«» نعيش فى مجتمع عاق للمفكرين والأدباء.. والصحافة تعانى من «المرتزقة» لست نادمًا على فقدان «الشهرة»..وتلقيت اتصالات من السعودية ولبنان قبل اعتذار «التضامن» لم أنتخب ب «مجمع اللغة العربية» لكونى «مسيحيًا» رغم انتخابى فى «سوريا والأردن» الإخوان أفسدوا الحياة السياسية منذ عصر الملك فاروق.. ولم أشارك فى انتخابات منذ 1952 «هيكل»- صديق عمري- تجاهلنى بعد رئاسته ل«الأهرام» والتحم بالسلطة أضاء الأديب التسعينى نور مسكنه، حين اقترب موعد اللقاء فى السابعة مساءً، واتكأ على سور السلم المؤدى إلى باب شقته الكائنة بشارع الإمام على بن أبى طالب – مصر الجديدة، منتظرًا القادمين للحوار. أشار بيده إلى الداخل، ومضى بخطوات متثاقلة كعائد من معركة طاحنة مع الحياة، بدت آثارها فى ظهر يعاند الانحناء، ورأس استسلم تمامًا للشيب، وبصر ضل طريقه إلى القراءة بعد 90 عامًا من الاطلاع. خلف باب الشقة الخشبى ممر قصير يؤدى إلى صالة تحتضن ما تبقى من مكتبته، و«صالون» يبادل صاحبه شيخوخة حاضرة، عن يساره «تلفاز» مغلق منذ سنوات، و«بوكيه ورد» أهدته له مؤخرًا وزارة التضامن الاجتماعى عقب واقعة «منع صرف المعاش»، ممهورًا برسالة اعتذار من «د.غادة والى»، دستها خادمته بين الأوراق، دون أثر لقراءة سطورها. خاوية مكتبة المفكر الكبير، وشيخ الصحفيين «وديع فلسطين»، باستثناء بضعة كتب متناثرة على الأرفف، ومحتواها كاملًا تبرع به «سفير الأدباء»- حسبما يلقبه محبوه- ل«دار نشر» لبنانية، خشية رؤيتها ذات يوم على «سور الأزبكية»-حسب قوله-. استند حامل كارنيه نقابة الصحفيين رقم (205) إلى كرسيّه، حدّق فى سقف الغرفة قبل أن يطلق عبارته: ( إننا نعيش فى مجتمع عاق للمفكرين والأدباء، ولست نادمًا على فقد الشهرة). واسترجع «فلسطين» رحلة تأبى النسيان، عاصر خلالها أدباء، وسياسيين، ومثقفين، وخلفت «عزلة» اختيارية «مفروضة» فيما بعد 1952، لخصتها ذاكرته فى جملة واحدة: (إذا أصبح المفكر بوقًا، يستوي عنده الفكر والحذاء). ثرية هى تجربة الصحفى، المترجم، الأديب، يفرض ثراؤها جدارًا عازلًا عن البوح بتفاصيل تحتفظ ب«شبابها» رغم كهولة الرجل، «الوفد» طرقت باب ذاكرة المفكر الكبير، وعادت معه ب«آلة الزمن» لترى بعينه مصر فى حقب سياسية متباينة، الصحافة فى نسخها التى عايشها، مستقبل الحياة الأدبية بين الأصالة والمعاصرة، شهادته على الأنظمة السياسية المتعاقبة، علاقته الخاصة بالكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، أسرار الخلاف بينهما، وتجربته الخاصة مع الحب، والأدب، والثورة، والحياة.. فإلى نص الحوار:- بدايةً.. لماذا تطورت أزمة «صرف المعاش» لهذا الحد، وما هى تفاصيلها بالضبط؟ لا شيء سوى أننى ذهبت لصرف المعاش كالمعتاد، فأخبرونى أنه موقوف، ذهبت للموظف المختص وسألته: أشتكى فين؟..فقال: معرفش، اتصلت بابنتى، فأخبرتنى أنها مشكلتى وعليّ حلها، فاتصلت بعد ذلك ب«لويس جريس»، وأشكره لأنه جعلها قضية رأى عام.. هل ندمت وقتئذٍ على أنك لست «مشهورًا» بعد رحلة ثراء أدبى، وصحفي؟ لست نادمًا لكونى لست «مشهورًا» فى مصر، وتلقيت اتصالات بعد تداول الواقعة على المواقع الإخبارية من أصدقاء ب«لبنان»، و«السعودية»، وقال لى «محمد بن سعود الحمد»-ناشر سعودي-«نحن نصلى وندعو لك يا أستاذنا، عشان ربنا يفكها». بماذا شعرت إذن وهم يريدونك لتثبت أنك على قيد الحياة؟ شعرت بأننى غريب فى وطنى، وأننى فى مجتمع عاق للمفكرين والأدباء. لكن وزيرة التضامن الاجتماعى د.غادة والى اعتذرت لك، وزارك مدير المعاشات فى بيتك.. كيف رأيت ذلك؟ استقبلت اعتذار الوزيرة بكل حب، وأهديت مدير المعاشات كتاب «سوانح وديع فلسطين»، لكننى فى النهاية لم أعد أنتظر شيئًا، أنا فى مرحلة الاستغناء التام عن كل شيء. وأنت أقدم أعضاء نقابة الصحفيين الآن، وأكبرهم سنًا، حدثنا عن تجربتك مع الصحافة؟.. تجربتى مع الصحافة بدأت عام 1942 حين التحقت بقسم التوزيع بصحيفة الأهرام، وقتها كنت رافضًا لهذا العمل، لكنى قبلته فى النهاية وخرجت بفائدة التعرف على سر توزيع الصحف، وبعدها التحقت بصحيفة «المقطم» وكانت صحيفة يومية مسائية، وعملت فيها بقسم الترجمة، وكنت أذهب لنقابة الصحفيين فأرى أناسًا يجلسون ب«جلاليب» ويدخنون «الشيشة»، فقلت « لن ألتحق بها أبدًا»، فى أيامنا لم تكن هناك لجنة قيد، وإنما كنا نرسل أوراقنا لمحكمة الاستئناف وهى تقضى فى الأمر، والأوراق كانت نماذج من أعمالنا الصحفية فقط، وفى عام 1951 طلبوا منّا الالتحاق بالنقابة منعًا لعدم الاعتراف بنا ك«صحفيين» فتقدمت وقبلت من أول جلسة، لأننى كنت حاصلًا على مؤهل عالٍ -بكالوريوس صحافة من الجامعة الأمريكية-،وظللت فى جريدة «المقطم» حتى أغلقت عام 1952، وكنت فى ذلك الوقت أكتب افتتاحيتها، وكانت مملوكة ل«فارس نمر، يعقوب صروف، شاهين مكاريوس»، الأول يعمل كاتبًا، والثانى عضو بمجمع اللغة العربية، والأخير إدارى. لماذا أغلقت صحيفة «المقطم» إذن فى هذا التوقيت؟ كان لنا مندوب بمجلس قيادة الثورة- وقتئذٍ -، وكلما ذهب لاجتماع لهم طردوه بحجة أن «المقطم مابتكتبش كويس عن المجلس»، وبعدها منعوا الإعلانات، والاشتراكات، فاضطر أصحابها لإغلاقها. يعنى ذلك أن الصحافة قبل 1952 كانت أفضل حالًا؟ الصحفيون قبل ثورة يوليو كانوا يشعرون بقيمتهم، حيث إن السلطة كانت تسعى إليهم وليس العكس، وكانت الصحف جميعها تنطلق من شعار وطنى «وحدة وادى النيل»، وفيما عدا المساس بالذات الملكية كل شيء مباح، وأذكر أنى كنت أقيم فى شارع الأهرام، وانقطعت المياه لمدة يومين متتاليين، فكتبت مقالًا تحت عنوان «لهؤلاء تعلق المشانق»، بعدها اتصل بى مدير إدارة مياه الجيزة، وقال: إن ما كتبته كلام فارغ، فقلت له: إننى أعبِّر عن رأى الشعب، وسألته: متى تعود المياه؟.. فقال: حالًا. وفى واقعة أخرى: (كان أخى «مثّالًا» - يصنع التماثيل- فبعثته وزارة التعليم إلى أسبانيا لصقل خبراته، وذهب لاستخراج «جواز سفر» فأرهقه المسؤولون لمدة 3 أيام