هل يجوز محاكمة الموظف تأديبيًا بعد بلوغ سن المعاش؟.. التفاصيل    تحديث تطبيق انستا باي الجديد.. تعرف على طريقة تحويل الأموال لحظيا    «صفقة حماس».. إسرائيل تصفع أمريكا بهذا القرار    بعد الفوز على بوركينا.. أشرف صبحي يوجه رسالة ل لاعبي منتخب مصر    بعد الفوز على بوركينا فاسو.. محمد الشناوي يوجه رسالة    9 أيام راحة للموظفين.. تعرف على موعد وعدد أيام اجازة عيد الأضحى    فستان جريء مكشوف الصدر .. أول ظهور ل نيللي كريم بعد طلاقها (صور)    بشير التابعي: منتخب مصر "خطف" الفوز على بوركينا مبكرًا.. ونعاني من مشكلة الكرات الثابتة    حالة يعفى فيها الموظف من مجازاته تأديبًا في قانون الخدمة المدنية    تغير مفاجئ بالحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة بشأن حالة الطقس خلال الساعات المقبلة (تفاصيل)    غارة إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    بعد حفل باريس.. هبة طوجي تفتتح فعاليات مهرجان موازين الموسيقي بالمغرب    أهمية أول يوم في الليالي العشر    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    برقم الجلوس والاسم.. رابط نتيجة الشهادة الاعدادية 2024 الترم الثاني محافظة الغربية (استعلم الآن)    انسحاب وفود الدول خلال كلمة ممثل إسرائيل بمؤتمر العمل الدولي (فيديو)    تفاصيل إصابة إمام عاشور في مباراة بوركينا فاسو    اليوم.. الأوقاف تفتتح 21 مسجداً بالمحافظات    «صلاة الجمعة».. مواقيت الصلاة اليوم في محافظات مصر    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    إنفوجراف لكلمة مصر نيابة عن «المجموعة العربية» في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    حصول مصر على 820 مليون دولار من صندوق النقد الدولي    السجن 7 أعوام على سفيرة ليبية في قضايا اختلاس    تحرير 30 مخالفة في حملات لتموين الأقصر للتأكد من التزام أصحاب المخابز والتجار    هتوصل لأرقام قياسية، رئيس شعبة الذهب يصدم المصريين بشأن الأسعار الفترة المقبلة (فيديو)    بعد انخفاض الأخضر.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 في البنوك    خالد جلال ينعي المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    متحدث الكهرباء: قبل انتهاء العام الحالي سينتهي تخفيف الأحمال    عيد الأضحى 2024| أحكام الأضحية في 17 سؤال    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام فضل منها وليس واجبا    طريقة عمل البسبوسة بالسميد، مثل الجاهزة وأحلى    طريقة ومدرج وشهية.. حسام حسن يبدأ الرسميات من الباب الكبير    السنغال تسقط في فخ الكونغو الديمقراطية    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    عضو اتحاد المنتجين: استقرار في أسعار الدواجن خلال 10 أيام    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    ملخص وأهداف مباراة هولندا ضد كندا قبل يورو 2024    سعر البطيخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    بعد ثبوت رؤية الهلال .. إليك أفضل أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا الثانوية العامة الجزء الأول    زيادة أسعار المنشطات الجن..سية 200%.. «الصيادلة» تكشف الحقيقة (فيديو)    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    حظك اليوم| برج الحوت الجمعة 7 يونيو.. «القمر مازال موجود في برج الحوت المائي ويدعم كل المواليد المائية»    نجل فؤاد المهندس: والدي كان يحب هؤلاء النجوم وهذا ما فعله بعد وفاة الضيف أحمد    عيد ميلاده ال89.. أحمد عبد المعطي حجازي أحد رواد القصيدة الحديثة    نادين، أبرز المعلومات عن الدكتورة هدى في مسلسل دواعي السفر    "طاغية".. بايدن يهاجم بوتين أثناء مشاركته في ذكرى إنزال النورماندي    مصرع سيدة صعقا بالكهرباء في منزلها بالدقهلية    بينهم 3 أطفال.. إصابة 4 أشخاص إثر تصادم "لودر" الحي بسيارة أجرة ببورسعيد    المهن الموسيقية تنعى العازف محمد علي نصر: أعطى درسا في الأخلاق والرجولة    ميليشيا الدعم السريع تحشد قواتها تمهيدا لاجتياح مدينة الفاشر    طائرات الجيش الإسرائيلي يقصف منطقة "كسارة العروش" في مرتفعات جبل الريحان جنوب لبنان    ب 60 مليون دولار.. تفاصيل تمويل 12 فكرة ناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم    توقيع بروتوكول تعاون لترسيخ مبادئ الشَّريعة الإسلاميَّة السَّمحة    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    تهشمت جمجمتها.. جراحة تجميلية ناجحة لطفلة سقطت من الطابق الرابع بالبحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقيب الصحفيين السابق يدافع عن استمرار حبس الصحفيين ..ومطالبة الرئيس بالإطاحة بالوزراء الفاسدين لتلميع صورة الوطني في الانتخابات .. ونور يكشف لماذا لم يصفق للرئيس مبارك .. وتحميل الحكومة مسئولية عدم قيد 18 مليون ناخب في جداول الانتخاب
