يكابر ويتجرأ بعض السفاسطة من مدعي الإيمان أو الإسلام بزعم أنهم على علم شرعي وتقوى برغم رفضهم لتفعيل وتطبيق شريعة الله – خوفاً من تطبيق أحكامها عليهم بسبب فساد أو لصوصية، أو جهلاً بوجوبها وبمصالحها، أو اعتقاداً أنها مُطبقة حالياً وأنه لا داعي لإقامتها بشكل كامل أو أن صلاتهم وصومهم سيكفيهم من سؤال الله وحسابه – ثم يتهمون من يطالب بتطبيق الشريعة بأنهم متخلفون عن الركب الحضاري، ثم يبررون سفاهتهم بأن العالم قد تقدم وأن شرائع البشر – وإن كانوا كفار – هي الأصلح لزماننا من شرائع أنزلها الله منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام. وتأتي هذه السفسطة بسببين أولهما: جهل الشخص المكابر بوجوب تطبيق الشريعة على المسلم والكافر– إلا في أوقات الكوارث أو الأزمات الشاذة مثل المجاعات كما تم تعطيل حد السرقة في عهد خلافة عمر بن الخطاب، وثانيهما: هو كثرة علماء السلطان ورويبضة الضلالة الذين يسولون للحكام ظلمهم ويحللون لهم جرمهم، وينشرون هذه البدع العقدية الفاسدة بين الناس والعباد ما أنزل الله بها من سلطان. وهذا يُعد من أسوأ الفتن التي أنذر النبي صلى الله عليه وسلم بها أتباعه وبشر الله بها في القرآن، لأنها تطلب من الجاهل المكابر أن يعترف بخطئه وأن يبتعد عن استقاء دينه من علماء السلطان أو وسائل الإعلام المضللة، وأن يطلب العلم الشرعي من مصادره الموثوقة. كما ويوجب الله على المسلم مواجهة المضلين ومحاربتهم وفي هذا الأمر صعوبة خاصة إذا كان تتلمذ على بدعهم! وفضلت أن أبدأ في هذا المقال بإدراج وجوب تفعيل وتطبيق الشريعة قبل الإنتقال لمخاطر رفضها أو تجاهلها أو استبدالها بشرائع طاغية. فوجوب تطبيق شريعة الله وحكمه متفق عليه في المذاهب الأربعة وبين علماء أهل السنة وموضحة في صريح القرآن وصحيح السنة، كالآتي: أولاً: توحيد الحاكمية: قال الله تعالى: "إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ"، ثم قال مستوجباً طاعة حكمه وحده – أي عبادته وحده – من دون غيره:" مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" وفيها أن طاعة حكم الله هو العبادة العامة التي تفيد المجتمع ككل، بينما تعد الصلاة والصوم والزكاة من الشعائر هو جزء من العبادة الخاصة التي لا تفيد إلا مقيمها! فقال الله تعالى للحاكم المسلم: "إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ" وهنا ساوى الله تعالى بين وجوب إقامة شرع الله على الحاكم المسلم والنبي المُرسل، ثم قوله: "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ" وهذا أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل من خلفه من حكام مسلمين. ثم وضح الله تعالى حكم من يمتنع عن حكم الله فقال: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" وفيها أن كل من لا يحكم بشرع الله فهو كافر أو مرتد. ثم كرر الله تعالى جرم من لا يحكم بشرع الله فقال: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" وقال: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ". وقوله تعالى: " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" وهو ما يوضحه الله أن شرط الإيمان والإسلام هو قبول حكمه بين العباد. ثم أراد الله أن يوضح للناس أن الادعاء بالإيمان والإسلام ليس فقط بالقول والشعائر فقال: " وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ - وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ" وقوله: " إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". ويوصف الله تعالى شأن المسلم فيقول: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا" إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". مفهوم "لا إله إلا الله"ونواقضها لا إله إلا الله – تنقسم شهادة المسلم لدخول دين الله الإسلام إلى شطرين، أولهما: هو لا إله ومعناه نفي صفة الألوهية والحاكمية لأي كائن من كان، ثم الشطر الثاني: هو إلا الله ومعناه إثبات الألوهية والحاكمية لله وحده. ويقول علماء اللغة أن الإثبات التابع للنفي يعني التأكيد والجزم. ويقول