كلما بدأت الحكومة تناقش كيفية توصيل الدعم لمستحقيه، تبدأ وسائل الإعلام وقوى سياسية في الترويج لنية الحكومة إلغاء الدعم، لأنها لا تستطيع أن تعارض فكرة توصيل الدعم لمستحقيه فقط. وتقوم تلك الحملة الإعلامية بدور مهم، في عرقلة أي جهود جادة لقصر الاستفادة من الدعم على المستحقين له فقط. مما يعني أن الحملة الإعلامية تهدف ضمنا إلى استمرار الوضع الحالي، حيث يفقد جزء كبير من الدعم، ولا يصل لمستحقيه. وقد يكون ما تقوم به وسائل الإعلام من هجوم بسبب سياسة نقد كل شيء طول الوقت، وقد يكون ذلك بسبب الرغبة في حماية مصالح الشرائح التي تستفيد من الدعم عن غير استحقاق. والدعم يصل إلى ثلاثة فئات، الفئة المستحقة للدعم، وفئة غير مستحقه للدعم لأنها من أصحاب الدخل المرتفع، ومافيا نهب الدعم، والأخيرة تحصل على حصة من الدعم، قد تكون الأكبر. وما يصل لغير المستحق من دعم، يعني أننا نرد لأصحاب الدخل المرتفع جزءا مما دفعوه من ضرائب، وهو ما يلغي وظيفة الضرائب كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية. أما ما يصل إلى مافيا نهب الدعم، فهو يمثل جريمة منظمة تقوم بها شبكات كانت تابعة للنظام السابق، وربما تكون هي الطرف الأقوى، والذي يحاول تسخير كل الامكانيات، لمنع وصول الدعم لمستحقيه. وما يحدث في كل الأحوال، هو إهدار للمال العام، وإهدار لحق محدودي الدخل، وإهدار لقضية العدالة الاجتماعية. لأنه يجب أن يصل الدعم كله، وليس بعضه، للمستحقين للدعم، وهم في أمس الحاجة إليه، وكلما استطعنا توصيل الدعم كله لهم، فإن ذلك سوف يساهم في رفع المعاناة عنهم. لذا يصبح من واجب الرئاسة والحكومة، أن تعلن أولا البيانات الكاملة للدعم، والتقديرات الخاصة بنسب تسرب الدعم لغير المستحقين، أو لمافيا نهب الدعم، وتقدم للرأي العام الحلول المقترحة، وكذلك تأثيرات تلك الحلول على مستحقي الدعم، حتى يشارك الرأي العام في اختيار الحل الأفضل، تحقيقا للعدالة الاجتماعية. وحتى يستطيع الرأي العام مواجهة ناهبي ثروته من مافيا نهب الدعم. أما الفئات التي تحصل على الدعم وهي غير مستحقه له، فأظن أنها تدرك أن هناك من يستحق الدعم أكثر منها، وأنها تستطيع تحمل تكلفة إضافية، حتى يصل الدعم لمستحقيه، نظرا لأنها تحقق دخلا أفضل، تحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي، وإرساء العدالة الاجتماعية.