البنك الدولي يتوقع استقرار النمو الضعيف للاقتصاد العالمي    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مدينة إيلات المحتلة بالطيران المسير    4 مشاهد من الأسبوع الرابع بتصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026    سوسن بدر: أنا لسة في بداية طريقي.. عندي ملايين الأحلام لم تكتمل    تتخطى ال 12%، الإحصاء يكشف حجم نمو مبيعات السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: نستعد لمقاضاة إسرائيل أمام الجنائية الدولية    «مشكلتنا إننا شعب بزرميط».. مصطفى الفقي يعلق على «نقاء العنصر المصري»    عاجل - آخر تحديثات سعر الذهب اليوم.. وهذه القرارات منتظرة    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    اليوم، أولى جلسات محاكمة عصام صاصا في واقعة دهس سائق أعلى الطريق الدائري    مصرع طفل غرقا في ترعة بكفر الخضرة بالمنوفية    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان الاقتصاد والإحصاء.. اليوم    عاجل- أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم الأربعاء 12-6-2024    حكم الشرع في خروج المرأة لصلاة العيد فى المساجد والساحات    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    تأثير التوتر والاكتئاب على قلوب النساء    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    حبس شقيق كهربا 4 أيام لاتهامه بسب رضا البحراوي    العثور على جثة شخص مشنوق بالطريق الصحراوي بالكيلو 17 العامرية بالإسكندرية    أيمن يونس: أحلم بإنشاء شركة لكرة القدم في الزمالك    شيرين عبد الوهاب تتصدر "إكس" بخبر خطبتها، ولطيفة: يا رب ترجعي زي الأول ويكون اختيار صائب    فيديو صام.. عريس يسحل عروسته في حفل زفافهما بالشرقية    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها في الأضحية والمضحي    رؤساء مؤتمر الاستجابة الطارئة في غزة يدينون عمليات قتل واستهداف المدنيين    أوروبا تعتزم تأجيل تطبيق أجزاء من القواعد الدولية الجديدة لرسملة البنوك    هذا ما يحدث لجسمك عند تناول طبق من الفول بالطماطم    ظهور حيوانات نافقة بمحمية "أبو نحاس" : تهدد بقروش مفترسة بالغردقة والبحر الأحمر    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بشارع الدكتور في العمرانية.. صور    ليست الأولى .. حملات المقاطعة توقف استثمارات ب25 مليار استرليني ل" انتل" في الكيان    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    "بولتيكو": ماكرون يواجه تحديًا بشأن قيادة البرلمان الأوروبي بعد فوز أحزاب اليمين    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    واشنطن بوست: عملية النصيرات تجدد التساؤلات حول اتخاذ إسرائيل التدابير الكافية لحماية المدنيين    بيمكو تحذر من انهيار المزيد من البنوك الإقليمية في أمريكا    البنك المركزي المصري يحسم إجازة عيد الأضحى للبنوك.. كم يوم؟    الحق في الدواء: إغلاق أكثر من 1500 صيدلية منذ بداية 2024    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    63.9 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    رمضان السيد: ناصر ماهر موهبة كان يستحق البقاء في الأهلي.. وتصريحات حسام حسن غير مناسبة    تريزيجية: "كل مباراة لمنتخب مصر حياة أو موت"    حازم إمام: نسخة إمام عاشور فى الزمالك أفضل من الأهلي.. وزيزو أفيد للفريق    مصدر فى بيراميدز يكشف حقيقة منع النادى من المشاركة فى البطولات القارية بسبب شكوى النجوم    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    وزير الخارجية الجزائري يبحث مع أردوغان تطورات الأوضاع الفلسطينية    رويترز عن مسئول إسرائيلي: حماس رفضت المقترح وغيّرت بنوده الرئيسية    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قول يا عم الشيخ أمين/ 1
نشر في المصريون يوم 25 - 10 - 2010

يأخذ كثيرون (على خاطرهم) ويعتبون - أحيانًا بقسوة موجعة - حين أدس ألفاظًًا عامية في أثناء مقالاتي، ويعتبرون ذلك افتئاتًا يبلغ حدود الجريمة اللغوية، والجناية على فصحانا الأنيقة، لغة القرآن والسنة والأدب والعلم، غير عالمين أنني من المتعصبين الغلاة للفصحى، ومن عشاقها والمتأنقين في الكتابة بها، المعنيين بها أدبًا بلاغة وفقهًا ونحوًا وصرفًا وخطًّا؛ اعتقادًا جازمًا مني أنها جزء من دين الأمة، وهويتها، وكينونتها، ومن أسرار بقائها، وأن الحرص عليها، والحفاوة بها يرقى لمنزلة الحفاوة بالكتاب والسنة وميراث الأمة!
