كتب - محمد علام: بدأ يلاحقها فى كل مكان، ويركض وراءها أينما ذهبت لجذب انتباهها، يستيقظ باكراً ويرتدى ملابسه الأنيقة وينتظرها أمام المدرسة، أوقعها بكلامه المعسول فذاب قلبها.. تغزل بجمالها حتى وقعت فى حبه وأصبحت كالصلصال يشكلها كيفما يشاء.. فى ليلة عتماء أوهمها بعشقه لها وأنه غير قادر على الاستغناء عنها وهى حُلم كبير بالنسبة له تمنى أن يكون واقعاً.. سلمت الفتاة المراهقة طالبة الثانوى قلبها وجسدها له بعدما انخدعت باسم الحب وفقدت أعز ما تملك، ثم تخلى عنها الحبيب وأصبحت فى مأزق، فالفضيحة حتماً ستلاحقها.. قررت أن تنتقم لشرفها فغادرت المنزل للبحث عن الحل ومر يوم والثانى والثالث اختفت الفتاة، قلق الأب منذ اللحظات الأولى لخروج ابنته على غير عادتها، وبعد أيام تسلم جثمانها بعدما نجحت قوات الإنقاذ من انتشاله من ترعة بمنطقة الإبراهيمية. «اهتمام زائف وشهوة قاتلة».. خدعت «إيمان» الفتاة البسيطة التى تنتمى لأسرة متوسطة يعمل والدها موظفاً بإحدى المصالح الحكومية، يستيقظ باكراً للذهاب لعمله وتذهب هى للمدرسة كعادتها بصحبة أشقائها الصغار، حتى لمحها شاب وأعجب بجسدها، بدأ يرصد تحركاتها ويجذب اهتمامها لينال مراده منها، حاولت الفتاة صده وتعمدت إهانته وإحراجه ولكنه لم ييأس حتى ذابت من كلامه، استطاع أن يقنعها بحبه وبادلته شعور العُشاق.. بعد أسابيع قليلة بدأت الفتاة تسير على خطى حبيبها وتطيع أوامره وتذهب للقائه مرة والثانية والثالثة، حتى فرض سيطرته عليها وظهرت نواياه الخبيثة. «بحبك وهخطبك ونتجوز لما تخلصى امتحانات».. كلمات قالها المتهم لتلميذة الثانوى لإيقاعها فى شباكه لكى تطمئن من ناحيته، وأقسم أنه يريدها أن تكون زوجته وأماً لأطفاله، دعاها للخروج والتنزه ثم فاجأها بالذهاب إلى منزله الخالى، استنكرت الفتاة ولكنها ذهبت خلفه كالشاة، ودخلا المنزل معاً وأغلق الباب وجردها من ملابسها.. انقض عليها كالذئب المسعور، ينهش عذريتها ويقتل براءتها، تصرخ وتصرخ، ولكن هيهات لقد أصم الشيطان أذنيه أن يسمع توسلاتها. «صدمة وانكسار بعد تجاهل الحبيب».. عادت الفتاة إلى المنزل على أمل أن يفى بوعده لها ويتقدم لخطبتها من والدها.. ولكن لاحظت الفتاة تجاهل الحبيب وعدم اهتمامه بها فبعد أن كان يذهب خلفها أينما ذهبت، ويتصل على هاتفها مراراً وتكراراً انقطع كل هذا.. قلقت طالبة الثانوى وأرادت أن تعرف ما سبب التغيير حتى فوجئت بكلمات وقعت عليها كالصاعقة. «أنا مش بتاع جواز».. كلمات قالها لتنهار الفتاة بالبكاء وأقسمت على الانتقام لم يهتم الجانى بتهديدها فهو يدرك أنها لم تخبر والدها بما دار بينهما.. مرت أيام وشهور وتلقى الجانى اتصالاً من ضحيته أخبرته قائلةً «أنا حامل ولازم نشوف حل لموضوعنا». «الفتاة.. جثة هامدة عائمة فوق المياه».. أصبح الجانى فى حيرة من أمره وارتبكت حساباته ودارت العديد من التساؤلات داخل رأسه ماذا يفعل؟ كيف الخروج من الأزمة؟.. روى المتهم جريمته الشنعاء لصديقه وكان رده: «اقتلها يا صاحبى وخلص الموضوع» لم يتردد المتهم وفكرا سويا فى كيفية التخلص منها والشيطان ثالثهما. «لازم أقابلك ونشوف هنتصرف إزاى».. قالها المتهم للفتاة لاستدراجها حتى خرجت من المنطقة واصطحبها بداخل التوك توك الخاص بصديقه، وفى مكان خالٍ من السكان انقض المتهمان وقيدا الفتاة وكتما أنفاسها حتى لقيت مصرعها وتخلصا من الجثة بإلقائها بترعة الإبراهيمية ثم انصرفا وكأن شيئاً لم يكن. «أب حائر وأم مكلومة».. كلمات تصف لسان حال الأسرة بعد غياب ابنتهم فى ظروف غامضة.. طاف الأهل أرجاء القرية للبحث والسؤال عنها واتجهوا لمنازل أصدقائها لسؤالهم عليها ولكنهم لم يلاقوا جواباً مناسباً يريح قلوبهم، اتجه الأب إلى قسم الشرطة وحرر محضراً بالاختفاء وأدلى بمواصفتها وأعطاهم صورة حديثة لها، وبعد أيام تلقى اتصالاً بالعثور على جثة فتاة تطابق مواصفات ابنته التى أدلى بها، اتجه الأب مسرعاً للتعرف على الفتاة متمنياً ألا تكون هى الضحية، ولكن حدث ما كان يخشاه ورأى ابنته صاحبة ال18 عاماً جثة هامدة. أمرت النيابة بتشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة وصرحت بدفنها، ونجح رجال المباحث فى كشف لغز الجريمة والإيقاع بالمتهم، وتم القبض عليه وبعد الضغط عليه أيقن أنه واقع لا محالة واعترف تفصيلاً بارتكابه الجريمة بالاشتراك مع صديقه، قررت النيابة حبسهما وأحالتهما للمحاكمة. استيقظ الأب باكراً كعادته ولكنه لم يذهب للعمل فهو على موعد حضور جلسة النطق بالحكم على قاتلَى ابنته داعياً الله بالقصاص العادل ليريح قلبه، أودع حرس المحكمة المتهمين داخل القفص وفى تلك اللحظات صمت الجميع، صوت الحاجب يدوى «محكمة» يخرج القضاة الثلاثة إلى منصة العدل، الأنفاس تكاد أن تتوقف والقلوب تصرخ ألماً.. بدأ القاضى فى تلاوة حكمه.. وبعد الاطلاع على الأوراق والتحقيقات حكمت المحكمة بإعدام المتهمين.. مشاعر مختلطة غالبت الأب.. دموع وضحكات وصورة ابنته فى يده وصرخات من داخل قفص الاتهام فقد نالا عقابهما العادل جزاء ما فعلا، خرج الأب والدموع تنساب من عينيه فخيال ابنته لا يفارقه وكأنه ما زال لا يصدق ما حدث لها.