محافظ الدقهلية: تواصل أعمال لجان المرور على مصانع تدوير المخلفات    وزير الري يشارك في جلسة "نحو نهج عالمي واحد للصحة" بمنتدى المياه.. صور    المرصد المصرى: دور مصر فرض نفسه لدعم القضية الفلسطينية وليس منحة من أحد    كيليان مبابى يتوج بجائزة هداف الدورى الفرنسى للمرة السادسة توالياً    حرس الحدود يتقدم على الترسانة 2 - 1 بالشوط الأول لدورة الترقى    الإعدام شنقا والسجن 15 و5 سنوات لقتلهم شخص والشروع فى إنهاء حياة نجليه بالشرقية    اليوم .. انطلاق فيلمى "تاني تانى وبنقدر ظروفك" رسميًا فى دور العرض    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    رئيس لجنة الحكام يحضر مباراة الترسانة وحرس الحدود فى دورة الترقى    هلا السعيد تكشف تفاصيل جديدة عن محاوله التحرش بها من سائق «أوبر»    سام مرسي يتوج بجائزة أفضل لاعب في «تشامبيونشيب»    وزير التعليم العالي يبحث مع مدير «التايمز» تعزيز تصنيف الجامعات المصرية    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    تحديد ملاعب نهائيات البطولات القارية الأوروبية لعامي 2026 و2027    صحيفة عبرية توضح عقوبة إسرائيل المنتظرة للدول الثلاث بعد اعترافهم ب«دولة فلسطينية مستقلة»    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    مصر والصين تتعاونان في تكنولوجيا الأقمار الصناعية    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    مصدر مصري رفيع المستوى: من الغريب استناد وسائل إعلام لمصادر مطلعة غير رسمية    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    «جولدمان ساكس»: تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر ستصل إلى 33 مليار دولار    "لحصد المزيد من البطولات".. ليفاندوفسكي يعلن البقاء في برشلونة الموسم القادم    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    بإشارته إلى "الرايخ الموحد".. بايدن يتهم ترامب باستخدام لغة هتلر    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    مرفق الكهرباء ينشر ضوابط إستلام غرفة المحولات للمنشآت السكنية    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    سفير الاتحاد الِأوروبى بالأردن: "حل الدولتين" السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على طلبات أمريكية لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصر الاندماج الإعلامي يرد الصحافة إلى مفهومها الأصيل
نشر في صوت البلد يوم 07 - 01 - 2017

أكدت الباحثة المتخصصة في الدراسات الإعلامية بجامعة القاهرة د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح أنه في عصر الاندماج وذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل، باتت الصحافة تعمل وفق تعريف جديد أو بالأحرى تعريف يردها إلى مفهومها الأصيل ويحررها من قيود الوسيط إلى آفاق الهدف الذي نشأت من أجله، وهو أن يبقى الناس على تواصل ومعرفة، هذا التواصل وتلك المعرفة التي يحصل عليها كل فرد وهو يقرأ جريدته اليومية في الصباح يطالع الأخبار على تطبيق هاتفه الذكي المتصل بالإنترنت، يقرأ موجز بريده الإلكتروني، يستقبل على هاتفه رسائل عاجلة بأهم الأخبار يشارك على حساب فيسبوك ما يهمه ويبدي إعجابه على ما يقرأه كما يرسله لآخرين يكتب رأيه في تعليق.
يشارك بصوته في استطلاع، يُرسل رأيه للمحرر، كما يصور ويكتب رأيه وينشره عبر منصات شعبية لا تعبر عن السياسة التحريرية للمؤسسة بقدر ما تعبر عن نبض جمهورها. منتجات متعددة تحت علامة تجارية واحدة في سوق إعلامية متغيرة، الأمر الذي بات أحد الظواهر الواضحة ليس فقط في مؤسسات الصحافة الدولية، ولكن في مؤسسات الصحافة المصرية أيضًا، العريقة والحديثة على السواء.
وقالت في دراستها: "الاندماج الإعلامي وصناعة الأخبار" الصادرة عن دار العربي للنشر أن مؤسسة الأهرام، على سبيل المثال، إلى جانب إصداراتها الورقية العامة والمتخصصة، ذات الدورية الممتدة من اليومي إلى السنوي، باتت تصدر بوابة الأهرام، مواقع الإصدارات، ورسائل الأخبار القصيرة على الهواتف المحمولة، وفيديو الأهرام، وراديو أونلاين، وخدمات على صفحات الشبكات الاجتماعية، وتطبيقات للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، إلى جانب إعلانها في وقت سابق عن اعتزامها إطلاق قناة فضائية، وهو ما يحدث أيضًا في صحف: المصري اليوم والأخبار والوفد والأسبوع وغيرها من الصحف التي بدأت ورقيًا ثم اتجهت لاستحداث منصات رقمية.
ولم يقتصر التعدد على الاتجاه من المطبوع إلى الرقمي، وإنما شهدت السوق الصحفية المصرية اتجاهات معاكسة بمواقع إلكترونية أصدرت صحفًا، أهمها اليوم السابع التي انطلق نشاطها كموقع إخباري أواخر عام 2007، تلاه صدور جريدة أسبوعية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2008 تحولت إلى جريدة يومية عام 2011، وكذلك البوابة التي بدأت بإطلاق بوابة إخبارية رقمية في نهاية عام 2012، ثم بدأت في التوسع عام 2014؛ لتقدم المحتوى عبر إصدارين ورقيين يشملان جريدة يومية ومجلة أسبوعية.
ولفتت إلى السوق الصحفية العالمية شهدت خلال عام 2014 نماذج لإطلاق إصدارات مطبوعة من منصات رقمية، حيث رصدت جريدة "الجارديان" في عرضها لأبرز اتجاهات الإعلام الرقمي لعام 2015 قيام شركات متخصصة في المحتوى الرقمي باستحداث صحف مطبوعة مثل موقع السفر المتخصص Airbnb الذي أصدر مجلة ربع سنوية، وكذلك موقع CNET وهو أكبر موقع تقني في العالم الذي أطلق إصدارًا مماثلاً، ما اعتبرته الجارديان مؤشرًا لمزيد من الإصدارات المطبوعة التي تطلقها شركات رقمية بالأساس Digital - Only Business في تعبير عن إدراكها أن المستقبل لتعدد المنصات The Future Is Multi - platform بما في ذلك المطبوع، مشيرة إلى مزايا التأثير الإعلاني النوعية التي يتمتع بها مقارنة بالرقمي.
وأشارت إلى أن تلك التحولات ارتبطت بمفهوم الاندماج الإعلامي Media Convergence الذي يعبر عن ذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل بما يتضمنه ذلك من أبعاد تكنولوجية واقتصادية وثقافية، الأمر الذي أثر في الممارسات والمحتوى الصحفي، وانعكس في ظهور مصطلحات جديدة مثل الإنتاج الإعلامي العابر للوسائل Cross - Media Production، والتكامل Integration والإدارة الاندماجية Converged Management.
وقالت فاطمة الزهراء إن الاندماج عبر عن التشابك بين قنوات الإعلام المختلفة، وما اصطحبه من تطورات تكنولوجية ومهنية ومؤسساتية، الأمر الذي دفع الباحثين لمناقشة أنماط تحققه في المؤسسات الإعلامية، وأسبابه ونتائجه، وهو الاهتمام الذي نبع من التحولات الجذرية في طرق التخطيط والعمل داخل المؤسسات الإعلامية التي أحدثها هذا الاتجاه الاندماجي الذي سهلت تطورات التكنولوجيا حدوثه، مثل: رقمنة المحتوى، والتكامل بين المكونات، والجمع بين أكثر من أداة في جهاز واحد متعدد المهام.