نشر في المصريون يوم 29 - 09 - 2005

" لا صوت يعلو فوق صوت انتخابات البرلمان " ، كان هذا هو الشعار الطاغي على صحافة القاهرة اليوم الخميس ، بالطبع مع الأخذ في الاعتبار اختلاف مأرب من رفعوا هذا الشعار ، فأنصار المعارضة اعتبروا الانتخابات هي الأهم في النصف قرن الأخير ، فيما حذر المتعاطفون مع الحزب الوطني الحاكم من أن الانتخابات المقبلة قد تنهي سيطرته على البرلمان ، فيما شدد المراقبون المستقلون على أن نزاهة الانتخابات وشفافيتها تبقى هي التحدي الأهم والمكسب الأبرز بغض النظر عمن يفوز أو يخسر . المتعاطفون مع الوطني ، أعادوا تحذير الحزب مجددا من أن اغلبيهم في البرلمان القادم ما لم يتم تغيير الوجوه المكروه والممقوتة من الشعب ، خاصة وأن يد التزوير في هذه الانتخابات سوف تكون مغلولة ، كما أن المعارضة والقضاة المشرفين على الانتخابات ، سوف يكونوا أكثر عنفا وتشددا . أما أطرف النصائح فكانت مطالبة الحزب بترشيح أكثر من مرشح في كل دائرة كي يضمن الفوز بالدائرة ، لكن هذه النصيحة مع صدق مقصدها ، اللي أنها تنسف أي حديث عن البرامج والمبادئ والالتزام الحزبي ، وتسيء للحزب أكثر مما تفيده ، بل أن انضمام المستقلين للحزب أقل وطأة من هذا الاقتراح . المعارضون ، طرحوا في صحافة اليوم حلمهم ببرلمان لا تزيد فيه أغلبية الحزب الحاكم عن خمسين في المائة ، باعتبار أن ذلك يمثل مصلحة وطنية للمعارضة والحكم في وقت واحد ، بل أن البعض لم يستبعد أن نكون أما تقاسم للسلطة ، فيكون رئيس السلطة التنفيذية ، أي رئيس الجمهورية ، من الحزب الوطني الحاكم ، بينما تكون السلطة التشريعية ، أي البرلمان ، في يد أغلبية تمثل تحالف أحزاب المعارضة . المستقلون ، شددوا على ضرورة أن تخذ الدولة العبر من الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، وأن تبدأ حملة قومية من أجل قيد أكثر من 18 مليون مواطن تعدوا 18 عاما وغير مقيدين في جداول الانتخاب ، إضافة إلى ضرورة أن تكثف جهودها لإقناع 77 % من المقيدين في الجداول ، الذين قاطعوا انتخابات الرئاسة ، بضرورة المشاركة في الانتخابات المقبلة وأن ضمانات النزاهة والشفافية متوافرة ، إضافة إلى ضرورة السماح لنحو 2 مليون مصري في الخارج بالمشاركة في الانتخابات . وبعيدا عن الانتخابات ، فإن صحف اليوم ، استمرت في طرح مشاكل الصحافة في مصر ، وكان لافتا للنظر دفاع نقيب الصحفيين السابق إبراهيم نافع عن حبس الصحفيين في قضايا النشر ، بحجة ضرورة الموازنة ما بين الحرية والمسئولية ، بل أن نافع وجه انتقادات عنيفة للصحافة والصحفيين تفوق حتى انتقادات كبار أباطرة الحزب الوطني ورجال النظام ، الذين يعدون المتضرر الأكبر من توسيع دائرة الحرية . هموم الصحافة ، دفعت نقيب آخر للصحفيين ، للتحذير من خطورة الاقتراحات التي تطالب بخصخصة المؤسسات الصحفية القومية ، معتبرا أن ذلك سيكون المدخل لسيطرة رجال الأعمال وجهات أجنبية على الصحافة المصرية ، واقترح بدلا من ذلك أن يتم إطلاق حرية إصدار الصحف وغيرها من وسائل الإعلام . وننتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " الغد " المعارضة ، حيث برر أيمن نور رئيس تحرير الصحيفة ورئيس الحزب الأسباب التي دفعته لعدم التصفيق عقب الخطاب الذي ألقاه الرئيس مبارك في جلسة حلف اليمين الدستورية ، بأنه لم يجد في ما قاله الرئيس ما يستحق التصفيق ، ثم مضى نور قائلا " قالها الرئيس بالأمس وهو ينظر لمقاعدنا ولصفوفنا في المعارضة انه سيتعاون مع الكافة ، أغلبية ومعارضة ، إلا أنه لم يذكر كيف سيتعاون مع معارضة لا تجد سبيلا للحديث إليه أو الحوار معه منذ سنوات طويلة . فمنذ سنوات ونحن نسمع الرئيس يقول في كل خطاباته إن المعارضة هي جزء من النظام إلا أننا خارج الخطاب الرسمي لم نر أي درجة من الإحساس بأي اتصال بهذا النظام الذي يعتبر أكبر انتصاراته هي تهميش المعارضة والكيد لها وتلفيق الاتهامات وإبعادها عن دوائر النور والدفع بها إلى غياهب السجون وأتون التشويه والاغتيال المعنوي والسياسي . كيف لنا أن نتعاون مع النظام الذي لم يلتق بالمعارضة وقياداتها يوما ما منذ أكثر من عقد من الزمان حتى أنه عندما دعاها إلى حوار وطني لم يحضر هذا الحوار ولم يخصص من وقته ساعة واحدة يضيعها مع هذه المعارضة التي يريد منها أن تصدق