لكن الدعوة إلى الله تعالى تعلم أهلها أن لكل حادث حديثًًًًا، وأن لكل قوم لسانًا يصلح أن يخاطبوا به؛ لأنه أعمق أثرًا، وأبلغ وقًعًا، وأجمل جَرسًا، وأقوى تعبيرًا.. وبدهي أن الحديث في مجمع لغوي يحتاج لسانًا خاصًّا، والحديث في محفل جامعي له لسانه، والحديث إلى أخلاط من الناس له لسان، وأن الحديث إلى الصغار غير الحديث إلى الناضجين، وإلى النساء غيره إلى الرجال، وإلى مؤمن غيره إلى ملحد.. بل إن هناك لغات خاصة يتداولها أصحاب الصنائع والأعمال (لغة السيم) كما استحدث الشبان المعاصرون مفردات ومعجمًا خاصًّا بهم، لا يفطن له أمثالنا من المسنين الذين انتهى عمرهم الافتراضي، يمكن أن نسميه معجم الروشنة!
كما أن هناك بيانًا للكاميرا، وآخر للصورة، وثالثًا للكاريكاتير، وغيره للنظرة والإيماءة.. وهكذا.. ولكل من هذه الألسن تعابيره اللغوية، من إيجاز وإطناب، وإفصاح وإيماء، وتفصيل وإجمال، وكناية وصريح، ومجاز واستعارة، أجزم بهذا غير متردد، ولا شاكّ!
والضرائر الحضارية والدعوية والعقلية لا تمنع تعدد الرأي؛ فإن اختلاف وجهات النظر يعطي الحياة قيمتها وجمالها وتنوعها وثراءها، فلا يعتبن أحد – رجاءً - إن كتبت عن كاتب متميز يطعِّم مقالاته بمفردات ملحونة، أو داعية يستخدم لغة وسيطة، أو بعض العامية، أو شاعر جميل من شعراء العامية، لاعتقادي أن الأمة في حاجة ماسة لمثل لسان هؤلاء لأداء فريضة البلاغ المبين، وإحقاق الحق، وإبطال الباطل، ورحمة الله على سعة الصدر، وسعة الأفق، ولغة (ما بال أقوام).. صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.
وقد وصل العلامة الشعراوي بعاميته إلى ما لم يصل قبله مفسر، ووصل الفصيح الموفق عبد الحميد كشك حيث لم يصل خطيب، وبلغ عمرو خالد ووجدي غنيم وطارق سويدان ومحمود المصري ومصطفى حسني آفاقًا هي أبعد ما تكون عن آفاق الدعاة النمطيين؛ مصيبين أم مخطئين لا يعنيني، بل يعنيني الأثر البليغ لمنهجهم في الأداء!
وصاحبي اليوم (عمي الشيخ أمين الديب الله يكرمه) رجل خاص جدًّا، ومميز جدًّا، وشاعر جدًّا، وفلاح جدًّا، ومثير جدّا!
هو مؤمن إلف مألوف، تحبه بأذنك، وتحبه بعينك، وتحبه بقلبك.. ولا أزكيه على ربي تعالى وعز وجل.
قرأته وسمعته قبل أن ألقاه، وطرت به فرحًا حين سمعته، وحين اكتشفت أنه صاحب هم، وحامل قضية، ومقاتل صلب.
ثم أكرمنى الله تعالى بلقياه غير مرة، فوجدت أنموذجًا شعريًّا فلاحيًّا فذًّا، ما رأيت قبله غير النديم، وأظن أنني لن أرى بعده – بسبب العمر الذي بدأ يسيل قطرات أخيرة، نسأل الله حسن الخاتمة – وزاد إعجابي، وتعلقي بعمي الشيخ أمين بعد أن قرأت أعماله كلها، ثم سمعتها، وتأملتها، فوجدت شاعرًا معجبًا، وشٍعرًا مطربًا، وهمًّا واجبًا، وإنسانًا طيبًا!
