استقبلت مستشفيات الحميات عددا من الحالات التي أصيبت بالملاريا بعد عودتهم من الكاميرون خلال الفترة الماضية وذلك خلال مباريات المنتخب، سافر المئات من المشجعين في رحلات اليوم الواحد عبر طائرات خاصة لتشجيع المنتخب، لكن بعض الحالات اكتشفت مؤخرا إصابتها بمرض الملاريا. وأصدرت وزارة الصحة والسكان تعليمات مهمة لمديريات الشئون الصحة على مستوى الجمهورية منها تحويل الحالات المشتبه فيها إلى مستشفيات الحميات لعمل الفحص والتحليل اللازم للتشخيص، والإبلاغ الفوري للإدارة المركزية للشئون الوقائية والإدارة المركزية للامراض المتوطنة واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمتابعة المخالطين للحالات المؤكدة وعمل التقصيات الحشرية ومكافحة البعوض الناقل، مع تنشيط إجراءات الترصد الحشرى للبعوض ومكافحته وضرورة التنبيه على مدير الطب العلاجي ومدير العلاج الحر ومدير الوقائي ومدير الحجر الصحي بكل مديرية صحية، للتنبيه على الأطباء بجميع المستشفيات في حالة وجود ارتفاع في درجة الحرارة لأي مريض بضرورة الاستفسار عن تاريخ سفر لأي من الدول المتوطن بها مرض. الملاريا خلال شهر قبل ظهور الأعراض وكشفت منظمة الصحة العالمية، عن أن الملاريا مرض يهدد الحياة تسببه الطفيليات التي تنتقل إلى الناس من خلال لدغات بعوضة الأنوفيلس المصابة، ولكن الملاريا يمكن الوقاية منها وعلاجها، في عام 2020، كان هناك ما يقدر بنحو 241 مليون حالة إصابة بالملاريا في جميع أنحاء العالم، وبلغ العدد التقديري للوفيات بسبب الملاريا 627 ألف في عام . 2020 وقالت منظمة الصحة العالمية، يتحمل الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية نصيبًا كبيرًا بشكل غير متناسب من عبء الملاريا العالمي، في عام 2020، كانت المنطقة موطنًا ل95% من حالات الإصابة بالملاريا، و96% من وفيات الملاريا، ويُقدَّر أن الأطفال دون سن الخامسة يمثلون 80% من مجموع وفيات الملاريا في الإقليم والذي عانت منه مصر مثل انحاء العالم في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. ويؤكد أن الملاريا مازالت أحد الأمراض التي تترصد بالحدود المصرية خاصة الجنوبية وأن جهود الدولة ويقظة أجهزة الطب الوقائي تكاد تكون هي العامل الوحيد لمنع ظهور وانتشار وباء الملاريا في مصر إذ إن الملاريا هي أحد الأمراض التي لا يتوقف منع الإصابة بها على دور الأشخاص في الوقاية بقدر ما يتوقف هذا الدور على أجهزة الدولة القادرة على رصد ومنع ظهور هذا المرض الذي يهدد صحة واقتصاد الدول النامية وخاصة غرب ووسط وشرق أفريقيا وبؤر أخرى في آسيا وأمريكا الجنوبية وقدرت منظمة الصحة العالمية إعداد المصابين بالمرض على مستوى العالم ب 210 ملايين مصاب حتى الآن وتاريخ مرض الملاريا يعود إلى ملايين السنين من التحور والتطور والمنشأ والمتفق عليه علمياً في أغلب الفصائل من طفيل بلازموديوم الشائع الانتشار بين القردة والشمبانزي الأفريقي والانتقال والعدوى عن طريق فصائل مختلفة من البعوض أشهرها الجامبيا وانثى الانوفليس. ويؤكد الدكتور يحيى الفقي، أستاذ محاضر أمراض الباطنة بالكلية الملكية البريطانية لتكاثر طفيل الملاريا، هناك شرطان أساسيان وجود مياه راكدة مثل مياه صرف صحي أو برك مياه ساكنة وفصائل البعوض المتخصصة في نقل الطفيل من شخص لآخر وهو ما يؤكد أن كفاح هذا المرض يتوقف على أداء الطب الوقائي والحكومات وسياستها الناجحة في هذا الصدد وهناك حقائق علمية حول مرض الملاريا منها أن هناك نوعين من الملاريا حميدة وخبيثة والملاريا الحميدة أقل خطورة وأكثر استجابة للعلاج والملاريا الخبيثة قد تكون شديدة الخطورة وقاتلة أحيانا وتستوجب الإسراع بالعلاج في أقرب وقت وطفيل الملاريا الذي يصيب الإنسان له عدة أنواع هي بلازموديوم فلسيبرام وهو أشد الأنواع ضراوة وخطورة ومتواجد بالجزيرة العربية وغرب ووسط أفريقيا بصورة وبائية وبلازموديوم فيفاكسي واوفال وملاري وهذه الأنواع أقل خطورة وتتفاوت أعراضها من بسيطة إلى متوسطة الشدة وفي كل الأحيان لا تسبب الوفاة ومن أحد هذه الفصائل ظهرت الحالات الوبائية الجديدة جنوب مصر وتبدأ أعراض الظهور ما بين عشرة أيام إلى أربعة أسابيع من لسعة البعوضة ولكن في بعض الأحيان قد تظهر الأعراض بعد سنة اعتماداً على نوع الطفيل الذي أصاب المريض. ويضيف الدكتور يحيي الفقي انتقال الملاريا ودورتها الحياتية يتم من خلال تكاثر في كبد المريض إلى دم المريض ثم لسعة بعوضة يتكاثر طفيل الملاريا داخل القناة الهضمية للبعوضة ثم يخرج في لعاب البعوضة وبالتالي عند اللسعة التالية لإنسان سليم ينتقل طفيل الملاريا إلى دم الإنسان السليم، أما تكاثر فصائل البعوض الناقلة للطفيل فهو يحتاج إلى مياه راكدة وحرارة الجو العالية في فصل الصيف ويوفر مناخاً أكثر تهيؤا لتكاثر البعوض الناقل وخاصة من نوع أنثى الانوفليس وأعراض الملاريا هي حدوث رعشة والحمى والعرق والصداع والغثيان والقىء وآلام العضلات وبراز مدمم وبرقان وتشنجات وإغماءات، أما ارتفاع الحرارة والقشعريرة والعرق والصداع فكثيراً ما تتشابه أعراضها مع أعراض الإنفلونزا ونزلات البرد وتسبب الأنيميا الناتجة عن تكسير خلايا الدم الحمراء على ضعف جهاز المناعة وفي حالات الملاريا الخبيثة قد تحدث تشنجات وغيبوبة دون ظهور أعراض الحمى والرعشة والعرق المعتادين ولهذا وصفت بالملاريا الخبيثة ونؤكد خلو مصر منها تماماً منذ أكثر من نصف قرن. ويرى الدكتور يحيي الفقي أن الملاريا بكل فصائلها مرض وقائي يمكن الوقاية منه وهناك طرق كثيرة لمنع لسع البعوض في المناطق الموبؤة مثل المبيدات الحشرية وكريم وزيوت طبيعية على الجلد طاردة للبعوض بجانب جهود الدول والحكومات وهو الأكثر أهمية في كل الأحوال، أما العلاج فيتوقف على تقدير الطبيب في اختيار الدواء المناسب وفي إدخال المريض إلى المستشفى من عدمه حسب شدة الحالة ونوع الطفيل واعتبارات أخرى يقدرها الطبيب ومن الأدوية المستخدمة كاينين ومفلوكين وهناك حالات من الملاريا كثيرة لا تستجيب للنوعين السابقين تم تطوير مركبات أدوية أكثر تأثيراً للقضاء عليها مثل ارتسونيت ولومفانترمين وفي كل الأحوال فإن خبرة الطبيب وتقديره الحالة أثناء المتابعة وللإجابة عن تساؤل هل تعود الملاريا الوبائية للظهور في مصر؟ نقول إن عودة الملاريا أمر مستبعد تماما وإن كان الحذر والعمل الجاد في مجال الطب الوقائي يجب أن يكون في منتهى اليقظة بعد ظهور الحالات الجديدة.