وكيل "تعليم مطروح" يتابع امتحانات النقل في يومها الثاني    12 مايو.. اليوم التعريفي بمنح المهنيين والأكاديميين في مجالات دراسات وخدمات الإعاقة بجامعة بني سويف    9 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    ضبط 104 كيانات غير شرعية تبيع برامج العمرة والحج.. والسياحة تتخذ الاجراءات القانونية    وزير الإسكان يلتقى نظيره العماني لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجال التنمية العمرانية    بالفيديو.. أسعار التصالح في مخالفات البناء بالقانون الجديد والأوراق والشروط المطلوبة    زعيم المعارضة الإسرائيلية يطالب نتنياهو بطرد بن غفير من الحكومة    ستورمي دانييلز.. لماذا قبلت الحصول على 130 ألف دولار للصمت عن علاقتها مع ترامب قبل انتخابات 2016؟    الدفاع المدني اللبناني: 4 قتلى في غارة إسرائيلية على سيارة جنوب البلاد    «أونروا»: 80 ألف نزحوا من رفح الفلسطينية بحثا عن مآوى    بعثة الزمالك تغادر إلى المغرب لمواجهة نهضة بركان بنهائي الكونفدرالية    بدء تسليم أرقام جلوس طلاب الدبلومات الفنية اليوم    تشغيل قطارات نوم وأخرى مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح في الصيف    اليوم.. محاكمة المتهم بقتل «طفلة مدينة نصر» بعد التعدي عليها جنسيًا    أصالة تثير الجدل بفعل مفاجئ وصادم .. هل انفصلت عن زوجها؟    نقل ريهام أيمن إلى المستشفى بعد تعرضها لوعكة صحية    رئيس مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما عن رفض عرض فيلم الشيخ جاكسون: الفيشاوي رقص في المسجد    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة شوارع القاهرة والجيزة    وزير التجارة يبحث مع نظيره الأردني فرص تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك    24 عرضا مسرحيا بالمهرجان الختامي لنوادي المسرح    طرح فيلم السرب بالسينمات السعودية .. اليوم    ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا.. "FLiRT" تشكل 25% من حالات الإصابة    تعرف علي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    ميليشيات الحوثي تعلن استهداف ثلاثة سفن إسرائيلية في خليج عدن والمحيط الهندي    مفاوضات القاهرة وثقافة الآباء والأبناء.. مقتطفات من مقالات كتاب الصحف المصرية    «الإحصاء»: تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 31.8% خلال إبريل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-5-2024    طلب برلماني بوقف "تكوين".. تحذير من خطر الإلحاد والتطرف    «التعليم» توفر فرص عمل في المدارس الدولية للتكنولوجيا التطبيقية.. اعرف الشروط    شقيق العامري فاروق: نطق الشهادة قبل دخوله في غيبوبة    مصدر مطلع: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهد المصري وصولا للاتفاق    علي جمعة: القلب له بابان.. وعلى كل مسلم بدء صفحة جديدة مع الله    قراراتها محسوبة وطموحها عالٍ.. 7 صفات لامرأة برج الجدي تعكسها ياسمين عبدالعزيز    91282 بالصف الثاني الثانوي بالقاهرة يؤدون امتحان نهاية العام    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    محمد فضل يفجر مفاجأة: إمام عاشور وقع للأهلي قبل انتقاله للزمالك    حكم الحج لمن يسافر إلى السعودية بعقد عمل.. الإفتاء تجيب    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    مدرب نهضة بركان السابق: جمهور الزمالك كان اللاعب رقم 1 أمامنا في برج العرب    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    ناقد رياضي يصدم الزمالك حول قرار اعتراضه على حكام نهائي الكونفدرالية    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    حقيقة تعديل جدول امتحانات الثانوية العامة 2024.. اعرفها    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكشف عن بعض حقائق حرب غزة
نشر في التغيير يوم 14 - 08 - 2014

مستوطنة عين هشلوشا، إسرائيل– في تمام الساعة 6:02 من صباح يوم السبت، انطلقت في تل أبيب صفّارات إنذار منبئة بهجوم جوّي، فدفعني موظفو الفندق إلى خارج غرفتي نحو ردهة مصعد الموظّفين الخالية من أيّ نوافذ، حيث صادفتُ عائلتين فرنسيتين، وكان الجميع في ثياب النوم.. وبعد مرور عشر دقائق، ومع زوال خطر صواريخ حماس، سُمح لنا بالعودة إلى غرفنا.. وفيما كنت أهمّ بالعودة إلى سريري، أذاعت مكبّرات الصوت في الفندق التالي: «حضرة الضيوف الأعزاء، بإمكانكم العودة إلى اهتماماتكم الروتينية».
