وزارة الهجرة تشارك في احتفالات ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر    «البترول» تفتتح مشروعا مجتمعيا متكاملا في الإسكندرية    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    مستشارة أوباما السابقة: على بايدن اتخاذ خطوات جدية لقبول نتنياهو مقترح وقف الحرب    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    معار برشلونة ينتظر قرار فليك    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    منخفض جوي يضرب مصر خلال أيام ويتسبب في ارتفاع الحرارة.. «الأرصاد» توضح التفاصيل    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    آخرهم سمير صبري.. أزمة بيع مقتنيات الفنانين عرض مستمر (صور)    تزامنًا مع مئويتها.. حجم ثروة سامية جمال التي استولى زوجها الأمريكي عليها    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    بالفيديو.. علامات الحزن تسيطر على الفنان محمود الليثي خلال عزاء والدته    بشرى وضيوف مهرجان روتردام للفيلم العربي يزورون باخرة اللاجئين    تسلل لغرفته وطعنه بسكين.. "جنايات السويس" تقضى بإعدام قاتل صديقه    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    مجلس الحرب يشير على طاقم المفاوضات بعدم كشف العرض الإسرائيلي خشية تسريبه    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    متحدث الحكومة: رئيس الوزراء استعرض جهود وزارة التعليم لسد عجز المعلمين    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    إف چي هيرميس توقع اتفاقية شراكة مع بنك مصر لتوفير خاصية تغذية حسابات العملاء    ما جزاء من يقابل الإحسان بالإساءة؟.. أمين الفتوى يوضح    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأبراج في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية.. والطالبات يكتسحن القائمة (أسماء)    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الصدام حتمي بين الإسلاميين والعلمانيين..؟!
نشر في المصريون يوم 04 - 07 - 2011

يندر أن تجد كاتبا علمانيا يصرّح بأنه علماني، وذلك لأن العلمانية كلمة رديئة السمعة عند الغالبية العظمى من المسلمين، ولذلك يتجنب العلمانيون نسبة أنفسهم إليها حتى لا يتشكك الناس فى أهدافهم وينصرفوا عنهم فلا يقرأون لهم، ولكنك ستجد أنهم يعبرون عن المحتوى الموضوعي للعلمانية بالحديث عن ضرورة فصل الدين عن السياسة، وفى محاولة لإخفاء مقاصدهم الحقيقية يبرّرون هذا الفصل بقولهم أن السياسة تفسد الدين.. [على أساس فكرة يروجون لها] وهو أن السياسة لا أخلاق فيها وأنها على وجه التحديد قذرة، والدين شيئ مقدس.. وأنهم حريصون على ألا يتلوث الدين بقذارة السياسة.. ولكن المتطرفين منهم لا يتحملون إخفاء حقيقة مقاصدهم، فهم لا يفتأون يكررون مقولة أن الدين إذا دخل فى السياسة على أي وجه يُنتج بالضرورة ما يسمونه "الحكومة الدينية" وأن مثل هذه الحكومة على حد تعبير د. يحيى الجمل أسوأ من الدكتاتورية البوليسية...