وقامت بيننا فعاليات ولقاءات واتصالات (مسجات) لم يحرمني فيها ظرفه وخصوصيته: (دعوت الله بظهر الغيب.. لأحبابي اللي نسيوني.. وكيف أنسى حبيب قلبي.. واخويا ابن بسيوني).
لم ينبت الشيخ أمين من رحم الشيوعية ككثير من شعراء العامية الستينيين، ولم ينبت مترفًا يكتب الأغاني للمطربات والمطربين، الذين وظفتهم الثورة للتسبيح بحمدها، وحمد جمال خاصة، ولم يهتم بالمناسبات والاحتفالات التخديرية، ولم يجتنِ من علاقته بالنخب الفنية والسياسية ثمار الترف والمجاملة والإملاء!
بل بدأ منذ أيامه الأولى مهمومًا بالناس، يتحدث عن الثورة – وكان معجبًا بها، وحسن الظن برجالها - وعن الفلاحين، وعن الظلم، والطغيان، وحقوق المستضعفين، بجرأة، ووضوح، وتدفق، وشاعرية..
بعينين تشعان ذكاء، وابتسامة حلوة ساخرة، وصوت مشروخ زي صوتي، ولهجة فلاحية طبيعية، غزا عمي الشيخ أمين قلبي خلال دقيقة واحدة من استماعي لشعره الساخن، ليزاحم ببراعته في قلبي براعة بيرم والأبنودي ونجم وعمر الفرا وإمام مصطفى وإيمان بكري، وأشباههم من عفاريت الشعر العامي.. رغم الفارق الحاد بينهم وبينه؛ فهم محترفون من زوايا كثيرة، كما أنهم حريفة إلقاء وإعلام ووقوف أمام الكاميرات والميكروفونات..
وإذا كان الأبنودي قد غلب غيره بلهجته الصعيدية، وبها تميز، كما غلب الفرا بلهجته البدوية، وسطع نجم نجم بكونه هجامًا في التعابير، وأستاذًًا في الإلقاء، وإذا كانت إيمان بكري بروفسورة في نحت الصور والعبارات، حريفة في الإلقاء والتلاعب الصوتي، قوية في تعبيراتها الأنثوية المريدة، وإذا كان إمام مصطفى - اللي إلقاؤه خارب بيته، ومنيل عيشته - شاعرًا باهرًا، فإن الشيخ أمين الديب، ذا الكذا والسبعين عامًا، الذي لمع أمامي فجأة، يتمتع بلهجة فلاح أصلي - مش تمثيل ولا فالصو - مع ذاكرة سيالة، وإلقاء سريع، يجعلك تهتف:
يا خبر: فلاح بالشاعرية دي والجرأة دي والتدفق دا؟!
ما علينا: كان أول تعرفي به حين وصلني شريط من الإعلامي الجميل الصديق داود حسن، فلما أدرته كدت أطير.. يااااه.. أخيرًا ظهر شاعر جديد يمكن أن يملأ الساحة بعد التكرار واللت والعجن الذي يتميز به الشاعران الديناصوران: الأبنودي ونجم، اللذين أهلكانا بتكرار حكاياتهما مليار مرة، في التلفزيون، والراديو، والصحف والمجلات، بل لو فتح أحدنا الحنفية لنزل الأبنودي يحكي عن يامنة وحراجي والعنكبوتة وأسطوانة أبي زيد الهلالي!
وسألت عنه فقيل لي إن اسمه الشيخ أمين الديب، وهو شاعر شعبي، جمهوره من البسطاء، الذين تصلهم كلماته من القلب الى القلب، من قرية قريبة من القاهرة اسمها نكلا – وهي غير نكلا العنب، قرية الشيخ الغزالي رحمه الله، فهذه في البحيرة، وهذه خطوتان من القاهرة المحروثة - وهو لم يبرح نكلا منذ مولده عام 1937، بل ظل منغرسًا فيها؛ شجرة أصيلة تعطى ثمارها، دون أن تنتظر مكافأة من أحد، مع وعي تلقائي ووطني وديني وإنساني تجسده قصائد هادرة، فبدأ يكتب ويلقي قصائده بين أبناء القرى، وفي تجمعات العمال والبسطاء، دون أن يهتم بالنشر، لتخرج قصائده خلطة زجلية وطنية وقومية، وكاشفة – بل فاضحة - للأوضاع الاجتماعية الظالمة التي تسلب الفقراء حياتهم، لصالح أصحاب الثروة والسلطة والنفوذ، وبلطجية الأحزاب، وسراق النور، وخاطفي الأمل من الصدور؛ الذين أغاروا عليه ذات ليلة، وأودعوه السجن في سنته السبعين، تكريمًا له، وتتويجًا لوطنيته، وسيرًاً به على خطى كل صاحب حق يطلب، ولسان يتكلم!