وعرضت كتابها لمفهوم الاندماج الإعلامي بالتأصيل للمفهوم من حيث النشأة والأبعاد، ثم ناقشت انعكاساته على إنتاج وتوزيع واستهلاك الأخبار بما يخلق بيئة أخبار جديدة، وكذلك الأبعاد الاقتصادية المرتبطة بالإعلان والتمويل، لتقدم أخيرًا تحليلاً لأثر الاندماج على الصحافة المصرية برصد تعدد منصات تقديم المحتوى في عدد من المؤسسات الصحفية، وأثر التكنولوجيا في ذلك، وكذلك مظاهر التعزيز المتبادل بين هذه المنصات، بما يخلق صورة متكاملة لأبرز التطورات التي لحقت بقنوات عرض وتقديم المحتوى الصحفي في مصر خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت أن هناك مجموعة من الفرص التي تحفز تحولات تطورات السوق الإعلامية في مصر، منها:
أولا: الانتشار المطرد للإنترنت: حيث بلغ نسبة الأسر التي لديها نفاذ للإنترنت من المنزل 59.8% في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 5.9%، وهو ما ساعد عليه تطوير بنية الاتصالات والتراجع النسبي في أسعار الخدمة.
ثانيا: انتشار الهواتف الذكية والانخفاض النسبي في أسعارها، ما ساعد على انتشارها ووفر بيئة محفزة على إنتاج محتوى رقمي يتم توصيله عبر شاشات تلك الوسائط المنتشرة، خاصة مع ارتفاع نسبة مشتركي المحمول إلى 44.1 مليون شخص في 2014، ووصول عدد مستخدمي الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول إلى 24.23 مليون في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 26%.
ثالثا: التطورات الاجتماعية التي لحقت بالمجتمع المصري عقب ثورة يناير، وما أعقبها من أحداث متعاقبة كان للإعلام الرقمي دور حاسم فيها، ما زاد من معدلات استهلاكه والوعي العام بأنماطه وخلق بيئة أكثر قبولاً لهذا النوع من المحتوى ليس فقط كمتلق، ولكن كمشارك ومتفاعل، ما فتح آفاق لازدهار الصحافة التشاركية.
رابعا: تطور أدوات إنتاج المحتوى الرقمي، والبرمجيات المساعدة على إعداده عبر واجهات بسيطة وسهلة، ما جعل إنتاج هذا النوع من المحتوى ليس بالأمر المعقد مثل السابق، لاسيما في ظل عدم حاجة التغطيات الخبرية السريعة بالفيديو للمواقع الإخبارية لمواد ذات جودة عالية. فإن يلتقط الصحفي فيديو لواقعة طارئة أو حدث يغطيه لم يعد أمرًا معضلاً، ولم يعد عليه إلا أن يشغل كاميرا هاتفه الذكي الذي يشتريه بسعر معقول أو توفره له مؤسسته الصحفية، ليس فقط بحثًا عن تميز مهني ولكن تجنبًا للمساءلة.
خامسا: انتشار أساليب الربط والتعزيز المتبادل بين الورقي والرقمي، حيث يمكن للقراء الاشتراك في جريدتهم الورقية عبر حوائط الدفع الإلكتروني pay wall كما يشاهدون إعلانات ترويجية لها على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل، فيما يمكنهم الوصول للمحتوى الرقمي عبر النسخة المطبوعة باستخدام أكواد الاستجابة السريعة، أو روابط الإحالة، وغيرها من تكنيكات التآز التي تعزز وحدة منصات النشر المتعددة تحت علامة تجارية واحدة.
وأكدت الزهراء أنه بالمقابل تقف مجموعة من التحديات التي تواجه التحول باتجاه التوسع الرقمي وإدارة المنصات الرقمية والورقية وفق نموذج يقوم على العمل الجماعي وتعدد المهارات وتشارك الموارد، وهي التحديات التي يمكن تحديد أهمها في:
-1تحديات تكنولوجية، تتمثل في: التطورات المتلاحقة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما يسبب ضغوطًا على تطوير البنى التقنية للمؤسسات الصحفية، وتطوير منصات نشرها، لاسيما مع تأخرها نسبيًا في إطلاق منصاتها الرقمية ما حرمها من تراكمات الخبرة والتجربة. والارتفاع النسبي لأسعار الولوج للإنترنت عبر الحواسب والموبايل، حيث تأتي مصر في المرتبة 22 بين 118 دولة من حيث ارتفاع تكلفة الولوج للشبكة الدولية، وهو ما يخلق صعوبات أمام استهلاك المحتوى الرقمي على مدار الساعة، خاصة المحتوى الذي يستهلك سعات تحميل أكبر مثل الفيديو والصفحات المزودة بالصور.