النوايا الجديدة للتعاون دون أن تجد أي أمارة أو إشارة واحدة لهذه النوايا " . إننا لا نفهم أن يكون دور المعارضة في هذا التعاون هو أن تترك كل الحقوق لحزب واحد لا يحترم إلا رغباته ولا يقدر إلا قيادته ، ويكون نصيبها هو نظرة رضا في خطاب مثل خطاب الأمس أو رسالة لطيفة يحملها أحد أمراء السلطة أو المقربين إليها . إن هذا الثمن البخس لم يعد يتفق مع منطق العصر وإذا كانت المعارضة في الماضي قد قبلت فعلى الحكم أن يدرك أن الحاصر والمستقبل يحمل شكلا جديدا من المعارضة وجيلا جديدا تسعده نظرة الرضا ورسالة الإطراء لكن هذا وذاك لا يكفيه ولا يرضيه لان المعارضة الجديدة في مصر هي من جيل لا يقبل إلا الحقائق والإنجازات التي تصب في النهاية في المسار الصحيح الذي تحتسب فيه النتائج لصالح الوطن وحريته وقدرته على تداول حقيقي ومرن للسلطة في مصر . وأضاف نور " نعم إننا لم نصفق للرئيس ، لكننا كنا نتمنى أن يصفق الرئيس لمعارضة احتملت ربع قرن من الديمقراطية المنقوصة والإعلام الملاكي والصحف المأجورة لحساب حزب واحد ، وشرطة وأمن لا يفصل بين الحزب الحاكم والحكومة وبين الحكومة والدولة ولا يميز بين حزب شرعي وتشكيل عصابي . كيف تصدق المعارضة مصداقية التعاون مع دولة تخترق الأحزاب وتسعى لتجميدها وشق صفوفها بالمؤامرات الأمنية الساذجة . لقد وجه الرئيس تحيته لكل من انتخبه ولكل من انتخب غيره ثم وجه التحية للمرأة مثل للقضاء ثم للشرطة وللجيش ، لكنه سقط منه سهوا أو عمدا أن يحيي من نافسوه بشرف وجدية ، وأظن أن هذا السهو أو العمد رفع عنا حرج عدم التصفيق أو الترحيب فقد بادر الرئيس بإسقاط هذه التحية البروتوكولية فأسقط عنا الالتزام بردها ونشركه على هذا بنفس الحماس الذي كنا سنشكره به إذا وجه هذه التحية الواجبة . ورغم أن الرئيس لم يوجه لمنافسيه السابقين التحية وأظن أنني كنت في مقدمتهم من حيث ترتيب الأصوات إلا أننا نتمنى له التوفيق كرئيس جديد لمصر منتخب من رقم قد نختلف حوله ، إننا نتمنى له التوفيق في أن يقدم لنا ما وعد به من وعود وأن يسمح لنا أن نراقب تنفيذ برنامجه وأن يكون لنا الحق في أن يعلو صوتنا لو وجدنا الواقع يسير عكس خط سير الوعود والبرامج التي أعلنها وانتخب وفقا لها " . حديث أيمن نور عن تجاهل مبارك في خطابه للمعارضة ، وجد ردا مباشرا من الدكتور جمال عبد الجواد في صحيفة " الأهرام " الحكومية ، قائلا " انطوي خطاب الرئيس مبارك بمناسبة أداء اليمين الدستورية علي إشارات يصعب أن تمر بدون ملاحظة‏.‏ ولعل أكثر هذه الإشارات بروزا هو غلبة المكون السياسي في الخطاب فبينما مالت خطب الرئيس في مناسبات مشابهة سابقة للتركيز علي قضايا الاقتصاد والسياسة الخارجية فإن خطابه هذه المرة كان خطابا سياسيا بامتياز احتلت فيه قضايا الحكم والإصلاح السياسي الاهتمام الأكبر‏.‏ التركيز علي السياسة والإصلاح السياسي يعكس اتجاه الرئيس في هذه المرحلة للعمل علي مد الجسور مع القسم من المجتمع المصري الأكثر اهتماما بالسياسة وقضايا الحكم والديمقراطية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم‏.‏ هذا القسم من المصريين لم يحظ عادة باهتمام كاف من جانب الدولة المصرية وربما غلبت علي النظرة إليه مظاهر التشكك والحذر‏.‏ النظرة الجديدة للقسم الأكثر تسييسا من المواطنين المصريين ارتبطت بنظرة جديدة للديمقراطية‏.‏ فمنذ عام‏1952‏ سادت طريقة في النظر للديمقراطية وما يرتبط بها من تعددية واختلاف في الرأي وصراع سياسي تري فيها سببا محتملا لإضعاف الوطن وتهديد الاستقرار‏.‏ لكن الرئيس مبارك في خطابه الأخير تحدث عن الديمقراطية باعتبارها عنصرا أساسيا لبناء مصر القوية الآمنة وعن أن‏ قوة مصر من قوة ديمقراطيتها‏ ".‏ وأضاف عبد الجواد " توجيه جانب كبير من خطاب الرئيس مبارك للقسم الأكثر تسييسا من المجتمع المصري هو الوجه الآخر والمكمل لسياسة التوجه للطبقة الوسطي التي أوردها الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي‏.‏ فقد ركز البرنامج الانتخابي للرئيس علي الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للطبقة الوسطي غير أن ما يميز الطبقة الوسطي في مصر مثلها في ذلك مثل أغلب المجتمعات هو أن احتياجاتها تتجاوز المطالب الاقتصادية والاجتماعية المباشرة فهي الطبقة الأكثر طلبا للمشاركة السياسية والأكثر إحساسا بالمسئولية العامة والأكثر انشغالا بالرؤى المستقبلية والمشروعات الوطنية الكبرى التي تتصارع حول اتجاهات تطور المجتمع وصورته المستقبلية المرغوبة الأمر الذي يكاد يجعل الطبقة الوسطي مرادفا للطبقة السياسية في المجتمع‏.