محافظ شمال سيناء يشهد ورشة عمل حول مشروع تعزيز التكيف مع المناخ    المؤتمر: معبر رفح يشكل البوابة الأساسية وشريان الحياة للفلسطينيين في غزة    المشدد عام وغرامة 10 آلاف جنيه لسائق يتاجر في الحشيش بشبرا الخيمة    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    آخر موعد للتقديم في مسابقة التربية والتعليم 2024.. الرابط والتفاصيل    القائم بأعمال رئيس جامعة بنها الأهلية يتفقد سير الامتحانات بالكليات    وزير الدفاع: القوات المسلحة قادرة على مجابهة أى تحديات تفرض عليها    تقدم 9529 مواطن بالمراكز التكنولوجية بالشرقية لتقنين أوضاعهم فى مخالفات البناء    التعليم العالي توقع مذكرة تفاهم مع شركة MCS في مجال التدريب والأمن السيبراني    الهجرة تعلن موافقة وزارة الطيران على توفير خط مباشر إلى سول ولوس انجلوس    أكرم القصاص: لا يمكن الاستغناء عن دور مصر بأزمة غزة.. وشبكة CNN متواطئة    ابنة قاسم سليمانى تهدى خاتم والدها لدفنه مع جثمان وزير الخارجية الراحل.. فيديو    سيناريوهات اعتقال قادة إسرائيل.. قراءة قانونية: طلب اعتقالهم خطوة أولى والاتهامات يمكن إثباتها قانونيا.. إصدار مذكرة اعتقال بعد الاطلاع على الجرائم.. تحال لمجلس الأمن حال عدم تنفيذها.. وتوقعات بعرقلة أمريكية    الكرملين: لا يمكن لأي أسلحة يتم ضخها لكييف أن تغير مسار العملية العسكرية    فوز منتخب شباب دمياط على الأقصر في دوري مراكز الشباب    إنفوجراف| نهائي دوري أبطال أفريقيا .. تاريخ المواجهات بين الأهلي والترجي    اتحاد اليد يقرر تعديل موعد مباراة القمة بين الأهلي والزمالك    منتخب مصر يعلن قائمة مباراتي بوركينا وغينيا يوم 26 مايو    رئيس اتحاد الكرة وشوقي غريب والمجري يشاركون في تشييع جنازة شقيق هاني أبو ريدة    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    ضبط 750 كيلو سماد يوريا محظور تداولة بالأسواق في الشرقية    تجديد حبس سائق ميكروباص معدية أبو غالب وعاملين بتهمة قتل 17 فتاة بالخطأ    حملة تفتيشية مكبرة على مراكز الأشعة فى محافطة بورسعيد    ننشر حيثيات الحكم على المتهمة بترك رضيعتها بالصف    «إيرادات دور العرض السينمائي».. فيلم «السرب» يُحافظ على الصدارة    رفع كسوة الكعبة استعدادًا لموسم الحج 2024 | صور    مع عرض آخر حلقات «البيت بيتي 2».. نهاية مفتوحة وتوقعات بموسم ثالث    أكرم القصاص: الاحتلال فى مأزق.. ومصر الأقدر على امتلاك مفاتيح الهدنة    اليوم.. كاظم الساهر يحيي حفلا غنائيا في دبي    اعرف جدول المراجعات المجانية للثانوية العامة في الفيوم    الافتاء توضح حكم إمساك مريد التضحية لشعره وظفره    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يزور مستشفى شرم الشيخ الدولي    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن على نفقة الدولة بالمنيا وتوريد 283 ألف طن قمح    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    إصابة مسنة وشابين في انفجار إسطوانة بوتوجاز داخل منزل بمنطقة إمبابة    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    النائب محمد المنزلاوي: دعم الحكومة الصناعات الغذائية يضاعف صادراتها عالميا    23 مايو 2024.. ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية في بداية التعاملات    "شوف جمال بلدك".. النقل تعلن تركيب قضبان الخط الأول للقطار السريع - فيديو    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    بعد دعم زوجها.. دنيا سمير غانم تتصدر تريند "جوجل"    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    تحرير 116 محضر إشغالات في ملوي بالمنيا    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    إعلام عبري: العدل الدولية تستعد لإصدار أمر بوقف الحرب في غزة    توريد 197 ألف طن قمح إلى شون وصوامع كفر الشيخ منذ بداية الموسم    رئيس منطقة الشرقية الأزهرية يتابع استعدادات بدء أعمال تصحيح امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية    «المنيا» ضمن أفضل الجامعات في تصنيف «التايمز العالمي» للجامعات الناشئة 2024    «الصحة»: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    «دول شاهدين».. «تريزيجيه» يكشف سبب رفضه طلب «أبوتريكة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهنة السكرتيرة .. جانية أم مجني عليها ؟!