على الرغم من ارتفاع الأسعار، تأتي مصر ضمن أكثر عشر دول من حيث بطء التحميل Upload على الإنترنت، وفي المركز السابع عشر من حيث بطء التنزيل download، فبينما يعد متوسط سرعة التحميل دوليًا، لتحتل المرتبة 176 بين 192 دولة من حيث سرعة الخدمة، وذلك وفق إحصاءات Ookla'sNetIndex في أغسطس/آب 2014، وهو ما يخلق تحديات أمام تقديم المحتوى متعدد الوسائط.
-2تحديات تنظيمية، والتي ترتبط ب: عدم النضوج المؤسسي لبعض المؤسسات الصحفية من حيث اكتمال هياكلها التنظيمية ووضوح المسميات والتوصيفات الوظيفية واستحداث وحدات للتسويق وتنمية الأعمال، وغيرها من الأبعاد التي ترتبط بها كشركة تحكمها اعتبارات الربح والخسارة، وليس اعتبارات السياسة والتمويل.
سيطرة القيادات ذات الخلفية الورقية على مراكز صناعة القرار بالمؤسسات الصحفية، فيما لا يزال الصحفيون المنشأون رقميًا في شبه معزل عن المناصب القيادية. تراجع استراتيجيات الاستثمار في الكوادر البشرية، وهو التراجع الذي يعد سمة سائدة في سوق العمل المصري بشكل عام، ولكن تزداد تداعياته السلبية في المجال الصحفي الذي يعتمد بشكل كامل على مهارات الكوادر البشرية، فيما تغيب عنه خطط التدريب المنظم.
-3 تحديات اقتصادية: ترتبط بتنمية موارد المنصات الرقمية، وخلق التوازن بينها وبين موارد المنصات الورقية، ما ينعكس حتمًا على توازن القيمة المؤسسية والنفوذ الوظيفي بينهما أيضًا، وهو ما يواجه تحديات كبيرة ترتبط بشكل رئيسي بضعف عوائد الإعلانات الرقمية حيث لازالت الجرائد الورقية هي المصدر الأول للإيرادات الإعلانية، إعلان الصفحة الأخيرة الملون في الأهرام بنحو 350 ألف جنيه يوميًا، وفي الجرائد الأصغر وفي أوقات عادية في حدود 150 ألف جنيهًا يوميًا، وهو مبلغ يمثل حصيلة 5 حملات إعلانية على الموقع الإلكتروني.
- 4 زيادة تقدير المعلنين للإعلان عبر الوسائط التقليدية والخوف من تأثير الإعلانات الرقمية على صورتهم الذهنية، حيث لا يزال الإعلان الرقمي في مرحلة التجربة بالنسبة للمعلنين الذين اعتادوا توزيع حصصهم الإعلانية بطريقة معينة، ولا يزالوا بحاجة لإقناعهم بوجود وسائل جديدة قادرة على تحقيق أهدافهم الإعلانية بكفاءة.
تشير الأرقام التقديرية لحصص وسائل الإعلام من الإنفاق الإعلاني إلى استحواذ التلفزيون على 50% من هذا الإنفاق يليه الصحف المطبوعة بنحو 20% وإعلانات الشوارع Outdoor بنسبة 15%، فيما يتقاسم الراديو والديجيتال وأي وسائل أخرى الحصة المتبقية، ما يعني أن النسبة التقديرية للإعلانات الرقمية لا تتجاوز 7.5% من إجمالي الإنفاق الإعلاني في مصر.