‏ فبقدر ما يتوجه الحديث عن الإصلاح السياسي والديمقراطية للمجتمع كله فإنه يتجه بشكل خاص للطبقة الوسطي الأكثر استهلاكا للسياسة وإنتاجا لها ومصدر الشرعية السياسية والأخلاقية التي يحتاجها نظام حكم مستقر‏.‏ لقد تغيرت الأحوال السياسية في مصر كثيرا في العام الأخير وقد عكست هذه التغيرات نفسها في خطاب الرئيس مبارك‏.‏ وهو ما يمكن ملاحظته في تلك العلاقة التعاقدية بين الشعب ورئيسه المنتخب والتي مثلت إحدي العلامات الواضحة في خطاب الرئيس مبارك الأخير‏.‏ وتقوم علاقة التعاقد هذه علي أساس من التزام الرئيس بتنفيذ برنامج محدد معروفة معالمه في مقابل أصوات الناخبين التي فاز بها‏ " .‏ ننتقل إلى صحيفة " الفجر " المستقلة ، حيث واصل رئيس تحريرها عادل حمودة رسم السيناريو التي يتخيله لانتخابات البرلمان المقبلة ، متوقعا أن يصبح الحزب الوطني في البرلمان المقبل حزب أقلية ، وأوضح حمودة " لقد حصل الحزب الوطني على 38 في المائة من جملة مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات الماضية ولولا انضمام المستقلين إليه لما تمتع بتجاوزات الأغلبية ولولا التهديد الرسمي بحل المجلس لما سكت أعضاؤه وخرسوا واستسلموا لقضاء السلطة وقدرها ، ولا جدال أن ذلك قد يواجه هذه المرة بطعن أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم شرعية انضمام المستقلين إلى حزب من الأحزاب ، فقد اختارهم ناخبوهم بهذه الصفة ولا يجوز تغييرها أو العبث بها . في الوقت نفسه لم يحصل الحزب الوطني على تلك النسبة المتواضعة إلا بعد تزوير الانتخابات في المرحلتين الثانية والثالثة ، ووصل التزوير إلى حد وضع منوم في الشاي لقاضي كان يشرف على الانتخابات في دائرة شخصية حزبية مؤثرة في السلطة القائمة وألقيت صناديق في الترعة وجاءت صناديق أخرى جاهزة ، وهو أمر لا يتوقع تكراره في الانتخابات القريبة ، فالشرطة سترفع يدها والقضاء سيكون أكثر صراحة وأجهزة الرقابة الدولية ستفرض نفسها بصورة غير مباشرة لو منعت من الوجود بصورة مباشرة . ولن تخرج أحزاب المعارضة من الملعب هذه المرة وتكرر خطأها الشهير بالانسحاب ، تاركة العرض لمسرح الحزب الواحد ، بل على العكس ، ستتضامن فيما بينها وتوزع الدوائر عليها وتساند بعضها البعض ، فالهدف لن يكون القيام بدور الكومبارس في التمثيلية الديمقراطية التي يكتبها ويؤديها ويخرجها بطل واحد ، وإنما التكتل في مواجهته وسحب البساط من تحت قدميه والإصرار على تغييره بنفس قوانين اللعبة والشكوى إلى الحكم الدولي ومراقبي الخطوط إذا ما حدث تسلل ، خاصة أن من يتحكم في السلطة التشريعية سيتحكم فيما بعد في انتخابات الرئاسة وهي هدف بعيد لكن الطريق إليه يبدأ عند الانتخابات القريبة " . وأضاف حمودة " ولو تصور الحزب الوطني أن فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا دليل على شعبيته ومؤشر على نجاحه فإنه – لأول مرة - سيجرب شعور الأقلية ولن يحظى بالأغلبية ، وأكثر من ذلك فإن الحزب الوطني يعاني من مغص قاتل في أحشائه الداخلية ، سببه صراع الأجيال المزمن الذي ظهر على السطح ولم يعد قادرا على البقاء في الخفاء ، وربما عكست لجنة اختيار مرشحيه ذلك ، فهي مكونة من صفوت الشريف وجمال مبارك وكمال الشاذلي وأحمد عز وزكريا عزمي وممدوح البلتاجي ، ولن تأخذ اللجنة بترشيح المجمع الانتخابي ولن تسمع كلام المحافظين وأجهزة الأمن ، ولن تقبل بنحو ستين في المائة من الوجوه القديمة على الأقل ، وستفرض وجوها جديدة
غير محروقة وربما غير محترفة أيضا ، وهو ما سيضاعف من تمزق الأحشاء الداخلية والمؤكد أنه سيفتتها . وبحكم العدد المحدود لمجلس الشعب فإن عددا كبيرا من أعضاء الحزب الوطني الذين وعدوا بالترشيح لو نجحوا في تأدية ما طلب منهم في انتخابات الرئاسة سيجدون أنفسهم في الهواء الطلق بلا غطاء حزبي ، لقد كان هناك نحو ثلاثة آلاف شخص خدموا بإخلاص في تلك الانتخابات وتجاوزوا المطلوب لتلك الدوائر الانتخابية على 440 شخصا ، وهو ما يعني أن أعضاء الحزب الوطني الذين طردوا من جنته سينقلبون عنه ، ومن ثم فإنه سيواجه قوى المعارضة ، خارجه وقوى الحزب في داخله . يضاف إلى ذلك أن أموالا سائلة ومجمدة ستجد طريقها إلى الانتخابات بجانب قوى البلطجة وعنف القبلية والعصبية وهو ما سيعجل المعركة الانتخابية غير مأمونة العواقب ولا النتائج ، ومن ثم فإن طرح قضية عدم حصول الحزب الوطني على الأغلبية البرلمانية تكون واردة ، وتكون تبعاتها قابلة للمناقشة ولو من باب الرياضة العقلية . ولا جدال أن الحزب الوطني سيسعى جاهدا للحصول على الأغلبية وإن كنت أتصور أنه سيرتكن إلى انتقال المستقلين إليه بعد نجاحهم بعيدا عنه