اسمح لي قارئي الكريم فقط أن أختار من أزجاله دون أن أزعجك بالتعليق، لأهمية هذا الرجل وكلامه من وجهة نظري..
يقول في قصيدته نكلة، والنكلة إذا لم تعرف قارئي الكريم هي اسم قريته، وهي بالإنجليزية Nickel عملة معدنية تساوي خمسة سنتات، وفي العملة المصرية هي مليمان، أي اثنان على الألف من الجنيه المصري الله يرحمه، أيام كان هذا الجنيه العتيد يشتري خمسة أمتار كاملة من الأرض في شارع رئيس:
اكمنى من نكلا/ سألنى ابنى: النكلا إيه/ عقلي سرح في أيام بعيدة من زمان/ أيام طفولتي ف قريتي/ أيام ما كانت والدتي/ تديني نكله أشتريلها زيت وجاز.
وكنت اشعر بامتياز/ بين كل أولاد قريتي/ لو خدتها مصروف فى عيد!
واكون سعيد/ لو رحت مرة افكها/ آخد بدالها مليمين/ واعمل لهم كيس م القماش/ وأحطه في الجيب الشمال/ ومرة في الجيب اليمين!
وإيدي تبقى ألف إيد/ وعينى تبقى ألف عين/ وقلبي جامد بالقوى زي الحديد/ والخوف ما يعرف سكته/ واقتل قتيل/ ومعايا أدفع ديته..
وفجأة فوّقني الولد:/ سارح في إيه؟ أنا قلتله: لألأ مفيش!
وسألني: يابا ما قلتليش/ النكلا إيه؟
رجعت تاني وقلت له:/ النكلة جزء من الجنيه/ أما الجنيه/ كان يبقى مصروف ألف عيل م البلد!
فاكر ابويا اشترى أردب قمح/ وفاض ريال من الجنيه.
كان لما ابويا يشترى كسوة خواتي/ ألف رحمة ونور عليه/ كان يشترى كل الكساوي بالجنيه/ كان القماش المتر منه بقرش صاغ/ كان الجنيه بيجيب دهب ويجيب مصاغ/ كان ألف مليم بالتمام/ والنكلا كانت مليمين..
قال إيه دا كله !؟/ يابا الجنيه عصفور فى إيدك.. فجأة طار/ يابا الجنيه زى السبرتو لما طار/ هو الجنيه يدوب بيجيب غير كيس فشار؟/ أو نص كيلو من الخيار؟
يابا الجنيه اصبح ركوبة للدولار/ زي الحمار.
وتقول لي نكلا قريتي؟ !/ غيّرها يابا/ غيرها يابا الكل غيّر نكلته صبحت دولار..
أنا قلت له:/ ريحنى يا بني ف تربتى/ وكتبت له في وصيتى/ إوعاك تغير نكلتك/ بلدك أمانة ف ذمتك/ إوعاك تغار/ إوعاك تغيرها بدولار/ أو حتى ميت مليون دولار/ بلدك أمانة فى ذمتك/ إوعاك تغير نكلتك !
وفي قصيدته: آخر كلام، يكتب الشيخ أمين عن مكانة الشاعر الحر الوطني، في مقابل الشاعر الحلنجي، تاجر المبادئ، الراقص على كل الحبال، فيقول:
بعد ما يبقلع هدومي/ قبل نومي/ لازم أقرا كام مقالة/ نرفزوني.. سخنوني/ حفزوني إني أكتب/ عن ولاد الكلب/ والسفاح شارون!
قول سهرت/ نمت بعد الفجر ما ادن/ والعيال بيقوموني/ صحصحوني/ قمت مفزوع من منامي/ هجت فيهم، جت مراتي قالت لي: مالك؟/ إيه جرى لك؟/ ليه بتشخط في العيال؟
قلت باحلم/ كنت باحلم إني ميت وانفزعت/ انبسطِّي؟
كشَّرِت/ وبسرعة قالت:/ إيه دا أصله ؟/ طب وماله/ يستحق الموت وأكتر اللي يهرب من عياله!
