127 ألف طالب ثانوى يطرقون أبواب 24 جامعة خاصة ارتفاع مصروفات جميع الكليات الخاصة.. والزيادة وصلت إلى 40% أسر تبيع أراضى وشقق لتحقيق حلم أبنائها أحمد يعمل فى الصيف ليساعد والده على توفير مصاريف الجامعة الخاصة خبراء: تطوير التعليم الجامعى واختبارات القدرات ضرورة نقابة الأطباء: وجود مستشفى جامعى لكليات الطب الخاصة شرط قيد الخريجين بالنقابة والصيادلة: لن نقيد الحاصلين على أقل من 5% من الحد الأدنى للكليات الحكومية والمهندسين 80% من مجموع الحاصلون على أقل من 50% من مجموع الثانوى لن يتم قوبلهم بالنقابة تحقيق: نادية مطاوع فى ظل الارتفاع الحاد فى مجاميع طلاب الثانوية العامة، ارتفع أيضاً تنسيق القبول بالجامعات الحكومية، ليصبح حلم آلاف المتفوقين بدخول كليات القمة مستحيلا، فالطالب الحاصل على 95% أو 96% لن يتحقق حلمه فى دخول الكلية التى يريد، وبالتالى لا يجد أمامه سوى الجامعات الخاصة لتحقيق حلمه ولكنه حلم مدفوع الثمن، حيث تلجأ آلاف الأسر لبيع ما تملك من أجل تحقيق أحلام أبنائها. كشف المجموع التكرارى للطلاب النجاحين فى الثانوية العامة عن حصول 10 آلاف طالب وطالبة على مجموع 407.5 درجة، أى بنسبة 99.4%، وهو ما يؤكد ارتفاع الحد الأدنى لكليات الطب، ومن المتوقع أن يصل إلى نسبة ال99% كما كشفت المؤشرات اشتراك 7 آلاف و500 طالب وطالبة فى نصف درجة، كما حصل حوالى 20 ألف طالب على نسبة ال93% فى شعبة علمى رياضة، مما يرجح ارتفاع الحد الأدنى للقبول بكليات الهندسة، وكليات الحاسب الآلى والفنون التطبيقية والجميلة. وحسب الأرقام الرسمية فإن 127 ألفاً و300 طالب ثانوى حصلوا هذا العام على مجموع يتراوح بين 90% و95% وهؤلاء جميعاً ليس أمامهم ملاذاً إلا الجامعات الخاصة لتحقيق حلمهم للحاق بكليات القمة، ورغم أن الحكومة كانت قد طالبت بزيادة أعداد المقبولين بكليات الطب، إلا أن هذا القرار لو تم تطبيقه لن يقلل من جنون التنسيق فى ظل زيادة أعداد الطلاب الناجحين بمجاميع كبيرة، ويتزامن مع هذا صدور قرار آخر بتخفيض أعداد المقبولين فى كليات الصيدلة وطب الأسنان بنسبة 25%، ولو تم تطبيق هذا القرار أيضاً فمن المتوقع أن يقف الحد الأدنى للقبول بكليات القطاع الطبى عند 98.5%، لتصبح أسر المتفوقين فى مأزق حقيقى، حيث إنه من المتوقع أن يتوقف الحد الأدنى بكلية الصيدلة عند 398.5 درجة أى بنسبة 97.2%، والقبول بكلية طب الأسنان، ما بين 98% و98.2% كحد أدنى، والقبول بكلية الطب البيطرى عند 395 درجة أى بنسبة 96.3%، وبذلك سيواجه الطلاب الحاصلين على أقل من ال96% عقبة فى الالتحاق بكليات القمة، لتتحطم أحلام المتفوقين على صخرة الواقع، ولا يصبح أمامهم سوى الجامعات الخاصة التى يمكنها تحقيق الحلم بشرط دفع المقابل المادى، فالحلم أصبح بالآلاف التى يدفعها الآباء من أقواتهم لتحقيق أحلام الأبناء. ومع ارتفاع الأسعار زادت أيضاً رسوم الالتحاق بالجامعات الخاصة، ولكن أمام مستقبل الأبناء فكل شيء يهون وقبل ظهور نتيجة الثانوية العامة أعلنت الجامعات الخاصة عن تنسيق القبول بها، حيث تقبل كليات الطب الخاصة الناجحين