حتى يحظوا في دوائرهم بمميزات حزب الحكومة ، لكن ذلك لا يكفي ، فربما كانت هناك إغراءات مالية وسياسية وراء الانضمام إلى أحزاب أخرى . ولو كنت مكان الرئيس لسارعت بتغيير عدد من الوزراء المكروهين قبل الانتخابات عربونا على التغيير الذي وعد به في برنامجه الانتخابي الصعب تحقيقه .. لو كنت من لجنة الترشيحات في الحزب الوطني لتركت في كل دائرة أكثر من مرشح على الحزب أو على مبادئه لتكون فرصة الفوز أكبر ، ولو كنت منهم لما وافقت على الوجوه المحروقة والمكروهة المعروفة باستغلال نفوذها في تحقيق مليارات لا تستحقها ، لو كنت منهم لواجهت الأمر بشجاعة وصراحة بعيدا عن الاعتبارات الشخصية التي تسود الحياة السياسية المصرية ، فمستقبل هذه الأمة أهم من مكاسب نواب التجنيد والمخدرات وسميحة وأيضا نواب لجنة السياسات " . معركة الأمعاء الداخلية داخل الحزب الوطني ، كانت أيضا موضوع مقال رياض سيف النصر في صحيفة " الجمهورية " الحكومية ، الذي شن هجوما لاذعا على الحرس القديم بالحزب قائلا " لم يتوقف هؤلاء عند محاولات تجميد الحزب الوطني.. إنما وضعوا العقبات أمام أحزاب المعارضة وبرعوا في التضييق عليها.. والحد من انطلاقها ، والنتيجة حالة الركود السياسي التي يعاني من آثارها المأساوية المجتمع كله. فبدلا من أن تجتذب مقار الأحزاب الشباب الذي يستلهم هموم الوطن.. دفعهم الفراغ إلي قتل الوقت سواء في أساليب مشروعة.. أو غير مشروعة. تجاهل هؤلاء انه ليس بمقدور حزب واحد.. أن يواجه المشاكل المزمنة في مصر.. وبالتالي فإن الأمر لا يحتمل المزيد من المناورات التي تستهدف إضعاف المعارضة أو استبعادها ، خاصة أنها استجابت لنداء الحزب الوطني الداعي إلي الحوار.. وشاركت بفاعلية بهدف الوصول إلي نقاط لقاء مشترك بينهما ولكن الحوار لم يستمر طويلا.. المعارضة أكدت أن الحزب الوطني يحاول أن يهيمن علي الأحزاب الأخرى.. ويفرض قراراته. بينما الوطني يتذرع بأن الأقلية تحاول أن تفرض قراراتها علي الأغلبية.. انسحبت المعارضة كالعادة.. ووصل الحوار إلي طريق مسدود وان كانت الضرورات تفرض إعادته علي أسس جديدة تعيد الثقة لدي المعارضة في أن الحزب سيطبق بالفعل البرنامج الذي أعلنه الرئيس مبارك واختير علي أساسه من الشعب وأن تتخذ خطوات عملية لإلغاء حالة الطواريء.. ورفع القيود التي تكبل حركة الأحزاب وأن تجري انتخابات مجلس الشعب القادم دون تدخل المحليات أو الشرطة وبذلك يستعيد المواطن ثقته في صناديق الانتخابات.. ويحرص علي المشاركة للإدلاء بصوته بعد أن فقد هذه الثقة نتيجة التزوير والتسويد ، كما ستفرز الانتخابات النظيفة نوابا علي مستوي المسئولية .. يدركون أن الولاء للشعب الذي اختارهم عن طريق الانتخاب الحر دون أي تدخل حكومي ". وأضاف سيف النصر " السؤال.. كيف ستتعامل بعض القيادات التي وصفها الرئيس بأنها مازالت متأثرة بعقلية الاستفتاء.. مع تلك الرسائل الواضحة؟ أعتقد أنها ستختبر مدي جدية الحكومة في تنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي.. وقد تحاول الالتفاف حول القرارات بهدف عرقلتها لكنها ستستسلم في النهاية. وقد حدث هذا السيناريو مع أجهزة الإدارة المحلية في الانتخابات الرئاسية. اعتقد المسئولون في المحليات أن الخطاب الذي وجهه إليهم رئيس الوزراء يطالبهم بعدم التدخل في الانتخابات مجرد "تخدير" للرأي العام. وعندما ثبت الإصرار من جانب الحكومة المركزية علي تنفيذ التعليمات.. التزمت أجهزة الإدارة المحلية ". نبقى مع نفس الموضوع ، لكن نتحول إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، حيث كتب رئيس تحريرها عباس الطرابيلي يقول " نريد برلماناً لا تتجاوز الأغلبية فيه أكثر من 50% زائد واحد.. حتى يتفاعل العمل السياسي والتشريعي والرقابي تحت القبة.. وتكون هناك معارضة، إما من كتلة واحدة أو تحالف أو تنسيق واحد تلتقي أهدافها عند نقطة واحدة.. هي أن يكون البرلمان قوياً. لا يسمح للحكومة، أو للحزب المتحكم أن يفعل ما يشاء.. وتستطيع المعارضة فيه أن توقف أي إجراء يضر بالمصالح العليا للأمة.. أو ينتقص من سلطات البرلمان. وعلى الأمة أن تعلم أن مصلحتها في وجود معارضة حقيقية.. وهذا لن يتحقق إلا بخروج الشعب ليختار نوابه، ليكون بهم المعارضة المرجوة.. والمصالح العليا للوطن تتحقق إما بالتحالف بين عدة قوى.. أو بالتنسيق.. أو بالتكتل.. وسموها ما شئتم من أسماء، المهم هو الهدف.. ولقد تحدث تاريخ الشعوب عن قيام جبهات أو تكتلات أو تحالفات.. أو تجمع قوى سواء من أجل تحرير الوطن من احتلال جائر.. أو من أجل التصدي لحاكم جائر.. أو من أجل تحقيق توازن قوى، حتى لا تطغى