هدد أحد المحققين بجهاز المخابرات العسكرية التابع لجيش الاحتلال "أمان" بنشر فضائح خطيرة عن أساليب التعذيب المتبعة بحق أسرى فلسطينيين وعرب آخرين، إذا لم تقم الحكومة بحمايته في المحكمة. وروى المحقق أن الكثير من الأسرى العرب الذي وقعوا بأيدي جيش الاحتلال ماتوا تحت وطأة التعذيب. وذكرت وكالة سما الإخبارية أن المحقق المذكور يهودي ويعرف ب «أبو جورج»، وأن المئات من الأسرى العرب يعرفونه جيدا، ويعمل اليوم «مستشارا للشؤون العربية في قيادة الشرطة»، إلا أن نشر اسمه ما زال محظورا. وكان الأسير اللبناني المحرر، مصطفى الديراني، رفع شكوى إلى محكمة صهيونية ضد «أبو جورج» بسبب تعذيبه الشديد يطالبه فيها بدفع تعويضات بقيمة 6 ملايين شيكل (ما يعادل 1.5 مليون دولار) وبعد أن أطلق سراح الديراني في صفقة تبادل أسرى قبل ست سنوات، تقدم «أبو جورج» إلى المحكمة بطلب شطب الدعوى، باعتبار أن الديراني لم يعد موجودا في الكيان الضهيوني، لكن المحكمة العليا رفضت طلبه، وأجازت الاستمرار في الدعوى. واعتبر «أبو جورج» القرار بمثابة تخلّ من السلطات الصهيونية عنه، فهدد بالانتقام بواسطة كشف أسرار التحقيقات التي كانت تجري في أروقة الوحدة التي خدم فيها طيلة عشرين سنة تقريبا، وهي وحدة التحقيق مع الأسرى التابعة للاستخبارات العسكرية. ونشر «أبو جورج» تهديده في مقابلة مطولة مع صحيفة «هآرتس»، معترفًا بأن أساليب التعذيب المتبعة في الجهاز وحشية لكنه دافع عنها بالقول إنها كانت السبيل الوحيدة لاستخراج معلومات حيوية من المقاومين.\\ وضرب مثلا على ذلك في التعذيب الذي اتبعه مع الديراني، فقال: لكي يدلنا على مكان الطيار الإسرائيلي الأسير رون أراد، الذي سقط بطائرته في لبنان وباعه للسلطات الإيرانية. وروى «أبو جورج»، أنه كان قد استخرج من الديراني معلومات قيمة عن وجود الطيار رون أراد حيا بأيدي الإيرانيين، وأنهم نقلوه إلى معسكر اعتقال قرب طهران، وأن السلطات الصهيونية لم تأخذ هذا الاعتراف الحيوي بجدية، وأنها لو صدقت رواية الديراني «التي ما زلت مقتنعا حتى اليوم بأنها رواية صحيحة وصادقة، لكان رون أراد اليوم بين أهله في إسرائيل». وكان الديراني اتهم «أبو جورج» ورفاقه المحققين باغتصابه وتعذيبه بأساليب وحشية أخرى. فنفى في تلك المقابلة أن يكون قد حصل اغتصاب، ولكنه اعترف بأنه هدده بالاغتصاب. وقال إن «مثل هذا التهديد لم يكن غريبا على الجهاز»، وإنه كان شاهدا على قيام ضابط صهيوني أعلى منه درجة بالتحقيق مع أسيرة فلسطينية. وعندما لم يستطع تحصيل اعترافات منها أمر جنوده: «خذوا حمموها وأحضروها لغرفتي فسأضاجعها». وروى «أبو جورج» أن تعذيبا شديدا اتبع في مئات الحالات التي يعرفها، وأنه في حال استمرت محكمة الديراني ضده فسيكشف تفاصيل عن عمليات تعذيب رهيبة وأشد مرارة من الأساليب المتهم بها، وأنه سيطلب استدعاء شهود آخرين إلى المحكمة لاستجوابهم وكشف هذه الأساليب، وبينهم عدد من الجنرالات السابقين في الجيش، الذين أصبحوا شخصيات سياسية كبيرة في إسرائيل اليوم. وجدير بالذكر أن هذا النشر أعاد إلى بساط البحث في الكيان الصهيوني موضوع التعذيب في أروقة المخابرات، وطرح مجددا المطلب بضرورة التخلص منها، ولكن هذا الطرح يواجه بمعارضة شديدة من محققي المخابرات.