كنت فين م المغربية؟/ تيجي بعد الفجر ما ادن؟/ إنت فاكر إن دا ح يخيل عليّه!
شِعر إيه؟/ واللا إيه بتهببه وتقول قضية؟/ هي فين هي القضية؟/ هم يعنى كِلمِتينك اللى حيحلوا القضية؟/ هيه ناقصة؟/ وإحنا مالنا/ ما انت شايف/ كله خايف/ والمدافع همسة حايرة عالشفايف/ وانت عارف/ الصهاينة ناس قوية ومفترية!
واللى أدهى من دا كله لما يبقى الكل نايم وانت قال تكتب قصيدة!/ عن ولاد الكلب والسفاح شارون/ أبقى نايمه.. أسمعك بتقول شارون من غير سلام ولا يحزنون؟!/ انت فاهم إنه ح يهمه الكلام؟/ واللا دول عايزين سلام؟/ واللا ح يخاف من كلام؟/ هو همُّه من كلينتون واللا بوش؟/ واللا همه من باراك؟/ واللا همه من... !/ واللا عايز تبقى شاعر؟/ واللا من أبنود جنابك؟/ واللا عايز تقديرية؟
قلت طبعاً/ أي شاعر يستحق التقديرية/ يستاهلها عن جدارة/ مش خسارة..
ليه يا خويا؟ هو طلّع إسرائيل؟/ واللا عمّر في الصحاري حاجة تانية !/ والقطاع العام بيخسر/ كان منع عنه الخسارة؟/ واللا سكان المقابر كان بنى لهم كام عمارة؟/ واللا شغّل ألف عامل أو منعهم من الدِّوارة؟/ واللا وزع عالغلابة ألف طن من الدقيق/ واللا حتى كام شيكارة؟!
فوق لروحك/ هو خدها عن وهيبة والأغاني لعبحليم/ مش عشان حل القضية/ القضية هي هي/ واحنا في الخيبة القوية !
قلت: جاهلة/ إنتي جاهلة/ انتي فاكره الشعر ساهل؟/ دا اللى ينكر فضل شاعر يبقى جاهل..
قلبك ابيض/ مش حترجع الا لما يحبسوك/ عالكَبر ويبهدلوك!
انت بتقول يا سادتنا يا قادتنا إرفضوا تهديد أميركا والتحيز لليهود؟/ طب ولو زعلت أميركا طب منين حيأكلونا؟/ والحكومة نفسها بتمد إيدها ويقولوا لهم شحّتونا !/ إنت عايز يحبسونا؟!
لو عايزنا نقِبّ اكتب/ حط همك فى الأغانى/ فطّر الشعب بأغاني/ نيم الشعب بأغاني/ والأغاني بيبعوها بالدولار الأمريكاني/ واللا يعني جت علينا/ واشتهينا الفقر تاني؟/ عيش وهيص!
شجع الأبطال ولادنا/ اللي رفعوا راس بلدنا/ مسخروا أولاد ناميبيا واللا ليبيا/ عيش وهيص!
انت يعني كنت غاندي؟/ واللا حافظ واللا شوقي؟/ واللا بيرم أو جاهين؟
مانت طول عمرك بتكتب !/ حد سمعك؟ قول لي مين؟/ واللا كام واحد بيحضر في النداوي ف أي حتة؟/ حتلاقيهم خمسة ستة!
أما لو تكتب أغاني تبقى نجم ولك سماك/ واللي جاي يطلب لقاك/ واللي يتصور معاك/ والصحافة والأُذاعة والبرامج/ كله ح يسجل معاك/ زي شعبان عبد الرحيم/ واللا شوف جمهور حكيم!
تبقى شاعر زى صاحبك/ كل واحد يرضى عنك/ الحكومة والصهاينة والخلايجة/ والتوانسة والأجانب والذوات/ بالخصوص صنف البنات!
هو دا آخر كلامي/ تمشى بيه أو تفارق من سكات/ ميت يمين ما تقول قصيدة لامْلا كل الدار صوات/ واللي يسأل تاني عنك/ راح اقول له غار ومات!