قوة على أخرى.. أو للقفز فوق مشاكل تراكمت.. أو خطوة نحو إصلاح شامل تحلم به الأمة.. ومصر، لكل هذه الظروف، تحتاج هذا التحالف أو التنسيق أو التكتل.. وللعبور فوق التمثيل غير الواقعي لقوى المعارضة جاءت خطوة أحزاب المعارضة الرئيسية: الوفد. والتجمع. والناصري.. بهدف منع الحزب الوطني، وتحالفاته المنظورة وغير المنظورة، من الاستيلاء على معظم مقاعد البرلمان. وتحالفات الوطني تستهدف السعي نحو الحصانة. والسعي نحو المقاعد والمال والحياة والسلطان. والسعي إلى المنافع. مما ينتج لنا كما أنتج في كل المجالس السابقة. مجالس سمك. لبن. تمر هندي.. تماماً كما هو هذا الحزب الحاكم الذي لا يملك أي أيديولوجية وأي برنامج واضح للإصلاح ". وأضاف الطرابيلي " نريد برلمانا يقول لا للسلطة التنفيذية إذا رأى فيما تطلب عدوانا على إرادة الأمة.. ويرفض أن ينصاع لما تريده هذه السلطة، ولو من أعلى مستوياتها.. فمصر هي الباقية.. مهما بقى الحاكم، لأن اسم مصر هو الذي يظل.. ولم نعرف حاكماً ارتفع اسمه فوق اسم الوطن، مهما قدم أو أنشأ أو أقام.. ونريد برلماناً تكون الحكومة مسئولة أمامه مسئولية حقيقية وليست تلك المسئولية الهلامية.. فكل ما تفعله الحكومة أن تقدم بيانها في بداية كل دورة.. ثم تمضى.. وحتى الرد على هذا البيان الذي تعده لجنة تدين بالولاء للحكومة ولحزبها لا تلتزم به الحكومة رغم أن هذا الرد ليس فيه إلا مجرد الشكر والتحية.. على الطلعة البهية، وعلى ما قدمت.. وهو رد، وبرلمان، نسى بالفعل معنى المسئولية البرلمانية.. بل والمساءلة الرقابية التي ما قامت البرلمانات منذ قامت إلا للرقابة على أعمال الحكومة وتصرفاتها. من هذا المنطلق نقول إن أمامنا فرصة عظيمة للوصول إلى برلمان قوى تكون للمعارضة فيه الرأي المسموع.. ولا يعيب أن تصبح للمعارضة فيه 40% بل وأكثر من المقاعد، حتى تعرف الحكومة أن أمامها برلماناً قادراً على المساءلة.. وعلى العقاب.. بل هل نقول ماذا يمنع أن تحصل المعارضة على الأغلبية في الانتخابات التشريعية القادمة.. وهل صعب المنال أن تشكل المعارضة سواء كانت تكتلاً أو تحالفاً أو تنسيقاً الحكومة القادمة لو حصلت على 50% من المقاعد زائد واحد.. ليصبح عندنا لأول مرة حاكم أو رئيس ينتمي إلى حزب كما هو الآن في الرئيس مبارك وحكومة تنتمي إلى المعارضة.. نعتقد أن هذه التوليفة السياسية في مصلحة مصر: الوطن والشعب بل والنظام كله.. وهذا ليس أمراً فريداً في نظم الحكم.. إذ كثيرا ما وجدنا رئيساً للجمهورية في بلد ما ينتمي إلى حزب سياسي بينما الحكومة برئيسها أو بكل وزرائها ينتمون إما إلى حزب آخر، أو إلى تحالف أو تآلف من عدة أحزاب أخري.. وجدنا ذلك في الغرب وأمريكا وكندا خير مثال.. ووجدناه في فرنسا.. بل وفى الهند وألمانيا وإسرائيل ، وهذا في رأينا يقوى نظام الحكم.. ويكون في مصلحة الدولة والوطن " . نبقى مع الانتخابات البرلمانية المقبلة ، لكن نتحول إلى صحيفة "الجمهورية" الحكومية ، حيث حاول محمد أبو الحديد تناول الأمر بزاوية أكثر عمقا ، لافتا إلى رقمين في غاية الأهمية، الأول أن نحو 18 مليون مصري تعدوا ال 18 عاما غير مقيدين في جداول الناخبين ، والثاني هو أن 77 % من المقيدين في جداول الانتخاب لم يشاركوا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة رغم كل ما قيل عند ضمانات النزاهة والشفافية ، ثم مضى أبو الحديد قائلا " إني أعتبر هذين الرقمين بمثابة "دليل العمل السياسي" المطلوب في المرحلة الجديدة التي بدأت أمس الأول بأداء الرئيس مبارك لليمين الدستورية كأول رئيس منتخب لمصر. كيف تستوعب الجداول الانتخابية كل من بلغ سن 18 سنة من المواطنين بحيث نصل بعدد المقيدين بهذه الجداول إلي 50 مليون نسمة؟!. وكيف نرفع بالتدريج نسبة المشاركين في التصويت لكي نصل بها علي الأقل إلي عكس ما حدث في انتخابات الرئاسة. أي أن تكون نسبة المشاركين 77% وغير المشاركين هي 23%. ولكي نفتح الطريق لذلك. فلابد من حلول عاجلة لعدد من المشكلات التي تبدو وكأنها أمراض مزمنة ومستعصية علي العلاج. ليس معقولاً أن نظل نلف وندور حول مشكلة كشوف الناخبين غير الصحيحة أو المكتملة.. أو بطاقات الانتخاب التي يتحكم الروتين في تعقيد استخراجها.. أو تعرف كل ناخب علي لجنته الانتخابية. الذي أصبح وكأنه أمر قدري لا سبيل إلي تيسيره. إنني اقترح مثلاً أن يكون القيد في جداول الانتخابات تلقائياً وبالطريق الإداري لكل من يبلغ 18 سنة من المواطنين. وأن يتم تسليم كل من يبلغ هذه السن بطاقته الانتخابية بنفس الطريقة التي يتم بها تحديد الموقف من التجنيد لكل شاب يبلغ 19 سنة. أو أن يتسلم