من النتائج المبهرة للحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، فتح قنوات اتصال خارجية مع حركة "حماس"، ومحاولة تفهّم الغرب للحركات الجهادية والمقاومة في العالم، والشرق الأوسط على وجه التحديد.. فحينما يلتقي مسئولون أمريكيون بقادة "حماس"، وحينما تخرج تقارير أمريكية تفيد ضرورة فتح حوار مع "حزب الله" اللبناني، وحركة "حماس"، ووجوب تفهّم مغزى ومصطلح الجهاد الإسلامي ضد الاحتلال؛ فإن تصريحات بعض الكتاب والمسئولين الإسرائيليين بضرورة التحدث إلى "حماس"، هو نتيجة مباشرة لنجاح "حماس" وبقية الفصائل الفلسطينية، ومن قبلهم "حزب الله" في ترسيخ مفهوم المقاومة لدى الغرب، ومغزاه وهدفه وكينونته. فقد نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية مقالاً تؤكد من خلاله على حتمية الحوار مع المعارضة الفلسطينية، و"حماس" بشكل خاص.
فكتب ديفيد زونشتاين، أحد مؤسسي منتدى المفاوضات المباشرة مع "حماس" -وهو منتدى إسرائيلي- في الصحيفة العبرية يوم الثلاثاء الماضي الموافق التاسع من مارس الجاري، أن على إسرائيل أن تتحدث مع "حماس" على الفور، وبشكل مباشر، وليس سراً أو بطريقة غير مباشرة، كما تفعل الولاياتالمتحدة بالحوار مع المعارضة الإسرائيلية، وأكثر من فصيل معارض لدول أخرى. وأنه يجب عقد مصالحة مع الطرف الفلسطيني، وإقامة معاهدة سلام فورية، وتدشين الدولة الفلسطينية؛ وذلك لن يتأتى إلا بالحوار مع حماس حول القضايا الأساسية.
وتساءل الكاتب الإسرائيلي عن الأسباب التي تحول دون الحوار، أو بدء مناقشات علنية مع حماس؛ مؤكداً أنه من المجدي والضروري أن تقوم تل أبيب بفتح قنوات اتصال مع "حماس"؛ بغية الوصول إلى حل وسط لإقامة سلام مع الطرف الفلسطيني؛ لأنه يعتقد أنه لن تقوم دولة فلسطينية أو معاهدة سلام مع الطرف الفلسطيني بدون وجود حركة "حماس" فيها، كما أن المفاوضات التي جرت خلال عقدين من الزمان مع حركة "فتح" لم تأت بثمارها -بحسب الكاتب الإسرائيلي- خاصة وأن بنيامين نتنياهو وغيره من المسئولين الإسرائيليين يزعمون أن القادة الفلسطينيين ضعفاء، ولا يمكنهم عقد اتفاق سلام مع إسرائيل. كما أوضحت الصحيفة الإسرائيلية أنه يجدر بإسرائيل إدارة المفاوضات المباشرة مع حماس الآن، أفضل من مرور السنوات والتفاوض مع تنظيم القاعدة -بحسب زعم الصحيفة- فضلاً عن أن مشكلة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط، لا يمكنها أن تكون المعضلة الحقيقية أمام فتح حوار مباشر مع حماس؛ وإنما يعتقد الكاتب الإسرائيلي ديفيد زونشتاين أن جلعاد من الممكن أن يكون حلقة أولى لمسلسل المفاوضات مع حماس، الذي يعتبره المسلسل الأفضل لإسرائيل في المرحلة الراهنة. فهل نشهد قريباً مفاوضات إسرائيلية مع حماس؟