يبدأ غدا ،الثلاثاء، عام هجرى جديد يحمل رقم (1435) ضمن التقويم الهجرى الذى انشأه الخليفة عمر بن الخطاب، حيث جعل هجرة الرسول (صلي) من مكة إلى المدينة 22 ربيع الأول (24 سبتمبر لعام 622 ميلاديا) مرجعا لأول يوم فى السنة، والذى وافق يوم الجمعة الأول من محرم سنة واحد هجريا الموافق 16 يوليو عام 622م. والتقويم القمرى الإسلامى أقصر من السنة الميلادية ب11 أو 12 يوما، ويأتى شهر محرم فى مواسم وفصول مختلفة من السنة الميلادية، وتعتمد بداياته والشهور العربية الأخرى على رؤية الهلال الجديد عند غروب شمس اليوم السابق له يوم 29، ويتكون التقويم الهجرى من 12 شهرا قمريا والسنة الهجرية تساوى 354 يوما تقريبا، والشهر فى التقويم الهجرى إما أن يكون 29 أو 30 يوما، والتقويمان الهجرى والميلادى لا يتزامنان. ولم تظهر الهجرة على صفحة التاريخ فجأة بل أن الكثير من الدوافع سبقتها ودفعت بها، وكانت هناك هجرتين الأولى إلى الحبشة والثانية إلى يثرب بالمدينةالمنورة، والهجرة إلى الحبشة حدثت بخروج 11 رجلا و4 نساء مهاجرين إلى الحبشة هروبا من اضطهاد المشركين وسادة قريش. وكانت تلك الهجرة الأولى مقدمة إلى هجرة الرسول إلى يثرب حيث لم تدم هجرة المسلمين الأولى للحبشة طويلا من أرض هجرتهم إلى مكة بعد أن بلغتهم إشاعة مهادنة قريش للإسلام وترك أهله أحرارا، بالإضافة إلى إسلام عمر بن الخطاب الذى قوى من موقف المسلمين. أما الهجرة الثانية فهى هجرة الرسول إلى المدينةالمنورة مع صاحبه أبو بكر الصديق، حيث فشلت محاولات قريش فى تتبعه، وغادر الرسول مكة يوم الخميس 27 صفر الموافق 9 سبتمبر 622 م، ومكث ثلاثة أيام فى غار ثور بالقرب من مكة، ويوم الاثنين من ربيع الأول 13 سبتمبر من نفس العام غادر غار ثور متجها إلى منطقة يثرب ووصل إلى قباء يوم الاثنين 9 ربيع الأول (20 سبتمبر 622 م) بالقرب من المدينةالمنورة ومكث فيها عدة أيام. وفى اليوم 16 للهجرة الموافق الجمعة 13 ربيع الأول (24 سبتمبر 622م) كانت زيارة الرسول الأولى إلى المدينة لأداء صلاة الجمعة، وفى اليوم ال26 من الهجرة الموافق الاثنين 23 ربيع الأول (4 أكتوبر 622 م) غادر الرسول قباء واستقر فى المدينةالمنورة. وكانت تلك الهجرة بمثابة حجر الأساس لبناء الدولة الإسلامية وبداية التأسيس لمرحلة جديدة من حياة الإسلام والمسلمين، حيث أرست الهجرة النبوية عدة دروس حريا بنا أن نتوقف عندها ونتأملها فنحن أحوج ما نكون لتطبيقها فى حياتنا الخاصة والعامة، وحيث جاءت الهجرة ختاما لفصول محزنة تصارع فيها الحق والباطل وكانت بداية لمعارك أخرى بشكل جديد. والهجرة باقية ومستمرة ولم تنقطع إلى أن تطلع الشمس من مغربها، فهى هجرة القلوب والأرواح والأماكن، هجرة شاملة يهاجر فيها المسلمون لطلب كل ما هو محمود والبعد عن كل ما نهى الله.