فى الوقت الذى تعلو فيه المطالب الدولية والعربية باعتقال قادة إسرائيل على خلفية الجرائم التى ارتكبوها سواء فى غزة أو فى دبى، جاء توقيت اقتراح رئيس الوزراء البريطانى، جوردن براون، بتعديل شروط إصدار مذكرات التوقيف الدولية فى قضايا جرائم الحرب ضربة لتلك المطالب، بعد إصدار محكمة فى لندن العام الماضى مذكرة اعتقال لوزيرة الخارجية السابقة تسيبى ليفنى بينما تطالب شرطة دبى الشرطة الجنائية الدولية «الإنتربول» باعتقال رئيس الموساد مائير داجان ورئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بعد تأكيدها تورط الموساد فى اغتيال القيادى البارز فى حركة حماس محمود المبحوح فى دبى فى يناير الماضى. ويمثل اقتراح رئيس الوزراء البريطانى تراجعاً ورضوخاً للمطالب الإسرائيلية بتعديل النظام القضائى البريطانى بعد السجال مع إسرائيل بسبب مذكرة التوقيف التى كان القضاء البريطانى أصدرها بحق ليفنى بتهمة المشاركة فى قرارات خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فى 2008، بحسب ما ذكرته صحيفة «دايلى تلجراف» البريطانية، حيث كانت إسرائيل طالبت بريطانيا بتعديل نظامها القضائى بعد صدور مذكرة اعتقال ليفنى. وفى الوقت نفسه، تعكس القضية مدى حرص بريطانيا وحكومتها على عدم إزعاج إسرائيل ومسؤوليها حتى لو كانوا متورطين فى جرائم حرب، وذلك فى الوقت الذى لم يتوان الموساد عن اتباع كل الوسائل لتنفيذ سياسته بما فيها الاغتيالات السياسية، وآخرها اغتيال المبحوح فى دبى فى 18يناير الماضى، والذى أعلن قائد شرطة دبى أنه متأكد من وقوف الموساد وراء الجريمة وأن قائمة المتهمين التى تشمل 27 شخصاً استخدموا جوازات سفر لمواطنين من عدة دول ومنها بريطانيا فى العملية، بينما بعثت لندن فريق تحقيق إلى إسرائيل لبحث استخدام جوازات سفر لبعض مواطنيها. وكتب براون فى مقالة نشرتها الصحيفة أن «السؤال الوحيد المطروح بنظرى هو لمعرفة ما إذا كان هدفنا تحققه على أفضل وجه آلية تجيز إصدار مذكرة توقيف بشأن الجرائم الأكثر خطورة بناء على أضعف الأدلة»، وأضاف: «كما لاحظنا، أن هناك فى الوقت الراهن خطراً كبيراً بأن تستغل منظمات أو أفراد هذا الإجراء لأسباب سياسية». واقترح براون بأن يعهد إلى النيابة بمسؤولية إصدار مذكرات التوقيف. وكانت محكمة لندن استندت لدى إصدارها مذكرة توقيف ليفنى إلى دورها على رأس الدبلوماسية الإسرائيلية خلال الهجوم على غزة، وسط أنباء عن هروب الوزيرة السابقة من لندن فور علمها بصدور المذكرة خشية اعتقالها. وفى فبراير الماضى، أعلنت ليفنى أنها ستزور لندن لتحدى المذكرة رغم قيام المحكمة بإلغائها. وتسببت القضية بإرباك شديد للدبلوماسية البريطانية واستدعت تل أبيب السفير البريطانى لديها، ووبخته وطالبته باستفسار عن مذكرة اعتقال ليفنى، بينما استنكر نتنياهو الموقف ووصفه بأنه «سخيف»، وحينها سارع المسؤولون البريطانيون لتهدئة إسرائيل، فتعهد براون حينها بتعديل القانون الذى يجيز للقضاة إصدار مذكرات توقيف فى قضايا تتعلق بجرائم حرب بناء على طلب أى فرد، كما أعلن وزير خارجيته ديفيد ميليباند أن لندن تنوى إعادة النظر فى القوانين الخاصة بإصدار أوامر الاعتقال فى البلاد، ووصف أن إصدار مذكرة توقيف بحق ليفنى «عمل لا يطاق». كما جاءت لهجة التهدئة البريطانية بعد الاحتجاج الشديد الذى أبدته حكومة نتنياهو، حيث أعلنت الخارجية الإسرائيلية أن الخطر القانونى الذى يتعرض له ساسة وعسكريون إسرائيليون يمكن أن يضر بدور بريطانيا فى عملية السلام.