بطلب أوراق، وكاد أن يتعطل سفره، فجاءنى الصحيفة، وقال: تعرف حد فى وزارة الداخلية يخلص لى «الباسبور»، فقلت: أعرف قلمى، وكتبت فى اليوم التالى مقالًا بعنوان «ليتنى كنت لقيطًا»-حيث إن اللقيط لا يطعن أحد فى مصريته- وليس مسؤولًا عن أوراق، وفوجئت بأن وزير الداخلية آنذاك –فؤاد باشا سراج الدين-اتصل بالمسؤولين فى الوزارة مساء الجمعة، وشدد على ضرورة تسليم جواز السفر لصاحبه فى الثامنة من صباح السبت، وزارنى مندوب الوزارة فعلا صباح السبت بمكتبى بجريدة المقطم، وسلمنى «جواز السفر»، واعتذارًا من الوزير-هكذا كانت الصحافة. وماذا فعلت بعد إغلاق صحيفة «المقطم»؟ توقفت عن الكتابة تمامًا، ومررت بأزمة مالية، ثم بدأت أتخلى عن الكتابة السياسية، واتجهت للاقتصاد، والأدب، وركزت فى الترجمة حتى استعانت بى الأممالمتحدة بعض الوقت. كنت صديقًا للكاتب الكبير الراحل «محمد حسنين هيكل»، لماذا اختلف المسار، فتوهج هو، وانطفأت بعيدًا عن الأضواء؟ «هيكل» صديقى منذ النشأة، حصلت أنا على مؤهل جامعى، وحصل هو على مؤهل متوسط، وكان ثالثنا «رمسيس نصيف» وعمل بالأممالمتحدة، ولما جاءت فترة عبد الناصر التحم به، وبقيت صداقتنا الشخصية، رغم تباين التوجهات السياسية. حينما تولى رئاسة مؤسسة الأهرام، هل تحدث إليك، وطلبك للعمل معه؟ لم يتحدث إليّ، ولما علمت بتوليه رئاسة تحرير الأهرام أرسلت له رسالة تسلمتها سكرتيرته «نوال المحلاوى»، وقلت فيها (أريد العودة للعمل فى الصحافة تحت إشرافك، وتوجيهك)- لكنه لم يرد على رسالتى حتى وفاته، وكنت وقتها فى حاجة إلى وظيفة مستقرة، وفضلت الأهرام. هل التقيتما بعدها؟ نعم.. بعد فترة عملت مديرًا لمكتب السفير الإيرانى بالقاهرة، وحين قامت ثورة «الخمينى» طلب «هيكل» السفر، وزار السفير، فلما رآنى قال: هذا صديق حميم. ولما عاد من طهران أصدرت دار الشروق مجلة اسمها «الكتاب وجهات نظر»، وكان مستشارها، فطلبنى للكتابة فيها، وكتبت 6 مقالات حتى أغلقت. هل ترى أن علاقة «الأستاذ هيكل» بالسلطة خصمت من رصيده كصحفى؟ هيكل أفضل صحفى فى تاريخ مصر، ويُغفر له علاقته بالسلطة، ولم أراجعه فى موقف سياسى إطلاقًا.. أيّ التجارب الصحفية أكبر تأثيرًا فى مسيرتك بعد «المقطم»؟ عملت لفترة مديرًا لشركة آرامكو بالقاهرة، وكانت تصدر مجلة اسمها «قافلة الزيت»، توزع 200 نسخة منها للمصريين، فاقترحت عليهم تحويلها لمجلة ثقافية بسبب «مصروفاتها الزائدة» التى بلا جدوى، فوافقوا، واتصلت بعدها بالأستاذ عباس محمود العقاد وقلت نصًا: (مطلوب منك مقال لمجلة قافلة الزيت، وهذا تشريف، وتكليف، وسندفع مقابلًا» فأرسل مقالًا فى اليوم التالى، ودفعت له 50 جنيهًا، واستكتبت فيها من المثقفين (محمود حسن إسماعيل-إبراهيم ناجي- محمد عبدالغنى حسن- والشيخ محمود أبو رية). برأيك ما الذى فقدته الصحافة الآن بحكم تجربتك؟ الصحفى «ابن نفسه» لا تصنعه الدولة، ولا غيرها، والشاطر إللى يثبت وجوده، وإذا أصبح بوقًا يستوى عنده الفكر والحذاء، وعيب الصحافة العربية أنها «تُشترى». وكيف تبقى الصحافة الورقية فى ظل ثورة إليكترونية متسارعة؟ الصحافة الورقية يبقيها القاريء، والإعلان، وإذا أرادت أن تستمر، ستفعل، بشرط جودة المنتج، ومهنية الصحفى. وماذا عن سلبيات المهنة الآن من وجهة نظرك؟ أبرز السلبيات التى عايشتها فى الفترة الأخيرة هى «الصحفى المرتزق»، وهى «شغلانة» يمتهنها كثيرون، حيث جاءنى بعض الصحفيين لجلسة ودية، وفوجئت بأحدهم ينشر ما دار بيننا ب«صحيفة الحياة اللندنية» على أنه حوار صحفى خاص، وآخرين نشروا فى صحف أخرى. هل شاركت فى انتخابات نقيب الصحفيين الأخيرة؟ لم أشارك فى أى انتخابات بعد عام 1952، لا فى النقابة، ولا غيرها، وأذهب للنقابة فقط لصرف المعاش، ولا أعرف أحدًا من المسؤولين، كما لا أعرف من هو نقيب الصحفيين الحالى. عشت فترة الملك فاروق، ثورة 1952 وما بعدها، مرورًا ب«أنظمة سياسية» تعاقب عليها عدة رؤساء (عبدالناصر-السادات-مبارك-مرسى)..كشاهد على العصر، كيف تقيم تلك الحقب التاريخية؟ لو عاد بى الزمن أتمنى العودة لعصر الملك فاروق، لأنه لم يكن يتدخل فى السياسة، وكان يترك الأمر كله للحكومة، أما ثورة 1952 أساءت لمصر وأثرت سلبًا على الدول العربية، والرئيس الراحل جمال عبدالناصر لم يفعل شيئًا، وعلاقاته مع الدول العربية كانت «واهية»، مرحلة السادات كانت صورة مصغرة من حقبة «عبدالناصر»، أما «حسنى مبارك» فحاول قدر الإمكان أن يكون إصلاحيًا، بينما فترة الإخوان كانت «الأسوأ» فى تاريخ مصر. حين حدثت نكسة (1967) كيف كان السجال بين المثقفين وقتئذٍ، بعد خطاب التنحي؟ الذين كانوا يدافعون عن «عبدالناصر» كانوا يحاولون تبريرها بوصف «النكسة»، ويسعون لنسف مصطلح «هزيمة»، والتنحى كان تمثيلية. هل كنت صديقًا ل«سيد قطب» فعلًا، وكيف عايشت مرحلة تحولاته الفكرية؟ نعم.. كنت صديقًا ل«سيد قطب» فى بداياته، وكنا نعمل معًا بمجلة الرسالة التى كان يملكها «حسن الزيات»، وكنا نلتقى دائمًا، وفجأة أرسلته الحكومة المصرية لبعثة فى «سان فرانسيسكو» بالولاياتالمتحدةالأمريكية-أكثر الولايات تحررًا-، وهناك صدمته الأوضاع التحررية، وعاد بعد 3 أشهر، وكتب 3 مقالات بمجلة الرسالة تحت عنوان «الحضارة الغربية»، ومنذ ذلك الحين تحولت أفكاره، وهذه الرحلة قضت عليه. وما حقيقة لقائه ب«نزار قبانى»..ورفضه لديوانه «طفولة نهد»؟ كان سيد قطب ناقدًا أدبيًا-وقتئذٍ- وقدمت له نزار قبانى، وعرضت عليه ديوانه «طفولة نهد» ليكتب عنه، فرفض وقال: إنه يحمل تجاوزًا أخلاقيًا، ذهبت ل«العقاد» فرفض أيضًا، وكتبت أنا عنه. يعنى ذلك أنك كنت صديقًا ل«نزار قبانى»؟ نعم.. كنا لا نفترق، وكان يعمل هنا موظفًا بالسفارة السورية، ولما عاد إلى بلاده كان بيننا مكاتبات، لكننى كنت رافضًا لتقلباته السياسية، حيث كتب فى عهد عبدالناصر قصيدة يقول فى أحد أبياتها (مخبروك دائمًا ورائى»، ولما مات كتب (قتلناك يا آخر الأنبياء). من خلال تجربتك.. إلى أى مدى تغيرت وضعية الأقباط فى مصر منذ فترة الملك فاروق حتى الآن؟ الأقباط الأقلية، وفى بعض الأحيان تحدث تصرفات ضدهم (كنوع من التمييز السلبى)، مثل ما حدث معى، حيث انتخبت كعضو بمجمع اللغة العربية فى سوريا، والأردن، دون أى تأثير لديانتى كمسيحى فى الأمر، ورشحت فى مصر لعضوية المجمع 3 مرات، ولم أنتخب، ولما سألت الطاهر مكى -أستاذ الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم-جامعة القاهرة-عضو مجمع اللغة آنذاك: لماذا لم تنتخبوني؟ قال: لأنك مسيحى، ولولا أنك مسيحى كان هيبقى لك شأن مختلف فى البلد. قلت إنك كنت كارهًا ل«اللغة العربية».. فكيف تطورت علاقتك بها لحد انتخابك عضوًا بالمجامع العربية؟ نعم كنت كارهًا ل«اللغة العربية» فى البداية، بسبب مدرسيها فى المرحلة الابتدائية، حيث كان المدرس يقول لنا فى بداية الحصة( النهاردة هندرس / مكر مفر مقبل مدبر معًا.. كجلمود صخر حطه السيل من علِ)، فننظر لبعضنا، دون أثر لفهم، ولكن من حببنا فيها هما اثنان من العظام أذكر منهما الآن «السيد شحاتة» خريج دار العلوم، ودعنى أقل لك : اضطررت لحب اللغة العربية بسبب الكتابة. وكيف تطورت العلاقة من الحب إلى الإتقان؟ قرأت القرآن باعتباره «كتابًا أخلاقيًا وأدبيًا»، لغته عظيمة جدًا، وطور كثيرًا من لغتى ككاتب، وأعاود قراءته دائمًا كلما احتجت له، دون حساسية دينية. اطلعت على تجربة «الإخوان المسلمين» أيام الملك فاروق، وعايشتها فيما بعد ثورة 25 يناير.. إلى أى مدى بدت الفوارق فى المرحلتين؟ أولًا.. ليس هناك ما يسمى ب«ثورة شعبية» فى مصر، لأن هذا الشعب دائمًا مشغول ب«لقمة العيش»، ووجود الإخوان مصيبة فى كل المراحل، لأنهم لا يريدون أحدًا معهم، وهم من أسس ل«الطائفية». يعانى المجتمع الآن من «فكر تكفيرى» يقف حائلًا دون استقرار السلام الاجتماعى..إلى أى مدى يمكن حصاره؟ ليس هناك قلق من مثل هذه الأفكار العبثية، ولا سطوة ل«فكر تكفيرى» فى وجود الأزهر الشريف. برأيك ما التغيرات التى طرأت على مواقف الكنيسة، والأزهر، خلال العصور المتعاقبة التى عايشت؟ الكنيسة والأزهر دائمًا مع الدولة، وهما جزء لا ينفصل إطلاقًا عن شكل الدولة فى كل العصور. حدثنا عن خلاصة تجربتك الحياتية، وما تود أن تقوله للأجيال الحالية بعد رحلة قاربت على «قرن» من الزمان؟ أنا ولدت «أرثوذكسيًا»، وغيرت «طائفتى» ل «الأسقفية» بسبب «الحب»، ورحلتى الصحفية كونت لديَّ قناعة أن «مشكلة الصحافة فى الرزق» ؛ فالصحفى يجب أن يمتلك عملًا آخر بجانب الصحافة، وفى ناحية السياسة (من ليس لديه دخل مميز، لا يمارس سياسة)، ونصيحتى للشباب الحالمين «تكيفوا مع كل الأوضاع». وماذا عن نصيحتك لشباب الصحفيين؟ أقول للصحفيين الشباب: يجب أن يكون للصحفى شخصية مستقلة، ولابد أن تتفهموا سياسات جرائدكم حتى تتمكنوا من نشر ما تريدونه، وليس «صحفيًا» من لا يقرأ كافة الصحف يوميًا (محليًا، وعربيًا، ودوليًا) ليعرف ماذا يكتب الآخرون، والكاتب الموهوب لا يهدر وقته.