بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله، وصحبه، ومن والاه.. أهلا ومرحباً بكم في هذا اللقاء على موقع "بص وطل".. سؤال ورد إلينا يقول: كيف نفرق بين ابتلاء الله للعبد، وبين عقابه سبحانه وتعالى للإنسان على أخطائه؟ يا جماعة، لا بد عليكم أن تعرفوا أن الذي بدأ به ربنا سبحانه وتعالى كتابه وخطابه إلى البشرية: "بسم الله الرحمن الرحيم".. لم يقل: "بسم الله الرحمن المنتقم".. الترغيب والترهيب.. الجمال والجلال.. لم يقل: "بسم الله المنتقم الجبار".. يكون كله كده هيبة، إنما قال: "بسم الله الرحمن الرحيم".. وكأنه عندما يُذكر اسم الجلالة "الله" يخاف الإنسان من هذا القادر القوي العليم.. الذي يملك السماوات والأرض.. الذي خلق ورزق وأحيا وأمات.. ولكن تأتي الطمأنينة.. أن العلاقة بيننا وبينه هي علاقة الحب.. والرحمة أصل الحب.. لأن الإنسان يرحم.. ولأن الحيوان حتى يرحم ابنه.. ولأن الطيور ترحم أبناءها.. فإن الحب هو المظهر المتولّد من الرحمة.. ولذلك قال سبحانه وتعالى: "بسم الله الرحمن الرحيم".. جمال في جمال رحمة في رحمة.. ولذلك، عندما تأتي الدنيا، وسنة الله فيها الكدر والابتلاء والأعراض والأمراض والمصائب والكوارث.. وأمثال هذه الأشياء.. فإننا نتقبلها ونتعامل معها بما أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير؛ إذا أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له.. وإن أصابته سرّاء شكر، فكان خيرا له". إذن.. فهذه الدنيا فيها السراء والضراء، وهي قُلّب.. {وَنَبْلُوكُمْ بِالخَيْرِ وَالشَّرِّ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.. إذن هناك خير، وهناك شر، وهناك ضر، وهناك خير في مقابلة هذا الضر.. ولكن ربنا سبحانه وتعالى من وراء ذلك يريد الامتحان والاختبار، ولا يريد إنزال العقوبة والعذاب.. العقوبة والعذاب عندما تشيع في أمة من الأمم الفاحشة، والإصرار على هذه الفاحشة، وعدم التوبة.. ما شأن المؤمنين بهذا؟ أما المؤمن فهو خطّاء.. ضعيف.. {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا}.. "كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون".. ولو أنه كان هناك عباد لله لا يُذنبون.. لأذهبهم الله، وأتى بعباد يذنبون، ثم يتوبون، فيغفر الله لهم.. والله سبحانه وتعالى يقول: يا ابن آدم لو جئتني بقراب الأرض ذنوباً.. ثم جئتني تائباً لغفرت لك، وفي الحديث: إن الله سبحانه وتعالى أفرح بتوبة العبد من أحدكم كان في فلاة -يعني صحراء- وكان معه جمل عليه الزاد والزواد، يعني كل حياته فيه، فنام فلما استيقظ ضاع هذا الجمل.. إذن أنتظر الهلاك لأن كل موارد حياتي ذهبت.. ثم بعد ذلك وهو جالس إذ بالجمل يأتي.. ففرح جداً وحمد الله حتى قال أللهم أنت عبدي وأنا ربك.. أخطأ من شدة الفرح.. يعني يصور الرسول عليه الصلاة والسلام لنا أن الله شديد الفرح بتوبة عباده.. وهذا هو الأساس الذي يجب أن نضعه في أذهاننا.. وإلى لقاء آخر أستودعكم الله،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته إضغط لمشاهدة الفيديو: