«دوام الحال من المحال»، جملة تعبر عن عدد كبير من الفنانين الذين ملأوا السمع والبصر بنجاحاتهم في سنوات ماضية، لكنهم فجأة اختفوا عن الساحة الفنية، وكأنهم وقفوا في منتصف الطريق.. لا هم استكملوا مشوارهم ولا الجمهور نسى تاريخهم الفني، وبعد أن كانت العروض الفنية تنهال عليهم توقفت وتوقف بهم الزمن عند نقطة اللاعودة. قلة فرص العمل في الوسط الفني، لم تعد مشكلة صغيرة يعاني منها فنان أو اثنين بل عدد كبير من الفنانين باتوا يجلسون في منازلهم يأملون في عودتهم للفن الذي طالما ضحوا من أجله، فلا تصدق الفنانة مها أحمد أنها بعد أن قدمت عددًا كبيرًا من الأعمال الفنية للسينما والمسرح والتليفزيون أنها تجلس في منزلها لتصور فيديوهات لصالح منصة تيك توك، لتوقف الطلب عليها من قبل المخرجين والمنتجين ضاربين عرض الحائط بأعمالها التي أثرت فن الكوميديا في مصر، ولا يستوعب الفنان شريف خير الله أنه بعد نجاحه في مسلسلات عدة منها «ريا وسكينة» و«الاختيار»، لم يعد هناك طلب عليه، لدرجة أنه اضطر إلى بيع بعض ممتلكاته للإنفاق على أسرته، متسائلا: «ليه ولصالح مين اللى بيحصل ده».. ليس هؤلاء فقط بل ينضم للقائمة فنانين آخرين منهم طارق الدسوقي وشمس وسيد صادق ورضا حامد وغادة إبراهيم وكريم الحسيني وفادي خفاجة. هل الفن يقوم على «الشللية»؟.. هل نجم العمل أصبح هو المتحكم في اختيار باقي عناصر العمل وجميع أبطاله؟.. هل المشكلة في شركات الإنتاج وقلة ما تقدمه من أعمال أم في المخرجين وترشيحاتهم؟.. أسئلة كثيرة طرحها عدد من الفنانين المتوقفين عن العمل، الذين توجهت إليهم «المصري اليوم»، لمعرفة سبب ابتعادهم عن التمثيل، وكيف يقضون حياتهم، ومن منهم اتجه إلى أعمال أخرى ليطل من خلالها على جمهوره، ومن توقف عند نقطة الصفر آملا في العودة قريبا. نقابة المهن التمثيلية كان لها رأيا آخر، فالدكتور أشرف زكي يرى أن البطالة موجودة في الوسط الفني منذ ستينيات القرن الماضي، وموجودة في كل المهن، وتحدث ل«المصري اليوم»بالتفصيل عن سبب المشكلة وهل النقابة لها دور في تشغيل الفنانين أم لا؟. سيد صادق من فنان إلى تاجر في قطع غيار سيارات: الفن مالوش أمان بقالي 8 سنين بدون شغل.. وعمرى ما رفعت سماعة التليفون على منتج وكأنه داخل لوكيشن تصوير مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي»، لكنه هذه المرة وفي هذا المشهد الواقعي تخلى عن الجلباب البلدي الذي كان يميز «المعلم سالم»، أحد تجار الخردة في وكالة البلح، ففي هيئة «المعلم المودرن» الذي يرتدي قميص وبنطلون، يجلس الفنان سيد صادق داخل محله المتخصص في إكسسوارات السيارات بمنطقة معروف في وسط البلد، وعن يمينه «رمان بلي» في صناديق صغيرة مصفوفة على الأرفف، وعن يساره الشيشة وحوله عدد من الزبائن يفاوضهم على السعر بينما لا يتوقف رنين هاتفه من زبائن يطلبون «أوردرات» جديدة.. تفاصيل الحوار . شمس من 5 مسلسلات في عام واحد إلى «قعدة البيت»: مش ههين نفسي عشان لقمة العيش معرفش حد من المنتجين والمخرجين حاليا ومش هقول لحد شغلني في تسعينات القرن الماضي بدأ توهجها الفني، عامًا بعد عام وصلت إلى مرحلة النضج مبكرًا ومع بداية الألفية الثالثة فرضت وجودها في عدد كبير من المسلسلات والأفلام والمسرحيات، وصلت إلى المشاركة في 4 و5 أعمال فنية في عام واحد، كانت تقضي ليلها ونهارها في التنقل بين الاستديوهات حتى تتمكن من تصوير الأعمال المتهافتة عليها خاصة في شهر رمضان، وبعد 20 عامًا بدأ سهمها الصاعد بسماء الفن في الهبوط تدريجيًا حتى أصبحت تجلس في منزلها لا تجد فرصة عمل واحدة لإعانتها على نفقات الحياة..تفاصيل الحوار طارق الدسوقي بعد 11 سنة غياب عن التمثيل: اللي بيحصل ده تدمير لجيل كامل طول ما أنا وولادي عايشين مستورين مش هتصل بحد وأقوله شغلني لماذا غاب طارق الدسوقي عن الفن منذ عام 2012؟ سؤال يرد عليه بهدوء والابتسامة تعلو وجهه قائلا: «أنا مش مقاطع الفن، كل الممثلين اللي في جيلي رجعوا للتمثيل إلا أنا، لكن مش هتصل بالمنتجين والمخرجين وأطلب منهم شغل.. مش هيحصل»، مضيفًا ل«المصري اليوم»، أنه يعتز بكونه أستاذ للدراسات العليا بكلية الآداب جامعة القاهرة، كما يُدَّرس في معهد إعداد القادة، ولديه مبادئ لا يستطيع أن يتخلى عنها لمجرد التواجد على الساحة الفنية: «لن أقبل أي عمل لا يحترم عقول الناس».. تفاصيل الحوار إحسان الترك باع شقته وعفش بيته وما زال يبحث عن عمل: تعبت من قعدة البيت محمد رمضان أنقذني بدور في «جعفر العمدة».. ولما كلمته تاني «رفض يرد» شعره الأبيض وبدله الأنيقة والسيجار الذي يمسكه في يده أو الكوفيه الذي يلفها حول عنقه كبديل عن الكرافت، هيئة تذكرنا بالفنان إحسان الترك، الذي دائما ما يظهر في الدراما مجسدًا شخصية محامي كبير أو مستشار أو رجل أعمال، لكنه في الفترة الأخيرة اختفى عن الساحة الفنية ولولا مناشدته للفنان محمد رمضان ما ظهر في مسلسل «جعفر العمدة»، الأشهر في دراما رمضان العام الماضي..تفاصيل الحوار رضا حامد ترك الهندسة من أجل الفن ثم اختفت العروض: استغنيتوا عني ليه؟ الوسط الفني تحكمه الشللية والتربيطات وأنا خارج حسابات الجميع فنان كوميدي طالما أضحك جمهوره بطريقة مختلفة تعتمد على الأداء الصوتي، بدأ رحلته الفنية منذ ثمانينيات القرن الماضي، شارك في عدد كبير من المسلسلات والأفلام والمسرحيات وبرامج المقالب، راسمًا ضحكات على وجوه الجمهور الذي ارتبط باسمه طوال سنوات، والآن يجلس في منزله متمنيًا أن يعرض عليه أحد المنتجين دورًا ولو صغير في عمل فني جديد.. تفاصيل الحوار شريف خير الله بعد بيع ممتلكاته وحصوله على قروض: «يا ريتني عملت حساب اليوم ده» وقفت جنب ناس كتير وبعد ما بقوا نجوم مش لاقي حد منهم يقف جانبي في محنتي غياب طويل لاحظه الجمهور ل شريف خير الله عن الشاشة، وبين وقت وآخر يسأل عنه خاصة عندما يعاد عرض مسلسل «ريا وسكينة» الذي أدى فيه دور «الصايغ» بحرفية، لكنه في الوقت الذي غاب فيه عن الشاشة، حضر على تريند السوشيال ميديا أكثر من مرة، أحدها عندما تحدث عن رغبته في العودة إلى الفن دون أن يفصح عن سبب غيابه، وثانيها عندما خلع ساعته وعرضها للبيع على الهواء في إشارة إلى حاجته الشديدة للعمل، قبل أن يظهر في مسلسل الاختيار 3 عبر دور ناجح ثم يعود للاختفاء مرة أخرى..تفاصيل الحوار غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: عايشة من عائد محلات والدي اتعرض عليا أقدم فيديوهات على تيك توك ب800 دولار في الجلسة ورفضت اشتهرت بالملابس الجريئة والمكياج الصارخ، تظهر ضيفة في البرامج الحوارية وبرامج المقالب الرمضانية، لكنها تغيب عن الأعمال الفنية منذ سنوات، تشعر الفنانة غادة إبراهيم، بأنها مضطهدة وأن يدًا خفية وراء اختفاءها عن الساحة الفنية، على الرغم من مشاركتها عبر مشوارها في 55 مسلسلًا تليفزيونيًا و15 فيلمًا سينمائيًا، وتعيش حاليًا من عائد المحلات التي ورثتها عن والدها بعد أن فقدت الأمل في العودة للفن..تفاصيل الحوار فنانون من استديوهات التصوير لفيديوهات «تيك توك»: «التمثيل بيجرى في دمنا» مها أحمد: بقيت موظفة في تيك توك.. «أنا حرة ومحدش له حاجة عندي» ...«وخفاجة»: لو أنا مشتغلش مين هشتغل مروة عبدالمنعم تكتفي بالفيديوهات.. وكريم الحسيني عمل مشروع شاى غابوا عن المشاركة في الأعمال الفنية بعد أن أغلقت الدراما أبوابها في وجوههم، لكنهم طلوا على جمهورهم من نافذة أخرى. كاميرا هاتف محمول وحامل لتثبت الكاميرا وإضاءة منزلية، هي كل الأدوات التي احتاجها عدد من الفنانين للتواجد على السوشيال ميديا عبر فيديوهات تمثيلية أو واقعية، المهم أن يستمروا في الظهور حتى لا ينسى الجمهور رصيدهم وتاريخهم، وفي الوقت نفسه يحققون مكاسب مادية تعينهم على الحياة التي أصبحت صعبة منذ أن غادروا استوديوهات التصوير.. التفاصيل أشرف زكي: الفن مافهوش واسطة وإذا تدخلت لتشغل الممثلين إهانة لهم لا يوجد شللية في الوسط الفني وكل فنان حر في التعامل مع الفريق «اللي يرتاح معاه» الممثلون الكبار يبحثون عن فرصة عمل.. «طب شباب الخريجين يروحوا فين!؟» أثيرت أزمة تشغيل الفنانين في الأعمال الفنية مع أقتراب موسم شهر رمضان الماضي، حيث اشتكى عدد كبير من الفنانين من عدم وجود فرص عمل مناسبة لهم، وحمل بعض أعضاء نقابة المهن التمثيلية، النقيب الدكتور أشرف زكي ومجلس إدارته، مسؤولية هذه الأزمة، متهمين إياهم بالسماح بدخول أشخاص من خارج النقابة في التمثيل. في رد على هذه الاتهامات، أكد أشرف زكي أن النقابة ليس دورها تشغيل الفنانين في الأعمال الفنية، وأنها لا تتدخل في اختيار الفنانين. كما أوضح أن النقابة ترحب بالمواهب الحقيقية طبقا للشروط المطلوبة، وأنها لا تسمح بوجود وساطة في الوسط الفني، ورفض زكي استخدام مصطلح «شللية» في وصف الوسط الفني، مؤكدا أن النقابة تقدم خدمات جيدة لأعضاءها، مثل مشروع العلاج والتكافل.. تفاصيل الحوار