نشر في صوت البلد يوم 06 - 04 - 2014

يصل صاحب العمل إلى مكتبه، فيجد سكرتيرته فتاة حسناء، ترتدي ثيابا على الموضه، وتضع الماكياج على وجهها، وتعتني بتسريحة شعرها حرصا على مظهرها اللائق، فهل هذه الصفات تكون مدعاة لإثارة الارتياب بعلاقتها بالمدير، أم أن الحالات تختلف بين شخص وآخر؟.
كثيرا ما نقرأ :"مطلوب سكرتيرة شابة، حسنة المظهر، تجيد التعامل بلباقة مع العملاء ، لا يشترط وجود خبرات، وفي حال توافر الشروط يرجى الاتصال على الرقم (...)". إعلان متكرر على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية يرسخ صورة نمطية وسلبية عن هذه المهنة ، رغم الأهمية الكبيرة لهذه المهنة حاليا ، فقد بات ينظر للسكرتيرة على أنها أول كلمة في قصة نجاح أي مسؤول، لكن هناك علامات استفهام عديدة حول وظيفتها، خاصة وان هذه المهنة ارتبطت دائما بالمرأة المنحرفة أخلاقيا، التي تحاول دائما أن توقع المدير في براثنها أو العكس.
اختزلت السينما والدراما العربية مهنة السكرتيرة في بعض المشاهد المتبذلة، بتنوعات متعددة واختلافات بسيطة في الشكل، فهي تلك السيدة اللعوب التي لا يشغلها سوى تقليم الأظافر، ووضع الماكياج،والنظر إلى المرآة، والحديث في التليفون، فضلا عن أن علاقتها بمديرها تتعدى حدود العمل بكثير ، وهو مشهد يرسم صورة مشوهة إلى حد كبير عن طبيعة مهنة السكرتيرة في المجتمع العربي .فهل السكرتيرة جاني أم مجني عليها؟.
وعن مواصفات السكرتيرة التي يقبل عليها رجال الأعمال، يقول أحمد حمدي صاحب شركة تجارية: السكرتيرة لابد أن تتميز بمواصفات جمالية معينة، ولا مانع من أن تكون متحررة في ملابسها أو سلوكها، فذلك قد يكون متناسبًا لحد ما مع طبيعة العمل الذي تقوم به من مقابلة العملاء والتعامل معهم ،و تقول نجلاء عبد العزيز: قرأت إعلانًا بإحدى الجرائد لتعيين سكرتيرة، وتقدمت بالفعل ، وأثناء المقابلة كان صاحب الشركة يسأل عن أشياء غريبة ومحرجة ، مما سبب لي بعض الضيق وأدركت وقتها أن المواصفات التي يطلبها في وظيفة السكرتيرة لا تنطبق إطلاقًا على، "أقصد المواصفات الجمالية البحتة".
