يعد التعليم المفتوح باب الأمل لمن لا يسعفه حظه ومجموعه في الثانوية العامة للالتحاق بإحدى الكليات. وظهر هذا النوع من التعليم عام 1990 في جامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس، وكان الهدف إتاحة فرصة لتعليم كبار السن. وكانت الجامعات تشترط مرور خمس سنوات على الحصول على شهادة الثانوية العامة وتم إلغاء ذلك الشرط فى عام 2008 ليصبح التعليم المفتوح باباً خلفياً للوصول لكليات القمة كالاعلام بمجموع 55% ليخرج التعليم المفتوح عن مساره وتتزايد بعدها أعداد الملتحقين به ليصل أعدادهم إلى 200 ألف طالب وطالبة، وليتدنى مستوى الخريجين بصورة ملحوظة، وأصبحت جامعة القاهرة فى هذا الشأن أشبه بمدارس التعليم الصناعى، فحاملو الدبلومات الفنية يبلغ عددهم 98% من عدد الملتحقين، ويثقل سوق العمل بالكثير من الشهادات العليا التى تبحث عن وظائف فى النهاية ستجدها مهنية. وفكرة التعليم الصناعى انتقلت من الخارج وبدأت مصر فى تطبيقها ولكنها فشلت فى دعم مسيرة التنمية على عكس الحال فى الدول الكبرى التى تستخدم نظام التعليم المفتوح للعمل فى المجالات المهنية، وإحقاقاً للحق فهناك الكثير من طلابى التعليم المفتوح تعرضوا للظلم فمنهم متفوق ولكن حظه العثر لم يعطه حقه فى الحصول على التعليم الذى يريده. بدأت النقابات بالحرب على نظام التعليم المفتوح وتولت المهمة فى البداية نقابتا المحامين والصحفيين، واشترطت النقابات حصول الخريجين على شهادة الثانوية العامة للقيد بالنقابات. «الوفد» تطرح تساؤلات عن الغرض من انتشار نظام التعليم المفتوح فى مصر هل هو لجنى الكثير من الأموال أم للحصول على شهادات لأصحاب الدبلومات الفنية فى ظل نظرة مجتمعية متدنية لهؤلاء. النقابات ممتنعة بدأت قضية التعليم المفتوح تثار على الساحة بعد زيادة أعداد المنتسبين إليها، وبدأت بنقابة المحامين التى رفضت قيد الطلاب الخريجين والتزمت بشرط حصول المتخرج على الثانوية العامة رافضة الاعتراف بالمؤهلات الفنية المتوسطة. شهاب صلاح الدين، المتحدث باسم طلاب التعليم المفتوح يتحدث عما وصفه بتعنت النقابات بما يخالف أحكام القضاء قائلاً: «نقيب المحامين يسعى الآن لإصدار قانون يتيح لحاملى الثانوية العامة الالتحاق بالنقابة ولكن أين حاملو الدبلومات الفنية فنحن حصلنا على أحكام قضائية تلزم النقابات بقيد الخريجين فكيف لنقابة المحامين التى تدافع عن حقوق الأشخاص تمتنع عن تنفيذ حكم قضائى»؟ ويكمل «شهاب» حديثه عن سعى المجلس الاعلى للجامعات لحل مشكلة التعليم المفتوح قائلاً: «المجلس فى آخر اجتماع له اتفق على وضع لائحة موحدة لتقنين الأوضاع فكل جامعة لها لائحة خاصة بها تسير حسب أهوائها وإلى الآن يبقى الوضع كما هو عليه حيث لم نحصل على عضوية نقابة، خلاف أن المتفوقين مهمشون ولم يحصلوا على شىء». ومن جانبه، يقول يحيى التونى، وكيل نقابة المحامين، «التعليم المفتوح اشترط فى بدايته حصول المتقدم على الثانوية العامة والسبب فى ذلك الشرط أن تأهيل طالب الثانوية العامة أفضل من خريجى الدبلومات المتوسطة، فضلاً عن أن النقابة لا تأخذ دعماً من الدولة وتصرف على أعضائها البالغ عددهم 600 ألف محام من الدمغات وأتعاب المحاماة فى القضايا المقضى بها، فإذا ساهمت الدولة فى تكلفة علاج المحامين فيمكننا قبول خريجى التعليم المفتوح. غسيل شهادات مع تزايد أعداد الملتحقين بهذا النوع من الدراسة ظهرت سلبيات التعليم المفتوح وأبرزها حصول الملتحق على شهادة جامعية دون دراسة حقيقية كما يقول د. عوض عباس، مدير مركز التعليم المفتوح بجامعة القاهرة سابقاً الذى يلقى الضوء على مشاكل التعليم المفتوح، مضيفاً: «انحرف عن مساره بسبب بعض الجامعات التى اتخذت كمقر للتجاوزات، فهناك جامعة كانت معروفة بازدهار ظاهرة الغش بها، ودفعت الكثيرين من أمناء الشرطة للالتحاق بها للحصول على ليسانس الحقوق، وهناك العديد من طلاب الجامعات الحكومية خرجوا من جامعاتهم والتحقوا بمراكز التعليم المفتوح لتحسين درجاتهم بسبب حالات الغش وهو ما نسميه غسيل الشهادات، فنحن قديماً مع بداية العمل بالنظام المفتوح استخدمت أساليب حديثة فكانت جامعة القاهرة توفر كتاباً وموقعاً وسى دى وحلقة تليفزيونية وكانت تلك الأساليب تدفع الطالب إلى الدراسة. وعن امتناع النقابات عن قيد الخريجين قال «عوض»: ليس من حق النقابة منع أى خريج من الحصول على العضوية، فالقانون اشترط حصول الخريج على ليسانس الحقوق للانضمام لنقابة المحامين ولم يشترط الثانوية العامة، وإذا تم تعديل القانون فنحن سنمتثل له». أما د. منى الحديدى، أستاذ قسم الإذاعة بكلية الإعلام جامعة القاهرة فتتحدث عن اختلاف نمط التعليم المفتوح فى مصر عن دول الخارج قائلة: «التعليم المفتوح حق مشروع لمن يرغب ولكن بقواعد وأهداف تختلف عن التعليم النظامى، فمن حق الإنسان أن يطور من نفسه طوال سنوات عمره». وتكمل د. منى حديثها: «التعليم المفتوح يطبق على التخصصات النظرية فقط أما العلمية، فالأمر محتاج إلى وقفة لوضع قواعد، فهذا النوع من التعليم المفتوح فى مصر كان إيجابياً فى بدايته، أما بعد أن قرر الكثير من الجامعات زيادة أعداد الملتحقين لتحسين دخلها وخاصة جامعات الأقاليم أصبح التعليم يشبه الاتجار بالبشر، البعض يدفع أموالاً فى مقابل الحصول على شهادة. وتوضح د. منى أسباب فشل المنظومة ومنها تأليف الكتب الخاصة لأصحاب التعليم المفتوح إلى جانب أن الجامعات ترفض أصحاب الدراسات العليا برغم أنها هى المسئولة عن دخول هؤلاء الطلاب لاستكمال مرحلة التعليم.