هذا المخصص المحدود نسبيًا تستحوذ إعلانات يوتيوب وجوجل وفيسبوك بالترتيب على 70% منها، ما يعني أن المواقع كلها بما فيها المواقع الإخبارية تتنافس على 30% من مخصصات المعلنين للديجيتال والتي تعد محدودة بالأساس.
يوفر فيسبوك وجوجل مزايا نوعية تتصل بالحملات الموجهة لفئات محدودة، حيث يمكن من خلال بيانات المستخدمين، ظهور الإعلان لدى سكان منطقة معينة الذين يفضلون منتجات بعينها، أو الذين تتراوح أعمارهم بين سن وآخر، وهي المزايا التي لا توفرها المواقع الإخبارية، ما يجعل إعلانات هذه المواقع العالمية أفضل وأرخص وأكثر تأثيرًا بالنسبة للمعلنين.
5 - تحديات ثقافية: قد يبدو من الغريب التطرق إلى جوانب الثقافة لدى الحديث عن أحد تحولات صناعة الصحافة في مصر، بيد أن الاندماج الإعلامي يحمل في طياته جوانب ثقافية تتجاوز حدود التكنولوجيا إلى ابتداع نظم للتكامل بين صنوف العمل الإعلامي ومراحله، يلزمها قدر عال من قيم العمل الجماعي والابتكار والمسئولية والمشاركة.
أكدت الباحثة المتخصصة في الدراسات الإعلامية بجامعة القاهرة د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح أنه في عصر الاندماج وذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل، باتت الصحافة تعمل وفق تعريف جديد أو بالأحرى تعريف يردها إلى مفهومها الأصيل ويحررها من قيود الوسيط إلى آفاق الهدف الذي نشأت من أجله، وهو أن يبقى الناس على تواصل ومعرفة، هذا التواصل وتلك المعرفة التي يحصل عليها كل فرد وهو يقرأ جريدته اليومية في الصباح يطالع الأخبار على تطبيق هاتفه الذكي المتصل بالإنترنت، يقرأ موجز بريده الإلكتروني، يستقبل على هاتفه رسائل عاجلة بأهم الأخبار يشارك على حساب فيسبوك ما يهمه ويبدي إعجابه على ما يقرأه كما يرسله لآخرين يكتب رأيه في تعليق.
يشارك بصوته في استطلاع، يُرسل رأيه للمحرر، كما يصور ويكتب رأيه وينشره عبر منصات شعبية لا تعبر عن السياسة التحريرية للمؤسسة بقدر ما تعبر عن نبض جمهورها. منتجات متعددة تحت علامة تجارية واحدة في سوق إعلامية متغيرة، الأمر الذي بات أحد الظواهر الواضحة ليس فقط في مؤسسات الصحافة الدولية، ولكن في مؤسسات الصحافة المصرية أيضًا، العريقة والحديثة على السواء.
وقالت في دراستها: "الاندماج الإعلامي وصناعة الأخبار" الصادرة عن دار العربي للنشر أن مؤسسة الأهرام، على سبيل المثال، إلى جانب إصداراتها الورقية العامة والمتخصصة، ذات الدورية الممتدة من اليومي إلى السنوي، باتت تصدر بوابة الأهرام، مواقع الإصدارات، ورسائل الأخبار القصيرة على الهواتف المحمولة، وفيديو الأهرام، وراديو أونلاين، وخدمات على صفحات الشبكات الاجتماعية، وتطبيقات للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، إلى جانب إعلانها في وقت سابق عن اعتزامها إطلاق قناة فضائية، وهو ما يحدث أيضًا في صحف: المصري اليوم والأخبار والوفد والأسبوع وغيرها من الصحف التي بدأت ورقيًا ثم اتجهت لاستحداث منصات رقمية.
ولم يقتصر التعدد على الاتجاه من المطبوع إلى الرقمي، وإنما شهدت السوق الصحفية المصرية اتجاهات معاكسة بمواقع إلكترونية أصدرت صحفًا، أهمها اليوم السابع التي انطلق نشاطها كموقع إخباري أواخر عام 2007، تلاه صدور جريدة أسبوعية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2008 تحولت إلى جريدة يومية عام 2011، وكذلك البوابة التي بدأت بإطلاق بوابة إخبارية رقمية في نهاية عام 2012، ثم بدأت في التوسع عام 2014؛ لتقدم المحتوى عبر إصدارين ورقيين يشملان جريدة يومية ومجلة أسبوعية.