وعن جرأة الصبي الفلسطيني في مقابل جبن ونذالة الآخر يقول:
إيه معنى إن الحجر بيخوِّف المحتل؟/ وف إيده مدفع، ويجري يحتمي ف التل؟
لو شفت شكله مقرفص قال وبينشن/ الأرض بتزلزله، خايف ومش شايف/ لو قلت بِخ.. م الخضة يقع ينشل!
وعن أثر الكلمة ودورها الحقيقي في التنوير والتوجيه والتأثير يقول:
الكلمة هيا المروحة للتعبانين العرقانين/ الكلمة هيا المرتبة للشقيانين/ الكلمة دي هيا الشفا للعيانين/ الكلمة دي هيا أنيس الغُرب والمتغربين!
الكلمة مش قيل وقال/ الكلمة مش شتمة بتطلع من لسان/ الكلمة مش كلمة نفاق بتمجد السلطان!
وان كانت الكلمة مَهِيّاش خالصة لوجه الواحد الديان/ مقطوعة دي الكلمة ومقطوع اللسان.
وعن التغير الاجتماعي الحاد، الذي نسف القيم، وغير المفاهيم، وقلب الحقائق يقول:
البت باتعة بنت زيد عبد الصبور/ اللي أمها يوم عرسها كان عفشها حلّة وبابور/ ومعاه كمان صندوق خشب كان أصله سحّارِةْ صابون/ فيه بنِستين والمكحلة/ ومراية والفلاية والملقاط/ وحجر وليفة ومبخرة وإزازة كان فيها البخور/ وجوز صحون ومنخُلين/ والطشت والقروانة والغربال/ ومقشّة ليف ومقشتين عرجون وزير وزلعة وقُلتين وماجور/ وحصيرة من سوق التلات/ ولحاف بإيدها منجداه/ ومخدتين والوش كان دمُّور..
في الانفتاح على رأي صاحبي والانبطاح/ اتلخبطت كل الأمور/ وقيم كتير وعادات كتير اتغيرت من ضمنها غلو المهور!
البنت دي بنت أم باتعة مش عاجبة حد في مشيها/ إكمنًّها مشيت طريقها لوحدها/ والأسرة غابت عنًّها/ مشغولة عنها بعبئها/ سايبينها هيًّ وشأنها!
وإكمنًّها مستهدفه م الأجنبي ومعاه غبي فكّر لها
قال: أولاً ترفض معيشة أهلها/ ترفض أوامر ربها/ ترمي الحياء والانتماء ورا ضهرها/ تقطع جدورها بنفسها/ أوعز لها إزاي حتعرض لحمها/ وتبان مفاتن جسمها من ضُفرها.. لأعلى خصلة ف شعرها!
عمل الصالات تِعرض موضات/ والإعلانات مالية الشاشات بالشنبوهات والتسريحات/ وحاجات كتير فرحت بها!
تاهت ونسيت نفسها/ وتكلًّمك ربع الكلام بالأجنبي وتقول هالو/ بنت أم باتعة تقول هالو/ مرسيه يا شوشو وثانك يو/ وِلْكَمْ يا توتو وياللا جو!
وكبار شيوخ المسلمين ما عرفش ليه مِتلجِّمين/ والمسؤولين فتحوا الببان على وِسعها/
قام قال سلامة ألِمِّها يمكن تغيّر فكرها/ ترجع لدينها وربها/ وتعيش حياتها بحلوها وبمرها!
راح لامها يخطبها منها وقال لها:/ بصراحة بنتك عاوزة حد يلمّها/ وأنا قدّها!
قالت: وماله/ البنت يلزمها الجواز/ شخشخ جيوبك واشتري ياللا الجهاز!
قال: اطلبي
قالت: تجهز شقة قد اربع إوض/ أحسن نابوليا في البلد/ وتجيبها من دمياط!
وتجيب نجف من غير عدد/ والمكنسة بشفاط/ والدِّش قبل الدُّش/ والفديو والبوتاجاز/ وتجيب لها تلاجة ستاشر قدم!
وتجيب لها قبل الجواز/ الفرو والمحمول!
وتجيب لها غسالة فول/ أنا قصدي فولتوماتيك/ شقتها كاملة زي أي بوتيك!
وتجيب لها قبل الجهاز/ الشبكة طقم من الدهب/ أنا مش حاقولك ألماظ!
وتجيب لها فستان زفاف/ من غير كمام من غير كتاف/ علشان يبين سدرها وتبان مفاتن جسمها!
وتجيب غوازي تزفها/ واللي اسمه إيه شهر العسل/ في الشرم واللا الغردقة/ وبلاش أمور البعزقة!
آدي مطلبي/ إن كنت قادر مهرها قرَّب لها/ أنا مش حاميّل بختها!
قال: يا أم باتعه حاجيب منين؟/ أنا لاني راجل مرتشي/ ولا أحب أجيب بالدّين/ ولا أرضى بالتقسيط/ الطاق بيبقي طاقين!
ويكتّبوني شيكات/ أو أمضي على إيصالات على إنها امانات/ وحكاية مش هيّ/ لو بس فات شهرين ما دفعتلوش قسطين/ بدل المحامي اتنين/ حا يجيب له رفض الشيك/ ومصيبة وقضية
ومش حاقولك عالقرف/ وحاجات مخلًّة الشرف
أما البوليس والمحكمة حابقى ف نظرهم منحرف وباكسر القوانين!
شوفي يا ام باتعة/ أنا عندي شقة محندقة/ معقولة ماهش ضيقة/ فيها يا دوب أوضتين/ وعملت جمعية مع ناس أماره زيكم/ وقبضتها ألفين/ وادي اللي عندي وقلتلك، بصراحة وبإذن واحد أحد/ ربًّك حايفرجها وباتعة حتريَّحك.. وتعيش مرتاحة..
قالت له: طب قوم من هنا قوم فضها سيرة/ أنا احترمتك عشان الأهل والجيرة/ بتقوللي ألفين جنيه؟/ وانا اللي قال بافتكر باتعة حاتخد بيه!
حافظ على كلمتك يا اهبل وخلًّيك زوق/ دي باتعة طول عمرها دايمًا تبص لفوق/ الاحمر والاخضر وشي محزَّق وبنطلونات/ والشعر فوق كتفها سايح وفي الكوافير/ مش كل طير يندبح/ خد دش وانت تفوق/ تفوق لنفسك وتتكلم كلام موزون/
وفرضنا إنت اللي عاقل والمستمع مجنون/ ألفين جنيه للغوازي واللا للمأذون؟/ فيه ناس كتير زيكم مش عايشة في الدنيا!
ما بتسمعوش الرداوي واللا تلفزيون/ شفت اللي بيقدمه الحاج متولي؟/ الشقة بالعفش كاملة وفلوس كتير في البنك/ كتبه لعروسته دَا غير اللبس والمصاريف/ شايفاه بعيني ولا واحد غريب قالًّلي/ كل المسلسل تابعته دقيقة بدقيقة
والحاج متولي إلهي لم يشوف ضيقة/ راجل صحيح مِقتِدر كل البنات عاوزاه/ وباتعة بنتي إلهي يكون نصيبها معاه!
مش جاي تقوللي الشباب! أنا ناقصة هَمّ تقيل؟
قال: يا ام باتعه اسمعيني كل دا تمثيل
قالت له: ده قصر ديل وبلاش كلام فاضي/ الشعب راضي ما فيش غيرك عامل لي تقيل/ ما تكونش ماهر يا شاطر واسم أبوك عطار؟/ والشاي على النار وقاعد لسَّه عالرملة؟/ والحلوه تيجي تلاقيك فارش لها المنديل؟
قال: يا ام باتعه دي ناس بتوزع الأوهام/ ساعدوا العدو بجهلهم في الحرب عالإسلام/ وأنا مش بالوم جهلهم اللوم على الإعلام!
قالت: خلاصة الكلام أنا بنتي مش من وَقْمِكم/ شوفولكو ناس على قدًّكم/ أنا بنتي حلوة مسقّفة حافظة الأغاني كلها/ دي لما تلبس بنطلونها الجينز كل الشباب تجري وتخطب ودّها/ ونانسي عَجرم نَفسها ما تجيش في خصلة ف شعرها/ ولا تيجي ضُفر ف رجلها/ طب والنبي لو شافها واحد أجنبي ليجيب لها/ كل اللي ييجي ف نفسها!
بالله عليكم دا فلاح؟ واللا نجم جديد يلمع في السماء؟! على كل حال: أرجو أن تسمحوا لي بالوقوف مع أحلام عم الشيخ أمين في مقالٍ تالٍ.. ولكم حبي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.