ومع تراجع حدّة الاقتتال في الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس، لا يسعني إلاّ التساؤل عمّا إذا كان مدير الفندق يتحدّث إليهما أيضاً.. هل الأمر بهذه البساطة؟ هل يُقتَل أكثر من 60 جندياً إسرائيلياً، ونحو 1800 مقاتل في حماس وسكّان غزّة – وبينهم مئات الأطفال والمدنيين– ثمّ يكتفي الجميع بالعودة إلى اهتماماتهم الروتينية؟ لا أظن ذلك.. فثمة حقائق جديدة ومهمّة تم الكشف عنها في هذه الحرب.
لنتكلّم عن القتال أوّلاً.. منذ مطلع الألفية الثانية، اعتمدت إيران وعميلاها وهما حزب الله، ومؤخراً حركة حماس استراتيجية ثلاثيّة الأركان حيال إسرائيل.. يقوم الركن الأوّل على حرب غير متوازية القوة، تُستخدم فيها بشكل أساسي الصواريخ الرخيصة بهدف شل القرى والمدن الإسرائيلية.. ويبدو حتى الساعة أن نظام القبة الحديدية الإسرائيلي نجح في إبطال مفعول هذا السلاح، وبالتالي، لم تتسبب صواريخ حماس بأي ضرر يذكر.
أما الركن الثاني، وقد ظهر للمرة الأولى في حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، فيقوم على اختباء مقاتلي حماس ومطلقي الصواريخ بين سكّان المناطق المكتظة في غزة، لإقحام إسرائيل في حرب لن تتمكّن فيها من هزم حركة حماس أو إحباط عزيمتها إلا إذا واجهت خطر اتهامها باقتراف جرائم حرب.. وفي الواقع، لن ينفي أحد صراحةً الأمر، ولكن يكفي أن تدرس تفاصيل هذه الحرب لتفهم أن استراتيجيّة الردع التي تعتمدها إسرائيل تقوم على عدم السماح لحماس أو حزب الله ب«التفوق علينا جنوناً».. وأنا لا أعتقد أن إسرائيل كانت تستهدف المدنيين في غزة– لا بل أرى أنّها حاولت تجنّبهم– ولكنّ في النهاية، لم تُردع إسرائيل بحجة احتمال التسبب بإصابات مباشرة بالغة بين المدنيين لأنّ حماس استعملتهم كطُعم لارتكاب جرائم حرب.. وقد فعلت إسرائيل كل ما هو ضروري لتثبت لمقاتلي حماس بأنهم لن يتفوقوا عليها جنوناً في هذه المنطقة.. كان كلّ ما حصل بغيضاً جدّاً، ونحن لسنا في أسكندينافيا.
ويقوم الركن الثالث في استراتيجيّة إيران -حزب الله - حماس على ضرورة أن تُبقي إسرائيل فلسطينيي الضفة الغربية تحت الاحتلال إلى الأبد، لأنّ دوام الاحتلال الاستيطاني ضروري لنزع شرعية إسرائيل وعزلها عن الساحة الدولية– لا سيّما بالنسبة إلى جيل الشباب في الغرب– ولتحريض المسلمين ضدّ إسرائيل.. والحال أن حماس حققت نجاحاً باهراً على هذا الصعيد.. لقد شاهدنا ذلك بوضوح في قرار «إدارة الطيران الفدرالية» بوقف الرحلات إلى إسرائيل لفترة وجيزة، بعد وقوع صاروخ واحد فقط من صواريخ حماس على مسافة ميل من المطار.. إنّها بالتحديد الرسالة التي أرادت حماس إيصالها: «إن كنا قادرين بصاروخ واحد يُطلق من غزّة على إقفال مطاركم، وهو شريان الحياة الذي يصلكم بالعالَم، فتصوّروا ما الذي سيحصل لو انسحبتم من الضفة الغربية المجاورة».. من الآن فصاعِداً، سيُستعمل حظر «إدارة الطيران الفيدرالية» كحجّة رئيسيّة كي لا تتخلى إسرائيل يوماً عن الضفة الغربية.. يمكنني سماع تهنئة طهران على هذا الإنجاز من حيث أنا.
