بيروت - تتوجه الأغلبية البرلمانية الجديدة في لبنان إلى الاستقرار على تكليف زعيم تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري بمنصب رئيس الحكومة الجديدة، وفق مؤشرات النتائج الأولية للاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان أمس الجمعة مع غالبية النواب. وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن الحريري، الذي يعتبر أحد أقطاب قادة قوى 14 آذار المدعومة من الغرب ودول عربية بارزة، من بينها مصر والسعودية، سوف يحوز في نهاية الاستشارات بعد ظهر اليوم السبت على نحو 84 صوتًا (من أصل 128 صوتًا، هم أعضاء مجلس النواب اللبناني)، من بينها 71 صوتًا للأكثرية التي ينتمي إليها؛ وذلك وفق المواقف التي أعلنها النواب بعد لقاء الرئيس سليمان، وشملت أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان.
يُذكر أن الدستورَ اللبناني ينصُّ على أن يجري رئيس الجمهورية استشارات نيابية ملزمة لتسمية الشخصية التي تحوز أكثرية الأصوات لرئاسة الحكومة.
وقد أعطى كل نواب قوى 14 آذار أصواتها للحريري، باستثناء 7 مستقلين من حلفائه سوف يدلون بآرائهم اليوم السبت؛ حيث أعلنت كتل كل من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والقوات اللبنانية وحزب الكتائب أنها سمت النائب الحريري لمنصب رئيس الوزراء.
أما كتل قوى 8 آذار، أو الأقلية النيابية (57 نائبًا)، والمدعومة من دمشق وطهران، فقد اقتصرت تسمية الحريري على الكتلة التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري (13 نائبًا) فيما امتنعت كتلتا الوفاء للمقاومة (حزب الله ولها 12 نائبًا) وكتلة التغيير والإصلاح بزعامة الزعيم المسيحي الماروني ميشال عون (20 نائبًا) عن التسمية.
وقال بري للصحفيين "سمينا النائب سعد الحريري"، لكنه ربط مشاركة كتلته في الحكومة بأن تكون "حكومة توافق ومشاركة حقيقية" بدون أن يوضح ما إذا كانت المشاركة الحقيقية تعني حصول قوى 8 آذار على ما يُسمَّى دستوريًّا في لبنان بالثلث المعطل أو الثُّلث الضامن"؛ أي ثلث أعضاء الحكومة زائدًا بواحد، ما يسمح لهذه الكتلة بالتحكم في القرارات الرئيسية.
أما عون فقد قال: "لم نسمِّ أحدًا، ولم نضع فيتو على أحد"، موضحًا أنَّه سيعلن موقفه "بعد التكليف"، وقال: "إذا عُرِضَت حكومة مقبولة نحدد موقفنا".
حسن نصر الله وسعد الحريري
وقال رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد "لم نسمِّ أحدًا"، موضحًا أنَّه إذا انتهى الأمر إلى تسمية الحريري "سنكون متعاونين ومنفتحين لاستكمال الحوار" بشأن الحكومة، في إشارةٍ إلى اللقاء الذي جمع قبل يومين بين الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وسعد الحريري.
وجرى في اللقاء وفق بيان صدر عن الطرفين "بحث الترتيبات المفترضة للمرحلة المقبلة، والخيارات المطروحة للحكومة العتيدة".
ويعود آخر لقاء بين الحريري ونصر الله إلى أكتوبر 2008م، بعد أشهرٍ قليلةٍ من سيطرة حزب الله عسكريًّا على بيروت، إثر حوادث دامية أدَّت إلى سقوط نحو 100 قتيل، وكادت تجر البلاد إلى حرب أهليةٍ جديدةٍ، بسبب تهديد الحكومة اللبنانية بتعطيل شبكة اتصالات حزب الله.
وكان نصر الله قد التقى في السادس عشر من الشهر الجاري وليد جنبلاط زعيم الحزب الاشتراكي التقدمي، للمرة الأولى منذ العام 2006م، وأكد بيان صدر عن الاجتماع "ضرورة العمل سويًّا من أجل الانتقال بلبنان والمنطقة من حالة التأزُّم إلى حالة التعاون بين الجميع، بما يمكن لبنان وشعبه من مواجهة الاستحقاقات الكبرى القادمة".
ويعتبر مصير سلاح حزب الله هو أحد أبرز الموضوعات الخلافية بين قوى الأكثرية والأقلية خلال السنوات الماضية، ويرفض حزب الله التخلي عن سلاحه، مؤكدًا أنه ضروري لمواجهة أي هجومٍ صهيوني محتمل، في حين تدعو الأكثرية إلى حصر السلاح بيد الدولة، إلا أن النقاشات مالت إلى الهدوء في الفترة الأخيرة بعد إجراء الانتخابات في السابع من يونيو الجاري.
وفي مشهدٍ بات تقليديًّا في السياسة اللبنانية، فاز نبيه بري زعيم حركة أمل الخميس الماضي لرئاسة البرلمان لولاية خامسة على التوالي، مدتها أربع سنوات بغالبية كبيرة بلغت 90 صوتًا.