«الإدمان» لا يجلب سوى الخراب والدمار.. ودائما ما يصل بصاحبه الى نهاية مأساوية لم يتوقعها يوما، بعد ان ينهى على كافة أحلامه ويبدد طموحاته، لم يفرق الادمان يوما بين متعاطيه، فالغنى والفقير، والعالم والجاهل كلهم سواء على مائدة «الكيف»، «محمود حمدى» طبيب ناجح انتهى به الحال خلف القضبان ينتظر عقوبة الاعدام حيث وقع فريسة للإدمان ودمر اسرته وهرب كل المقربين منه بعد ان اصبح وصمة عار فى جبين اصدقائه ومعارفه وأسرته قبل كل ذلك. كتب النهاية لنفسه بالسجن وبالقتل ذبحًا لطليقته وأم طفليه بعد رفضها العودة اليه ثانية، فمنذ اكثر من 9 أعوام تخرج محمود وصار طبيبا ناجحا يحلم بتحقيق طموحاته فى ان يصير أكثر شهرة ، ويشار اليه بالبنان فكل أحلامه كانت مشروعة، قبل نهايته المأساوية، فقبل عدة اعوام قرر محمود ان يتزوج من تلك الفتاة الحسناء التى لا تقل عنه فى المكانة الاجتماعية ، فهى طبيبة ناجحة وتعمل بأحد المستشفيات الحكومية المعروفة، ولأنه ميسور الحال تم عقد قرانهما وزفافهما دون تأخير وفى حفل بهيج. مرت الشهور والسنون والزوجان يعيشان فى سعادة الجميع يحسدهما عليها أنجبا ولداً وبنتاً مثل الملائكة متفوقين فى دراستهما، الأمور تسير على ما يرام لا يعكرها سوى بعض المشاكل العابرة والتى تطرق جميع البيوت، لكن الزوجين كان يتغلبان عليها بالحب والود والتفاهم، وتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن كما يقولون، مات والد الطبيب الشاب وترك له ميراثًا كبيرًا بدل حياته وانقلبت بشكل كامل فبعد أن كان ملتزما فى عمله اصبح «المليونير» صاحب الاموال والعقارات فى لحظة. قرر ترك عمله والتفرغ لإدارة ثروته الكبيرة، وطلب من زوجته ان تترك عملها لكنها رفضت مؤكدة انها لا تستطيع ذلك خاصة ان العمل لم يؤثر فى يوم ما على حياتها وواجباتها الزوجية، وطلبت منه ذلك هو ايضا لكنه رفض مؤكدًا ان لديه الاموال التى تجعلهما يعيشان ميسوري الحال طوال العمر واخبرها بفتحه شركة للأجهزة الطبية. استسلمت الزوجة لأفكار زوجها وبدأ فى تأسيس شركة الاجهزة الطبية واستعان فى تلك الفترة باثنين من اصدقائه واشترى مقرًا الشركة، لكنها لم تتم ففى تلك الفترة تفرغ الثلاثة للسهرات بالمقر بعد فرشه بأحدث الأثاث ولم يعيروا أى اهتمام للعمل نهائيا وعرف «محمود» طريق الخمور والمواد المخدرة عن طريق صديقيه وانقلبت حياته رأسا على عقب. اصبح يغيب لفترات طويلة عن المنزل لم يعد يهتم بزوجته وطفليه بعدما كان يمثل لهم كل شىء، فى تلك الفترة عرفت زوجته بإدمانه للمواد المخدرة، وحاولت بشتى الطرق إبعاده عن ذلك الطريق لكنها فشلت فى ذلك فلم تجد امامها سوى الاستعانة بأشقائه حتى يساعدوها فى ايجاد حل لما وصل اليه زوجها، خاصة انه بدأ فى تبديد ثروته وكان يبيع كل شىء فى سبيل شراء المخدرات له ولزميلى السوء، واستطاعت الزوجة عقد لقاء فى منزلها يجمعها بزوجها واشقائه واستطاعوا فى ذلك اللقاء إقناعه بدخول مصحة لعلاجه من الإدمان لكنه بعد فترة هرب منها وعاد الى نفس الطريق مرة اخرى، حاولت الزوجة مساعدته كثيرا لكنها فشلت، وفى كل مرة تحاول منعه كان يكون نصيبها الضرب والإهانة أنفق كل ثروته على إدمانه ولم يكتف بذلك فقط بل قام ببيع سيارته ومقر الشركة ووصل به الأمر الى سرقة مجوهرات زوجته وبعض اجهزة المنزل. خافت الزوجة على طفليها وعلى نفسها فلم يعد امامها سوى طلب الطلاق والعيش مع طفليها وتربيتهما بعيدا عن والدهما المدمن، واستنجدت الزوجة بأشقاء زوجها مرة ثانية حتى يساعدوها فى الحصول على الطلاق بدون مشاكل او فضائح لكن زوجها رفض تدخل اى شخص فى حياتهما واكد لهم انه لن يتركها، وان الموت فقط هو الذى يستطيع ان يفرق بينه وزوجته وطفليه. وأمام إصراره على رفض الطلاق قررت الزوجة اللجوء الى محكمة الأسرة وطلب الطلاق وبعد عدة جلسات قدمت فيها الزوجة ما يثبت إدمان زوجها للمواد المخدرة وانه غير أمين عليها اصدرت المحكمة حكمها بتطليقها طلقة بائنة «خلعًا» من زوجها. لم يكتف الطبيب بكل ما حدث، لكنه قرر الذهاب الى طليقته وبعد عدة محاولات وامام توسلاته قررت ان تفتح له الباب على ان تكون تلك هى المرة الاخيرة التى تراه فيها، وبمجرد دخوله بدأ يتوسل اليها كى تسامحه وتعود إليه وبدء حياة جديدة معا الا انها لم توافق فقد استنفد رصيده من الثقة لديها وحدثت مشاجرة بالأيدي بينهما، وأمام تعنتها واصراره اسرع الى المطبخ واستل سكينا وقام بطعنها وبذبحها من رقبتها حتى فارقت الحياة فى مشهد سيظل محفورا فى ذاكرة طفليه الصغيرين، وأمام ذلك المشهد الدموى المثير تجمع الجيران على صرخات الاطفال وطلب الجيران الشرطة وتحفظا على القاتل حتى تم تسليمه الى رجال المباحث. واعترف الطبيب القاتل انه ضحية الادمان الذى دمر حياته ولم يكن يتوقع يوما أن ينتهى به الى تلك النهاية المأساوية وتحطيم كل أحلامه وطموحاته ودفنها داخل أسوار السجن.