وثمّة ركن آخر هو أنفاق حماس وما كشفته من أمور.. لقد زرت أحد هذه الأنفاق خلف حدود غزة، على مقربة من مستوطنة عين هشلوشا.. فشاهدتُ على امتداد ميلين تقريباً، جدراناً وسقفاً من الخرسانة الجاهزة، وكان المكان مزوّداً بالتيار الكهربائي وبسكك حديدية.. لكنّ أكثر ما لفتني هو البراعة في إنجاز هذا العمل– والطريقة الممتازة لتصميم قطع الخرسانة ورصفها.. لقد تطلّب بناء النفق سنوات عديدة وملايين الدولارات، واستخدام موارد هائلة كان يفترض أنها مخصصة للطرقات المدنية والمباني والمدارس.. وكان الهدف من النفق واحداً، وهو طبعاً ليس تصدير الفاكهة، إنّما نقل المقاتلين إلى داخل المستوطنة، وما أكثر عددهم فيها. ولا بدّ لي من القول إنني ذُهلتُ أمام التفاني الكبير الذي تطلّبه حفر هذا النفق.. اليوم، تكمن القوة الفعليّة بين أيادي القوى الوطنية الدينية في المنطقة، فيتّخذ الصراع بالتالي طابعاً دينيّاً متزايداً. وقد أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إنه في بداية هذه الحرب، أعلن الكولونيل أوفر وينتر- قائد كتيبة غيفاتي وأحد من أهم الضباط الإسرائيليين على جبهة غزة- للعسكر التابعين له في إيفاد رسمي وجّهه لقادة الكتائب والسريات في 9 يوليو، أنّ «التاريخ اختارنا لنكون رأس الحربة في القتال ضدّ العدو «الغزاوي» الإرهابي، الذي يعتدي على قوات «دفاع» إله إسرائيل، ويسبّها ويلعنها».. كم هذا مخيف!
اليوم، ينتشر المسلحون في أرجاء العراق وسوريا، ويقضون على المسيحيين وعلى الأقليات الأخرى.. وفي هذا السياق، لفتت الكاتبة اللبنانية حنين غدّار الأسبوع الجاري قائلةً: إن المؤرخ اللبناني كمال صليبي لاحظ يوماً أنّ العرب المسيحيين هم الذين يجعلون طابع العالم العربي «عربياً» أكثر منه «إسلاميّاً»، وقد «كان دورهم حيوياً في تحديد معالم هوية ثقافية عربية علمانية».
وأضافت أنه في الوقت الراهن، يبدو أن المنطقة تعود إلى القبلية، وكأن قرناً من النهضة الثقافية والأفكار العلمانية يزول عن الوجود، فتذهب هوياتنا في مهب الريح».
وهنا، تملك إسرائيل خياراً.. فمشروعها الاستيطاني اليهودي المتهوّر في الضفة الغربية قادها إلى استراتيجية تحاول إبقاء السلطة الفلسطينية المعتدلة ضعيفة، وجعل حركة حماس أضعف منها حتى في غزة. وما من حلّ أمام إسرائيل لإرساء الاستقرار في غزة، سوى تمكين السلطة الفلسطينية كي تُحكم السيطرة على الحدود في غزة. بيد أنّ ذلك سيتطلب تنازلاً عن بعض الأراضي للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، لأن هذه الأخيرة لن تؤدي دور الشرطيّ لصالح إسرائيل من دون مقابل. إنّها أوقات عصيبة.. إما يتعاون العرب والإسرائيليون المعتدلون خلالها ويحاربون جنباً إلى جنب، أو يستولي المتعصبون فعلياً على المنطقة.. أرجوكم، لا تعودوا إلى اهتماماتكم الروتينيّة.
نوع المقال:
القضية الفلسطينية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.