علماء الدين أن شروط نطق الشهادة هي: العلم بمعناها، واليقين بها بما ينافي الشك، وقبولها بالقلب واللسان، والإنقياد والطاعة لدلالتها، والتصديق المنافي لكل كذب، والإخلاص في قولها، والمحبة لها ولمقتضياتها. ونواقضها يتمثل فيما يخالف شروطها ومقتضياتها. ولذا فهل يمكن تصور أن الفرد المسلم البالغ العاقل الذي يكرر شهادة "لا إله إلا الله" أي "لا حاكم إلا الله ولا مشرع إلا الله" في كل أذان وإقامة قبل الصلاة ثم في كل جلسة للتحية أثناء الصلاة يمكنه تبديلها أو تغييرها أو تكذيبها إما قبل الأذان أو بعد الصلاة فيطالب بإهدار شريعة الله وحكمه بل ويستسلم لتشريع ويطيع أحكام فرضها عليه إما كفار أو جهلاء أو أفراد أو جهات منفلتة دينياً فلا علم لها بدين ولا عدل؟ لا أظن أن المسلم البالغ العاقل يدرك مدى حماقة العبث بالشهادة التي تعد الأصل الأول والأهم في دين الله! وهل يمكن للمسلم الموحد أن ينفي صفة الحاكمية والألوهية عن الله ويُهدر شريعته ويطلبها من طاغية؟ أليس هذا هو الشرك بعينه؟ ألم يُحذِرنا الله من مغبة إهدار الشريعة في قوله تعالى: "ذَٰلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ"؟ ثم قوله تعالى: " وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا" أي أن الله يُنكر أن يكون للبشر مشرع أو حاكم غيره. ألا يدري المسلم أن الله يغفر الذنوب جميعاً إلا أن يُشرَك به كما في الآيات الكريمة: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا"؟ ثانياً: رفض حكم الطواغيت والكفر به سراً وجهراً: بعد أن وضحنا وجوب تطبيق شريعة الله وحكمه بين العباد من صريح القرآن أردت أن أوضح أهمية رفض حكم الطواغيت والكفر بها حتى يتسنى للإنسان أو المجتمع توحيد العبادة لله وحده، كما قال تعالى في توصيف أمة تدعي الإيمان: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا" ثم قوله: " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ" أي أن كل أنبياء الله ورسله دعوا قومهم إلى توحيد العبودية لحكم الله ورفض حكم الطاغوت مع اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومناهجهم. كما ورد في كتاب الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام حينما قال لأهله وقبيلته: "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ"، ثم حذر الله في كتابه الكريم مغبة معصية الله وطاعة أو عبادة الطواغيت فقال: " قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ" أي أن سخط الله على الأمم هو إما أن يدحرها كالشياطين فيصبحوا قردة أو خنازير أو أن يعبدهم للطواغيت. كما وبَيِن الله أن المؤمن يقاتل لرفع حكم الله وكلماته لتكزن هي العليا، وأن من يقاتل ليحمي الطواغيت هم الكفار فقال: "الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا". ولا يُشترط أن يكون الحاكم المسلم من جماعة معينة بذاتها ليطبق الشريعة والدليل هو أن بلادنا يحكمها عصبة يحسبهم الكثيرون أنهم مسلمين وهم أول من أهدر الشريعة وشرع حكمه بديلاً لحكم الله! بل المفروض أن تنتقي الشعوب المسلمة الحاكم المسلم بشرط تطبيق الشريعة فإن امتنع عن تطبيقها خُلِع – ولو بالقوة – وإن طبقها فلا يصح الخروج عليه. وللشعوب المسلمة الحق المفروض في إختيار الحاكم المسلم المطبق لحكم الله في الأرض أو خلعه إذا ما امتنع وخالف وذلك يمثل تكليفهم من الله تعالى وعلى ذلك سيكون حسابهم. أما إذا تهاونت الشعوب وتذللت خوفاً أو طمعاً فيصبح مصيرهم مصير قوم فرعون: " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ نَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ - فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ" ومن مميزات الشريعة أنها تطبق على الجميع سواسية، فلا فرق بين حاكم ومحكوم، ولا فرق بين ملك ومملوك، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوضح: "والله لو سرقت فاطمة بنت محمدا لقطع محمد يدها". وبالتالي فلا يمكن لحاكم أو أتباعه أن يلعبوا بحياة الشعوب ومقدراتهم لأنهم سيصبحون عُرضة لتطبيق حكم الله عليهم، وهذه العدالة تحقق الاستقرار والحياة الحرة الكريمة للجميع. ونقيض ذلك هو ما نعيشه اليوم من ذل وظلم وعبودية وقتل وهرج وحكم اللصوص والرويبضة وانعدام العدالة. ومما سبق يمكن للقارئ المسلم العاقل أن ينتبه إلى خطورة رفض حكم الله وشريعته – تحت أية مسببات أو أعذار – حيث أن رفض حكم الله يُكَفِر الفرد ويُخرِجه من ملته الإسلامية التي تقتضي الإنقياد والطاعة التامة لتلك الأوامر والنواهي بلا تردد وإن ثَقُلت عليه، كما تقتضي الرفض التام والكفر بكل حكم طاغوتي يخالف شرع الله ولو هلك دون ذلك. فوائد تطبيق حكم الله وشريعته ورفض شرع الطواغيت: يجب على المسلم أن يتعلم الأهداف والمقاصد التي من أجلها أنزل الله شريعته وحكمه وأوجب على الناس إتباعه – وفيها مقاصد ضرورية لحياة العباد وحاجيه لتحقيق مصالحهم ومنع مفاسدهم، وتحسينية لتحسين مستوى معيشتهم، كما يجب عليه الإلمام بمساوئ شرع الطواغيت وهو ما يحيطنا الآن من كفر وظلم وفقر ومرض وقهر. شريعة الله تهدف للحفاظ على المصالح: فالحفاظ على الدين يتصدر هذه المقاصد وفيه أن الدين هو عماد الحياة للفرد والمجتمع - ولست أناقش المفهوم الضيق للدين كما هو عند المبتدعين من الصوفية والعلمانية والشيعة - وإنما المفهوم الواسع كما تعلمناه من منهج وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه وعلماء أهل السنة والجماعة. فحفظ الدين يشمل توضيح الفرقان بين الإيمان والكفر، ويشمل تحرير الناس من عبودية غير الله ويضمن تحقيق العدالة بينهم في لمظالم، والدين كان يشمل المعاملات الدنيوية، والشعائر (كالصلاة والصوم والزكاة والحج)، والعبادات (الطاعات) في الحلال والحرام وتربية أبنائنا على الدين والأخلاق ومنعهم من مخالطة أصحاب السوء، ووجوب الدفاع عن البلد ضد أي معتد كافر أو خارجي ... إلخ. والحفاظ على النفس: وحق الحياة العادلة الكريمة، وحماية النفس البشرية وتجريم الإعتداء عليها – المسلمة وغيرها – إلا بالحق، وتجريم القتل وتوجيب القصاص، وفرض الدية والأحكام لدرء مفاسد المجرمين، ووجوب الدفاع عن أرض المسلمين ... إلخ. الحفاظ على النسل: وفيه حماية النسل والأبناء والحفاظ على العِرض، وحفظ مال اليتيم، وتحريم الزنى، وتحليل الزواج الطلاق. الحفاظ على العقل: وفيه أيضاً تحريم وتجريم المخدرات والخمور، وما يشابه ذلك مما يُفقد العقل إتزانه! وأخيراً الحفاظ على المال والأرض: وفيها تجريم السرقة وقطع الطريق وفرض الحدود على اللصوص، توثيق عقود البيع والشراء... إلخ. ولمن لا يعلم فوائد هذه المقاصد يجب عليه أن يعلم أنه بغيابها ستغيب العدالة، وسيسود الظلم، وسيُحلل الحرام ويُحرم الحلال، وبالتالي ستتفشى الجرائم والرزيلة وسينتشر المجرمون والبلطجية والفاسدون، وسيحكم البلاد شر العباد ... وستقسم البلاد وستقع وستحتل من عبدة الصلبان والصهاينة وهذا للأسف هو شأن بلاد لمسلمين حالياً. سأحاول من خلال هذه الفقرة أن أشرح أن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم وأنه يقبل التوبة عن عباده إن كانت المعصية من الصغائر وأن تكون التوبة صدوقة وأن فلا يعود المؤمن لتلك المعصية، ولكننا يجب أن نفهم أن محاربتنا لشريعة الله وحكمه ليست عن جهالة بوجوبها أو لاضطرار بقبول غيرها من شريعة الطواغيت هي من أكبر الكبائر، ولكنها اختيارية شأنها شأن رفض إبليس للسجود لآدم عليه السلام ومكابرته وعناده. وكي نعلم الفرق بين الحياة الكريمة العزيزة الحرة التي أرادها الله لنا وبين ما أراده شياطين الإنس والجن لنا يجب أن ننتبه إلى الفرق بين حال أمتنا الآن - ومنذ اختيار شرائع الطواغيت لتحكمنا - وبين حال أمتنا حينما كانت تُحكم بشرع الله، والفرق واضح جلي لكل مسلم مخلص عاقل بالغ. فهل يمكننا اتخاذ نمط الماضي في تصور كيف سيؤول إليه حالنا وأبناءنا بعد عشرات السنين؟ سيصبح سهلا على كل من قرأ كيف كانت بلاد المسلمين في حصن الإسلام أن يعلم نتيجة إهدار تشريع الله وحكمه فيما وصل إليه حال المسلمين الآن، وكأنهم يتامى يُقَتَّلون ويُحرقون وتُغتصب بلادهم وتستحيى نسائهم، وفي ذات الوقت يتهمونهم بالإرهاب والتشدد!