بمجموع 95%، والأسنان والعلاج الطبيعى 90%، والصيدلة 89.5%، والهندسة 80%، والفنون التطبيقية والعلوم الصحية التطبيقية وعلوم الحاسب الآلى والتكنولوجيا الحيوية 70%، والإعلام وباقى الكليات الأخرى 55% وفى مقابل انخفاض التنسيق، ارتفعت مصروفات هذه الجامعات الخاصة بشكل كبير وعلى رأسها الجامعة الأمريكية والألمانية، والتى تخطت مصاريفها حاجز ال100 ألف فى العام. أما الجامعة الروسية فتبلغ مصروفات كلية الطب وطب الأسنان بها 80 ألف جنيه مقسمة على ترمين، 40 ألفاً فى كل تيرم، أما كلية الصيدلة فتبلغ مصروفاتها 62 ألف جنيه فى العام، والهندسة 48 ألفاً، والإدارة والتكنولوجيا المهنية والحاسبات فمصروفاتها 35 ألفاً. وفى جامعة بدر فتبلغ مصروفات كلية طب الفم والأسنان 51 ألف جنيه، والصيدلة الدوائية 44 ألفاً، والعلاج الطبيعى 37 ألفاً، والتمريض 22 ألفاً، والإدارة والعلوم المالية 32 ألفاً، والهندسة جميع التخصصات 32 ألفاً، والفنون التطبيقية 34 ألفاً، واللغات والترجمة 27 ألفاً. أما جامعة 6 أكتوبر فتبلغ مصروفات كلية الطب والجراحة بها 92٫3 ألف جنيه، وطب الأسنان 70٫8 ألف، والهندسة 46٫2 ألف، والإعلام 26٫6 ألف، ونظم المعلومات 24٫5 ألف، والعلاج الطبيعى 51٫4 ألف. أما جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، فتبلغ مصروفات كلية الطب البشرى بها 85 ألف جنيه، وكلية طب وجراحة الفم والأسنان 63 ألفاً، وكلية الصيدلة والتصنيع الدوائى 52 ألف جنيه، والعلاج الطبيعى 45 ألف جنيه، وكلية التكنولوجيا الحيوية 30 ألف جنيه، وكلية العلوم الطبية التطبيقية 29 ألف جنيه، التمريض 16 ألفاً، والهندسة 41 ألف جنيه، والإعلام 25 ألفاً، وكلية الإدارة والاقتصاد 25 ألفاً، أما كلية تكنولوجيا المعلومات فتبلغ مصروفاتها 21 ألف جنيه، واللغات والترجمة 20 ألف جنيه، وكلية الآثار والإرشاد السياحى 15 ألفاً، وكلية التربية الخاصة 14 ألف جنيه، أما الجامعة البريطانية فتقدر مصروفات كلية الهندسة بها ب 113 ألف جنيه، وكلية إدارة الأعمال 99 ألفاً، وطب الأسنان 155 ألفاً، والتمريض 34 ألفاً، والصيدلة الخاصة 95 ألفاً، والإعلام 104 آلاف، والحقوق 85 ألفاً وكلية الفنون والتصميم 87 ألفاً والحاسبات والمعلومات 87. أما جامعة الأهرام الكندية فمصروفات كلية الهندسة بها 48 ألف جنيه، وعلوم الحاسب 40 ألفاً، والإعلام 35 ألفاً، وطب الفم والأسنان 85 ألفاً والصيدلة 70 ألفاً. ورغم أن هذه الأسعار المرتفعة إلا أن أولياء الأمور وأبناءهم من المتفوقين يجدون فى هذه الجامعات الأمل فى تحقيق الحلم لذلك تحاول الأسر جاهدة بذل الغالى والنفيس لدفع المصروفات وتحقيق حلم الأبناء فى الالتحاق بكليات القمة يذكر أنه منذ ظهور الجامعات الخاصة فى مصر عام 1996 ونصيبها من كعكة الثانوية العامة يتزايد كل عام، حيث زاد عدد هذه الجامعات حتى وصل إلى 24 جامعة خاصة، بالإضافة إلى 156 معهدا عالياً تتنافس جميعا على اجتذاب طلاب الثانوية العامة، خاصة المتفوقين منهم الذين يحلمون بكليات القمة التى يحول العدد والمجموع دون التحاقهم بها، بالإضافة إلى الحاصلين على