فى عام 2009 تعرضت غزة لحرب شرسة إسرائيلية معلنة شهد العالم مجرياتها بكل فظائعها فيما سمته إسرائيل بعملية «الرصاص المصبوب»!، ووقتذاك كنت أُلازم فراش المرض فى أحد المستشفيات لمدة تجاوزت خمسة عشر يوماً ظللت خلالها أغفو وأنام وأستيقظ على مجريات حرب إسرائيل على غزة بكل فظائعها، وقد لاحظت أن سيدة من طاقم التمريض تداهمنى عندما تحتدم عملية إسرائيلية مع مقاومة الفلسطينيين لتحدثنى بحماس شديد عن ضرورة أن توقف مصر إسرائيل عند حدها بأن يتصدى لإسرائيل الجيش المصرى ولو سراً ما دام إعلان حرب مصرية على إسرائيل أمراً ممكناً وليس مسموحاً به دولياً طبقاً لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل!، ولكن الذى كان يلفت انتباهى فى حديث هذه الممرضة انها قد توحدت فى أحاديثها المتكررة التى تمطرنى بها مع الفظائع التى تتعرض لها الأمهات الفلسطينيات وأطفالهن خلال العمليات التى كانت إسرائيل تتعمدها للفتك بالنساء والأطفال والشبان، ولم يكن المصريون فى أوساط كثيرة بعد مغادرتى المستشفى يقلون حماساً عن الممرضة التى تركتها فى المستشفى، إذ تنوعت أحاديثهم حول الفظائع الإسرائيلية. ولكن هذا التنوع لم يكن يغيب عنه الإحساس بأن مصر عليها دور لوقف «الرصاص المصبوب» على رؤوس سكان غزة!، وأن هذا الدور لا يجب أن يتوقف عند حدود إمداد غزة بالأدوية والاحتياجات العلاجية، أو استقبال مستشفياتنا المصرية الفلسطينيين للعلاج، بل لابد من مشاركة مصر فى الحرب مع المقاومة، وكنت أشرح وأطيل فى الشرح أن ما هو متاح أمام مصر من هامش الحركة يكفى لأن تقدم لغزة ما تحتاجه بعيداً عن تورطها فى ميدان القتال!. ومام أحببت أن أسجله فى السطور السابقة أن الشعب المصرى من تاريخ نكبة فلسطين وعلى تعاقب تطورات القضية الفلسطينية عبر تواريخ كثيرة ظل وفياً ليقينه بأن قضية فلسطين هى القضية المركزية العربية، وأن قضية فلسطين ليست قضية لاجئين، بل هى قضية سياسية تخص العرب جميعاً، بالسلم إذا أمكن التوصل لحل عادل لقضية فلسطين، وبالحرب إن لزمت للتوصل إلى هذا الحل، فما الذى استجد على موقف الشعب المصرى مما تواجهه غزة حالياً من حرب إسرائيلية عليها؟!، لاشك أن فى طليعة المستجدات على المصريين أنهم قد استقر فى نفوسهم أن منظمة حماس التى تحكم غزة في سنوات قد تآمرت على مصر مع جماعة الإخوان الإرهابية حتى تسهل اقتطاع جزء من التراب المصرى فى سيناء لكى يكون هذا الجزء وطن تنظيم حماس وسائر تنظيمات ما يسمى بالجهاد الإسلامى كعنصر ضاغط على مصر إذا ما سقط حكم الإخوان!، ولا ينسى الشعب المصرى أن مصر ظلت حريصة على أن تمد غزة باحتياجات حرمها منها الحصار الإسرائيلى عليها، وذلك عبر معابر البضائع الرسمية، ثم الانفاق التى كانت مصر تغض الطرف عنها، رغم مخاطر حفرها وبقائها لتمرير وتهريب كافة أنواع البضائع، وحتى المسروقة من مصر وبيعها فى أسواق غزة، ما سهل قيام تجارة غير مشروعة حققت أرباحاً بالملايين للبعض فى غزة!، وقد ساهم الإعلام المصرى عن القضايا والمحاكمات لأقطاب جماعة الإخوان فى ترسيخ فكرة أن حماس فى غزة هى فرع لجماعة الإخوان، وأن حماس قد تآمرت على مصر فى اطار مؤامرة التنظيم الدولى للإخوان والذى تدار شئونه، من تركيا وقطر!، وهذا ما تنطق به بعض اعترافات عناصر إخوانية أمام النيابات والمحاكم المصرية!، بل وتسجل قضية الهروب من سجن وادى النطرون التعاون الوثيق بين عناصر الاخوان الهاربة من السجون وكذا عناصر حماس التى كانت رهن الاعتقال!، ولكن الجدير بالانتباه حالياً أن يكون الموقف المصرى هو الداعم لغزة فى رد العدوان، فهذا هو المنتظر من مصر، حتى لو عرفت مصر مع حماس غزة جفوة عارضة.