بطاقته الانتخابية مع بطاقته التجنيدية بالتنسيق بين وزارتي الداخلية والدفاع فنضمن بذلك تأمين مشاركة الرجال علي الأقل. فإذا تعذر ذلك. فإني اقترح بديلاً. هو أن تتضمن استمارات التعداد السكاني التي يوزعها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. خانة يثبت فيها كل مواطن جاوز سن 18 سنة موقفه من القيد في الجداول الانتخابية وهل يحمل بطاقة انتخابية أم لا ، حتى يمكن حصر غير المقيدين وقيدهم " . وأضاف أبو الحديد " وليس معقولاً ولا مقبولاً. إذا كنا ننشد ديمقراطية حقيقية وكاملة ، أن يظل المصريون العاملون في الخارج محرومين من المشاركة في أي انتخابات تجري في بلدهم. بينما العراقيون في الخارج مثلاً ، الذين لم تذق بلادهم من قبل طعم الديمقراطية ، تم تنظيم مشاركتهم في أول انتخابات أجريت في بلادهم المحتلة ، ولا يجوز التعلل في هذا بأنه لا يوجد حصر دقيق لأعداد هؤلاء المصريين في الخارج ، أو أن هناك مشاكل وعقبات تحول دون مشاركتهم. هذه حجج واهية ، ولو كانت حقيقية لأصبحت دليلاً علي تخلف مزر لا ينبغي قبوله، لأنها في النهاية تحذف نحو 2 مليون مواطن من الخريطة السياسية والانتخابية المصرية وتحرمهم من حق دستوري لا يجب أن تحول دونه أية موانع ، وهذا يتطلب أن تنشط كل الأحزاب السياسية ، وكل مؤسسات المجتمع ، من أجل قضية المشاركة السياسية فهي قضية المجتمع كله . نعود مجددا إلى صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حيث يبدو إبراهيم نافع نسي أنه كان نقيبا للصحفيين لأكثر من فترة ، وأن معظم الأوضاع السيئة التي وصل إليها الصحفيون ونقابتهم هو المسئول عنها ، فكتب يقول " كان ضمير الجماعة الصحفية هو المنتصر الوحيد في الجولة الأولي لانتخاب نقيب الصحفيين المصريين التي أجريت يوم الأحد الماضي‏.‏ واليوم فإن الصحفيين وحدهم هم المسئولون عن
اختيار من يمثلهم علي مدي العامين المقبلين‏,‏ وهي فترة إذا قسناها بحساب الزمن تعد بالفعل فترة قصيرة‏,‏ ولكن إذا قدرناها بحجم ما يمكن إنجازه فيها فإننا ندرك مدي حجم المسئولية الملقاة علي أكتافنا وحدنا نتيجة هذا الاختيار‏.‏ ففي الفترة الوجيزة المقبلة يتحدد مصير الصحافة الوطنية ومستقبلها‏,‏ وخلالها سوف نعرف يقينا الإجابة عن أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا ويفرضها ما يجري وما جري في الصحف المصرية قومية ومستقلة وحزبية علي مدي الأشهر القليلة الماضية‏.‏ لقد هزتني بالفعل كلمات الزميل ممتاز القط رئيس تحرير أخبار اليوم في مقاله الأسبوعي يوم السبت الماضي‏,‏ حيث قال لا يجب بأي حال من الأحوال أن تصبح حرية الصحافة والرأي ستارا خادعا يتخفى وراءه قلة قليلة من أعداء مصر‏,‏ الذين يعيثون فسادا وإفسادا لكل القيم النبيلة والأصيلة في بلادنا‏,‏ هؤلاء الذين يملكون الحناجر القوية‏,‏ وتقف خلفهم أرصدة مالية ضخمة لتمويل صحفهم التي تحولت إلي نوع من الإرهاب والابتزاز الرخيص‏,‏ سواء كان ذلك بهدف تحقيق مصالح خاصة‏,‏ أو استجابة لمحاولات مستمرة يمارسها بعض الحاقدين علي مصر من خارجها‏ ".‏ وأضاف نافع " وأقول بدوري للنقيب الذي نختاره اليوم بالله عليك كيف ندافع عن عدم حبس هؤلاء الذين يغتالون المواطنين في شرفهم‏,‏ ويهيلون التراب والسواد علي كل عمل كان يحسبه فاعلوه بمثابة إكليل غار علي جباههم‏.‏ ناهيك عن الحزن والألم الذي يلف محيط عائلاتهم وأولادهم وأحفادهم ومحبيهم‏.‏ نعم إن الحرية تاج نضعه علي رءوسنا وعلي رءوس المطالبين بها‏,‏ ولكن المسئولية هي الأخرى درع يتقي بها الآخرون بأسنا وشططنا‏,‏ خاصة أن مجلس النقابة لم يحقق مرة واحدة ولم يوقع جزاء واحدا رادعا علي حد تعبير الزميل ممتاز القط ضد ممارسات بعض الصحف التي اختلط فيها الحابل بالنابل في سباق محموم لتشويه كل شيء في بلادنا‏,‏ وإشاعة جو من الكراهية وعدم الانتماء والفوضى والازدراء‏,‏ ليس معني هذا أننا نؤيد حبس الصحفيين‏,‏ ولكن لابد من وضع صيغة تتوازن بين الحرية والمسئولية‏,‏ وهذه قضية أخري‏.‏ إن النقيب الذي نختاره اليوم سوف يقود معركتنا لإزالة جميع القوانين المقيدة للحريات‏,‏ ولحرية التعبير‏,‏ وحرية إصدار الصحف التي تضيف إلي صناعة الصحافة في بلدنا‏,‏ فليس المهم هو عدد الصحف التي نصدرها‏,‏ ولكن المهم هو أن نقدم الصحافة الحديثة التي ننشدها‏.‏ وأقول في هذه العجالة إنه آن الأوان لأن يعود الصرح الشامخ للنقابة إلي أصحابه الحقيقيين‏,‏ ويعود مبناها ليصبح خلية عمل تضيف للمهنة مزيدا من الإشعاع والتنوير‏,‏ وتزيد من كفاءة صحفيينا تدريبا وثقافة ولغة‏,‏ ويعود العمل الطبيعي للنقابة لخدمة أعضائه " .