مجموع منخفض والذين يجدون ضالتهم فى هذه الجامعات والمعاهد لدراسة التخصص الذى يريدون دون التقيد بشرط المجموع. ورغم أن وزارة التعليم العالى وضعت قواعد للقبول بهذه الجامعات منذ عدة سنوات، من خلال وضع حد أدنى للقبول بها حتى لا يكون دخول كليات القمة «بالفلوس فقط»، إلا أن بعض الجامعات ربطت الالتحاق بكليات القمة والمصروفات بمجموع الطالب، حيث تحدد بعض الجامعات مصروفاتها بناء على شرائح المجاميع، فالطلاب المقبولون وفقاً للشريحة الأولى تقل مصروفاتهم عن المقبولين ضمن الشريحة الثانية وهكذا، وتشير الدكتورة أمال عبدالله الأستاذة بجامعة عين شمس ومدير مركز تطوير التعيم الجامعى سابقا إلى أن الجامعات الخاصة فى مصر أصبحت واقعاً ملموساً، خاصة أن سوق العمل يفضل خريجى جامعات بعينها، فى ظل تراجع الجامعات الحكومية وخروجها من التصنيف العالمى، حتى أن الجامعات الخاصة أصبحت خياراً أولاً أمام الكثير من الناس، ولكن هناك مشكلات فى بعض هذه الجامعات فمحتوى المناهج بها ضعيف وبعضها يعتمد على الحضور وأعمال السنة بشكل كبير، مما يصدر لنا خريجين على مستوى أقل من المطلوب، وأضافت أن بعض هذه الجامعات أصبحت مثل المدارس الخاصة تمثل بيزنس لا يضيف الكثير للعملية التعليمية بقدر ما تضيف أموالاً لأصحابها، ولكنها فى الوقت نفسه حلت مشكلة مجتمعية لكثير من المواطنين الذين يريدون إلحاق أبنائهم بكليات معينة، وللقضاء على سلبياتها لابد من زيادة إشراف الوزارة عليها والاعتراف بالجامعات الجيدة منها وإعادة الدور للجامعات الحكومية وإصلاح التعليم ما قبل الجامعى لضمان تخريج طلاب على مستوى عالى. النقابات يعانى خريج الجامعات الخاصة منذ سنوات من مشكلة عدم اعتراف النقابات المهنية بهم، وكانت نقابة الأطباء أولى النقابات التى رفضت قيد خريجى الجامعات الخاصة بها، وما أن انتهت مشكلتهم بعد اشتراط النقابة وجود مستشفى جامعى لتدريب الطلاب، حتى دخلت نقابات الأسنان والصيادلة والمهندسين على الخط، خاصة مع زيادة أعداد الخريجين، حيث رفضت نقابة الصيادلة قيد الطلاب الذين يدخلون كليات تقبل بأقل من الحد الأدنى للكليات الحكومية ب5%، فى حين قررت نقابة أطباء الأسنان رفض قيد الطلاب الذين التحقوا بكليات تقبل أقل من الحد الأدنى للكليات الحكومية، على أن يسرى هذا القرار على الطلبة الذين التحقوا بالكليات منذ عام 2013، وأكدت النقابة أنها لن تمنحهم تصاريح مزاولة المهنة، فى حين جددت نقابة المهندسين رفضها قبول خريجى كليات الهندسة الخاصة الذين يتم قبولهم بالكليات بمجموع يقل عن الحد الأدنى للكليات الحكومية ب10%، وترى الدكتورة أمال عبدالله أن حل هذه المشكلة يكون بإجراء اختبارات حقيقية للخريجين قبل التحاقهم بالنقابات، وإجراء اختبارات أخرى عند تجديد تراخيص العمل، وهو أمر معروف فى جميع دول العالم، لضمان تطوير الخريج لنفسه باستمرار وعدم الاكتفاء بما تعلمه فى الجامعة سواء جامعة خاصة أو حكومية. أزمات أسرية للقضية وجه آخر تعيشه آلاف الأسر المصرية كل عام، فالطلاب الحاصلون على مجموع يتراوح بين 90% إلى 95% لا يجدون لهم مكان فى