نظرة دونية
قد يكون ارتباط مهنة السكرتيرة بنظرة اجتماعية دونية أو منفرة أحيانا بسبب تطفل البعض على هذه الوظيفة المهمة والضرورية في أية مؤسسة، إضافة إلى ممارسات غير رزينة تتعارض مع العرف الاجتماعي"، وهي صورة نمطية تغذيها الأفلام والمسلسلات. وأرجعت وسام عبد الله "سكرتيرة في مكتب محاسبة" تلك النظرة السيئة لبعض الفتيات العاملات في المهنة سوء سلوك بعضهن، وقالت عرض على أحد أقاربي العمل كسكرتيرة في إحدى الشركات الخاصة، بشرط أن أرتدي ملابس على "الموضة"، لأن السكرتيرة السابقة توفي والدها فارتدت ملابس الحداد فطلب منها صاحب الشركة ترك العمل ، فهو يريد سكرتيرة جميلة تستطيع أن تتعامل مع العملاء وتجذبهم للتعامل مع الشركة، فلماذا يرفضون السكرتيرة الملتزمة والتي تؤدي عملها بكفاءة، وقال "بصراحة السكرتيرة أصبحت في مأزق".
وتقول سيدة في العقد الخامس من عمرها، "فوجئت في أحد الأيام بمن يبلغني بأن زوجي البالغ من العمر 50 عامًا متزوج من أخرى فأظلمت الدنيا في وجهي، وتساءلت ما الذي دفعه للزواج بأخرى بعد رحله استمرت ثلاثين عامًا، وكللت بشباب وبنات معظمهم متزوج ؟ وعرفت أن الفتاة التي تزوجها هي سكرتيرته الخاصة التي كانت تعمل لديه في المصنع وتصغره بعشرين عامًا، وأنه خصص لها شقة لكي يعيشا فيها وأنجبا طفلين فأصبت بصدمة نفسية، وما كان أمامي لكي أرد اعتباري إلا أن أصمم على أن يكتب مسكن الذي نعيش فيه باسمي.
وذكرت سيدة أخرى بأن زوجها المحامي، هانت عليه سنوات العشرة وتزوج سكرتيرته رغم فارق السن بينهما، فالسكرتيرة تكون أقرب للرجل من زوجته معظم الوقت، وهنا تحدث الكوارث.
وأوضحت د.نجية إسحاق أستاذة علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس: أن التبرج المبالغ فيه، واللباس الذي لا يتناسب مع سياسة المؤسسة، إضافة إلى ممارسات أخرى، كلها عوامل ساهمت في تشويه صورة السكرتيرة في المجتمع، أو على الأقل لدى شرائح اجتماعية معينة. وقالت هناك قيم ومعايير تحكم المجتمع، والخروج عنها يؤدي إلى نظرة سيئة ومتدينة للذين لا يلتزمون بها، وهناك أفكارًا راسخة في الأذهان تحتاج إلى تغيير قوي لإقناع من يفكرون بهذه الطريقة، وقد تكون النظرة السلبية من جانب المجتمع عن بعض المهن أو المواقف موضوعية بقدر كبير، ويتم اختزانها عبر فترات تاريخية طويلة، ولكننا لا نستطيع تعممها ، ففي مهنة السكرتيرة هناك السيئ والحسن، وكذلك مهنة التمريض وما شابه ذلك .
أبيض .. وأسود
لاشك في أن الاعلام أساء تجسيد مهنة السكرتيرة فالجميع يتفق أن في كل مهنة هناك السيئ والجيد وعن السبب في هذه الصورة السلبية، يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي : من الملاحظ أن الدراما السينمائية والتليفزيونية بالغت في تقديم تصرفات وسلوكيات بعض أصحاب المهن المختلفة، مثل رجال الأعمال والفساد الذي يحدث في مجال أنشطتهم، وكذلك السكرتيرات والممرضات وغيرهن من خلال انعكاسها من مرآة مقعرة أكثر من صافية. وهناك نماذج سيئة في كل المهن، لكن هناك قدرًا من المبالغة في نقل ملامح صورة السكرتيرة، فالكتاب أصبحوا يركزون على الجوانب السيئة كصورة رجل الأعمال والسكرتيرة الخاصة، وهي تلك الفتاة الجميلة التي يكون هدفها الأساسي الاستيلاء على صاحب العمل، وإقامة علاقة معه، حتى ولو كانت غير شرعية، مما خلق صورة سيئة عن تلك المهنة وغيرها في ذهن المشاهد.ولكي نحسن هذه الصورة الراسخة في أذهان العديد من الناس، لابد أن تحمل الصورة في طياتها اللون الأبيض كما تحمل الأسود.
ويلتقط خيط الحديث د. شعبان عبد الصمد أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس، ويقول: هناك نظرة نمطية تصنف الناس لمجموعات دنيا ومجموعات عليا، وهذه التصنيفات موجودة في كل المجتمعات والطبقات، فهي غير مرتبطة بطبقة أو ثقافة أو مجتمع معين، ولكن بشخصية لها طابع خاص، فهذه الشخصية تكون صورة ذهنية ونظرة دونية عن بعض المهن مثل السكرتيرة والممرضة والمضيفة وما شابه ذلك، وعادة ما تكون هذه الشخصية غير متسامحة تفرق وتميز الناس عن بعض البعض، فلو كان هذا الشخص اجتماعيًا لتعاطف معه الناس وأحس بظروفهم وأحوالهم وأهتم بمشاكلهم، ولكي نحسن هذه الصورة، فلابد أن ننظر لعملية التصنيف التي يقوم بها بعض الناس للنماذج الاجتماعية التي قد يرونها، ولابد من زيادة العامل الاجتماعي والثقافي، فكلما زاد التمدن تقل عملية اللجوء للتصنيف، فقد نرى أن عامل العادات والتقاليد يُغلب بعض النظرات الدونية؛ مثل صورة السكرتيرة الخاصة في أذهان العديد من الناس والتي ترى أنها فتاة لابد أن تتمتع بمواصفات جمالية خاصة وملازمة دائمًا لصاحب العمل، وكأن هناك علاقة غير سوية بينهما.
وتقول د. عزة كريم أستاذ علم الاجتماع : عندما تتحدث عن نظرة المجتمع لأية مهنة، فإن ذلك يعتمد على عدة معايير اجتماعية واقتصادية، فالنظرة تختلف من مهنة لأخرى تبعًا للخبرة المجتمعية لهذه المهنة، فعلى سبيل المثال مهنة التمريض التي تظل صاحبتها لوقت طويل خارج المنزل، واختلاطها في عملها ببعض الأطباء، أدي إلى ظهور بعض الحكايات والقصص بين الأطباء والممرضات، مما أعطي انطباعًا سلبيًا عن جميع المنتسبات لهذه المهنة، ونفس الشيء ينطبق على مهنة السكرتيرة.وأكدت على مسئولية أصحاب تلك المهن في ترسيخ تلك الصورة السلبية عنهم من خلال بعض السلوكيات السيئة، وقالت مثلما نرى نظرة متعاطفة من جانب المجتمع تجاه بعض المواقف أو المهن، هناك أيضًا نظرة دونية إلى بعض المواقف والمهن، ومنها مهنه السكرتيرة لأنها تظل لفترة طويلة خارج المنزل، ولأنها دائمًا ملازمة لصاحب العمل.
أما د .ثروت إسحاق رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس فيقول ، إن اتجاهات وآراء الناس تتغير مع القيم ولكن بمعدل بطيء جدًا، الاجتماعيون عندما قسموا التغيير الاجتماعي إلى تغيير مادي مثل التطور التكنولوجي ووسائل وأساليب الحياة، وأكدوا أنها تتغير بصفة مستمرة، ولكن القيم والاتجاهات والعادات والتقاليد والأعراف والأخلاق تتغير ببطء شديد، وهذا ما يفسر إيمان بعض المتعلمين بالحسد والسحر، رغم تعليمهم العالي الذي لم يمنعهم من تبني وجهات نظر تقليدية، وهناك رؤية اجتماعية تقليدية متخلفة سببها ضعف الوعي الاجتماعي، وعن سبل تغيير أو تحسين تلك الرؤية، قال لابد أن تساهم وسائل الإعلام في تغيير الصورة السيئة عن بعض المهن، كالسكرتيرة، والمضيفة، والممرضة، وغيرها، وهذا يتطلب زيادة درجة الوعي من خلال علماء الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.