وأكاديمية البحث العلمي تؤكد أنها تقوم بدورها علي أكمل وجه وتلوم رجال الأعمال علي تقصيرهم لعدم استثمار الابتكارات المصرية. مشوار طويل يقطعه المخترع المصري للحصول علي براءة اختراع، بعد "كعب داير" يمتد عدة سنوات علي مكتب براءات الاختراع ودفع مصروفات ورسوم بجانب تكاليف النماذج التي يقوم بتصنيعها لابتكاره وينجح في الحصول علي براءة اختراع يصطدم بالواقع المرير ولا يجد أي جهة تتبني اختراعه.. فهل نهاية الابتكار في مصر الحصول علي براءة بعد أن وصل عددها 24 ألف براءة حسب إحصائيات مكتب براءة الاختراع؟ أحلام وهمية عاشها المخترع أحمد خطاب الذي استيقظ علي كابوس جعله يكره السعي وراء ابتكار أي شيء فيقول: "اخترعت فلتر يمنع تسريب عوادم مصانع الأسمنت والسيراميك وذهبت لمكتب براءات الاختراع التابع لأكاديمية البحث العلمي عام 1998 للحصول علي براءة اختراع وطلبوا مني نموذجاً للفحص قمت بتصنيعه علي نفقتي الخاصة وبعد بهدلة عشر سنوات بين الأكاديمية في القاهرة وبيتي بالإسكندرية حصلت علي براءة الاختراع". ويضيف وهو ينظر إلي اختراعه بحسرة: "وبعد 10 سنوات بهدلة ظل الاختراع في منزلي ولم تساعدني الأكاديمية علي استثماره ولا أي جهة خاصة". "الظاهر إن المخترع في مصر مكتوب عليه الحيرة".. بهذه الكلمات بدأ المخترع سمير عبدالعال كلامه قائلا: "قضيت سنين عشان أسوق لجهاز يساعد علي ترشيد المياه وبعد أن حصلت علي براءة اختراع وشهادات كثيرة تؤكد جدوي اختراعي لم أجد أحدًا يتبني ابتكاري". وغيرها من القصص الكثير ترصد الأحول الصعبة التي يعيشها المخترعون في مصر، التي أدت في النهاية لإحباط الكثير منهم فالبعض قرر أن يترك الابتكار ويستمتع به كهواية والبعض الآخر سعي لطرق أبواب الشركات الأجنبية بنفسه. بعد محاولات مضنية باءت بالفشل بين مكاتب رجال الأعمال المصريين ومكتب رئيس أكاديمية البحث العلمي قرر المخترع أشرف عبد العزيز أن يبحث خارج حدود مصر عن شركات أجنبية تتبني ابتكاراته فيروي قصته قائلاً: "راسلت شركات أجنبية في ماليزيا وقلت لهم عندي أفكار عديدة واختراعات كثيرة فاتصلوا بي وطلبوا مني السفر فورا وذهبت وتعاقدت علي 5 اختراعات مع إحدي الشركات الماليزية، منها ابتكار يمنع تصادم السيارات بالبشر وآخر لتحلية مياه البحر وابتكار طبي جديد وجار تنفيذ بعض الابتكارات الأخري". مكاتب السماسرة مكاتب السمسرة في مصر اخترقت مؤخرا مجال تسويق الابتكارات مقابل الحصول علي نسبة معينة من قيمة بيع الاختراع، هذا ما قاله مسئول تسويقي بأحد هذه المكاتب بالقاهرة طلب عدم نشر اسمه، وأوضح قائلا: "نطلب من المخترع شرحاً كتابياً ومصوراً بالفيديو ونقوم بالاتصال بمكاتبنا في بعض الدول العربية والأجنبية لعرضها علي رجال الأعمال والشركات الأجنبية وفي حالة موافقتها نحصل علي نسبة من ثمن بيع الاختراع". "هؤلاء نصابون ويسرقون الاختراعات".. هذا ما أكده المخترع ممدوح خليل وأضاف: "ذهبت لأحد مكاتب السمسرة كي أسوق لابتكاراتي فوجدت أنه يريد أن يأخذ نسبة 25 % من ثمن بيع الابتكار الواحد لكني لم أكمل معه لأني شعرت بأنه يريد أن يسرق اختراعاتي". وقالت عصمت عبد المجيد، القائم بأعمال رئيس مكتب براءة الاختراع: "من حق المخترع الاستعانة بمستشاري القانون بمكتب براءة الاختراع في أي وقت من أجل حماية ابتكاراتهم من السرقة عند التعامل مع أي جهة".. وأضافت: "هناك أيضا جهاز تنمية الابتكار والاختراع التابع لأكاديمية البحث العلمي معني بتنفيذ الابتكارات والتسويق لها داخل مصر". من جانبها أكدت المهندسة جانيت يوسف، رئيس جهاز الابتكار والاختراع، أن الجهاز دوره الأساسي تنفيذ وتسويق الاختراعات الحاصلة علي براءة اختراع بدعم من الصندوق الاجتماعي. عبد الرحمن بدر، رئيس جمعية المخترعين والمبتكرين المصريين، أكد أن المخترعين لم يستفيدوا من الدعم الذي ترصده الأكاديمية والصندوق الاجتماعي لأن هناك الآلافً من براءات الاختراع مخزنة بأدراج أكاديمية البحث العلمي دون فائدة ولو حسبنا بالورقة والقلم ما تم دعمه من الاختراعات سنجد أن حوالي 98% من المخترعين لم يصل لهم هذا الدعم". فيما لفت د. ماجد الشربيني، رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجي، إلي أن تصميم النموذج الأولي لبراءة الاختراع هو المشكلة الحقيقية التي تواجه المبتكرين، لأن معظم البراءات بالأكاديمية عبارة عن أفكار علي ورق لا يستطيع صاحبها تنفيذها لعدم قدرتهم المادية ولتلاشي هذه السلبية تم إنشاء وحدة تصميم صناعي بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان لتنفيذ نموذج نصف صناعي للاختراعات الحاصلة علي براءة وغير الصالحة علي براءة وتقوم الأكاديمية بمساعدة المخترع للتسويق لاختراعه. ويري الشربيني أن رجال الأعمال لهم دور فعال في تنمية مجتمع الابتكار لكنهم لم يقوموا بدورهم قائلاً: "رجال الأعمال هدفهم الربح السريع بطبيعة عملهم ولا يفضلون المغامرة باستثمار اختراع جديد، لذا أطالبهم بالتعاون معنا بشكل فعال لتقوية الصلة بين الصناعة والمخترعين، كما أطالب جمعيات المجتمع المدني بالدخول في تعاون مع الأكاديمية لتمويل الاختراعات مثل جمعية مصر الخير". ويختلف رجل الأعمال محسن بدوي، مع رئيس الأكاديمية ويري أن التقصير من أكاديمية البحث العلمي لأنها لا تنظم معارض تسويقية تدعو رجال الأعمال لحضورها بجانب تحديد الجدوي الاقتصادية والاستثمارية حتي تحفز رجل الأعمال علي تبنيها وقال بدوي: "رجل الأعمال لو وجد ابتكاراً سيكسب منه ولو رفضه يبقي مريض".