الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    مايكل دوجلاس يزور تل أبيب ويلتقي بالرئيس الإسرائيلي (فيديو)    أخبار مصر: حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم، بيع مقتنيات سمير صبري، السكك الحديدية تحذر المواطنين،أفشة: 95% من المصريين مش بيفهموا كورة    بدء توافد طلاب القسم العلمي للثانوية الأزهرية على لجان امتحان القرآن الكريم    عودة نشاط قطاع التصنيع في اليابان إلى النمو    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    الرئيس الأوكرانى يعلن افتتاح سفارة بلاده فى مانيلا خلال 2024    إعلام إسرائيلي: دوي صافرات الإنذار في الجليل الأعلى    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    مفاجأة أسعار الحديد والأسمنت اليوم 3 يونيو.. عز مزعل المقاولين    ميدو يعلق على استدعائه للتحقيق بسبب ظهوره الإعلامي    موعد مباراة إنجلترا أمام البوسنة والهرسك الودية والقنوات الناقلة    إعادة النظر في نظام استبدال نقاط الخبز المدعم    حالة الطقس اليوم الاثنين 3-6-2024 في محافظة قنا    طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة القرآن الكريم.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات الإثنين 3 يونيو    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    تراجع أسعار النفط رغم تمديد أوبك+ خفض الإنتاج    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 3 يونيو    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    التصعيد مستمر.. غارة جوية على محيط مستشفى غزة الأوروبي    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الوزراء لا يشم
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 08 - 2010

عندما يأتى رمضان أشم رائحة أعرفها جيدا، لكننى لا أعرف مصدرها، ولا أعرف كيف أصفها، وعندما قرأت قبل سنوات رواية «العطر» للكاتب الألمانى باتريك زوسكيند، شعرت بالغيرة الشديدة، لأنه كتب مالم أفكر أن أكتبه، لقد اعتبرت أن ما لا أعرفه لا يجب أن أكتبه حتى أعرفه، لكن هذه المعرفة لا تتيسر لنا دائما، حيث تظل فى حياتنا أشياء ومشاعر غامضة تملكنا وتملؤنا، لكننا لا نمسكها ولا نملكها، ومن ذلك روائح الأشياء، فنقول «هذا المكان ريحه حلو»، أو «من ريحة الحبايب»، أو «من ريحة الجنة» دون تفسير علمى أو حتى عقلى، بل أحيانا نعطى للجماد صفات معنوية فنقول عبق التاريخ، وروائح زمان، ونستمتع بتحويل «المبانى» إلى «معانى».
ومنذ قراءتى لرواية زوسكيند حاولت جاهدا أن أعيد النظر فى علاقتى بالروائح التى تسكننى، وتذكرت أن رائحة رمضان ربما ترتبط بطفولتى حيث كنت أرافق جدى فى السهرات الرمضانية التى كان يقيمها فى دوار العائلة الكبير، وعندما «أزهق» من مجالسة الكبار، كنت أتسلل إلى الخارج، وأجالس الأطفال، فنكسر الفول السودانى إلى قطع صغيرة ونغليه مع السكر، وكان لهذا المشروب رائحة لم أعثر عليها أبدا بعد ذلك، رغم محاولاتى المتكررة لصناعة المشروب بنفس الطريقة، لكن تعقبى للجذور نجح نسبيا فى إدراك علاقتى ببعض الروائح والنكهات ومدى ارتباطها بأشخاص ومواقف،
وفى مقدمتها يأتى الشاى بالقرنفل الذى يستحضر دوما إلى ذاكرتى الصديقة الفاضلة سهام نجم زوجة أخى حمدين صباحى الذى ارتبط عندى برائحة أكثر خيالية من عطر زوسكيند وهى رائحة الشعر فى الليل، أما أمى رحمة الله عليها فقد انفردت برائحة ماء الورد، وظل أبى يذكرنى برائحة حقنة تراى بى المختلطة برائحة المسك الأبيض، وارتبط صديقى الراحل الصحفى والقاص مجدى حسنين برائحة التمر هندى فى سطل من الألومونيوم المثلج، وارتبطت رائحة الهواء المشبع باليود فى ليل الإسكندرية بالمناضل الطلابى الراحل أشرف رفعت، ورائحة الأرز المعمر الخارج توا من الفرن بشقيقتى عيون الحياة،
ورائحة زهر البرتقال أواخر شهر مارس بطريق السفر إلى قرية أجدادى كوم الأطرون، ورائحة الهواء الثقيل المشبع بالغبار الناتج من دريس القمح بصيف يونيو وخنقة الحر والامتحانات، ورائحة الهواء بعد أول مطر فى الشتاء بالطريق إلى المدرسة أيام طفولتى، ورائحة بسكوتة الآيس كريم وهى ساخنة قبل حشوها تحولت إلى شفرة مشتركة بينى وبين ابنى الوحيد وصديقى العاقل بهاء الدين، وعطر آزارو الرجالى يشعرنى بالضعف تجاه صديقى الدكتور أحمد محمود، والعطور الشرقية المتداخلة مع روائح العطارة فى أزقة الحسين تذكرنى دوما بالشيخ حامد إبراهيم، وعطر بروفيسى القديم بالسيدة الفاضلة آمنة مصطفى، وعطر جان بول الرجالى بإيمان حامد، ورائحة عقود الفل فى السيارة بالصديق علاء دويدار،
ورائحة الفنيك بالأيام العصيبة التى قضيتها فى مستشفى السلام، وتذكرنى رائحة القمامة بحكومة نظيف، وكنت قد عزمت منذ سنوات على كتابة فيتشر بعنوان «رئيس الوزراء لا يشم.. تلك الرائحة»، لأننى ظللت أعانى من روائح العفن قرب ميدان لبنان حيث أسكن، بسبب حظائر الخنازير التى نجحت هوجة الأنفلونزا مصادفة فى إبادتها بعد أن فشلت حكومة نظيف لسنوات فى نقلها من الكتلة السكنية، لكن من سوء حظ «النظيف» أن الرائحة ارتبطت به وبحكومته، ودعمتها أزمة تراكم القمامة فى الشوارع، حتى باتت مشهدا عاديا، لم يعد بعضنا يخجل منه وهو يصف منزله بأنه أمام كوم الزبالة الرابع مثلا،
وكما قال هاملت وهو يبدأ تراجيديا الانتقام: «إننى أشم رائحة عفن فى الدانمارك»، أقول لرئيس الوزراء «كلنا نشم رائحة عفن فى مصر»، «عفانا الله» من العفن، والأعوام المقبلة تكون مصر أفضل حالا بدونكم.. قولوا آمين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.