الأسلوب هو صورة العقل فى المرآة.. أسلوبك هو الطريقة التى ينظم بها مخك الأفكار.. عليك أن تبحث عن طريقة تخصك أنت فقط.. عليك أن تخترعها.. وعليك أن تفهم أن الاختراعات تأخذ وقتا حتى تصبح واقعا ملموسا.. بخلاف عدد من المحاولات والتجارب لا يحصى.. لا تمل من البحث عن أسلوب يحمل اسمك، ولا تتخل عن هذه الفكرة مهما طال الوقت. وفى كل الأحوال سيفيد أمران: الأول، قراءة القرآن، فهذا أمر لا يمكن وصف عظمة نتائجه على كل المستويات، القرآن يعلمك صياغة الأفكار دون ثرثرة، يعلمك الاختزال والإيجاز والوضوح وقوة المعنى، يعلمك أصول اللغة والنحو والبلاغة، ويصنع فى وجدانك مرجعية تأخذ بيدك عندما تختلط عليك الأفكار وتحيرك وتخبئ عنك الخطأ من الصواب. الأمر الثانى، عليك بالإفراط فى قراءة الأشعار، فهى خلاصة تجارب إنسانية، قد تجد ما يشبهها فى القصص والسير الذاتية، لكن الشعر هو مستوى خاص جدا فى الكتابة.. يخاطب نخبة القراء، ويراهن على لمس قلوبهم قبل مخاطبة عقولهم، سيكسبك الشعر عذوبة ما وقدرة على إحراز الهدف فى سنتيمتر ونصف، وسيعلمك معنى أن يكون لكتابتك إيقاع، وهو أمر يميز كتابات الصفوة. ■ لمن تقرأ؟ - بس انت اقرأ الأول كل ما يقع فى يديك، وبمرور الوقت ستصنع قائمتك بنفسك. «5» أن تكتب كل يوم.. لا تصدق موضوع الإلهام، وإذا صدقته لا تعول عليه كثيرا. الإلهام مجرد فكرة واضحة فى ذهنك.. فكرة نصف مكتوبة تطلب منك جهدا بسيطا لتحويلها إلى كتابة مكتملة، ولهذا أنت تراها إلهاما. إذن بما أن الأمر هو أفكار واضحة ونصف جاهزة فى مخك، فكل ما عليك هو أن تتدرب على الإلهام، عندما تكتب كل يوم ستكون ماكينة العمل فى مخك جاهزة فى أى وقت، لن تحتاج لأن «تسخّنها» حتى تدور، الأمر محض تدريب وممارسة. إن لم تكن تمتلك أفكارا اليوم، جرب أن تكتب أحلامك.. أن تكتب نقدا لفيلم أو كتاب تعلمت منه شيئا.. اكتب مشهدا من يومك يصلح كقصة أو مقال، لا تتوقف عن الكتابة وافعل ذلك باستمتاع. عندما تكتب كن صادقا.. فقط الصدق يفتح مسام الروح، فتنير لك طريق الأفكار، لا تكذب ولا تمثل ولا تتظاهر ولا تجامل ولا تقلب الحقائق ولا تجمّل نفسك، كن واضحا.. بل كن دقيقا، اتجه إلى الهدف مباشرة، لا تضل الطريق فى أثناء الكتابة فتنفتح فى وجهك نوافير الأفكار والموضوعات الجانبية، فتضل الطريق إلى ما تريد أن تقوله، تخلص من أى «بشاميل» قد تختلط به أفكارك، وقس جودة الأفكار برضا ضميرك عنها، لا تفرط فى الوصف ولا فى التعليق المباشر السطحى على ما يقال لك فى طريقك إلى هدفك، امتلك إيقاعا، فلا يطول بك المقام فى نقطة ما على حساب نقطة أخرى، قسم أفكارك إلى مكعبات وحاول وأنت تضعها إلى جوار بعضها أن تعطى معنى ما فى نهاية الأمر، لا تنشغل بزخارف لغوية، ولا تستعرض، ولا ترضى عما كتبته فور انتهائك منه، لكن قيّمه بعد فترة تليق بنوع ما كنت تكتبه. وفى كل الأحوال لا تبدأ فى كتابة شىء، لأنك فقط تعرف أول جملة ستكتبها لتبدأ بها الموضوع، ولكن لا تبدأ الكتابة قبل أن تعرف جيدا ما آخر جملة ستكتبها فى هذا الموضوع. «6» لماذا قلت «كيف لا تصبح كاتبا فاشلا» ولم أقل «كيف تصبح كاتبا ناجحا»؟ ليس للنجاح كتالوج، ولا تصدق من يقول لك غير ذلك، ولا تصدق من يحاول أن يبيع لك وصفة سابقة التجهيز تجلب لك النجاح فى عشر خطوات. كم واحد أصبح مليونيرا بعد قراءة كتاب «كيف تصبح مليونيرا فى أسبوع؟»، كم واحدة تزوجت بعد كتاب «كيف تصطادين عريسا فى ثلاثين يوما؟». النجاح رزق بالأساس، كل ما عليك أن تسعى لتفتح له الباب. النجاح ليس مقرونا مثلا بالموهبة.. وأمام كل خمسة كتّاب ناجحين وموهوبين هناك قائمة تضم خمسين كاتبا أكثر موهبة، لكن بدرجات نجاح أقل. النجاح ليس مقرونا بأن تعمل 24 ساعة، وإلا أصبحت الناس التى تعمل ورديتين وثلاثًا فى اليوم الواحد ملوك العالم. النجاح ليس مقرونا بوصفة جاهزة قد يقدمها إليك أحد، فهو نتاج عوامل كثيرة يخصك منها عامل واحد فقط وهو أن تعمل. أن تسعى كيلا تكون كاتبا فاشلا هذا هو الذى يجب أن تحارب من أجله، استمتع بما تعمل، وكن حريصا على أن لا تكون بعيدا عن الناس، لا تتعال على القارئ، وراهن نفسك أن تكسب كل فترة شخصا لم يكن يقرأ من قبل أصلا، اختر أن تنحاز إلى الناس دائما فى كتاباتك، فلا تجامل أو تنافق أو تمرر صفقات خبيثة، كن مفيدا سواء بتقديم المعرفة أو حتى بتقديم جرعة من الونس إلى قارئ يحتاج لمن يعبّر عن همومه أو يمنحه الأمل أو حتى يرسم ابتسامة على وجهه. هل تريد أن تعيش كتاباتك إلى الأبد؟ «وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض».