيجي في العالم إلى المحيط الهادي، وقد ترافق ذلك مع التحول في الاهتمام الأمريكي من منطقة المحيط الأطلسي (أوربا الغربية) إلى منطقة المحيط الهادي (اليابان ومنطقتها الإقليمية) * تبادل المصالح بين البلدين فتتمتع اليابان بالمظلة النووية الأمريكية التي تشكل ضمانة كلية لأمنها، مقابل إعطاء اليابان للولايات المتحدة قواعد وتسهيلات عسكرية لقواتها . *على المستوى الآسيوي، تمثل العلاقات الأمريكيةاليابانية أهمية كبيرة سياسيا وإستراتيجيا لكل من الطرفين إذ إن المظلة الأمريكية تمثل غطاء لدور ياباني أكثر فاعلية على المستوى الإقليمي، في حين أن اليابان في المقابل تمثل أحد الركائز للإستراتيجية الأمريكية في آسيا. ويعتبر المراقبون أن تبعية اليابان للولايات المتحدة تعززت بشكل أكبر بعد توقيع معاهدة الأمن بين الطرفين في عام 1951 التي وفرت الولاياتالمتحدة بموجبها الضمانات الكفيلة بحماية أمن اليابان، من خلال تركز القوات الأمريكية في قوات إستراتيجية ضمن الأراضي اليابانية ،ولقد تضمنت هذه المعاهدة عددا من القواعد المنظمة لعلاقة تحالفاً يكاد يكون مطلقاً بين اليابانوالولاياتالمتحدة، ولقد برهنت المصالح المشتركة القائمة بين الطرفين على أن اليابان لا يمكن لها أن تنفصل عن النظام الأمني الأمريكي، بل لابد من الحفاظ على العلاقة الخاصة بين الولاياتالمتحدةواليابان ومنطقة المحيط الهادي بأسرها مما يؤكد أنه لا يمكن أن تنفصل الصلة الوثيقة بين الدولتين لأن الانفصال من شأنه أن يعرض حالة الاستقرار القائمة في المنطقة إلى التهديد . دلالات التعاون العسكرى بين البلدين تشير بعض الأرقام الى قوة الوجود العسكري الأميركي في اليابان حيث يوجد 46 ألف جندياً يتوزعون على 146 قاعدة عسكرية في هونشو وكيوشو وكيماوا و17 قطعة بحرية بالإضافة إلى 100 طائرة تابعة للأسطول السابع الأميركي، ويشرح كويزومي رئيس الوزراء الياباني الأسبق طبيعة علاقات بلاده مع الولايات المتحدة بقوله "إن اليابان إذا تعرضت لغزو خارجي فلن ترسل الأممالمتحدة قوات طوارئ لحمايتها والتحالف مع أميركا هو الضمان الوحيد للحماية ويبقى القول إن اليابان قد نجحت عبر ستون عاماً في أن تصعد من الحطام إلى الموقع الاقتصادي الثاني في العالم وفي أن تنيب الولاياتالمتحدة في تولي مهمة الردع عكس ما تفعل الولاياتالمتحدة بوكلائها حول العالم. بينما يرى المراقبون أن الضغوط الأمريكية على التوجهات السياسية الخارجية اليابانية يهدف في محصلته إلى خدمة المصالح الإستراتيجية للغرب،ترى الولاياتالمتحدة أن دورا يابانيا واسعا ضمن إطار الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة لا يعني بالضرورة السماح بدور قيادي لليابان فيها، لأن الولاياتالمتحدة تصر على الاحتفاظ بهامش القيادة في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وأيضاً اليابان من ناحيتها لا تكف عن طمأنة جيرانها الآسيويين، أنه مهما اتسع دورها فإن وجود معاهدة الأمن اليابانية- الأمريكية يبعد احتمال تحولها إلى قوة عسكرية كبرى. ويعتبر المراقبون أن اليابان حالياً في موقع إشتباك ناعم مع الصين وكوريا وروسيا، إلا ان هذه الإشتباكات الناعمة مرشحة للتصاعد فى أى وقت مع اى من هذه الأطراف . و يذكر أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أصبحت اليابان مركز الوجود الأمريكي في المنطقة والمضيفة لعدة قواعد عسكرية أمريكية، وقد أثارت نهاية الحرب الباردة وتلاشى تهديد كوريا الشمالية التساؤلات حول مبررات وجود هذه القواعد ووجود الحلف الأمريكي الياباني نفسه، حيث قد ينظر الى الحلف على أنه جبهة معادية للصين، وذلك من المنظور الصيني نفسه. ويعتبر المراقبون أنه من الناحية الفعلية تعتبر اليابان أن صعود الصين التي كانت في ما مضى ضحية للامبراطورية اليابانية أمراً مقلقاً، وخاصة بعد أن أضحت الصين قوة نووية. ويفسر ذلك احتماء طوكيو من ناحيتها بالمظلة الاميركية و فى المقابل تطالبها واشنطن بالتزامات عسكرية متزايدة. ولذلك تبنت اليابان عام 1992 قانونا يسمح بمشاركة قواتها غير المقاتلة في عمليات حفظ السلام من خلال الأممالمتحدة مما بدأ تنفيذه في كمبوديا في 1992 1993. وكذلك ومنذ العام 1996 تم تعديل المعاهدة الامنية الأمريكية-اليابانية التي كانت قد أبرمت إثر النزاع الصيني-الأمريكي حول تايوان، وبعد 11سبتمبر 2001، أرسلت طوكيو سفنا حربية إلى المحيط الهندي لتشارك للمرة الأولى في الترسانة العسكرية ضد أفغانستان. ويذكر أنه لا تزال هناك منطقتان ملتهبتان رئيسيتان في شرق آسيا، هما شبه الجزيرة الكورية ومضيق تايوان، حيث تشير أسوأ التوقعات إلى إمكان حدوث صراع مسلح بين الدول الواقعة في تلك المنطقة، ومن غير المستبعد أن يتم اللجوء فيه إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل. يُضاف إلى ذلك، أن الخلاف حول بحر شرق الصين وجزيرة سبراتلي يزيد من خطر نشوب صراع مسلح حول الأرض والموارد الطبيعية، حيث تتطلع الصين الى إستغلال هذه الموارد، في قوتها العسكرية المتنامية. القوات الأمريكية من ناحيتها تقوم بعمليات إعادة إنتشار عالمية تؤثر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهومايراه المراقبون عاملاً آخر يمكن أن يضيف إلى حالة عدم استقرار الأمن الإقليمي خلال السنوات المقبلة.