ولفتت إلى السوق الصحفية العالمية شهدت خلال عام 2014 نماذج لإطلاق إصدارات مطبوعة من منصات رقمية، حيث رصدت جريدة "الجارديان" في عرضها لأبرز اتجاهات الإعلام الرقمي لعام 2015 قيام شركات متخصصة في المحتوى الرقمي باستحداث صحف مطبوعة مثل موقع السفر المتخصص Airbnb الذي أصدر مجلة ربع سنوية، وكذلك موقع CNET وهو أكبر موقع تقني في العالم الذي أطلق إصدارًا مماثلاً، ما اعتبرته الجارديان مؤشرًا لمزيد من الإصدارات المطبوعة التي تطلقها شركات رقمية بالأساس Digital - Only Business في تعبير عن إدراكها أن المستقبل لتعدد المنصات The Future Is Multi - platform بما في ذلك المطبوع، مشيرة إلى مزايا التأثير الإعلاني النوعية التي يتمتع بها مقارنة بالرقمي.
وأشارت إلى أن تلك التحولات ارتبطت بمفهوم الاندماج الإعلامي Media Convergence الذي يعبر عن ذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل بما يتضمنه ذلك من أبعاد تكنولوجية واقتصادية وثقافية، الأمر الذي أثر في الممارسات والمحتوى الصحفي، وانعكس في ظهور مصطلحات جديدة مثل الإنتاج الإعلامي العابر للوسائل Cross - Media Production، والتكامل Integration والإدارة الاندماجية Converged Management.
وقالت فاطمة الزهراء إن الاندماج عبر عن التشابك بين قنوات الإعلام المختلفة، وما اصطحبه من تطورات تكنولوجية ومهنية ومؤسساتية، الأمر الذي دفع الباحثين لمناقشة أنماط تحققه في المؤسسات الإعلامية، وأسبابه ونتائجه، وهو الاهتمام الذي نبع من التحولات الجذرية في طرق التخطيط والعمل داخل المؤسسات الإعلامية التي أحدثها هذا الاتجاه الاندماجي الذي سهلت تطورات التكنولوجيا حدوثه، مثل: رقمنة المحتوى، والتكامل بين المكونات، والجمع بين أكثر من أداة في جهاز واحد متعدد المهام.
وعرضت كتابها لمفهوم الاندماج الإعلامي بالتأصيل للمفهوم من حيث النشأة والأبعاد، ثم ناقشت انعكاساته على إنتاج وتوزيع واستهلاك الأخبار بما يخلق بيئة أخبار جديدة، وكذلك الأبعاد الاقتصادية المرتبطة بالإعلان والتمويل، لتقدم أخيرًا تحليلاً لأثر الاندماج على الصحافة المصرية برصد تعدد منصات تقديم المحتوى في عدد من المؤسسات الصحفية، وأثر التكنولوجيا في ذلك، وكذلك مظاهر التعزيز المتبادل بين هذه المنصات، بما يخلق صورة متكاملة لأبرز التطورات التي لحقت بقنوات عرض وتقديم المحتوى الصحفي في مصر خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت أن هناك مجموعة من الفرص التي تحفز تحولات تطورات السوق الإعلامية في مصر، منها:
أولا: الانتشار المطرد للإنترنت: حيث بلغ نسبة الأسر التي لديها نفاذ للإنترنت من المنزل 59.8% في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 5.9%، وهو ما ساعد عليه تطوير بنية الاتصالات والتراجع النسبي في أسعار الخدمة.
ثانيا: انتشار الهواتف الذكية والانخفاض النسبي في أسعارها، ما ساعد على انتشارها ووفر بيئة محفزة على إنتاج محتوى رقمي يتم توصيله عبر شاشات تلك الوسائط المنتشرة، خاصة مع ارتفاع نسبة مشتركي المحمول إلى 44.1 مليون شخص في 2014، ووصول عدد مستخدمي الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول إلى 24.23 مليون في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 26%.
