هل يحتاج المصريون الى جرعات كبيرة من الضحك حتى تتحسن معنوياتهم وينتجون. زمان كان الضحك من القلب, وكثيرا ماكنت ترى جمعا من الناس مستغرقا فى الضحك لسبب تافه, والأفلام القديمة تعكس الظاهرة، لذلك كنت تسمع عبارة «اضحك تضحك لك الدنيا» وكذلك «اضحك كركر» وأيضا «يا أبوضحكة جنان», وفى الزمن الحالى فإن عبارة مثل «اضحك.. كركر» قد تثير الضجر عند البعض «ويكون رد فعلهم عند سماعها» «اضحك على إيه يامورستان؟ ماذا حولى يدعو الى الضحك؟» بل ربما يرتدى مسوخ الفلاسفة وينصحك بالعبارة الشهيرة، التى ألفها فيلسوف الأجيال «الضحك من غير سبب قلة أدب», صحيح ان هذه العبارة كانت تروى فى الزمن الجميل, ولكن الحقيقة التى عايشتها بنفسى ان أحدا لم يكن يعمل بها بل كنت ألمح الجمع وقد انفجر فى الضحك حتى دمعت العيون وأعقبتها عبارة «اللهم اجعله خير», لكن الخير لم يعد يراه المصريون ولا حتى فى المستقبل بسبب بائعي النكد فى الجرائد والتليفزيون, والعجيب أن اليونسكو أدرجت المصريين فى المرتبة الثانية بعد الأمريكيين من حيث الشعور بالبهجة والإقبال على الحياة, وهذه طامة كبيرة عندما يكون بلدا من البلاد على وشك الإفلاس فيكون ذلك من دواعى بهجة شعبه وإقباله على الحياة, فى هذه الحالة سيتجه الشك الى سلامة عقوله, والحقيقة أن التاريخ يؤكد أن المصريين يحملون جينات مقاومة لليأس والإحباط مما دفعهم عبر تاريخهم الطويل إلى إنجازات لم تهدف فقط لخير حياتهم بل وكذلك الخلود الذى ينتظرهم بعد الموت. لكن أحدا لا يختلف مع ذلك أن الشعب المصرى بلغ حالة من القرف عندما لم يجن بهذه الثورة ما كانت تطمح اليه أفئدته من عدالة ورعاية وكرامة وحداثة, بل إن الشكل العام للعاصمة و«التكاتك» تمرح كالجرذان فى أحيائها, لا يمكن أن يبشر بعودة سريعة للدولة الغائبة, كذلك فإن نسب الإصابة بالأمراض بين المصريين تتفاقم وتتعاظم, وايضا يخرج الغلاء الفاحش لسانه لأناس تحت خط الفقر, كل ذلك يوحى بأن المسئولين لاهية قلوبهم عن عظائم الأمور .ومع ذلك لا يدعو لليأس أبدا, لأننا برغم كل ذلك بدأنا الطريق الصح والتقطنا اول الخيط بالانتخاب الحر لرئيس جمهوريتنا ووضعنا اللبنة الأولى لحياة ديمقراطية, تجعل الدكتور مرسى وغيره فى جهاد وحرص حقيقى لتحقيق إنجازات (بس ابعد عنه الإخوان ومستشارى الغفلة). ولا يجب أن نحمل الرئيس مرسى تزايد أعداد البلطجية والباعة المتجولين فى كل شوارع مصر وقد أسقطوا هيبة الدولة خلال ثلاثين عاما ولكن ايضا يجب ألا نعفيه من المسئولية فى حال بقائهم بعد المائة يوم الموعودة لاسيما وهم يشكلون سببا جوهريا فى أزمة المرور وازدياد القذارة وانهيار الأمن (الملف إياه). سيشعر المصريون بالرضا وينعكس على نفسياتهم وإنتاجهم وصبرهم حينما يشعرون ان هناك دولة مهيبة تقطع يد من يتناول شبرا من أرضها (أقصد من القوى الداخلية), وهذا لا يكلف ميزانية الدولة أعباء جديدة. فإذا عجز النظام عن تحقيق مثل هذا الإنجاز البسيط, فعليه أن يكثف جهوده فى إقامة صناعة جديدة لبرشام جديد يستعيد به المصريون وجودهم وليكن اسمه «اضحك كركر».