جاء إعلان الفريق أول عبدالفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع في 3 يوليو الماضي بأداء المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا ليمين رئيس الجمهورية وتعطيل العمل بالدستور ووضع خارطة طريق ليفتح الباب مجدداً عن دستور جديد للبلاد. وعاد مع تعطيل العمل بالدستور كل الآراء والمقترحات والمواد الخلافية التي كانت سبباً في انسحاب أعضاء الأحزاب والقوي المدنية من الجمعية التأسيسية للدستور اعتراضاً علي ما عرف وقتها ب «سلق الدستور» لتجني مصر ثمار الجلسات والمقترحات من قبل أعضاء التيار الديني، خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تحكم البلاد وقتها «دستور أم أيمن» أو «دستور آخر الليل» -كما سموه. والآن تبدو ملامح الاختلاف في الأفق بعد تصريحات أعضاء لجنة تعديل الدستور عن احتمالية وضع دستور جديد في حالة وجوب تعديل أكثر من نصف مواد الدستور الحالي بين القوي المدنية وبين التيار الديني، خاصة حزب النور السلفي حول مواد الشريعة الإسلامية. وواصل أعضاء التيار الديني هجومهم علي التيار المدني بعد الحديث عن إلغاء المادة 219 الخاصة بشرح المادة الثانية من الدستور والخاصة بالشريعة بحجة أن ذلك يهدد الهوية الإسلامية في الوقت الذين يحاولون فيه تصدير فكرة أن الهوية الإسلامية في خطر في حالة تعديل هذه المواد، وكأن مصر لم يكن بها إسلام ولا مسلمون أو كأنها كانت تفتقد الهوية الإسلامية قبل الدستور المعطل الذي جاء مخيباً للآمال، رغم أن المادة نفسها وضعها في الدستور خاطئ لأنها مادة عجيبة تخلط بين الفقه البشري والشريعة التي يجب ألا تؤخذ إلا من الكتاب والسنة. وأكد المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، الناشط السياسي منسق الجمعية الوطنية للتغيير أن الهوية الإسلامية لدولة مصر المدنية لم تنتظر أعضاء التيارات الدينية المتطرفة حتي تحددها قائلاً: «الشعب المصري يعتنق الإسلام منذ أكثر من 1400 عام ويوجد في مصر، خاصة ما يمثل الإسلام الوسطي المعتدل وهو الأزهر الشريف». ورفض «شعبان» المزايدة السياسية والدينية التي يتبناها أنصار التيار الديني علي الشعب المصري قائلاً: «هذه التيارات المتطرفة تحتكر الإسلام وتجعل من نفسها الناطق الرسمي باسمه وتمنح نفسها شرف التبشير بالدين الإسلامي دون أي اعتبار للشعب المصري المتدين بالفطرة». وقال منسق الجمعية الوطنية للتغيير: إن إلغاء المواد المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية كما جاءت في الدستور المعطل أمر لابد منه لكون استمرار النص يفتح باب الجدل أمام العديد من الرؤي والتفسيرات التي تتغير حسب الهوي والأهداف التي يسعي لها البعض تحت غطاء الدين والتحدث باسمه. وشدد «شعبان» علي العودة لنص مادة الشريعة كما جاءت في دستور 1971 التي نصت علي أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع دون الدخول في تفاصيل أخري تم وضعها مسبقاً لخدمة أهداف سياسية وإيهام الشعب بأنهم أصحاب الدين وهذا غير صحيح - بحسب قوله. وبدأ الشيخ محمد عبدالله نصر، مؤسس حركة «أزهريون مع الدولة المدنية» قائلاً: «الهوية الإسلامية في خطر فعلاً ولكنه خطر جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين».. مستكملاً: «لو أن الأمة اجتمعت علي هدم الدين وتشويه الإسلام لن تنجح مثلما نجحت جماعة الإخوان والسلفيون في ذلك». وأكد «نصر» أن الهوية الإسلامية لا تتعارض مع الدولة المدنية لأن الدولة المدنية تحفظ كل الأديان كما أن الدين محله القلب والله خلق الأديان كلها للتعايش مع بعضها دون أن يوكل أحد بحماية الإسلام لأن الله هو الذي يحفظه مستشهداً بالآية الكريمة: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون». ويري «نصر» أن المادة الثانية في الدستور المعطل كانت تتعارض وتتنقاض مع المادة 219 المفسرة لها بل مع وثيقة المدينة التي أسسها الرسول الكريم لها قائلاً: «الدولة في الإسلام كيان معنوي يحفظ جميع الأديان ووثيقة المدينة قامت علي مبدأ المواطنة ووقع عليها المسلمون واليهود دون التطرق لأي ديانة لأنها قامت علي احترام الأديان».