ثالثا: التطورات الاجتماعية التي لحقت بالمجتمع المصري عقب ثورة يناير، وما أعقبها من أحداث متعاقبة كان للإعلام الرقمي دور حاسم فيها، ما زاد من معدلات استهلاكه والوعي العام بأنماطه وخلق بيئة أكثر قبولاً لهذا النوع من المحتوى ليس فقط كمتلق، ولكن كمشارك ومتفاعل، ما فتح آفاق لازدهار الصحافة التشاركية.
رابعا: تطور أدوات إنتاج المحتوى الرقمي، والبرمجيات المساعدة على إعداده عبر واجهات بسيطة وسهلة، ما جعل إنتاج هذا النوع من المحتوى ليس بالأمر المعقد مثل السابق، لاسيما في ظل عدم حاجة التغطيات الخبرية السريعة بالفيديو للمواقع الإخبارية لمواد ذات جودة عالية. فإن يلتقط الصحفي فيديو لواقعة طارئة أو حدث يغطيه لم يعد أمرًا معضلاً، ولم يعد عليه إلا أن يشغل كاميرا هاتفه الذكي الذي يشتريه بسعر معقول أو توفره له مؤسسته الصحفية، ليس فقط بحثًا عن تميز مهني ولكن تجنبًا للمساءلة.
خامسا: انتشار أساليب الربط والتعزيز المتبادل بين الورقي والرقمي، حيث يمكن للقراء الاشتراك في جريدتهم الورقية عبر حوائط الدفع الإلكتروني pay wall كما يشاهدون إعلانات ترويجية لها على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل، فيما يمكنهم الوصول للمحتوى الرقمي عبر النسخة المطبوعة باستخدام أكواد الاستجابة السريعة، أو روابط الإحالة، وغيرها من تكنيكات التآز التي تعزز وحدة منصات النشر المتعددة تحت علامة تجارية واحدة.
وأكدت الزهراء أنه بالمقابل تقف مجموعة من التحديات التي تواجه التحول باتجاه التوسع الرقمي وإدارة المنصات الرقمية والورقية وفق نموذج يقوم على العمل الجماعي وتعدد المهارات وتشارك الموارد، وهي التحديات التي يمكن تحديد أهمها في:
-1تحديات تكنولوجية، تتمثل في: التطورات المتلاحقة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما يسبب ضغوطًا على تطوير البنى التقنية للمؤسسات الصحفية، وتطوير منصات نشرها، لاسيما مع تأخرها نسبيًا في إطلاق منصاتها الرقمية ما حرمها من تراكمات الخبرة والتجربة. والارتفاع النسبي لأسعار الولوج للإنترنت عبر الحواسب والموبايل، حيث تأتي مصر في المرتبة 22 بين 118 دولة من حيث ارتفاع تكلفة الولوج للشبكة الدولية، وهو ما يخلق صعوبات أمام استهلاك المحتوى الرقمي على مدار الساعة، خاصة المحتوى الذي يستهلك سعات تحميل أكبر مثل الفيديو والصفحات المزودة بالصور.
على الرغم من ارتفاع الأسعار، تأتي مصر ضمن أكثر عشر دول من حيث بطء التحميل Upload على الإنترنت، وفي المركز السابع عشر من حيث بطء التنزيل download، فبينما يعد متوسط سرعة التحميل دوليًا، لتحتل المرتبة 176 بين 192 دولة من حيث سرعة الخدمة، وذلك وفق إحصاءات Ookla'sNetIndex في أغسطس/آب 2014، وهو ما يخلق تحديات أمام تقديم المحتوى متعدد الوسائط.
-2تحديات تنظيمية، والتي ترتبط ب: عدم النضوج المؤسسي لبعض المؤسسات الصحفية من حيث اكتمال هياكلها التنظيمية ووضوح المسميات والتوصيفات الوظيفية واستحداث وحدات للتسويق وتنمية الأعمال، وغيرها من الأبعاد التي ترتبط بها كشركة تحكمها اعتبارات الربح والخسارة، وليس اعتبارات السياسة والتمويل.
