أرجوكم ردوا عليّ؛ لأن كل المشاكل اللي موجودة أسهل بكتير من مشكلتي.. إحنا تلات بنات وولد كبير، أختي الصغرى هي مشكلتنا الكبيرة وأنا مش عاوزة أطوّل عليكم، لكن كل اللي أقدر أقوله إن كل حاجة وحشة هي بتعملها، سرقة.. وعلاقات مع أولاد.. ما أعرفش وصلت لحد فين شرب سجاير وحشيش من ورانا.. بتضربني أنا وأختي الكبرى، وبترفع علينا السكينة.. الناس بتسمع بينا وبيشاوروا علينا ويعايرونا بيها، واللي قاطعنا بسببها وأمي بتسيسها عشان ما تفضحناش لأن لو ماما ما سمعتش كلامها فتنزل من الشارع تشتمنا والناس بتتفرج.. أمي تعبت وأنا خايفة عليها أنا مخطوبة وخطيبي شافها كذا مرة مع صبيان في الشارع وإخواته كمان شافوها، وأنا خيرته إنه يسبنا بس مارضيش مع إحساسي الدائم بالإهانة مع إنه والله عمره ما حسسني بكده، وإنسان كويس وربنا كرمني بيه لكن الأخت الكبيرة موقوف حالها بسبب اللي بيسألوا عليها ويسمعوا عن أختي الثانية.
ودّيناها عند دكتور نفسي قال العلاج هيطول مع إنها مش مريضة أوي هو عاوز ياخد فلوس وخلاص، وطبعا ما كملناش؛ لأن ظروفنا ما تستحملش 50 جنيه في الجلسة، والأمور تزداد سوءا والأموال تكتر معاها ولا نعرف مصدرها، وإذا استدرجتها تقول إنها من عمليات نصب.
ذهبت إلي دكتور نفسي آخر لمجرد الاستشارة فقال إن والدي يجب أن يغير معاملته معاها ولكنه لا يسمع لأحد، وحاولت أمي أن تتحدث معه ولكنه يرفض، وقد يهينها أو يضربها كما يحدث.. أرجوكم الرد إحنا خلاص اتعقدنا، ومش عارفين نعمل إيه وأخويا مسافر ومتبهدل في شغله بس مش عاوز يسيبه عشان أصحابه بيكلموه عنها، وبيقولوا يلمّها وكده.. أرجوكم الحل؟
M. D
الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لكي نتكلم عن حل لمشكلة شقيقتك هيا معي نعرف حالتها وكيف وصلت إلى هذا الحد من الانحراف السلوكي، وكنت أود أن تذكري لي سنها لكن في الغالب هي في فترة المراهقة، لم تذكري أيضاً كيف يعاملها والدك؟ هل بالضرب والعنف أم ماذا؟ والآن ما هي حالة أختك؟
هي في الغالب اضطراب سلوكي نفسي أيضاً، وهو من الأشياء التي يصعب علاجها، وأعراضه تبدأ من الطفولة خاصة الرغبة في التحدي والكذب والسرقة، وكلما كان التدخل مبكراً كانت النتائج أفضل؛ حيث إن هذا الاضطراب يتطور في مرحلة المراهقة مع التغيرات النفسية والبيولوجية الخاصة بمرحلة المراهقة ويظهر معه سلوكيات أخرى كالعنف والعلاقات الجنسية، وقد يتطور بعد ذلك في مرحلة الشباب والرشد إلى الشخصية ضد المجتمع.
وما هي الأسباب؟
في الأصل يرجع إلى عوامل في شخصية المريض وهي استعداد موروث ينتج عنه بعض السلوكيات الحادة والغضب وحدة المزاج، وهو الأمر الذي لا يستطيع الوالدان التعامل معه أحياناً، فيكثرون من الأوامر ويشددون السلطة ويستخدمون العنف، مما ينتج عنه إفراط الطفل في السلوكيات المتحدية وخلل في تكوين علاقاته بالآخر ورغبات انتقامية غير محددة، فيسرق ويحتال على الآخرين ليشعر دائماً أنه أزكى منهم وأنهم أقل منه، ويُرضي ذاته بأن الآخرين (ما يستاهلوش غير كده)، ولو فطن الآباء مبكراً لهذه الطبيعة الحادة في الطفل وبدؤوا التعامل معه بنمط مختلف من أسلوب الثواب والعقاب الواضح والموجه للسلوك لاختلف الأمر كثيراً، أي أن الطفل لا بد أن يصله مفهوم نحن نحبك ولكن لا نحب سلوكك؛ أي أن العقاب موجه للسلوك وليس لذاتك بغرض إهانتك.
والآن بالنسبة لشقيقتك ماذا نفعل؟ لا شك أن مثل هذه الحالات لا بد أن تخضع لعلاج دوائي للحد من السلوكيات الاندفاعية، وهناك بعض العقاقير النفسية التي تحسن بعض الأعراض، أما العلاج النفسي فلا يكون في الغالب موجها للطفل أو المراهق وحده وليس بكلمة أن الأب لا بد أن يتغير وخلاص، بل هناك جلسات فردية وجماعية للمريض وهناك ما يسمى ببرنامج تدريب الوالدين للتعامل مع اضطرابات السلوك، وهو برنامج من عدة جلسات يتعلم خلالها الوالدان تحسين أسلوب المعاملة الوالدية بعد إقناعهما بأن هذا الطفل أو المراهق نتج سلوكه عن خلل في العلاقة بينه وبين والديه تفاعلت مع تكوين نفسي يتسم بالاستعداد للاضطراب.
ويتم خلال البرنامج تدريب الآباء على رصد سلوكيات الابن الحسنة والسيئة، وتحديد متى تظهر السلوكيات غير المرغوبة، وكذلك التدريب على أن يكون العقاب بقدر الخطأ، مع البعد عن العنف الجسدي والسب، مع رصد السلوكيات الجيدة بل والتنقيب عنها من أجل مكافأتها حتى يتبدل حال الابن الذي رسخ لديه اعتقاد (خلاص أنا وحش خليني وحش على طول) فيبدأ يشعر بالتغيير، وأن هناك من يحبه ويشجّعه فيسعى للحفاظ على ذلك الحب.
الأمر يحتاج لأن تهدأ الأسرة وتلقي مشاعر الغيظ جانباً حتى تبدأ التعامل مع هذه البنت بشكل محايد من أجل نجاح العلاج بإذن الله مع العلم بأن الأمر ليس سهلاً ويحتاج للوقت والصبر والرغبة الأكيدة في مساعدتها.