إذا كان الحزب الذي فاز مرشحه في انتخابات الرئاسة، لا يملك أغلبية في الحكومة، أو في المحافظين، وإذا كانت لديه اعتراضات على أداء الحكومة وبعض المحافظين، إذن فالحزب ليس مسئولا عن أداء السلطة التنفيذية كمؤسسة. وهذه الحالة الخاصة جدا، قد تتحول إلى نمط سائد في السياسية المصرية. حيث لا يكون هناك حزب حاكم، بل فقط رئيس منتخب رشحه حزب، ثم حزب له أغلبية في البرلمان. مما يجعل السلطة التنفيذية لا يديرها حزب، وليس مسئولا عنها حزب؛ بل تصبح مسئولية عمل الحكومة على الرئيس كشخص، وعلى الحكومة نفسها مجتمعة ومنفردة. قد يتصور البعض أنه بهذه الطريقة وضع حزب الحرية والعدالة في موضع المسئول، الذي لا يملك أدوات عملية لحمل المسئولية، ومن ثم يمكن إفشال الحزب، ولكن هذا التصور يتجاهل حقيقة أن ما يحدث يشكل نظاما سياسيا، لا يعتمد على الأحزاب السياسية فقط، وبالتالي لا يعتمد على التعددية الحزبية فقط. وهو أمر يناسب في الواقع الحركات الإسلامية أكثر من غيرها، وبالتالي يناسب الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أكثر من غيرها، حيث أن تصورها للحزب السياسي، يختلف عن القوى العلمانية. فالحزب السياسي حسب الرؤية المستندة على المرجعية السياسية، أداة للعمل السياسي والمجتمعي، تتشارك مع مختلف أدوات العمل الأخرى، خاصة الحركات الإسلامية، وهو بهذا لا ينفرد أصلا بالعمل العام، بل يشارك غيره من المؤسسات والحركات. كما أن الحزب ذو المرجعية الإسلامية، لا يعرف دور الحزب المعارض، لأنه يعتبر أن عليه تأييد كل سياسة يرى فيها مصلحة، حتى وإن جاءت من حزب آخر، وعليه أيضا أن يعارض أي سياسة لا يرى فيها مصلحة، حتى وإن جاءت من مسئول ينسب له. فحزب الحرية والعدالة لا يمكنه أن يؤيد حكومة دائما، ولا أن يعارضها دائما. وحتى إذا تشكلت حكومة من حزب الحرية والعدالة فقط، فإنها سوف تحمل برنامجه، ولكن هذا لن يمنع الحزب من معارضة أي خطأ تقع فيه الحكومة. لذا فالوضع الذي يتشكل حاليا، وبسبب توجهات النخب العلمانية، يناسب حزب الحرية والعدالة، لأنه يتجاوز الحزبية بمعناها في الممارسة السياسية الغربية، ويشكل نمطا آخر، لا يقوم على فكرة وجود حزب معارض وحزب حاكم، بل يقوم على فكرة وجود قوى فاعلة في المجال العام، بحسب قدراتها وأوزانها النسبية. ويصبح على حزب الحرية والعدالة، أن يقوم بدوره في التعبير عن الرأي العام وعن تصوراته، تجاه الحكومة، سواء كان ذلك بالتأييد أو الرفض، بحيث تكون سياسة الحزب معتمدة على تأييد ما يراه الحزب محققا للمصلحة العامة أو متوافقا مع الرأي العام، ومعارضة ما لا يتوافق مع المصلحة ولا يرضي الرأي العام، سواء كانت أغلبية الحكومة من الحزب، أو أقليتها، أو كانت الحكومة كلها من غير أعضاء حزب الحرية والعدالة. بما يعني أن دور الحزب لن يتغير في الواقع، أيا كانت نتيجة الانتخابات.