سيطرة القيادات ذات الخلفية الورقية على مراكز صناعة القرار بالمؤسسات الصحفية، فيما لا يزال الصحفيون المنشأون رقميًا في شبه معزل عن المناصب القيادية. تراجع استراتيجيات الاستثمار في الكوادر البشرية، وهو التراجع الذي يعد سمة سائدة في سوق العمل المصري بشكل عام، ولكن تزداد تداعياته السلبية في المجال الصحفي الذي يعتمد بشكل كامل على مهارات الكوادر البشرية، فيما تغيب عنه خطط التدريب المنظم.
-3 تحديات اقتصادية: ترتبط بتنمية موارد المنصات الرقمية، وخلق التوازن بينها وبين موارد المنصات الورقية، ما ينعكس حتمًا على توازن القيمة المؤسسية والنفوذ الوظيفي بينهما أيضًا، وهو ما يواجه تحديات كبيرة ترتبط بشكل رئيسي بضعف عوائد الإعلانات الرقمية حيث لازالت الجرائد الورقية هي المصدر الأول للإيرادات الإعلانية، إعلان الصفحة الأخيرة الملون في الأهرام بنحو 350 ألف جنيه يوميًا، وفي الجرائد الأصغر وفي أوقات عادية في حدود 150 ألف جنيهًا يوميًا، وهو مبلغ يمثل حصيلة 5 حملات إعلانية على الموقع الإلكتروني.
- 4 زيادة تقدير المعلنين للإعلان عبر الوسائط التقليدية والخوف من تأثير الإعلانات الرقمية على صورتهم الذهنية، حيث لا يزال الإعلان الرقمي في مرحلة التجربة بالنسبة للمعلنين الذين اعتادوا توزيع حصصهم الإعلانية بطريقة معينة، ولا يزالوا بحاجة لإقناعهم بوجود وسائل جديدة قادرة على تحقيق أهدافهم الإعلانية بكفاءة.
تشير الأرقام التقديرية لحصص وسائل الإعلام من الإنفاق الإعلاني إلى استحواذ التلفزيون على 50% من هذا الإنفاق يليه الصحف المطبوعة بنحو 20% وإعلانات الشوارع Outdoor بنسبة 15%، فيما يتقاسم الراديو والديجيتال وأي وسائل أخرى الحصة المتبقية، ما يعني أن النسبة التقديرية للإعلانات الرقمية لا تتجاوز 7.5% من إجمالي الإنفاق الإعلاني في مصر.
هذا المخصص المحدود نسبيًا تستحوذ إعلانات يوتيوب وجوجل وفيسبوك بالترتيب على 70% منها، ما يعني أن المواقع كلها بما فيها المواقع الإخبارية تتنافس على 30% من مخصصات المعلنين للديجيتال والتي تعد محدودة بالأساس.
يوفر فيسبوك وجوجل مزايا نوعية تتصل بالحملات الموجهة لفئات محدودة، حيث يمكن من خلال بيانات المستخدمين، ظهور الإعلان لدى سكان منطقة معينة الذين يفضلون منتجات بعينها، أو الذين تتراوح أعمارهم بين سن وآخر، وهي المزايا التي لا توفرها المواقع الإخبارية، ما يجعل إعلانات هذه المواقع العالمية أفضل وأرخص وأكثر تأثيرًا بالنسبة للمعلنين.
5 - تحديات ثقافية: قد يبدو من الغريب التطرق إلى جوانب الثقافة لدى الحديث عن أحد تحولات صناعة الصحافة في مصر، بيد أن الاندماج الإعلامي يحمل في طياته جوانب ثقافية تتجاوز حدود التكنولوجيا إلى ابتداع نظم للتكامل بين صنوف العمل الإعلامي ومراحله، يلزمها قدر عال من قيم العمل الجماعي والابتكار والمسئولية والمشاركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.