ويظل هذا الكلام موضع دهشة واستغراب، وباعثا على التساؤل.. مثلا: لماذا تظل السياسة دائما فى حظيرة القذارة..؟ لماذا تُستبعد منها الأخلاق ويُستبعد الدين..؟... وهل صحيح أن العلمانيين جادين فى حرصهم على نقاء الدين وقدسيته وفى رغبتهم عدم تلويثه كما يزعمون...؟ وأي دين يتحدثون عنه...؟ فإذا كانوا يتحدثون عن الإسلام، فماذا يعلمون من الإسلام مما يسمح بإمكانية فصله عن السياسة أوفصل السياسة عنه...؟ وهل إذا ألغيت السياسة من الإسلام هل يبقى الإسلام إسلاما أم يصبح شيئا آخر..؟ كل هذه أسئلة مطروحة ولكنى لست بصدد الإجابة عنها الآن.. فأكبر اهتمامى فى هذا المقال هو بحث مدي إمكانية أن يتّفق الإسلاميون والعلمانيون معا على مبادئ مشتركة من أجل هذا الوطن...؟، وما هي نقاط الخلاف الأساسية فيما بينهم..؟ وهل هى نقاط خلاف مما يستحيل علي الفريقين الالتقاء فيها..؟؟ا
لقد بدا لى أن كل فريق متمتْرس فى خندقه، لا يريد أن يتزحزح منه قيد أُنملة..؟ وللإنصاف يجب أن نعترف أن الإسلاميين هم الذين يبادرون بالتنازلات رغبة فى الوصول إلى موقف مشترك بينهم وبين الآخرين، بينما يتشنّج العلمانيون فى مواقف متصلّبة.. ربما يُستثنى من هذا إلى حدٍّ ما "د. عمرو حمزاوى" فى بعض مواقفه الأخيرة؛ فهو يعلن أنه لا يريد فصل الدين عن السياسة وإنما يريد أن ينظم علاقة الدين بالسياسة والدولة.. ولكنه لا يقول لنا كيف سيفعل هذا وعلى أى أساس..؟؟ ولأنه لا يقدّم تفاصيل يمكن مناقشاته فيها، فليس من حقنا أن نسبق الأمور ونقول: "إن الشيطان يسكن أحيانا فى التفاصيل".. علينا أن نفترض فى كلامه حسن النية.. وبدرجة أقل نأخذ كلاما ورد فى مقال لكاتب علماني آخر يقول فيه:
"الطريق الوحيد للنهضة هو تطبيق مبادئ الاسلام الحقيقية: الحرية والعدل والمساواة .. وهذه لن تتحقق الا بإقامة الدولة المدنية التي يتساوى فيها المواطنون جميعا أمام القانون بغض النظر عن الدين والجنس واللون.." وهو كلام لا أجد فى كتابات الإسلاميين وتصريحات قادتهم شيئا يخالفه أو يناقضه..
كاتب هذا الكلام هو د.علاء الأسواني فى مقال له بعنوان: "هل نحارب طواحين الهواء.." المدهش أن العبارة التى ختم بها مقاله لا علاقة لها بموضوع المقال الأصلى من قريب أو بعيد، فالمقال فى جُملته هجوم على التاريخ الإسلامي.. وإنكار تام لكل منجزات المسلمين عبر أربعة عشر قرنا، لم يسلم منها فى نظره سوى بضع سنوات.. حيث يقول: "إن قراءة التاريخ الإسلامى تحمل لنا إجابة مختلفة.. فبعد وفاة الرسول[صلى الله عليه وسلم] لم يعرف العالم الإسلامى الحكم الرشيد العادل الا لمدة 31 عاما، هى مجموع فترات حكم الخلفاء الراشدين الأربعة: أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب.. الذين حكموا جميعا لمدة 29 عاما ... ثم الخليفة الأموى عمر بن عبدالعزيز الذى حكم لفترة عامين... 31 عاما فقط من 14 قرنا من الزمان، كان الحكم خلالها عادلاً رشيداً نقيا متوافقا مع مبادئ الإسلام الحقيقية. أما بقية التاريخ الإسلامى فإن نظام الحكم فيه لم يكن متفقا قط مع مبادئ الدين"..
والمقال فيما بين هذه المقدمة والخاتمة المذكورة يحتوى على حشد هائل من الافتراءات تعبر عن جهل صارخ بالتاريخ الإسلامي.. ولكنى سأصرف النظر عن ذلك كله كأنه لم يكن.. مكتفيا بالرد العقلاني المُفْحِم للدكتور إبراهيم عوض فى مقال له بعنوان: "دون كيشوت الأسواني.. وطواحين الخلافة".. وسوف أتعامل مع عبارة الخاتمه، وآخذها مفترضا فيها حسن النية..
ثم أعود إلى السؤال الأصلى: إلى أي مدى يمكن أن يتفق الإسلاميون مع العلمانيين...؟ والإجابة على هذا السؤال وردت بالتفصيل فى كتاب شيخنا الجليل الدكتور يوسف القرضاوى فى كتاب له بعنوان " الإسلام والعلمانية وجها لوجه".. أحرص على إيرادها بالكامل لما لصاحبها من وزن ومصداقية لدى جماهير عريضة من القراء فى العالم الإسلامي وخارجه.. ولأنه يمثّل التيار الوسطي فى الفكر الإسلامي السائد..
يرجّح الشيخ القرضاوي أنه بالإمكان أن يتم الاتفاق مع العلمانيين المعتدلين فى أمور كثيرة منها:
1- ضرورة النهوض بأوطاننا والعمل على تنميتها والاستفادة من كل جديد فى العلم والتكنولوجيا، والوقوف ضد الجمود والتحجر فى الفكر والأدب والصناعة.. وتجديد الحياة المادية بكل ما يرقى بها وينمّيها ويطوّرها..
2- ضرورة إصلاح الضمائر واستقامة الأخلاق ...
3- الاعتزاز بالاسلام باعتباره دين الأغلبية واحترام الأديان الأخرى السماوية لغير المسلمين...
4- إقامة نظام سياسي يحقق (الديمقراطية).. وعلى إقرار كل الضمانات التى هيأتها للمحافظة على حق الشعوب فى اختيار حكُّامها ومراقبتهم ومحاسبتهم وتغييرهم إن أساءوا .. وعلى احترام الدساتير المكتوبة .. والانتخابات الحرة النزيهة.. والصحافة التى لا تستطيع الحكومة إغلاقها ، وعلى ضرورة وجود معارضة قادرة على أن تنصح وتنتقد بلا خوف من الحاكم وأعوانه..
5- إقامة نظام اقتصادي يحقق زيادة الانتاج وعدالة التوزيع وترشيد الاستهلاك.. اقتصاد يُعْنَى بحماية الضعفاء من الأقوياء، وبحقوق الفقراء على الأغنياء..
توفير الأمن لكل مواطن .. وتوفير الحرية له دينيا وسياسيا وفكريا، بما لا يهدم القيم السائدة والأصول العامة المتفق عليها فى هذا المجتمع.. أن تكون بلادنا حرة من كل تبعية أجنبية؛ عسكرية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية..
8- رفض الدولة الدينية" التى عرفها الغرب فى العصور الوسطى، الدولة التى تعادى العلم باسم الدين، و تقف مع الطغاة ضد الحرية، ومع الملوك ضد الشعوب وتزعم أنها تمثل فى الأرض سلطان الله...!
ففيم إذن يختلف الإسلاميون مع العلمانيين..؟!
يرى الشيخ إننا نختلف فى أمور أخرى أساسية وقضايا جوهرية.. على رأسها أن الإسلام يواجه العلمانية بشموله لكل جوانب الحياة الإنسانية مادية ومعنوية فردية واجتماعية، ولكن العلمانية لا تسلّم للإسلام بهذا الشمول.. فلا مفر من الصدام...
العلمانية –كما يرى الشيخ القرضاوى لا يمكن أن تكون محايدة كما يزعمون: "فهى تريد من الإسلام أن يكون تابعا لها؛ يأتمر بأمرها وينتهى بنهْيِها.. إنها ترضى عنه إذا بقي محصورا فى الموالد والمآتم.. فى دنيا الدراويش والمجاذيب.. فى عالم الخرافة والأساطير.. أما أن يتحرك ويحرّرك ويوجّه الشباب ويقود الجماهير ويفجر الطاقات.. ويوجه التشريع والثقافة والتربية والإعلام، ويعلّم الناس أن يدْعوا إلى الخير ويأمروا بالمعروف وينهوْا عن المنكر، ويقاوموا الانحراف والفساد.. فهذا ما لا ترضى عنه العلمانية بحال"..
وقد حدد الشيخ المنافذ الرسمية التى يمكن أن تسمح بها العلمانية للإسلام فيما يلى: الحديث الديني فى الإذاعة والتلفاز.. الصفحة الدينية فى صحيفة يوم الجمعة.. حصة التربية الدينية فى برامج التعليم العام.. و قانون الأحوال الشخصية فى قوانين الدولة، ووزارة الأوقاف فى أجهزة الحكومة..."
وعلى حد تعبير الشيخ يقول:
"وعلى الإسلام أن يقتع بذلك ، بل أن يقدم الشكر للعلمانية لأنها أتاحت له أن يطل برأسه من هذه النوافذ.. ولكن الإسلام يرفض هذه التبعية..."
وهكذا تواجه العلمانية شمولية الإسلام بشمولية الصدام معه فى كل الجبهات الأساسية، وأعنى بها تعاليمه الأربع الرئيسية: العقائد والعبادات والأخلاق والتشريع... و نجد تفصيل ذلك عند الشيخ فيما يلى:
فى العقيددة: العلمانية وإن قبلت العقيدة نظريا ترفض ما تستلزمه العقيدة من معتنقيها، وما تُوجِبُه على أبنائها.. والمسلم الذى يعيش تحت سلطان العلمانية يعانى من التناقض بين العقيدة التى يؤمن بها والواقع الذى يُفرض عليه.. لذلك يرى الشيخ أنه: "لا تعايش بين الإسلام الحقيقي والعلمانية الحقيقية...!"
وفى العبادة: يضرب الشيخ أمثلة كثيرة فيما يتعلق بمجالات الصدام.. نذكر من أبرزها الزكاة؛ وهي الركن المالي والاجتماعي من أركان الإسلام.. تُؤخذ من الأغنياء لتُردّ على الفقراء.. ولكن العلمانية تراها مجرد عبادة شخصية من شاء أداها ، ومن شاء أعرض عنها ولا حرج ولا ملامة، ولكن يبقى ملتزما بحكم القانون أن يدفع الضرائب الوضعية كاملة، وإن قصّر فيها يعاقب ...!
وفى الأخلاق: يقول الشيخ: " ربما يبدو أن العلمانية لا تعترض على الجانب الأخلاقي فى الإسلام.." ولكن إذا أمعنت النظر قليلا ستجد أن هناك خلافا فى موضعين:
الموضع الأول- أن الإسلام وإن كان لا يصادر على الغريزة الجنسية، إلا أنه يصر على تصريفها فى نطاق الزواج المشروع، الذى يجد فيه الزوجين السكينة والمودة والرحمة، وفى إطاره تتكون الأسرة التى هى نواة المجتمع... ويحرّم الإسلام الاتصال الجنسي خارج الزواج.. ويعتبره من الزنى و الشذوذ الذى يجلب غضب الله ويشيع الانحلال والفساد فى المجتمع.. ولكن هذه الأحكام الإسلامية لا ترحّب بها العلمانية، بل تدع الحبل على الغارب للجنسين باعتبارها حرية شخصية...
ويرى الشيخ أن هذا الموضوع من المحكّات الأساسية التى تصطرع فيها العلمانية والإسلام: فالإسلام يغلق الأبواب التى تهب منها رياح الفتنة من: الأغنيات الخليعة.. والصور المثيرة.. والقصص المكشوفة.. والأزياء المغرية.. ويقاوم كل ألوان التبرّج والإثارة والخلوة، ويجتهد فى حلّ مشكلات الزواج، وإزاحة العوائق من طريقه، حتى يستغنى الإنسان بالحلال عن الحرام...
ولكن العلمانية لا تنظر إلى الأمر على أنه مشكلة تتطلب حلّا.. ولا ترى حرجا من إتاحة الفرص لاستمتاع أحد الجنسين بالآخر.. كما تفعل المجتمعات الغربية، وتنظر لموقف الإسلام هنا على أنه موقف متشنّج متزمّت، وتنظر إلى الدعاة الإسلاميين على أنهم معقّدون نفسيّا.. يضخمون مسالة العلاقات الجنسية ويعطونها مساحة أكثر مما ينبغى...
أما الموضع الثانى- فيتمثل فى أن العلمانيين لا يحبون ربط الأخلاق بالدين، فالأخلاق الدينية عندهم موضع اتهام.. وإنما ينظرون إليها على أساس فلسفي عملى، أى أنها أخلاق مدنية خاضعة للظروف والتغيرات فى القيم الإجتماعية..
العلمانية والشريعة: من خبرته الطويلة يؤكد الشيخ القرضاوي: أن الجانب الذى تقف العلمانية ضده بصراحة وشراسة هو الشريعة، ويعنى بذلك الجانب التشريعي أو القانوني فى الإسلام.. يقول: "قد يتساهل بعضهم فى تشريعات الأسرة (الأحوال الشخصية)، ويعتبرونه مِنّةً منهم على الإسلام، أما العلمانية الأصلية الشاملة فلا تسمح للإسلام بأي مساحة فى التشريع، فالدين مكانه عندها فى الضمير والمسجد فحسب..."..
ونواصل بحث هذه النقطة فى مقال لاحق بإذن الله...
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.