كليات القمة، وبكل المقاييس فهؤلاء الطلبة من المتفوقين، فتصبح الأسرة فى أزمة حقيقية، فالطالب قام بعمله وذاكر واجتهد إلا أن الحظ لم يحالفه وغالباً ما يتلاشى حلمه أمام عينيه بسبب عقبة المجموع، بعض الطلاب واسرهم يرضون «بالقسمة والنصيب» والبعض الآخر يرى أن الطالب لم يقصر، وبالتالى تصبح الأسر محدودة الدخل أمام خيار وحيد وهو إلحاق أبنائهم بهذه الجامعات الخاصة، ويصبح توفير المصروفات معضلة يجب التغلب عليها، حيث تقوم بعض الأسر ببيع ما تملك من أرض أو عقار كانت محتفظة به لمواجهة الزمان، وهناك أسر أخرى تقوم بعمل جمعيات سنوية وتوفير من يمكن أن توفره من قوت يومها من أجل تعليم الابن أو البنت. رحاب فاروق أم للطالبة مريم التى حصلت على 95% فى الثانوية العامة، ورغم هذا المجموع والتفوق إلا أنه من المتوقع ألا تستطيع الالتحاق بكلية الصيدلة التى كانت تحلم بها، فقرر الأم والأب أن يبيعا شقة الزواج التى تم إغلاقها منذ سنوات ليتزوج فيها شقيق مريم بعد تخرجه من الجامعة. وتقول الأم: ما فائدة شقة مغلقة لزواج الولد، والبنت المتفوقة منهارة منذ ظهور النتيجة وبكاءها مستمر بسبب ارتفاع شرائح المجاميع، وارتفاع التنسيق. نفس المشكلة عانت منها أسرة الطالب أحمد محسن فى العام الماضى، حيث حصل الابن على 93% علمى علوم رغم تعبه ومجهوده طوال العام، وهو ما دفع أسرته إلى إلحاقه بكلية صيدلة خاصة، وتغلب الأب الذى يعمل مدرس على مشكلة المصروفات بعمل جمعيات طول العام لتوفير مصروفات الجامعة، وأضاف أن أحمد عمل فى الصيف الماضى ليساعدنى فى توفير مصاريف الجامعة، وقد أصبح هذا مصدر فخر لى وله، فأنا سعيد بابنى الذى يدرس ويعمل ولست نادماً على خيار الجامعة الخاصة رغم كل معاناتنا كأسرة بسبب ارتفاع المصروفات. أما طلاب الأقاليم فمعاناتهم تتزايد، فمعظم الجامعات الخاصة فى القاهرة والمدن الجديدة كالسادس من أكتوبر والعبور، وبالتالى يكون على من يرغب منهم فى الالتحاق بإحدى الجامعات الخاصة أن يتحمل مصروفات مضاعفة، حيث تقيم معظم الجامعات مدن جامعية لإقامة الطلبة تصل مصروفات الإقامة بها إلى 30 ألفاً أو 40 ألف جنيه فى العام، وهو ما يزيد من أعباء الأسر. وأشار الدكتور محمد الطيب الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس ورئيس رابطة التربية الحديثة إلى أن كل الجامعات الخاصة تؤكد فى أوراق اعتمادها أنها مؤسسة تعليمية غير هادفة للربح، ومع ذلك فهى تحقق أرباحاً، وهو ما أغرى العديد من رجال الأعمال على دخول هذا المجال. وأضاف أن العالم كله به جامعات أهلية تعتمد فى مواردها على المنح والتبرعات ومشاركة منظمات المجتمع المدنى، وهذا المفهوم لا يوجد فى مصر، إنما الموجود مؤسسات ربحية مملوكة لأشخاص بعينهم ويحكمها مبدأ الربح والخسارة. ويطالب الدكتور الطيب بضرورة البحث عن وسائل حقيقية لتطوير التعليم الجامعى لاستيعاب الطلبة مع ضرورة ربط الجامعات بسوق العمل، وإنشاء جامعات أهلية لا تهدف للربح، وإنما هدفها التعليم، مع ضرورة تطوير الجامعات الحكومية ونظام القبول بها حتى لا يكون المجموع وحده هو السبيل إليها.