العيد جزء من نظام الأمة الرباني، يصل ماضيها بحاضرها، وبعيدها بقريبها، وغنيها بفقيرها، وكبيرها بصغيرها، ويربي ناشئتها على الانتماء والولاء لها، ويربط أفراحها بشرائع دينها التي تعد مصدر قوتها وعزتها وكرامتها وانتصارها بحول الله وقوته.. لقد طُبِع الناس على إقامة الأعياد والاحتفال والفرح بها، فلليهود أعيادهم وللنصارى أعيادهم، وللمجوس أيضًا أعياد خاصة بهم، وعادةً ما تكون أعياد الأمم الكافرة مرتبطة بأمور دنيوية مثل قيام دولة أو سقوطها، أو تنصيب أو تتويج حاكم، أو بحلول مناسبة زمنية كفصل الربيع أو غير ذلك..
أما المسلمون فليس لهم إلا عيدان "عيد الفطر وعيد الأضحى"، وهما من شعائر الإسلام التي ينبغي إحياؤها واستشعار معانيها وفهم مقاصدها وغاياتها..
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال: (كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى) رواه أبو داود والنسائي .
يأتي عيد الفطر المبارك بعد انتهاء شهر رمضان الكريم الذي أدى خلاله غالبية المسلمين في شتى بقاع الأرض فريضة الصيام وتسابقوا في فعل الطاعات والخيرات وصالح الأعمال بغية الفوز بمغفرة الله ورضوانه ودخول جنته التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..
ففي العيد فرحٌ موصول، وتجديدٌ لميثاق الإخاء الإسلامي، وتواصٍ بالحق والصبر ، وتعاون على البر والتقوى، وتراحم وتكافل بين المسلمين.. فيه تتصافح القلوب قبل الأيدي، وتتصافى النفوس وتتزاور العائلات، ويتلاقى الأصدقاء لقضاء أمتع وأسعد الأوقات يتسامرون ويسترجعون شريط الذكريات الجميلة ويأكلون ما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة ويخرجون للتنزه..
ولكي نتقرب من الله في العيد أيضًا ونهنأ ونفرح به إيجابًا علينا باتباع ما يلي:
- الحفاظ على أداء الطاعات والامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه والالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم كما كنا في شهر رمضان الفضيل.
- تحقيق التوبة التي طلبناها واجتهدنا فيها في شهر رمضان، فهناك من يقول: (اللهم تب علي وهو في رمضان)، وحينما ينتهي الشهر (ينتكس ويرجع إلى ما كان عليه من معاصٍ مثل التدخين، وسمع الأغاني، ومشاهدة المسلسلات والأفلام الساقطة، وغيرها من المعاصي). فنسأل الله الثبات على الطاعة.
- صلة الأرحام وبر الوالدين وطاعتهما والتفاني في إسعادهما في العيد.
- إدخال السرور على الفقراء والمساكين والمرضى، وذلك بزيارة دور الأيتام والمستشفيات.
- الدعاء بإخلاص للمستضعفين والمقهورين من المسلمين الذين يعانون في بلادهم ويلات الحروب والفِتَن بأن يفك الله كربهم ويهون عليهم وينجيهم وينصرهم بقدرته، فهؤلاء وأطفالهم محرومون من الشعور بفرحة العيد وفي حاجة ماسة إلى الدعم المادي والمعنوي.
- استغلال فرصة العيد الطيبة في زيادة محبتنا لأزواجنا وأبنائنا، فنحتفل معهم بقدوم العيد ونقدم لهم الهدايا التي تسعدهم، فعيد الفطر مناسبة سنوية لا تتكرر في العام إلا مرة واحدة، ولن يجد الإنسان أهم ولا أعز ولا أغلى من أسرته كي يحتفل معها بهذا العيد، فمن يضمن له أنه سيفعل ذلك العام المقبل؟. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.