‏ نبقى مع الصحافة وهمومها ، لكن نتحول إلى صحيفة " الجمهورية " مجددا ، حيث أكد الأستاذ كامل زهيري ، النقيب الأسبق للصحفيين، معارضته لخصخصة المؤسسات الصحفية القومية ، قائلا " لا نريد علاج أي مشكلة بمشكلة. أو حل المعضلة بكارثة ، ولهذا أعارض بشدة خصخصة الصحف "القومية".. أو حتى بيعها للصحفيين الذين لا يعملون أصلاً في تلك الصحف. والمشكلة في أساسها بدأت من الاحتكار ، وأعني هنا احتكار الملكية ، وكانت الصحف مملوكة للأفراد حتى عام 1960 ، ثم احتكرها تنظيم سياسي واحد.. هو الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي ، ثم تعقدت المشاكل وتفاقمت. وعاني منها الصحفيون والعاملون بنقل الملكية فجأة إلي الدولة عام 1980 . وفي عام 1980 تناست الدولة في زحمة إصدار القوانين ما سبق أن تقرر عام 1975 عند إنشاء المجلس الأعلى للصحافة ، وفي فبراير بالذات صدر قرار رئيس الاتحاد الاشتراكي بأن يكون نصف ملكية المؤسسات الصحفية التابعة له للصحفيين والعاملين. والنصف الثاني للتجديد. وهكذا خطفت الدولة ملكية المؤسسات الصحفية. وأغفلت قراراتها السابقة وأهدرت حقوق العاملين المكتسبة. وتغافلت الدولة ، وهي المالك الجديد ، فانتهي الوضع العجيب إلي أن ينوب مجلس الشورى عن الدولة في تعيين رؤساء مجالس الإدارة وانتهي الاحتكار إلي التفويض!.. أي تفويض رئيس مجلس الإدارة مع إضعاف الجمعية العمومية وتهميش مجلس الإدارة ، لينعقد المجلس أو لا ينعقد ، ويصبح رئيس مجلس الإدارة مفوضاً عاماً.. أو حاكماً مطلقاً! والحكم المطلق دائماً يؤدي إلي الفساد. أو كما قال اللورد اكتون: "السلطة المطلقة مفسدة مطلقاً" والفساد يؤدي بالضرورة إلي مزيد من الفساد ، وهكذا دخلت بعض المؤسسات. ولا نقول جميعها إلي مغامرات لتشبه الأفلام البوليسية " . وأضاف زهيري " وزادت شهوة المغامرة مع إغراء المكافآت الخيالية وجشع العمولات وسطوة الإعلانات ، وبعض المغامرات لا يصدقه العقل لأنه يفوق الخيال ، وأهملت كبري المؤسسات الصحفية رسالة الصحافة الأولي ، وهي خدمة القاريء بتوفير الأخبار والأفكار للقاريء المواطن حتى لا يكتفي بالعضوية الدائمة في "حزب المتفرجين" أكبر الأحزاب في مصر ، وبالاحتكار والفساد كانت الديون والخسائر. وهنا تظهر الآن الحيلة الماكرة بأن الخصخصة هي الحل. ولست مبدئياً ضد خصخصة نزيهة بلا تلاعب أو تحايل ، وقد رفعت أيام زمان شعار: "رأسمالي عاقل خير من اشتراكي جاهل". وكان في ذهني دائماً طلعت حرب وبنك مصر ليكون بنكاً مالياً وإنتاجياً ، ينشيء الشركات الوطنية من النسيج حتى السينما والمسرح وستوديو مصر. ولكن القول: إن الخصخصة هي الحل ، يعني أيضاً أننا نعالج المشكلة بمشكلة وننتقل من احتكار الدولة إلي احتكار الأفراد ، وأمامنا تجارب مردوخ واحتكاراته ، وبريسكلوني وشركاته ، وتأثير الملكية الكبيرة علي حرية الصحافة وحق التعبير والنشر. وهنا تظهر مغالطة أخري أو خديعة مكشوفة فالبعض يقول: ولماذا لا نملك الصحفيين المؤسسات الصحفية؟ ويذكرون تجربة هامة في الصحافة وهي تجربة جريدة الموند الفرنسية ، وهي الأقوى تأثيراً وإن لم تكن الأكثر توزيعاً ، فالموند أقل من الفيجارو توزيعاً ولكنها أكبر تأثيراً ، وفي الموند ملكية للصحفيين والعاملين بها. ولكن المغالطة عندنا مكشوفة ، فهناك فرق بين ملكية الصحفيين لأي جريدة ، وملكية العاملين في نفس الجريدة ، والصحفي الذي يشتري أسهم أي جريدة لا يعمل بها يتحول إلي مالك ، وتنتفي عنه صفة الصحفي الذي يحترف المهنة ويعتمد علي عمله كمصدر رئيسي في حياته ، والملكية في الموند محدودة ومحددة ولا يزيد نصيب كل صحفي علي بضعة أسهم ، وهذا هو الفرق الكبير بين الفكرتين. والحل عندي ليس بالانتقال من احتكار إلي احتكار ، ولا من الدولة إلي الرأسمالية الكبيرة ، وخاصة أن هناك من يتربص سراً بالمؤسسات الكبرى لشرائها ، وقد يكون وراءه رأسمال أجنبي ، وبعضه تنتابه شهوة الاحتكار كمحاولات احتكار الأغاني والأفلام ، والبعض يري أن شراء جريدة يكسبه النفوذ أكثر حتى من إنشاء حزب سياسي وقد يكون أرخص وأوفر! والحل عندي فيما أظن هو تعدد أشكال الملكية وتنوعها ، حتى نضمن تعدد الآراء ، واحترام الرأي الآخر ، والملكية قد تبقي عامة أو تعاونية أو فردية. ولذلك فأنا من أنصار إطلاق حرية إصدار الصحف دون قيد لتتسع الملكية الفردية مع اشتراط الشفافية ومعرفة مصدر التمويل وضرورة نشر الميزانيات علي القراء ، وهنا نصل إلي سؤال هام: من الذي يقرر شكل الملكية الجديدة إذا أردنا الإصلاح؟ والجواب أن نعود دائماً وحتماً إلي نقابة الصحفيين " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة