أكد الدكتور عبد العزيز حجازي، رئيس وزراء مصر الأسبق، أنه كان أحد مهندسي سياسة الانفتاح الاقتصادي، ولكنه عارض تطبيقه، وأنه غير مسئول عما حدث بالبلاد في الفترة بعد يناير 1975. وأضاف: أبريء نفسي من الانفتاح بعد عام 1975، وأنه شريك فقط في المسئولية في الفترة من 1968 وحتي 1975، تلك السنوات السبع عجاف، التي انتهت بنصر أكتوبر المجيد، مؤكدًا أن سياسة الانفتاح الاقتصادي فشلت لسوء تطبيقها في مصر. وقال حجازي، في صالون إحسان عبد القدوس بنقابة الصحفيين، مساء اليوم، إنه كان أحد مهندسي الانفتاح الاقتصادي، إن حرب أكتوبر 1973 والنصر بها، لم يكن السبب الوحيد في الانفتاح الاقتصادي علي الغرب، مشيرًا إلي أن مصر بدات في تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي قبل حرب أكتوبر، ولكن هذه الحرب سارعت من وتيرته. وأضاف: "عند التفكير في الانفتاح الاقتصادي كنا نحلم أن يقدم الخير للمواطن المصري، ولكن نسبة الفقر وصلت إلي 40%، كنا نحلم بمجتمع بدون فقراء، ولكن نري فشل في منظومة التضامن الاجتماعي، كنا نحلم بمجتمع بلا أمية، لأن الانفتاح يشجع علي العلم والبحث العلمي، ولكن نسبة الأمية تصل إلي 38%، وكنا نحلم بمجتمع نظيف، ولكننا وجدنا تلالا من القمامة، وكنا نحلم أن نكون بلا عجز في المأكل والمشرب، ولكن نري الجوع. وأضاف: كنا نحلم بمجتمع يستقطب الأموال والاستثمارات، ولكن الاستثمار الأجنبي لم يزد خلال السنوات الأخيرة على 2%، وكنا بمجتمع يسوده الحب والتسامح، ولكن وجدنا العنف والإرهاب والتكفير والتطرف وأعداء في الداخل والخارج، كنا نحلم بمجتمع بلا عشوائيات، ولكننا أصبحنا نعيش أزمة سكنية، كنا نحلم بمجتمع لا يثقل كاهله الديون، ولكننا أصبحنا أمام ديون كبيرة علي كل المواطنين. وأكد أن الانفتاح فشل لأنه لم يحل المشاكل المزمنة التي نعاني منها، مؤكدا أن الدولة غنية جداً ولكن هناك سوء إدارة في الموارد والطاقات. واستطرد أن وزير داخليته تآمر عليه للإطاحة به عام 1975، وأقنع السادات بمجموعة من الإجراءات والقرارات رفعت الديون من ملاليم إلي أكثر من مائة مليار جنيه، موضحا أن وزير داخليته حرك مظاهرات ضده، تهتف: "حجازي بيه حجازي بيه كليو اللحمة بقي بجينه، قائلا، إنه كنا أمام خيارين ام الرضوخ او الأستقالة والانسحاب، مشيرا إلى أن طبيعته ضد الرضوخ والكسر لهذا استقلال، ومن هذا التاريخ لم يعد لأي منصب حكومي، وإعاد بناء دولته". وأضاف أن التحول إلي سياسة الانفتاح كان بدوافع محلية، مشيرة إلي أن البذرة الأولي للانفتاح كانت من نقد الرئيس جمال عبد الناصر للقطاع العام، وتوجيه الوزارة للخروج من سيطرة القطاع العام، مؤكدا أن عبد الناصر لو عاش فترة أطول لكن طبق سياسة الانفتاح، وذلك لعدم القدرة علي السيطرة علي خسائر القطاع العام، وارتفاع أسعار السلع، وخاصة الأساسية. وأشار إلي أن بداية الانفتاح لم يكن بضعط ولكنه كان بدوافع وطنية، ولكن الهدف منه أن يكون سداح مداح كما قال الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، ولكن كان الهدف استثماريا بضوابط. وأكد أن الاتحاد السوفيتي بدأ سياسية الانفتاح علي العالم الغربي وأمريكا قبلنا، موضحا أنه عند دراسة الانفتاح الاقتصادي في مصر، وصلت مذكرات من سفارة مصر في موسكو، تؤكد بداية الاتحاد السوفيتي الانفتاح مع العالم الغربي، مؤكدا أن الانفتاح كان بدوافع وطنية، ولم يكن مقبولاً لأن نعارض الانفتاح والشريك الأكبر لنا في ذلك الوقت الاتحاد السوفيتي بدأ في الانفتاح. وأوضح أن الانفتاح الاقتصادي لم يكن نظرية وفلسفة ولكن كان حاجة وطنية، وضرورة فرضتها الظروف، لفتح الباب للاستثمار، وأنه كان تغيراً وطنيا مستقلا لم تتحكم فيها القوي الدولية أو الشركات متعددة الجنيسات. وأشار إلي أنه من مزايا حرب أكتوبر فتح الباب لعودة المصريين في الخارج، واستقطاب مدخرات المصريين والعرب والأجانب للاستثمار في مصر، وعودة العلاقات مع العرب، وبداية الدعم الأمريكي لمصر، وبداية الانفتاح الحقيقي مع الغرب. وقال: "إن أكبر غلطة للقيادة السياسية وهي مسئولة عنه، وهي أننا ما صدقنا أن اترمينا في أحضان الغرب، وسحب أنفسنا في التعامل في الاتحاد السوفيتي وشرق أوروبا، نتيجة القرارات السياسية المفاجئة، حيث انخفض الميزان التجاري بشكل كبير مع الاتحاد السوفيتي، لصالح الميزان التجاري مع أمريكا، موضحًا أن مصر تحاول العودة لتلك الأسواق. وطالب حجازي الرئيس المقبل بتقييم الأوضاع جيدا في جميع المناحي، ورسم خطته، وإعداد رؤيته للمستقبل قبل تولي المسئولية وحلف اليمين رسميا، والاستفادة من الطاقات المعطلة، مشددا علي ضرورة طرح وثيقة لرؤية مصر الاقتصادية للمستقبل لا تمثل رأي شخص أو حزب وإنما تمثل رأي أمة. وقال محمد عبد القدوس، وكيل نقابة الصحفيين، إن هذه الندوة جاءت بمناسبة مرور 40 عاما علي الانفتاح الاقتصادي، الذي أعقب حرب السادس من اكتوبر في عام 1973، مشيرًا إلي أن الصالون يناقش كل قضايا الوطن من اقتصاد وسياسة وفن وأدب. وقال جورج إسحاق منسق حركة كفاية، إن مصر تحتاج في الفترة المقبلة لرجال دولة، وسيادة القانون، والاستماع والاستعانة برجال العلم والمتخصصين، وليس للهواة، للخروج بالبلاد من كبوتها.